أهمية دور الأم في حياة ابنتها المراهقة
يقولون "إن كبر ابنك خاويه"، وينطبق هذا أيضاً على علاقة الأم بابنتها؛ فعندما تكبر البنت وتصبح مراهقة تبدأ علاقتها عادة بمن حولها بالتعكر لخصوصية هذه المرحلة العمرية وما يصاحبها من صراعات داخلية تشعر فيها المراهقة وتنعكس على شكل صراعات خارجية بينها وبين من حولها. من هنا يأتي دور الأم التي هي الأقرب لها كما سنوضح في هذا المقال الذي سنتطرق فيه لدور الأم في حياة ابنتها المراهقة وأساليب الحوار والتربية التي يجب أن تتبعها معها.
لا بد أن التربية تبدأ دائماً من البيت، ولا شك أن الأم تتحمل دائماً العبء الأكبر في التربية وخاصة في تربية البنات، وعليها التواجد معهن بشكل مكثف وخاص عندما يصبحن مراهقات؛ فالأم هي أكثر شخص يتفهم البنت لأنها من نفس جنسها وقد مرت حتماً بنفس تجربتها، كما أن الأم هي الشخص الأقرب للأبناء دائماً وهي متواجدة معها في حضورها وغيابها، أضف إلى ذلك أن الأبناء بشكل عام والبنات بشكل خاص لا يتحملون غضب الأم منهم، فتراهم يتوددون لها غالباً ويبادرون بمصالحتها بعد كل مشكلة.
وإن لم تكوني متواجدة –عزيزتي الأم- في حياة ابنتك التواجد الصحيح كما وضحنا في البداية، فإنها ستبحث عن أم بديلة؛ أي عن مصدر آخر يقدم لها الاحتواء ويستمع لمشكلاتها ويقف معها، كمعلم/ة أو صديق/ة ... ولعل الأمر يزداد خطورة إن كان هذا الشخص غير جدير بالثقة فاستغلها أو جرها لطريق غير صحيح...
لذلك عليك أن تكفي وجودك في حياة ابنتك المراهقة بذكاء وخاصة أنك لستِ وحدك من يربي هذه الابنة؛ فهناك المدرسة والشارع ووسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي... لذلك كوني حذرة وكوني أنت القائد لكل هؤلاء.
تختلف طرق التعامل مع الأبناء باختلاف مراحلهم العمرية، ولكن الأساسيات التربوية تبقى ثابتة كالاحترام وبناء الثقة والحب غير المشروط، في النقاط التالية سوف نبين دور الأم في حياة ابنتها المراهقة: [1،3،4]
قد تكون الفتاة مطيعة وخلوقة جداً في طفولتها، ويتغير كل شيء في فترة مراهقتها؛ فيصبح من الصعب على الأم التعامل معها وفك ألغازها... لماذا؟
- لأنها تتعامل مع صراعات داخلية بسبب هرموناتها ما يسبب لها التوتر والعصبية.
- لأن شكل جسدها قد تغير؛ فقد برز ثدياها وأصبح وركها عريضاً وقد يكون قد امتلأ وجهها بحب الشباب وغير ذلك من التغييرات التي طرأت على شكل جسدها، وهذا يجعلها تخجل أحياناً، كما يؤثر على اختيارها لملابسها وثقتها بنفسها وظهورها أمام الناس...
- لأنها لم تعد تجد نفسها؛ فهي ضائعة بين مرحلة الطفولة وبين مرحلة الشباب؛ فلا هي قادرة أن تعود لمرحلة الطفولة فتلام على صغر عقلها، ولا لمرحلة الشباب وأن تكون امرأة ناضجة فتتهم بأنها تسبق الزمن.
- لأن في رأسها الكثير من التساؤلات التي تحتاج لإجابات مناسبة كالأمور المتعلقة بالجنس وبالرجال وبالوجود...
- لأن المجتمع بشكل عام يفتقر غالباً لمعرفة كيفية التعامل مع المراهقين؛ فعندما تذهب للسوق يسمون مقاسها "محير"، وتخاطبها والدتها تارة فتقول لها أنها ما زالت طفلة، بينما توبخها بعد قليل وتقول لها أنها أصبحت فتاة كبيرة وعليها أن تتصرف كالكبار.
- لأنها تتأثر كثيراً بكل ما ومن حولها؛ كشبكات التواصل الاجاتماعي والأصدقاء وهذا يجعلها أكثر عرضة للانحراف السريع...
