مفهوم الإدارة وأهميتها وأنواع الإدارة العامة
كثيراً ما نسمع بمفهوم الإدارة وأنواع الإدارة وتأثيرها على تقدم الدول وتطورها، الأمر الذي يدعونا إلى التساؤل عن مفهوم الإدارة؟ وتأثيرها على الأفراد والمجتمعات والاقتصادات في العصر الحديث؟ في هذا المقال نحاول الإجابة على معظم التساؤلات التي قد تراودك عن الإدارة وماهيتها.
الإدارة Management هي تنسيق وإدارة المهام لتحقيق الهدف، وتشمل هذه الأنشطة الإدارية وضع استراتيجية المنظمة أو المؤسسة وتنسيق جهود الموظفين لتحقيق الأهداف المطلوبة باستخدام الموارد المتاحة، باختصار فإن الإدارة هي الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة من أجل تحقيق الأهداف بكفاءة وفعاليةـ وكي تكون مديراً ناجحاً عليك أن تطوّر مجموعة من المهارات الإدارية، وهي العناصر الأساسية للإدارة: [1]
للإدارة أوجه عديدة فهي تختلف تبعاً للغرض المستخدم والغاية المراد الوصول إليها، أي أن المدراء يملكون مواهب تتيح لهم استخدام أساليب كثيرة للوصول إلى أهدافهم، وهنا نذكر أكثر أنواع الإدارة شيوعاً: [3]
- إدارة الأعمال الإعلامية ونشر القرارات والعلاقات التفاعلية.
- التفاوض وإجراء الاستبيانات حول أهداف المؤسسة ورغبات المستهلكين
- وكذلك معرفة متطلبات الموظفين وترتيبهم حسب الجهود المبذولة والكفاءة.
- توفير التواصل مع الجهات الأخرى.
الإدارة أحد العلوم الإنسانية الحديثة، وكما ذكرنا أعلاه فقد تطور مفهوم الإدارة حسب الاحتياجات والضرورة في سبيل تحسين الإنتاج، حيث شكلت الإدارة الحديثة فارقاً كبيراً على جميع الأصعدة.
وأثبتت الإدارة الحديثة أهميتها وقدرتها على النهوض بالمجتمعات ككلّ بدءاً من أفضل وأنجح التجارب الإدارية ألا وهي الإدارة اليابانية (المعجزة اليابانية) والتي تعدّ من أنجح الإدارات الحديثة على الإطلاق، فعلى الرغم من قلة الموارد في اليابان كدولة لكنها تمكنت خلال ثلاثة عقود من الوصول إلى مستوى الدول المتقدمة إنتاجياً واقتصادياً، والنهوض بالأفراد اجتماعياً وانسانياً ممّا انعكس على تحسين الأداء والإنتاجية، وذلك بالتركيز على التخصصية بذلك تعود الفائدة على الفرد والمجتمع معاً ومن أهم عناصر تطبيق هذه الإدارة:
- الاعتماد على الكفاءة والمستوى العلمي بعيداً عن المحسوبية والعلاقات الشخصية.
- الاستقرار والأمن الوظيفي، أي الضمان الوظيفي وعدم الاستغناء عن الأفراد بأي شكل مما يؤثر على إنتاج الفرد وإبداعه.
- خلق روح الجماعة والعمل كفريق، وهو الشعور بالمسؤولية الجماعية تجاه أي عمل يقوم به أحد أفراد الفريق وغالباً ما تكون المكافأة جماعية.
- التشاركية في اتخاذ القرارات، والتعاون بين كافة الموظفين على اختلاف مناصبهم ومسؤولياتهم، وهذا ما يوفر الرقابة الذاتية التي تؤثر بشكل كبير على نوعية العمل وجودته.
- تحقيق العدالة الفردية من تكافؤ الفرص والمساواة والتعامل مع القوى البشرية دون تمييز وتوفير جميع مقومات الحياة من سكن ورفاهية ومتطلبات العيش الكريم.
- الشمولية والكمال وذلك بالتركيز على تطوير المهارات الفردية وعدم تقييم الفرد في موقعه الحالي وإنما إتاحة الفرصة له كي يثبت قدرته ومهاراته في المكان الملائم.
- تحسين الإنتاج وذلك عن طريق المشاركة في وضع الأهداف والتخطيط لها وتنفيذها.
إلى جانب نموذج الإدارة الياباني فإن نظام الإدارة الأمريكي أيضاً هي من أفضل النماذج الرائدة في العالم القائمة على مفهوم الإدارة الحديثة والتي تركّز على تحفيز العامل البشري والابتكارات والتنويع وتطوير الخطط الاستراتيجية وتنفيذها على المدى الطويل.
ولا ننسى التجربة الماليزية التي أثبتت قدرة الإدارة الحديثة على تغيير مسار الأزمات فالنتائج التي وصلت إليها الإدارة الماليزية بعد تأثرها بالتجربة اليابانية كانت مذهلة، ولا نزال نشهدها في وقتنا الحالي، تترجم قول مهاتير محمد رائد النهضة الماليزية: "عندما أصلّي أتوجه إلى الكعبة، وعندما أعمل أتوجه إلى طوكيو".
تعرّف الإدارة في الإسلام على أنها استغلال كافة الأسس الدينية والإيمانية من أجل تحقيق أكبر قدر من الإنتاج وبأمثل صورة من الإتقان وفي وقت وجيز، والهدف الأساسي هو توجيه العمل كله كعبادة لله.
