جمجمة الرضيع في أول الفترات بعد ولادته منطقة حساسة نظراً لرقة العظام فيها وعدم ترابطها بشكل كامل، هذا ما قد يعرضها للإصابة بعدة أنواع من المشاكل التي قد تسبب أحياناً بروز الجبهة عند الأطفال بشكل غير طبيعي وبعدة مستويات، فكيف يحدث بروز الجبهة وما أسبابه؟ وما أهم الطرق لعلاجه؟
ما معنى تعظم الدروز الباكر عند الطفل وكيف يحدث؟ يحصل بروز جبهة الطفل أو تعظم الدروز الباكر (بالإنجليزية: Craniosynostosis) عند الأطفال نتيجة التحام عظام الجمجمة وفتحات اليافوخ في وقت مبكر قبل أن تقوم بعملها.
حيث تتكون جمجمة الطفل حديث الولادة من عدة قطع عظمية غير ملتحمة بشكل كامل، وهذا له أهمية في تسهيل حركة رأس الجنين ونزوله من جوف المهبل أثناء عملية الولادة، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة لنمو الدماغ وزيادة حجمه بعد الولادة، وبعد انقضاء هاتين العمليتين تتصل هذه القطع مع بعضها وتلتحم الجمجمة عن طرق تقاربها في نقاط معينة تسمى "الدروز" خلال أول مرحلة من عمر الرضيع.
تكون الدروز على شكل مجموعة من الخطوط تشكل مفاصل الجمجمة، وتلتقي تلك الدروز في عدة بقع رخوة تكون خالية من النسيج العظمي في أول سنتين من عمر الرضيع، تدعى اليافوخ، والتحام هذه البقع والمفاصل العظمية له أوقات محددة لكل منها، وحصول خلل بهذا الوقت والتحام أحد الدروز أو اليافوخ قبل الموعد المحدد سيسبب مشكلة في نمو الدماغ داخل الجمجمة تنعكس على شكلها الذي يصبح غير طبيعي يتمثل في معظم الأحيان ببروز في الجبهة عند الطفل، وتسمى تلك الحالة بتعظم الدروز الباكر. [1]
فتحات اليافوخ عددها أربعة، أهمها اليافوخان الخلفي والأمامي، ولكل نوع له مساحة معينة وسن محددة للالتحام بعد أن ينقضي الغرض من وجودها، حيث يلتحم اليافوخ الخلفي في جمجمة الرضيع بين الشهر الثاني والثالث، وفيما يتأخر التحام اليافوخ الأمامي في جمجمة الطفل لعمر السنتين عند بعض الأطفال.
وبالتالي عندما يحدث التحام لأحد أنواع اليافوخ قبل السن المحدد لها يحدث تشوهات في شكل الجمجمة عند الرضيع تؤدي لبروز الجبهة إلى الأمام في الغالب أو حصول بروز من الخلف في حالات أقل، وتتحول الجمجمة لشكل متطاول. [1]
انغلاق مبكر في اليافوخ الأمامي: اليافوخ الأمامي له وقت للالتحام الطبيعي أكبر من الخلفي، لذا فالمشاكل الحاصلة فيه أكثر شيوعاً، وعندما ينغلق قبل موعده الطبيعي يؤدي ذلك لنمو الجمجمة بشكل غير متناسق دافعة عظم الجبهة للأمام بشكل كامل.تعظم الدروز المبكر: الدروز هي المفاصل الواقعة بين عظام الجمجمة، وهي أيضاً تكون غير ملتحمة عند الرضع في الأشهر الأولى، وإن انغلاق أحد تلك الدروز يسبب أيضاً مشكلة بنمو الدماغ فتبرز الجبهة للأمام بطرق مختلفة.انحشار رأس الجنين: بعض الفرضيات الغير معتمدة بشكل أكيد تفيد بأن حصول ضغط على رأس الجنين نتيجة انحشاره بمسافة ضيقة أثناء الحمل يمكن له أن يسبب مشكلة في عظام الجمجمة وحالة تعظم مبكر فيها يظهر على شكل مشاكل شكلية بعد الولادة في رأس الرضيع منها بروز الجبهة إلى الامام.