فضل صيام يوم عاشوراء وأحكامه
يعتبر يوم عاشوراء من الأيام الفضيلة لدى مختلف الطوائف الإسلامية رغم اختلاف المعتقدات والطقوس المتبعة فيه، والصيام في يوم عاشوراء من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وكان فرضاً قبل صيام رمضان لعامٍ واحد، فما هو فضل صيام يوم عاشوراء؟ وما سبب حث النبي صلى الله عليه وسلم على صيام عاشوراء وما هي أحكام الصيام في يوم عاشوراء؟
صيام يوم عاشوراء العاشر من محرّم سُنَّة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويعود سبب الصيام في عاشوراء إلى أنه اليوم الذي نجا فيه موسى عليه السلام من فرعون، ولما شهد الرسول محمّد صلى الله وسلّم اليهود في المدينة يصومون هذا اليوم قال لهم "أنا أحَقُّ بمُوسى مِنكُمْ" وصامه وأمر به أصحابه أن يصوموه.
وهناك الكثير من الأحداث المرتبطة بيوم عاشوراء لكن معظمها لا يصح، حيث روي أن يوم عاشوراء هو اليوم الذي تاب فيه الله على آدم عليه السلام، واليوم الذي استقرت فيه سفينة نوح ونجى فيه أيوب من المرض ويونس من بطن الحوت وإبراهيم من النار وإسماعيل من الذبح -عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام- بل قيل هو أول يوم نزلت في مطر وأول يوم نزلت فيه الرحمة، وكل هذا حديث موضوع لا يصح ولا أساس له.
والصحيح منها أن عاشوراء هو يوم نجاة موسى عليه السلام من فرعون بدليل الحديث النبويّ الشريف، وهو يوم استشهاد الحسين بن عليّ بن أبي طالب في معركة كربلاء سنة 61 هجرية، والذي يحيه الشيعة بالحزن والعزاء لذكرى الحسين وأهل البيت رضي الله عنهم وأرضاهم.
- صيام عاشوراء ليس فرضاً: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلَّم بالصيام في يوم عاشوراء فرضاً قبل أن تنزل فريضة الصيام في شهر رمضان على المسلمين، ومن بعدها أصبح صيام يوم عاشوراء سنَّةً مؤكدةً وليس فرضاً.
وعن معاوية ابن سفيان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا يَوْمُ عَاشُورَاءَ، ولَمْ يَكْتُبِ اللَّهُ علَيْكُم صِيَامَهُ، وأَنَا صَائِمٌ، فمَن شَاءَ فَلْيَصُمْ، ومَن شَاءَ فَلْيُفْطِرْ" صحيح البخاري - يجوز صيام يوم عاشوراء منفرداً: لا بأس في صيام يوم عاشوراء منفرداً دون صيام ما قبله أو ما بعده، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصومه منفرداً.
- المستحب صيام يوم عاشوراء مع يومٍ قبله أو يومٍ بعده: عندما سأل الصحابة الرسول صلّى الله عليه وسلّم عن صيام اليهود والنصارى ليوم عاشوراء خوفاً من التشبّه بهم، قال عليه الصلاة والسلام: صوموا يومَ عاشوراءَ، وخالِفوا فيه اليهودَ، صوموا قبلَه يوماً، أو بعدَه يوماً.
- نية الصيام في عاشوراء: أجمع الجمهور على إمكانية صيام النفل مثل صيام يوم عاشوراء إذا نسي النية في الليلة السابقة ما لم يقم بشيءٍ يبطل الصيام منذ طلوع الفجر، والدليل على ذلك ما ورد في صحيح مسلم عن السيدة عائشة رضي الله عنها: "دَخَلَ عَلَيَّ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم ذاتَ يَومٍ فَقالَ: هلْ عِنْدَكُمْ شيءٌ؟ فَقُلْنا: لا، قالَ: فإنِّي إذَنْ صائِمٌ".