لم ترد كلمة الإدارة كما هي بلفظها حرفياً في القرآن الكريم والأحاديث النبوية، وإنما وردت بمصطلحات أكثر شموليةً وتعمقاً، بل وردت بكلمات مثل: أدار، والتّدبير، والتّدبّر، فالإدارة الإسلامية تركز على المفاهيم الروحية والإنسانية والاجتماعية للفرد أولاً من أجل تنمية إمكانياته الفكرية.
وتعتمد الإدارة الإسلامية على تنمية الفرد والبحث عن موارد جديدة، بمعنى أصح فإن النظام الإداري الإسلامي يشبه نظام الشركة ذات أسهم يساهم فيها كل المواطنين بالتساوي، وهذا النمط ينمي رأسمال الفرد ويمنع الرشوة والمحسوبية بحيث يتساوى الأمير مع الفقير في الحقوق والواجبات، وأهم ما فيه أن النظام الإسلامي للإدارة يعتمد على الحرية وتكافؤ الفرص دون تمييز.
مفهوم الإدارة موجود منذ آلاف السنين والسبب الرئيسي للإدارة هو تحقيق الأهداف المطلوبة، وقد تطور هذا المفهوم بتطور المجتمعات وتقدمها، وهذه باختصار أبرز مراحل تطور الإدارة: [2]
- الإدارة في عهود ما قبل التاريخ: كانت الإدارة تتلخص في الاعتماد على الكفاءة والمساءلة دون امتلاك المهارات والمعرفة التقنية من خلال التسلسل الهرمي للسلطة، تبدأ من السادة وأصحاب السلطة ثم تنتقل إلى الأقل مكانةً.
- خلال العصور الوسطى حتى القرن الثامن عشر: كان الحرفيون هم جوهر الانتاج لذا كانت الحاجة للسيطرة الإدارية غير ضرورية، وفي أواخر القرن الثامن عشر كانت الزراعة المصدر الذي يكسب منها الأفراد ويلبون حاجاتهم الأساسية.
- قيام الثورة الصناعية: مع اختراع المحرّك البخاري وإحداث العديد من الابتكارات فتحت الباب أمام المصانع والمعامل التي بدأت بإنتاج السلع وزادت الحاجة إلى الموارد البشرية وبالتالي الحاجة إلى التوجيه والرقابة والتنظيم. ومع ازدياد أهمية هذه المرافق وإنتاجيتها، أصبحت الحاجة إلى الإدارة والتنسيق ماسة.
- الإدارة في العصر العلمي: ومع ظهور التقنيات الحديثة بشكل متسارع بدأت الفكرة مع المهندس فريدريك تايلور(1911) من أجل تحسين الإنتاج ، وتمحورت نظريته بأن زيادة الكفاءة وانخفاض التكاليف هما الهدفان الأساسيان للإدارة، ويعود الفضل إلى هنري فايول (1949) في تطوير مفاهيم الإدارة للتخطيط والتنظيم والتنسيق والقيادة والتحكم وذلك بدافع الضرورة لربط المؤسسة أو الشركة بأكملها لتنظيم العمليات للصناعات الكبيرة بشكل متزايد.
مع زيادة الطلب على الإنتاج نشأ قسم شؤون الموظفين، فمن أجل زيادة الإنتاجية على الإدارة أن تأخذ بعين الاعتبار احتياجات الموظفين من خلال تطوير العمل.
ويعود الفضل إلى بيتر دراكر المؤلف والمعلم والمستشار الإداري الذي يعتبر الأب الروحي للإدارة؛ في تطوير مفهوم الإدارة حسب الأهداف، فالخطوة الأهم هي وضع أهداف محددة وضرورية وتأطيرها بالعامل الزمني والموارد المتاحة. ورأى دراكر أن العامل الأساسي في الأعمال التجارية هو إيجاد عميل وظيفته الأساسية هو التسويق والابتكار.
وهذه الابتكارات الفردية وفرت آلاف الوظائف، كما أنها حققت عائدات هائلة للشركات التي استمرت بالإنتاج وتشجيع الابتكارات خلال القرن العشرين.
وقد استمرت نظريات الإدارة في التطور مع طرح مفاهيم جديدة ومن ضمنها كيفية الاستفادة من مسؤولية المدير وتطويره لمواكبة موجة التطور التكنولوجي المتسارع أسيّاً خلال القرن الواحد والعشرين وهيمنة الذكاء الاصطناعي والتي تزيد الحاجة إلى المهارات البشرية وتطوير الذات. - الإدارة في عصر العولمة: العولمة تعرف بأنها ترابط اقتصادات العالم، فمع صعود الأسهم وزيادة القوة الشرائية وتوسع الشركات واجهت مفاهيم الإدارة والتحكم تحديات جديدة من التعريفات اجمركية والموارد البشرية والاستيراد والتصدير والعملة... فقد نمت التجارة العالمية بمعدل غير مسبوق (من حوالي 20% من الناتج المحلي العالمي في عام 1960 إلى ما يقرب من 60% في عام 2017).
في الختام.. أياً كانت مفاهيمنا عن الإدارة فإن فكرة النهوض بالأمة والاستفادة من التجارب الحديثة في الإدارة تعطينا الأمل والتفاؤل في سبيل بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.