من هم الأصدقاء الحقيقيون وكيف تحافظ عليهم
يقال إن الأصدقاء هم عائلتك التي تختارها بنفسك، لكن هذا الاختيار يرمي على عاتقك مسؤولية إضافية، فإن لم تكن متوافقاً مع أخوتك أو أبناء عمومتك فهم أمر واقع مفروض عليك، أما الأصدقاء فاختيارهم يجب أن يكون مبنياً أصلاً على قدر معقول من التوافق والمودة، وأنت وحدك من يتحمل مسؤولية اختيار الأصدقاء المناسبين.
إذا أردت أن تعرف من هو الصديق الحقيقي، تخيَّل صديقاً يفهمك، يثق بك ويلتمس لك عذراً، يتطلع دائماً إلى تقديم المساعدة، تجده مستعداً لخوض المغامرة معك بل يدفعك إلى خوض التجارب الجديدة، صديقاً يمتلك قدراً من الحكمة والمعرفة تجعله ناصحاً مميزاً، وناقداً بارعاً، صديقاً يمكنك الاعتماد عليه في كل لحظة، ويمكنك الوثوق به دائماً، هذا هو الصديق الحقيقي ونتمنى أن تجد هذا الصديق.
إذا كنت في نعمة الصداقة مع أصدقاء مخلصين وأوفياء فعليك العمل بجهد للحفاظ على هذه الصداقة، وإليك أفضل خمسة أنواع من الأصدقاء الحقيقيين يجب عليك التمسُّك بهم:
الصديق الصريح:
عندما ننحرف عن المسار ونفقد السيطرة لا نحتاج لمن يطبطب علينا أو يثني علينا، إنما نحتاج للصديق الصريح وإن كانت صراحته مؤلمة، ذلك الصديق الذي سيقول لك أنك مخطئ عندما تكون مخطئاً، الذي لن يخجل من انتقادك انتقاداً لاذعاً لأنه فعلاً يخاف عليك إلى درجة تمنعه من النفاق والتملق.هذا الصديق الذي سيسعى لتطوير أدائك دائماً من خلال صراحته، سيقول لك أن القصيدة أو القصة التي كتبتها دون المستوى المطلوب، سيخبرك أن تصرفك مع صديق مشترك لم يكن حكيماً وأن الاعتذار واجب عليك.
وهو نفسه الذي ستثق بثنائه ومديحه عندما يعطيك تعليقات إيجابية، فهو لن يقول إلا ما يشعر به حقاً ولن يضللك يوماً، وهو الصديق الذي سيساعدك على اتخاذ قرارات صائبة غالباً.
ومن مميزات الصديق الصريح أيضاً أنه لن يغتابك ولن يلبس قناعاً، فهو يمتلك الجرأة والشجاعة على الانتقاد المباشر، لن تخشى مع الصديق الصريح جلسات النميمة التي تدمر علاقات الصداقة، وسيدافع عنك دائماً عندما تكون على حق.
الصديق المستشار:
عادة ما يمتلك الصديق المستشار تجارب وخبرات أكثر منك، ربما يكون أيضاً أكثر ثقافة منك، وهو من ستلجأ إليه غالباً عندما تكون في حيرة من أمرك.قد لا يكون الصديق المستشار الصديق المثالي للرحلات والمشاوير، وقد لا يكون الشخص المناسب أيضاً للأحاديث السطحية التي يرغب معظمنا بتبادلها بين فينة وأخرى، لكنه بكل تأكيد الشخص المناسب لطلب النصيحة منه.
هو الذي سيساعدك على حسم خلافاتك العاطفية، وهو الذي سيخبرك عن الوقت المناسب للبحث عن عمل جديد والاستقالة من عملك الحالي، هو من سيقدم لك كتاباً تقرأه ولا تنساه، وسيقول لك جملاً تعلق في ذهنك إلى الأبد.
الصديق المضحي:
عندما تجد نفسك مفلساً فيقسم ما في جيبه بينكما، وعندما يجد فرصة مميزة لشخص واحد فيدفعك إليها، سيتنازل عن مقعده في الحافلة من أجلك، وسيقبل أن يكذب ويظهر بصورة سيئة لينقذك من موقف محرج؛ هذا هو الصديق المضحي.بصراحة بعضنا لا يرغب أن يتعامل مع صديق يبالغ في التضحيات، لكننا جميعاً سنكون ممتنين للصديق المضحي، ذلك الصديق الذي يهتم بسعادتنا أكثر من سعادته، والذي قد يضحي بأشياء كان يطمح لها لأننا نرغب بها!
الصديق المتفهِّم:
سوء التفاهم هو سيد الموقف في خلافات الأصدقاء، فعندما تكون غاضباً لن ترى الأمور على حقيقتها، وعندما تكون الظروف قاسية قد تضطر للقيام بأفعال غير ملائمة، الصديق المتفهِّم هو ذلك الذي يبحث لك عن عذر.إذا كذبت عليه سيفكر بالأسباب التي دفعتك إلى ذلك، سيعذرك إن وجد سبباً حقيقياً، وإن انقطعت عنه لفترة طويلة سيحاول أن يتأكد أنك بخير، وسيتفهَّم ظروفك، كذلك إن طلب منك خدمة ما أو مساعدة ولم يجدك حاضراً سيجد لك عذراً أو سيبحث على الأقل.
