ما هو عقوق الوالدين وما هو الابن
ظاهرة عقوق الوالدين لها تأثير سلبي على المجتمع لما يولده من خلافات مع الأسرة والأقارب إضافةً إلى مخالفة الشرع الإسلامي وقوانين المجتمع الإسلامي، ومن خلال هذا المقال سوف نتعرف على بعض الأسباب التي تدفع الأبناء لعقوق آبائهم، وما هي صفات الابن العاق؟ وكيف يمكن للوالدين التعامل معه؟ وما هو تأثير عقوق الوالدين على المجتمع؟
معنى عقوق الوالدين هو قيام الأبناء بأي فعل مسيء للوالدين ويتسبب في إغضابهما أو حزنهما أو إلحاق الضرر والأذى بهما مادياً أو معنوياً، وكلمة العقوق في اللغة مأخوذة من عقَّ وتعني قطع، وعقوق الوالدين يعني مقاطعتهما أو قطع الإحسان عنهما، وعقوق الابن لوالديه يعني عصيانه وجحوده بفضلهما.
عقوق الوالدين في الإسلام من الكبائر التي حذر منها الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلّم في العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، وعدّ الله تعالى برّ الوالدين واجباً على كل مسلم والإحسان إليهما طاعة لله، حتى جعل البرّ من الوصايا المؤكّد عليها كما في قوله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُواْ إلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَلِدَيْنِ إِحْسَنًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا) الإسراء 23.
وأبرز أشكال عقوق الوالدين رفع الصوت عليهما أو التذمر والتأفف والمجادلات الحادة معهما وشتمهما أو التسبب بالشتيمة لهما، عصيان أوامرهما أو هجرهما وعدم الإحسان إليهما بعد الزواج أو بحجج الانشغال بالحياة.
- قلة الوعي بفضل برّ الوالدين: قد يكون السبب الرئيسي لعقوق الوالدين جهل الأبناء بفضل برّ الوالدين وجزاء أو عقوبة عقوقهما، فعقوق الوالدين له عواقب وخيمة في الدنيا والآخرة، والاستخفاف بهذه العواقب قد يكون دافعاً لإساءة الأدب معهما أو ظلمهما.
- صغر سن الأبناء: في معظم الحالات يدخل الأبناء والآباء في صراع حاد عندما يصل الأبناء لسن المراهقة، وقد يستمر هذا الصراع حتى تجاوز مرحلة الشباب، ويكون عقوق الوالدين أحد مظاهره، فصغر السن يجعل الابن مندفعاً ومستعجلاً على الحياة ولا يقدّر تضحيات والديه وحبهم له وخوفهم عليه.
- سوء أخلاق الابن: قد لا يهتم الابن بمشاعر الوالدين ولا يبالي بما يسبب لهم الانزعاج والغضب نتيجة أخلاقه السيئة التي اكتسبها من تربية والديه أو من محيطه الاجتماعية، خصوصاً الأبناء الذين يتمسكون بفكرة التحرر والاستقلالية وكسر قيود سيطرة الوالدين على حياتهما، حتى وإن كان الابن ما زال يأخذ مصروفه من والده ويعتمد عليه في كل مناحي حياته اليومية!
- عدم التنشئة الصحيحة: التربية على الأخلاق والدين الصحيح هي من أساس سلوكيات الابن التي تستمر معه للكبر، والتربية على الاحترام لبقية أفراد الأسرة تلعب دوراً أساسياً في تفادي وقوع الأبناء بعقوق الوالدين، لكن إذا أهمل الوالدان تنشئة الأبناء على قواعد احترام الغير والمبادئ الدينية والاجتماعية السليمة سيحصدون ذلك عقوقاً وتمرداً وعصياناً.
- رفاق السوء: الصحبة السيئة من أكثر العوامل التي تؤثر على الأبناء في التعامل مع الوالدين، فقد يكون الصديق سيء الخلق ويتعلم منه الابن سوء التعامل مع الوالدين وعدم احترامهما أو تجاهل حقوقهما عليه.
- سوء أخلاق الوالدين: قد يعود سبب عقوق الوالدين للوالدين! حيث يتصف بعض الآباء والأمهات بسوء الخلق وخاصةً في طبيعة تعاملهم مع آبائهم ما يجعل الابن يكتسب سلوكياتهم في التعامل معه، ويحقد بعض الأبناء على الوالدين بسبب الإساءة وسوء التعامل، فينتقمون من الوالدين بالعقوق، وإن كان ذلك غير جائز فالإحسان للوالدين واجب في كل حال.
- الاختلاف بين الأب ولأم في أساليب التربية: التناحر والخلافات الكبيرة بين الأم والأب في أساليب التربية والتأديب قد تشتت الأبناء، وتؤدي في النهاية إلى تنشئة الابن بطريقة خاطئة تجعله ابناً عاق.
- انفصال الوالدين عن بعضهما: يؤثر التفكك الأسري بشكل كبير على سلوك الأبناء الذي قد يدفعه لعقوق والديه بسبب الآثار النفسية التي يخلفها انفصال الوالدين، خصوصاً عندما يحاول الوالدان أو أحدهما تحريض الابن على الآخر ما يتسبب في عصيانه وتمرده وعقوقه.
