صيغة الدعاء بأسماء الله الحسنى
من طرق استجابة الدعاء هو ذكر أسماء الله الحسنى التي خصها الله عز وجل وسمّى بها نفسه لقوله في كتابه الكريم: (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ أَيّاً مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ) سورة الإسراء الآية 110، ولهذا السبب يستحب للمؤمن دعاء ربه بها، فكيف يمكن للمسلم الدعاء بأسماء الله الحسنى وكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يدعو الله عزّ وجل بأسمائه الحسنى؟ وما هو فضل دعاء الله بأسمائه الحسنى؟
أوصانا الله تعالى في القرآن الكريم أن ندعوه بأسمائه الحسنة وذلك في قوله تعالى: "وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا" الأعراف 180. ويجوز الدعاء لأسماء الله الحسنى جميعاً وبأي صيغة ما دامت مطابقةً لأحكام الدعاء الشرعية، ويعتبر الدعاء بأسماء الله الحسنى أيضاً من أبواب الثناء على الله جلّ جلاله في الدعاء.
وعن كيفية الدعاء بأسماء الله الحسنى:
- الدعاء بمجمل أسماء الله الحسنى: فقد ورد في السنة النبوية الشريفة دعاء السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: "اللَّهمَّ إنِّي أدعوكَ اللهَ وأدعوكَ الرَّحمنَ وأدعوكَ البَرَّ الرَّحيمَ وأدعوكَ بأسمائِكَ الحُسنى كُلِّها ما عَلِمتُ منها وما لم أعلَمْ أنْ تَغفِرَ لي وتَرحَمَني" فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن اسم الله الذي يجيب به الدعاء من الأسماء التي ذكرتها، رواه ابن ماجة في السنن.
- الثناء على الله بأسمائه الحسنى قبل الدعاء: فالثناء على الله عزّ وجل بأسمائه الحسنى يجعل الدعاء أقرب للإجابة لذا يستحب على العبد قبل الدعاء لحاجته الثناء على الله سبحانه قبل طلب حاجته.
- ابدأ دعاءك باسم الله الذي يناسب حالك: حيث يتقرب العبد من ربه بالدعاء بأسمائه التي تناسب حاجاته مثل ذكر اسم الله الرزاق لطلب الرزق، والغفار في طلب المغفرة، والتواب عند التوبة لله عز وجل، والرحيم في طلب الرحمة.
- ختم الدعاء باسم من أسماء الله الحسنى: ويكون بطلب الحاجة من الله وبعدها ذكر اسم من أسماء الله الحسنى لما يتوافق مع الدعاء مثل ختم الدعاء بقول: وأنت أرحم الراحمين، وأنت خير الرازقين.
رسول الله صلى الله عليه وسلّم قدوة كل مسلم في الدعاء وغيره من العبادات وقد وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم الكثير من الأدعية ذكر بها أسماء الله الحسنى ومن هذه الأدعية:
- دعاء أسماء الله الحسنى للكرب: كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يدعو ربه عند الكرب باسميّ الحي والقيوم ويقول: "يا حيُّ يا قيُّومُ برَحمتِكَ أستغيثُ" أخرجه الترمذي عن أنس ابن مالك.
- الدعاء بأسماء الله الحسنى قبل النوم: وقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلّم ربه في دعائه بأسمائه الحسنى -الأول والآخر والظاهر والباطن- قبل النوم، عن أبي هريرة رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يدعو عند النوم: "اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ وَرَبَّ الأرْضِ وَرَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيءٍ، فَالِقَ الحَبِّ وَالنَّوَى، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، أَعُوذُ بكَ مِن شَرِّ كُلِّ شَيءٍ أَنْتَ آخِذٌ بنَاصِيَتِهِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الأوَّلُ فليسَ قَبْلَكَ شَيءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ فليسَ بَعْدَكَ شَيءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فليسَ فَوْقَكَ شَيءٌ، وَأَنْتَ البَاطِنُ فليسَ دُونَكَ شَيءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الفَقْرِ" أخرجه مسلم.