بعض المتلازمات: بما أن الأسباب الأكثر ترجيحاً للإصابة بتشوهات رأس الرضيع وبروز الجبهة لديه هي المشاكل الجينية والوراثية، فهذا يعني أن العديد من المتلازمات المرضية تتسبب بحدوث بروز جبهة عند الطفل ولكن غالباً يترافق ذلك مع أعراض أخرى تختلف بحسب نوع المتلازمة.نقص فيتامين د: عندما يعاني الرضيع من الكساح الناتج عن نقص فيتامين د في الجسم في سن التحام اليافوخ الأمامي، سيكون من الصعب تحقيق الالتحام فيحدث سماكة في عظم الجمجمة الأمامي تؤدي غالباً لظهور بروز في منطقة عظم الجبهة عند الطفل.بعض أنواع مضادات الصرع: تناول الأم لبعض أنواع الأدوية المضادة للصرع خلال فترة حملها يرفع خطر ولادة أطفال مصابين بتشوهات عديدة في منطقة الوجه بما في ذلك بروز عظم الجبهة.بعض أدوية زيادة الخصوية: بعض الأدوية التي تستخدمها النساء لعلاج العقم وزيادة الخصوبة ترفع لديهن احتمالية ولادة طفل يعاني من مشكلة بروز الجبهة أو تعظم الدروز الباكر بشكل عام. [3-2-1] الرأس المثلث (Triogonocephaly): وهي حالة تشوه خلقية يحدث فيها اندماج للدرز الجبهي بشكل مبكر، فينمو الدماغ بشكل غير طبيعي مسبباً اندفاع الجبهة إلى الأمام وتطاول شكل الجمجمة مبدية شكل مثلثي من الأمام عند النظر إلى الرأس من الأعلى، بالإضافة إلى ذلك يظهر أحياناً على جبين الرضيع المصاب بمشكلة مثلثية الرأس بروز على شكل خط ممتد من منطقة ما بين الحاجبين بشكل طولي إلى أعلى الرأس.انتفاخ الجبهة من جهة واحدة (Plagiocephaly): وينتج ذلك أيضاً بسبب اندماج أحد دروز عظم الجمجمة بشكل مبكر، لكنه يحدث بأحد الدروز الجانبية، وهو يدعى الدرز الإكليلي الذي يصل نظرياً الأذن بالأذن الأخرى، مما يؤدي إلى نمو الدماغ في الجهة المقابلة لمكان حدوث التعظم بشكل غير طبيعي يظهر على شكل انتفاخ بأحد جانبي الجبهة، بالإضافة إلى وجود تسطح في الجمجمة على الجانب الآخر وتوقف في نمو الجبين، والعظم في منطقة الحاجب في الجهة المصابة.بروز الجبهة فوق الحاجبين(Scaphocephaly): وهنا يلاحظ أن الجبهة بأكملها بارزة ومتقدمة عن باقي أجزاء الوجه، بالإضافة إلى أن الجمجمة تبدو متطاولة وضيقة العرض، وهذا ينتج عن تعظم الدرز السهمي بشكل باكر، حيث يقسم هذا الدرز نظرياً سطح الجمجمة العلوي بخط طولي إلى نصفين يميني ويساري. [2] الحالات الخفيفة لا تحتاج علاج: يقيم هذه الحالة الطبيب فقط من خلال الفحص والمعاينة، ولا يتعلق الحكم على الحالة أنها خفيفة من خلال وجود بروز خفيف في الجبهة وإنما الفحص هو الذي يحدد ذلك، وفي حال أكد الطبيب أن التعظم الحاصل خفيف وغير مؤذي لحالة الدماغ ونموه فغالباً يقرر أن هذه الحالة لا تحتاج لعلاج.خوذة الرأس: يوصي الطبيب المختص باستخدام خوذة خاصة للأطفال في بعض الحالات الخفيفة من بروز عظم الجبهة التي لا تحتاج لجراحة، حيث تكفي هذه الخوذة لإعطاء النتيجة المطلوبة مع المراقبة من قبل الطبيب.جراحة التنظير الداخلي: يخضع لهذا النوع من العمليات الأطفال من عمر 6 أشهر فما دون، تتم من خلال إجراء شق صغير بفروة الرأس وإمرار منظار داخلي أو كاميرا لتصحيح الدرز المسبب للمشكلة وبالتالي السماح للدماغ بالنمو بالشكل المناسب والطبيعي، وهذا النوع من الجراحة أقل إزعاجاً من الجراحة المفتوحة لأنه يجرى من خلال شق صغير وبالتالي لا يحتاج لنقل دم في غالب الأحيان ويمكن للطفل أن يعود مع أهله بعد ليلة واحدة من المبيت في المستشفى.