موجبات الوضوء الأكبر وطريقة الاغتسال من الجنابة
الطهارة فرضٌ على كلِّ مسلم لأن الصلاة لا تقوم بدونها، والوضوء في الإسلام نوعان، وضوءٌ أكبر ووضوءٌ أصغر، حيث يكون الوضوء الأصغر أو وضوء الصلاة للتطهّر من الحدث الأصغر، وأما الوضوء الأكبر فيكون للتطّهُّر من الحدث الأكبر وهو الجنابة للرجل وللمرأة، والوضوء الأكبر أيضاً نوعان، الأول هو المجزئ وهو اغتسال يحقّق شرط الطهارة وواجبات الغسل، والثاني هو الكامل وفيه سنن النبي صلى الله عليه وسلّم بالاغتسال من الجنابة، وكلاهما صحيح.
الوضوء الأكبر أو الغسل أو الاغتسال من الجنابة، هو الاغتسال بنية الطهارة لرفع الحدث الأكبر من الجنابة والدورة الشهرية والنفاس، والغسل من الحدث الأكبر فرضٌ على كلِّ مسلمٍ وشرطٌ لأداء كافة العبادات التي لا تنعقد بدونه، وسمِّي بالوضوء الأكبر لأنه يتضمَّن ما يكون في الوضوء الأصغر من تطهير وتنظيف ويزيد عليه شرط تعميم الماء على كامل الجسم بنية رفع الحدث الأكبر.
والدليل على وجوب الاغتسال من الجنابة والوضوء الأكبر في القرآن الكريم في قوله تعالى: (وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا)، وهذه الآية جاءت بعد آية الوضوء للصلاة وهو الوضوء الأصغر، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا) سورة المائدة الآية 6.
نزول المني ونزول المنيّ بغير شهوة لا يوجب الاغتسال
نزول المني ينقض الوضوء لكنه لا يوجب الاغتسال وإنما الوضوء الأصغر فقط وغسل الذكر وما تعرض للمني من الجسد أو الثوب، والمني هو سائلٌ رقيق شفاف يخرج قبل المنيِّ بسبب الاستثارة الجنسية والشهوة، وكذلك نزول المنيِّ والقذف من غير شهوةٍ لا يوجب الاغتسال أو الوضوء الأكبر، ويجب فقط الوضوء الأصغر وغسل الذكر وما تعرض للمني من الجسد والثوب، والمنيُّ قد يخرج من غير الشهوة في بعض الحالات المرضية.
الغسل الكامل هو سنَّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حيث كان عليه الصلاة والسلام إذا اغتسل من الجنابة يغسل يديه، ثم يغسل فرجه باليد اليسرى، ثم يتوضَّأ وضوء الصلاة، ويخلِّلُ شعره بالماء حتى يصل إلى الجلد، ثم يصبُّ الماء على رأسه ثلاث مراتٍ، ثم يفيض الماء على كامل جسده، وهذه الطريقة للاغتسال من الجنابة فيها سننٌ وواجبات، فالواجبات هي النيّة وتعميم الماء على كامل الجسم، والباقي من السنن المستحبّة.
عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: "كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يُفْرِغُ بيَمِينِهِ علَى شِمَالِهِ فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ المَاءَ فيُدْخِلُ أصَابِعَهُ في أُصُولِ الشَّعْرِ، حتَّى إذَا رَأَى أنْ قَدِ اسْتَبْرَأَ حَفَنَ علَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ، ثُمَّ أفَاضَ علَى سَائِرِ جَسَدِهِ" أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين.
الغسل المجزئ من الجنابة والحيض هو غسلٌ صحيحٌ يبرئ الذمّة ويحقّق الطهارة، وشروط تمام الغسل المجزئ هي ذاتها شروط تمام الغسل الكامل، أي النيّة وتعميم الماء على كامل الجسم، وفي الغسل المجزئ تجب المضمضة والاستنشاق، ويكون بالخطوات التالية:
هل يجوز الغسل المجزئ بعد العادة السرية والاحتلام؟
الغسل المجزئ غسلٌ صحيحٌ للطهارة من الحدث الأكبر مهما كان سببه، سواء كان الاحتلام أو العادة السرية أو الجماع أو الحيض، والفرق بين الغسل المجزئ والغسل الكامل أن المغتسل في الغسل الكامل يتّبع سنَّة الرسول صلّى الله عليه وسلّم كاملةً، أما في الغسل المجزئ فهو يحقِّق واجبات الاغتسال والوضوء الأكبر فقط دون السنن، وهي النيّة وتعميم الماء على كامل الجسم.
الغسل من الحيض للنساء تنطبق عليه شروط الوضوء الأكبر والغسل من الجنابة، وهي تعميم الماء على كامل جسمها والنية، ويمكن للمرأة بعد نهاية الدورة الشهرية أن تتطهر وتغتسل بالغسل المجزئ وهو صحيح، أو بالغسل الكامل وهو المستحب والأولى.
ومن المستحب أن تغسل المرأة فرجها جيداً، وأن تحلّ الجدائل وتغسل شعرها حتى المنابت، فإن اختارت الغسل المجزئ عليها النيّة وتعميم الماء على كامل الجسم مع المضمضة والاستنشاق، والتأكد من زوال آثار دم الحيض ورائحته.
سنن الاغتسال من الجنابة وفع الحدث الأكبر هي السنن التي وردت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الوضوء الأكبر، يستحب للمسلم اتباعها وإن لم يتبعها فغسله صحيح، والأولى أن يتّبعها، وهي:
- غسل الكفين: لا يشترط غسل الكفين في الاغتسال من الجنابة ولكنه سنة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يستحب على المسلم اتباعها.
- الوضوء الكامل: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتوضأ وضوئه للصلاة في الاغتسال من الجنابة، والاغتسال مقبولٌ من غير الوضوء ويرفع الجنابة والحدث الأكبر والأصغر.
- التكرار ثلاث مرات: يمكن غسل الأعضاء مرة واحدة فقط أو مرتين أو أكثرها ثلاث مرات، فالتكرار لثلاث مرات هو سنة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والإعلاء على ذلك يدخل في باب الإسراف.
- الترتيب في مواضع الغسل: حيث يسنُّ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم البدء في الغسل من الرأس ثم بأعلى البدن وبالشق الأيمن ومن بعدها في الشق الأيسر.
- استحباب الدلك: يستحب الدلك أثناء الوضوء الأكبر للتأكد من وصول الماء إلى كافة مناطق الجسم، وهذا أيضاً من السنة وليس واجباً في الاغتسال من الجنابة والحيض والطهارة من الحدث الأكبر.