- الوضع المادي: سوء الوضع المادي والاجتماعي سبب من أسباب عقوق الوالدين، فقد يرى الشاب في مرحلة المراهقة كيف يعيش غيره من الأصدقاء والشبان ما يدفعه للتذمر من الوضع الذي يعيش به فيكره والديه ويبدأ بالضجر وافتعال المشاكل معهم.
- استخدام كلام وأسلوب جارح مع الوالدين: يقوم الابن العاق بتوجيه كلمات جارحة للأهل وما يقدمونه لهم مثل الاعتراض على عمل الأم في المنزل والاستخفاف بإنجازات الأب، فهذا مظهر شائع من مظاهر عقوق الوالدين الذي يؤديه الابن العاق.
- النظرات المسيئة للوالدين: تعتبر نظرات الاستخفاف والتكبر والغضب للوالدين من صفات الابن العاق ولو لم يتفوه بأي كلمة، فالنظرات قد تكون أقسى على الوالدين، وكل ما يجرح ويسيء لهما الوالدين هو من العقوق.
- السب والإهانة: الشتم للأهل يعتبر من الكبائر وهو من أسوأ مظاهر عقوق الوالدين، فالسب والشتم مكروه لغير الوالدين فيكف للوالدين الذين أوصانا الله ورسوله ببرهما والإحسان إليهما، بل أن النبي صلى الله عليه وسلّم اعتبر التسبب للوالدين بالشتيمة بسبب شتم الناس أو الإساءة إليهم من أشكال العقوق.
- رفع الصوت على الوالدين: يعتبر رفع الصوت على أحد الوالدين شكل من أشكال العقوق للوالدين حتى وإن كانا على خطأ يجب أن يحدثهما الابن برفق وبصوت منخفض.
- التذمر والتأفف من الوالدين: قد يكون عقوق الوالدين على شكل أبسط مما يتخيله الأبناء مثل التذمر من طبيعة الطعام الذي تعده الأم أو الاستخفاف بشيء يحضره الأب للمنزل والاستخفاف بأي شيء يقدمانه أو التذمر من وضعهما المالي والاجتماعي.
- مشاكل مع الأخوة أمام الوالدين: شجار الأبناء أما الوالدين دون احترام وجودهما أو أمرهما بالتوقف عن العراك يعتبر من أشكال عقوق الوالدين.
- التمرد على سلطة الوالدين: قد يندفع الأبناء بدافع الرغبة بالحرية والاستقلالية إلى صد الوالدين عن التدخل في حياتهم وهذا مفهوم خاطئ للحرية، فالأهل جزء لا يتجزأ من العلاقات الاجتماعية ولهم دورهم الاجتماعي وسلطتهم التي وإن تناقصت مع تقدم الأبناء في السن لكن يجب أن تظل محل احترام.
- هجران الوالدين وقطع التواصل معهما: يعتبر هجران الأهل بسبب بعض الخلافات مع الأسرة مثل مشاكل الزوجة مع أهل الزوج وعدم التحدث إليهم والنقاش معهم فهذا شكل من أشكال عقوق الوالدين الذي يساهم أيضاً في زيادة تفكك الأسرة.
- حسن التربية: تساعد التربية الحسنة منذ الصغر في زيادة وعي الطفل في الكبر لأهمية برِّ الوالدين، وفي حال عصيانه وعقوقه لهما تكون إعادة تقويمه وتوعيته لخطورة عقوق الوالدين وآثاره أسهل.
- العقاب بالحرمان: عندما يلاحظ الأهل بداية تمرد الطفل عليهم وعقوقه لهم يجب عليهم معاقبته بالحرمان من بعض الأمور التي يحبها مثل الذهاب للعب مع أصدقائه أو حرمانه من مصروفه، ويجب أن يعرف أن هذا الحرمان بسبب سوء تصرفه مع والديه.
- محاولة هدايته: في المراحل العمرية الصغيرة تكون هداية الطفل العاق أسهل، فيمكن للأهل هداية الطفل بالموعظة من خلال القدوة الحسنة أو تعليمه بعض الأحاديث التي تتحدث عن عقوق الوالدين وأثره السلبي عليه وعلى المجتمع.
- التهديد بالضرب إذا لزم الأمر: قد لا تفيد الطرق السابقة في هداية الطفل العاق فيتوجب على الأهل محاولة تأدبيه بالتهديد بالضرب والضرب إذا لزم الأمر وفق حدود الشريعة ودون تعدٍّ أو أذى.
- هدايته إلى الله: فالقرب من الله يشكل لدى الشباب رادع للابتعاد عما يغضبه، حيث يعتبر عقوق الوالدين وغضبهم من الأمور التي تغضب الله، فعند ملاحظة عقوق الشاب لوالديه يجب إرشاده للاقتراب من ربه أكثر وتوعيته أن عقوق الوالدين من الكبائر.