- الدعاء بأسماء الله الحسنى للهم والحزن: ومن أدعية الهم والحزن عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم دعا ربه بمجمل أسمائه الحسنى: "اللهمَّ إني عبدُك، وابنُ عبدِك، وابنُ أَمَتِك، ناصيتي بيدِك، ماضٍ فيَّ حكمُك، عدلٌ فيَّ قضاؤُك، أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك سميتَ به نفسَك، أو علَّمتَه أحداً من خلقِك، أو أنزلتَه في كتابِك، أو استأثرتَ به في علمِ الغيبِ عندَك، أن تجعلَ القرآنَ ربيعَ قلبي، ونورَ صدري، وجلاءَ حزني، وذَهابَ همِّي".
- الدعاء بأسماء الله الحسنى لطلب العفو: ومن أسماء الله الحسنى العفو الذي أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلّم السيدة عائشة أم المؤمنين بكثرة الدعاء به في ليلة القدر: "اللَّهمَّ إنَّكَ عفوٌّ كَريمُ تُحبُّ العفوَ فاعْفُ عنِّي" أخرجه الترمذي.
- دعاء لطلب المغفرة بأسماء الله الحسنى: كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم كثير الاستغفار ففي حديث عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان يدعو في المجلس: "ربِّ اغفر لي، وتُب عليَّ، إنَّكَ أنتَ التَّوّابُ الرَّحيمُ" أخرجه أبو داوود وآخرون، وكان صلى الله عليه وسلّم يكرره مئة مرة في المجلس الواحد.
- ومن أجمل الأدعية التي تتضمن اسم الله الغفور الرحيم: قد علم رسول الله صلى الله عليه وسلّم أبا بكر رضي الله عنه في الصلاة أن يقول: "اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْماً كَثِيراً، ولا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلّا أنْتَ، فاغْفِرْ لي مَغْفِرَةً مِن عِندِكَ، وارْحَمْنِي، إنَّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ" أخرجه البخاري ومسلم.
- الدعاء لله سبحانه بأسمائه الحسنى والصفات العلى بعد الصلاة: ويستحب الدعاء دبر كل صلاة بأسماء الله الحسنى فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه رأى رجلاً في المسجد عندما قضى صلاته وهو يتشهد يقول: "اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ يا اللَّهُ بأنَّكَ الواحدُ الأحدُ الصَّمدُ، الَّذي لم يَلِدْ ولم يولَدْ ولم يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، أن تغفِرَ لي ذُنوبي، إنَّكَ أنتَ الغَفورُ الرَّحيمُ" فقال رسول الله قد غفر الله له وأكدها ثلاث مرات في حديث.
- ومن الأسماء التي خصها رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالاستجابة ما ورد عنه في حديث رواه أنس ابن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم سمع رجل يدعو: "اللَّهمَّ إنِّي أسألُك بأنَّ لك الحمدُ لا إلهَ إلّا أنت وحدَك لا شريكَ لك المنّانُ بديعُ السَّمواتِ والأرضِ ذو الجلالِ والإكرامِ" فقال صلى الله عليه وسلّم: "قد دعا اللَّهَ باسمِهِ العظيمِ الَّذي إذا دعيَ بِهِ أجابَ وإذا سئلَ بِهِ أعطى" أخرجه أبو داوود وآخرون.
- اللَّهمَّ يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أسألك بكل اسم هو لك أن تفك عني شدتي وتقضي لي حاجتي يا رحمن يا رحيم يا فعّال لما تريد.
- اللَّهمَّ يا مجيب دعوة المضطرين لا تجعل لي هماً إلا فرجته ولا ذنباً إلا غفرته ولا حاجةً إلا قضيتها يا أكرم الأكرمين.
- اللَّهمَّ أسألك وأنت السميع البصير والعالم بحال العباد انظر لي في حاجتي ولا تجعلني من الخاسرين.
- اللَّهمَّ أسألك باسمك الجبارأن تجبر بخاطري وتحقق لي حاجتي وتستجيب لدعائي يا مجيب يا أرحم الراحمين.
- اللَّهمَّ إنك أنت اللطيف الخبير فالطف بي وتحنن على واقضي حاجتي ولبي ندائي ويسر لي أمري في كل خطوة أخطوها يا ميسر كل أمر عسير.