- صيام يوم عاشوراء يكفر الذنوب: إن صيام يوم عاشوراء من الأيام التي حصنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصيام فيها، فصيام عاشوراء يكفر ذنوب عامٍ قبله، عن أبي قتادة عن الرسول صلى الله عليه وسلم: "صِيامُ يومِ عاشُوراءَ، إِنِّي أحْتَسِبُ على اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السنَةَ التِي قَبْلَهُ" أخرجه مسلم.
- عاشوراء يوم من أيام الله: قد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء بأنه يوم من أيام الله فقد روى عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: "إنَّ عاشُوراءَ يَوْمٌ مِن أَيّامِ اللهِ، فمَن شاءَ صامَهُ وَمَن شاءَ تَرَكَهُ" كما ورد في صحيح مسلم.
- كان النبي يتحرى صيام يوم عاشوراء: كان رسول الله صلى الله عليه ويسلم يأمر في صيامه حتى تم فرض صيام شهر رمضان، عن عبد الله بن عباس: "ما رَأَيْتُ النبيَّ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتَحَرّى صِيامَ يَومٍ فَضَّلَهُ على غيرِهِ إلّا هذا اليَومَ، يَومَ عاشُوراءَ، وهذا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضانَ" أخرجه البخاري ومسلم.
- فرصة للعبادة والتوبة: يوم عاشوراء من الأيام التي تفتح أمام العبد المؤمن أبواب التوبة والعودة إلى الله تعالى، وفي ذلك حكمة أن النبي عليه الصلاة والسلام أمرنا بصيام عاشوراء ليكون تذكيراً لنا بفضل الله ونعمته علينا، وفرصة لأداء العبادة والعودة إلى الله والإنابة.
- فرصة لأعمال الخير: من المستحب في يوم عاشوراء أن يوسّع المسلم على أهله في المأكل والمشرب وغيرها من الأمور، وهي فرصة له أن يبرّ أهل بيته، ومن المستحب عمل الخير في يوم عاشوراء من إفطار الصائمين وإطعام المساكين وتوزيع الصدقات لوجه الله تعالى.
صيام يوم عاشوراء عند أغلب المرجعيات الشيعية مكروه، والمستحب هو الصيام عن الماء أو الامتناع عن الأكل والماء بغير نية الصيام لتذكّر معاناة الحسين وأهل البيت رضي الله عنهم، فيوم عاشوراء مناسبة حزينة عند الشيعة يحيون فيها ذكرى استشهاد الحسين رضي الله عنه، وتبدأ عندهم طقوس العزاء والحزن من اليوم الأول من شهر محرّم حتى يوم عاشوراء، ثم يحيون أربعين الحسين.
ويتفق السنة والشيعة على أن العاشر من محرم عام 61 للهجرة هو يوم استشهاد الحسين رضي الله عنه، لكن الشيعة يعتبرون يوم عاشوراء أهم المناسبات الدينية التي يحيون فيها ذكرى الحسين بالحزن والعزاء، فيما يحتفي السنة بيوم عاشوراء بقدر أقل وإحياءً لسنة النبي صلّى الله عليه وسلّم بصيام عاشوراء لأنه يوم عبور موسى عليه السلام ونجاته من فرعون وليس إحياءً لذكرى الحسين رضي الله عنه.
يصوم اليهود يوم عاشوراء وهو اليوم الوحيد الذي يصومونه بدون طعام أو شراب، يسمى عندهم يوم الغفران أو كيبور أو يوم الكفارة وهو اليوم العاشر من شهر(تِشريه) الشهر الأول العبري، ولا يجتمع يوم عاشوراء عند المسلمين مع يوم عاشوراء عند اليهود لأن لكلٍّ منهم تقويماً، ويؤمن اليهود أن هذا اليوم هو يوم لمغفرة الذنوب والتوبة يتمم أيام التوبة العشرة التي تفتح السنة العبرية، ولا يؤمنون أنه اليوم الذي نجى فيه موسى من فرعون.
يتفرّغ اليهود في يوم الغفران أو عاشوراء للعبادة تفرّغاً تامّاً، وتنطبق عليه أحكام السبت من حظر جميع الأعمال الدنيوية والتفرغ للصلاة والعبادة، ويعفى منه غير القادر على الصوم مثل المرضى والحوامل والمرضعات.