- هجر الابن العاق ومعاقبته: من الطرق التي يمكن اتباعها للتخلص من شرّ الابن العاق هو هجران الأهل له ومقاطعته إلى أن يعدل عن هذا العقوق.
- طلب تدخل الغير: في حال لم يجد الأهل فائدة ترجى من هجران الابن العاق يجب السماح لكبار العائلة بالتدخل خاصةً لمن يستمع له الابن عادةً، محاولةً منهم لإقناعه بإيقاف شره عن والديه وعدم التعرض إليهم على الأقل.
- الشكوى للسلطات المختصة: قد يصل عقوق الوالدين لمرحلة خطيرة من الأذى النفسي والجسدي والمادي الذي يسببه الابن، وفي هذه الحالة على الوالدين طلب الحماية من السلطات المختصة لتقف بينهم وبين الابن العاق وتمنع عنهم الضرر.
- من يعق والديه لا يدخل الجنة: والدليل على هذا ما ورد في السنة النبوية الشريفة عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "لا يدخُلُ الجنَّةَ عاقٌّ ولا منّانٌ ولا مُدمِنُ خمرٍ" رواه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما وأخرجه الألباني وآخرون.
- من يسب ويشتم والديه ملعونٌ عند الله: عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: "ملعونٌ مَنْ سبَّ أباهُ، ملعونٌ مَنْ سَبَّ أُمَّهُ" أخرجه الألباني، ويعتبر شتم الوالدين أو إهانتهما أو التسبب بتعرضهما للشتم والإهانة من أكبر مظاهر العقوق.
- لعقوق الوالدين جزاء في الدنيا: جميعنا يسمع أن الولد العاق أموره في الدنيا عسيرة، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلّم أن عقوق الوالدين من الأمور التي لها عقوبة عاجلة في الدنيا وآجلة في الآخرة، عن أبو بكرة نفيع بن حارث عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "كلُّ ذنوبٍ يؤخِرُ اللهُ منها ما شاءَ إلى يومِ القيامةِ إلَّا البَغيَ وعقوقَ الوالدَينِ، أو قطيعةَ الرَّحمِ، يُعجِلُ لصاحبِها في الدُّنيا قبلَ المَوتِ" أخرجه البخاري.
- من لا يبر أهله في حياتهم يدخل النار: عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "شَقِي عبدٌ أدرك والدَيْه أو أحدَهما فلم يُدخِلاه الجنَّةَ"، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: إن جبريل عليه السلام أتاني فقال...ومن أدركَ أبويهِ أو أَحدهمَا فلم يبرَّهُما، فماتَ، فدخل النارَ، فأَبعدهُ اللهُ" أخرجه الألباني في صحيح الترغيب.
- دعاء الوالدين على الابن العاق مستجاب: والدليل على ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: "ثلاثُ دعواتٍ مستجاباتٌ لا شَكَّ فيهِنَّ؛ دَعوةُ المظلومِ، ودعوةُ المسافرِ، ودعوةُ الوالدِ على ولدِهِ" أخرجه الترمذي.
- تفكك الأسرة: إن وجود ابن عاق في الأسرة يهدد كيان الأسرة ككل ويزيد من المشاكل الأسرية ما يؤدي بالنهاية إلى تفكك الأسرة، كما أن الأسرة التي يغيب فيها الإحسان لا يمكن أن تكون أسرة داعمة لأفرادها، وأولى الناس بالإحسان الوالدان.
- فقدان الاحترام بين أفراد العائلة: وجود الابن العاق قد يسبب غياب وضعف قواعد الاحترام في الأسرة وانتقال العادات والسلوكيات السيئة من الابن العاق إلى أخوته.
- قطع الرحم: على الرغم أن معظم الأهل يكرهون بعض تصرفات أبنائهم ولا يكرهون الأبناء أنفسهم، لكن العقوق قد يجعل الأهل غير راغبين بالتواصل مع أبنائهم ويرغبون بتذكر الأطفال الودعاء الصغر بدلاً من الدخول مع الأبناء في صراعاتٍ تؤذي الأهل معنوياً بالدرجة الأولى.
- زيادة المشاكل السلوكية: يؤثر عقوق الوالدين على سلوك أفراد الأسرة كاملة ليس فقط في المنزل وانما خارجه، ما يؤثر أيضاً على المجتمع تأثير سلبي بسبب تغيير سلوك الأفراد الناتج عن فقدان القدوة الحسنة، وجميعنا يعلم المثل الشعبي من ليس فيه خير لأهله ليس فيه خير لأحد.
- زيادة العنف اتجاه كبار السن: إن عقوق الوالدين يظهر كشكل من أشكال العنف مع كبار السن، فقد يصبح الابن عاق عندما يتقدم والديه في العمر ويصبحون عاجزين عن القيام بأنفسهم ما يجعل الابن يضجر ويبدأ بتعنيفهم والإساءة إليهم.
- العدوى الاجتماعية: يتأثر المجتمع بانتشار الظواهر السلبية والإيجابية معاً، لذلك يعتبر نشر الوعي بأهمية وفضل برّ الوالدين من واجبات الجميع للحفاظ على مجتمع مسالم ومترابط.