المشكلة الوحيدة التي قد تواجهها مع الصديق المتفهِّم أنه سيميل أحياناً إلى لعب دور الضحية، خاصة عندما يشعر أنك أقل تفهُّماً منه، أو عندما تستنفذ الأعذار، وعادة ما يكون الصديق المتفهم من الأصدقاء القدامى الذين يعرفونك أكثر من نفسك، وتجمعك به علاقة متينة تجعله مترفعاً عن الهفوات.
الصديق الشجاع:
أحياناً نغرق في منطقة الراحة، نخشى الخوض في تجارب جديدة، ونقف عالقين بين الخيارات دون أن نتمكن من اتخاذ القرار، في هذه اللحظة سنحتاج إلى الصديق الشجاع المغامر الذي سيدفعنا إلى التجربة.هذا الصديق ينظر إلى الأمور ببساطة ويندفع بسلاسة إلى التجارب الجديدة، ستتعلم منه أن الفرصة لا تنتظر كثيراً، ستتعلم منه متى تخوض المغامرات وكيف تواجه مخاوفك التي قد تكون وهمية، لكن يجب أن تميز دائماً بين الشجاعة والتهور.
لكل منا مذهبه في الصداقة، وذلك أن الخبرة في اختيار الأصدقاء والتعامل معهم مبنية على التجربة المتراكمة، لكن هذا لا ينفي أن هناك بعض الأمور التي يمكن النظر إليها في سبيل إيجاد الصديق المثالي:
- اتبع حدسك عندما تدخل مكاناً جديداً، فغالباً ما يخبرك حدسك بمن سيكون صديقك الجديد الأفضل.
- لا تخلق عداوات مع أحد، لأنك ستخسر فرصاً كثيرة للتعرف على أصدقاء حقيقيين.
- فكر كيف تكون أنت صديقاً جيداً قبل أن تطلب من أصدقائك أن يكونوا أصدقاءً مثاليين.
- كن صريحاً ولا تترك مجالاً لتراكم الضغينة، فالصداقة المبنية على النفاق لا تدوم، والضغينة في قلوب الأصدقاء فتنة نائمة.
- كن واضحاً من البداية، فلا أحد يرغب بصداقة شخص كاذب أو متصنع.
- لا تبحث عن الكمال في الصداقة، بل ابحث عن التكامل.
- عندما تجد صديقك حاول أن تحافظ عليه، لأن الصديق الحقيقي فرصة لا يجدر بك أن تضيعها.
- بادلهم الصدق والإخلاص والإحسان، وكن دائماً عند حسن ظنهم.
- كن مستعداً للمساعدة والمساندة ولا تبخل على أصدقائك بالدعم بكافة أشكاله.
- امنحهم مساحة خاصة ولا تكن لحوحاً أو فضولياً أو كثير الزعل والخصام، تذكّر أن لكل منكم حياته الخاصة وهذه الصداقة هي جزء من الحياة وليست كلّ شيء.
- تجنّب الدخول في خصوصياتهم أو الضغط عليهم لمعرفة أسرارهم الخاصة، وأثبت أنك أهل للثقة لتكون العلاقة أعمق.
- لا تغتبهم أبداً ولا تقبل أن يقلل أحد من احترامهم أو يتكلم عنهم بالسوء، دافع عنهم أو على الأقل انسحب من جلسة النميمة على أصدقائك.
- كن مصدر فخرٍ لهم وراقب سلوكك جيداً، ليس من أجلهم فقط بل من أجلك أنت بالدرجة الأولى، ثم من أجل كل الأشخاص الذين تحبهم.
- كن مبارداً بالصلح عند الخصام، ولا تسمح للخصام أن يستمر فترة طويلة بينكم وإن كانوا هم المخطئون، دعهم يعرفون أن وجودهم في حياتك أهم من التفاصيل الصغيرة التي تثير الغضب، وتذكر حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يَهْجُرَ أخاهُ فَوْقَ ثَلاثِ لَيالٍ، يَلْتَقِيانِ فيُعْرِضُ هذا ويُعْرِضُ هذا، وخَيْرُهُما الذي يَبْدَأُ بالسَّلامِ.
- حاول أن تكون أول الحاضرين مع أصدقائك في المناسبات الخاصة سواء في الحزن أو الفرح، أول من يتفقده الناس في المناسبات الخاصة هم المقربون والأصدقاء الذين يتوقعون وجودهم في هذه اللحظات.
- عبّر لأصدقائك عن حبك لهم بالقول والفعل، وكن مبادراً بتقديم الهدايا بين فترة وأخرى، والتعبير اللفظي عن الامتنان لهم.
- لا تدخل مع أصدقائك في أمورٍ تسبب الخصام والجفاء، تجنّب المعاملات المالية الكبيرة مع من تحب، وابتعد عن كل ما يمكن أن يثير الخلاف.