الجراحة المفتوحة: يخضع للجراحة المفتوحة الأطفال الأكبر من 6 أشهر، وتجرى عن طريق إجراء شق في فروة الرأس وعظام الجمجمة ومن ثم إعادة ترتيب عظام الجمجمة بالشكل والمواضع الصحيحة في الجزء المصاب منها، ويتم تثبيت الجمجمة بعد الجراحة باستعمال مسامير وشرائح خاصة قابلة للذوبان والامتصاص في الجسم، وإن الجراحة المفتوحة تتطلب وقتاً أكبر من جراحة المنظار بالنسبة لوقت الشفاء، بالإضافة لوقت المكوث في المشفى الذي يكون تقريباً ثلاث أو أربع أيام، وهي تحتاج أيضاً لنقل الدم، وعلى الرغم من أنها تجرى مرة واحدة في معظم الحالات لكن قد يتطلب الأمر في بعض الحالات المعقدة إجراء سلسلة جراحات لتأمين المعالجة الصحيحة لجمجمة الطفل.العلاج بالخوذة بعد الجراحة: تستخدم بعد عملية التنظير الداخلي وهي ضرورية لدعم تصحيح شكل جمجمة الطفل ونمو الدماغ بالشكل الصحيح، وتحتاج إلى زيارة الطبيب بشكل متكرر لوضع هذه الخوذة وتقييم مدى الفائدة الحاصلة منها بعد العملية.تعويض نقص فيتامين د: من المهم علاج نقص فيتامين د لدى الأطفال الرضع لتجنب تفاقم الحالة لديهم وحدوث مضاعفات خطرة، لكن هذا غالباً لن يكون له دور في علاج الجبهة البارزة التي تعالج عن طريق الجراحة أو الخوذة فقط، وإنما من أجل منع تطور الحالة. [1] هذا الأمر لا يمكن تحديده من قبل الأمهات في المنزل نظراً لاختلاف العديد من العوامل، ومن يحدد أن رأس الطفل طبيعي أو فيه مشكلة هو الطبيب المختص فقط من خلال إجراء الفحوصات الدورية للطفل التي يكون جزء أساسي منها قياس حجم جمجمة الطفل وفحص شكل الرأس ومتابعة نمو الجمجمة بشكل مستمر.
لكن في حال ملاحظة أي شكل غير طبيعي لرأس الطفل كأن يكون شكله متطاول أو يوجد انتفاخ في مكان ما فيه فيفضل على الفور مراجعة الطبيب واستشارته لأن الكشف المبكر لأي مشكلة في الرأس مهم لنجاح العلاج المتاح.
على الرغم من أن بروز الجبهة عند الطفل حالة قليلة الخطورة لأن علاجها ممكن ونسبة نجاح العلاج عالية في حالة الكشف المبكر، إلا أنها قد تحمل العديد من المخاطر على مستقبل الحالة الصحية للطفل في حال عدم العلاج أو تأخره، مثل: [1]
- حدوث تشوه دائم في الرأس: في حال عدم الاكتراث للمعالجة أو عدم التشخيص الصحيح أثناء المراحل الأولى من عمر الرضيع قد يتسبب بتشوه دائم في رأس الطفل.
- التأثير على الدماغ: تأثر الوظائف العقلية والمعرفية للطفل نتيجة خلل نمو الدماغ.
- حدوث مضاعفات مرضية: مثل الإصابة بمرض الصرع الذي يتميز بنوبات اختلاجية ترافق الطفل طيلة حياته وليس لها علاج نهائي.
- تأخر النمو: قد يتأثر أيضاً مستوى النمو عند الطفل محدثاً ضعف وتأخر نمو.
- التأثير على العين: في بعض الحالات تتأثر العين ويحدث إضرابات في حركة العين وقد يتطور الأمر للإصابة بالعمى.
- مهدد للحياة: في حالات قليلة ونادرة وظروف معينة قد تحدث الوفاة
المصادر و المراجعaddremove
أحدث أسئلة العناية بالرضع وحديثي الولادة