- اللَّهمَّ أسألك بموجبات رحمتك وبعظيم قدرتك أن تيسر لي قضاء حاجتي واكفني بك عمن سواك إنك القادر على كل شيء.
- اللَّهمَّ يا ودود يا ذا العرش العظيم يسِّر لي كل أمر عسير واقضي حاجتي ولبي ندائي يا سميع يا مجيب.
- اللَّهمَّ أسألك باسمك المغني أن تكفيني بحلالك عن حرامك وتغنني بفضلك عمن سواك وأنت خير الرازقين.
- اللَّهمَّ يا ميسر كل أمر عسير منَّ عليَّ بالرزق وسدّ عنّي الدَّين من خزائنك التي لا تنفذ وأنت أكرم الأكرمين.
- اللَّهمَّ أسألك من رحمتك التي تسع كل شيء أن ترزقني من حيث لا أحتسب وتفتح لي أبواب الرزق كافة وأنت الفتَّاح العليم.
- اللَّهمَّ يا وهاب يا كريم أسألك من فضلك أن توسع لي في رزقي وتكثر مالي وتبارك لي فيه يا سميع يا مجيب دعوة المضطرين.
- اللَّهمَّ أسألك بأسمائك التي كلها خير ورحمة وكرم وعطاء أنت المغني فأغننا وأنت الكريم فأكرمنا وأنت الواسع فوسع في رزقنا وأنت الرحمن فارحمنا.
- اللَّهمَّ صبَّ عليّ الخير صباً وارزقني رزقاً واسعاً حلالاً طيباً يليق بجودك وكرمك يا ذو القوة المتين.
- اللَّهمَّ يا عالم حال العباد أسألك من فضلك أن تبعث لي الرزق أينما وجد وبارك لي فيما رزقتني يا أرحم الراحمين.
إن الدعاء بأسماء الله الحسنى له فضل كبير على المسلم وهناك أدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ومن هذه الفضائل:
- حثنا الله عز وجل على الدعاء بأسمائه الحسنى:من فضل الدعاء بأسماء الله الحسنى هو الامتثال لأوامر الله سبحانه وتعالى فقد ورد في عدة مواضع في القرآن الكريم الدعاء بالأسماء الحسنى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا) سورة الأعراف الآية 180، وكذلك في سورة الإسراء قوله تعالى: (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ أَيّاً مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ) الآية 110.
- أوصانا الرسول صلى الله عليه وسلّم بالدعاء بأسماء الله الحسنى: ففي حديث رواه أبي هريرة رضي الله عنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "إنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وتِسْعِينَ اسْماً مِئَةً إلّا واحِداً، مَن أحْصاها دَخَلَ الجَنَّةَ" أخرجه البخاري، والمقصود في الإحصاء ليس فقط عدها وإنما الايمان بها والدعاء بها.
- العجز أمام قدرة الله عز وجل: ومن فضل الدعاء بأسماء الله الحسنى هو شعور العبد بضعفه وعجزه أمام قدرة ربه طالباً منه العون والمدد.
- الدعاء بأسماء الله الحسنى يبعث الطمأنينة في قلب المسلم: إن الدعاء بأسماء الله الحسنى مع الإيمان بها يجعل العبد على يقين بأن الله وحده القادر على نفعه وضره في الدنيا والآخرة وأن كل ما يحدث هو من عنده ما يجعل المؤمن يشعر بالراحة النفسية والطمأنينة.
- الدعاء بأسماء الله الحسنى مستجاب لاعتراف العبد بقدرة ربه: فعند ذكر العبد لله بأسمائه الحسنى في الدعاء كقول العظيم القدير القادر العليم المجيب ففي هذه الأسماء الحسنى اعتراف بقدرة الخالق.
- دعاء مستجاب لما فيها من ثناء على الله عز وجل: يحب الله المدح والثناء عليه بالدعاء ففي أسماء الله الحسنى ثناء على الله مثل قول في الدعاء يا أرحم الراحمين.
- الاعتراف بوحدانية الله تعالى: الدعاء بأحد أسماء الله الحسنى اعتراف من العبد بقدرة الله الواحد وأنه وحده القادر على رزقة والعفو عنه وموقنٌ بالإجابة.