- لأنها تمر بتحديات أكاديمية... فهي في مرحلة عليها فيها أن تدرس جيداً لتختار التخصص الذي تود التوجه إليه.
- عدم تلبيتها غالبا لحاجات جسدها، فهي تحتاج لساعات نوم أطول ولغذاء صحي أكثر لتتمكن من التغلب على ما يحصل في جسدها، لكن أغلب المراهقات لا يأكلن الأكل الصحي ولا يمارسن نمط الحياة الصحيح، كما أن اضطراب الهرمونات يجعلهن مستيقظات لوقت متأخر وهذا يعكر مزاجهن أكثر.
- لأنها أصبحت عبارة عن فيض من المشاعر، وقد تجد صعوبة بالغة في التعبير عنها بالكلمات وخاصة مع الانفتاح الكبير الذي نعاني منه هذه الأيام، وقد تقع في الحب بسهولة.
- لأنها في معركة مع نفسها ومع مجتمعها لنيل استقلاليتها؛ فهي ترى أنها أصبحت فتاة كبيرة تستطيع أن تعتمد على نفسها وتتخذ جميع قراراتها دون تدخل أحد.
- أمور أخرى قد تزيد من عنادها، مثل سوء تربيتها منذ الطفولة، ووجود مشكلات أسرية وتنمر من حولها عليها وسوء الوضع الاقتصادي.
يختلف منظور الأم عن منظور ابنتها في الأمور، فكل منهما ترى الأمور من منظارها الخاص، وتتمنى لو استطاعت الأخرى أن تراها كما تراها هي، فكيف ترى الأم الأمور؟
- ترى الأم ابنتها المراهقة أنها ما تزال طفلتها وأن عليها التواجد معها دائماً وحمايتها، وأن من حقها التدخل في كل صغيرة وكبيرة في حياتها.
- ترى أن المجتمع بكل ما ومن فيه يشكل خطورة بالغة على ابنتها المراهقة، فتراها تراقب أصدقاءها وتنتابها العصبية لو قضت ابنتها ولو ساعة واحدة كل يوم على الإنترنت.
- تحاول الأم أحياناً أن تثبت لابنتها أنها على حق وأن أوامرها يجب أن تنفذ، فتنحرف بذلك عن هدفها الرئيسي في التربية دون أن تشعر.
- في كثير من الأحيان تقع الأم في فخ المقارنة؛ فتجدها تقارن ابنتها المراهقة بها عندما كانت بعمرها، أو بفتيات أخريات.
- معاناتها من تقلبات مزاج ابنتها، فقد تصحو ابنتك متعكرة المزاج دون سبب واضح، وقد ينقلب مزاجها خلال اليوم فيتحسن دون سبب واضح أيضاً، صحيح أن المزاج المتقلب صعب عليك، ولكنه صعب عليها أكثر؛ فدعيها تعلم أنك بجانبها مهما تقلب مزاجها. [2]
تشتكي الفتيات المراهقات أن لا أحد يفهمهن ويعتقدن أنهن في حرب مع الأهل والمجتمع... فكيف ترى المراهقة الأمور؟ [2]
- ترى أن أمها قد تغيرت عليها فجأة فلم تعد تحبها وتتقبلها كما كانت من قبل.
- تنتظر من الناس وخاصة من أمها أن تفهمها دون أن تضطر هي للكلام، لأنها لا تعرف التعبير أو تخجل من التعبير عما في داخلها.
- لا تسمح لأحد بالدخول معها في صراع لأن العناد هو أحد مظاهر المراهقة.
- هي تريد الاستقلالية وعدم تدخل أحد فيها وبقراراتها، فهي في رحلة باحثة عن الهوية والاستقلالية وإثبات الذات وهذا ما يجعلها لا تتقبل النصيحة من أحد.
- هي ضائعة لأنها في مرحلة انتقالية بين الطفولة والشباب، وهذا يجعلها في ضياع؛ فالتصرفات التي كانت مقبولة منها وهي طفلة، وكانت تقابل من قبل الآخرين بالضحك والأحضان لم تعد مقبولة الآن وأصبحت تلام عليها فجأة.
نتمنى أن يكون هذا المقال قد أفادكِ في رحلتك أثناء تربيتك لابنتك المراهقة، ونكون سعيدين لو أرسلتِ لنا استفساراتك وشاركتينا المشكلات التي تواجهكِ أثناء تعاملك مع ابنتكِ المراهقة لمساعدتك من خلال هذا الرابط.