سبب نوبات الهلع أثناء الصلاة وهل الخوف يبطل
الصلاة عماد الدين، وقال السلف إذا أردت أن يكلّمك الله فاقرأ القرآن وإذا أردت أن تكلّم الله فصلِّ، لكن بعض الأشخاص قد يواجهون ما يعرف برهاب الصلاة سواء تمثل بالخوف ونوبات الهلع المفاجئة أثناء الصلاة أو الخوف من صلاة الجماعة والصلاة في المسجد أو أمام الناس، وفي هذا المقال سنبين الأسباب الكامنة وراء هذا الخوف وعلاجه.
نوبات الهلع أثناء الصلاة هي حالة من الخوف الشديد المرتبط بالصلاة عموماً أو صلاة الجماعة والصلاة في المسجد بشكل خاص، حيث يشعر المصلي أنه مرتبك ومتوتر أثناء الصلاة ثم تتطور أعراض النوبة إلى الارتجاف أو الشعور بالسقوط أثناء الصلاة وقد تصل إلى ترك الصلاة في المسجد أو إعادة الصلاة عدة مرات خوفاً من بطلانها بسبب الخوف.
وغالباً ما يكون الخوف أثناء الصلاة غير مرتبط بالصلاة بشكل مباشر، وإنما يحدث أثناء الصلاة نتيجة عوامل مختلفة قد تتعلق بالرهاب الاجتماعي بالنسبة لمن يخاف الصلاة بالمسجد، أو الخوف من الخطأ بالنسبة لمن يؤدي الصلاة حديثاً، أو العديد من الوساوس والاضطرابات النفسية مثل وسواس الطهارة، وأحياناً قد يربط البعض الخوف خلال الصلاة بشدة الخشوع بين يدي الله عز وجل.
حالات الخوف والهلع أثناء الصلاة
- الشعور بالسقوط أثناء الصلاة وفقدان التوازن.
- الارتباك والتوتر قبل وأثناء الصلاة.
- الخوف من الصلاة أمام الناس وفي المسجد والخوف من صلاة الجماعة.
- الخوف من الصلاة بسبب وسواس الطهارة.
- الخوف من الموت أثناء الصلاة.
- الخوف من الخطأ في الصلاة وبطلانها.
- الخوف من عدم قبول الصلاة.
- الخوف العارض أثناء الصلاة، كأن سيمع المصلي صوتاً مفاجئاً.
الخوف والتوتر أثناء الصلاة لا يبطلها، وإنما قد يفسد الخوف والفزع بعض سنن الصلاة مثل الخشوع، كما أن الخوف من بطلان الصلاة أو الوضوء لا يبطلهما، ولا بد من وقوع اليقين ببطلان الوضوء أو الصلاة حتى يقال عنها باطلة، والخوف أثناء الصلاة بسبب الوسواس أو الخوف العارض جميعه لا يبطل الصلاة إلا إذا أجبر المصلي على قطع صلاته، والله أعلم.
هل عدم الاطمئنان في الصلاة يبطلها!
يفهم البعض ركن الاطمئنان في الصلاة فهماً خاطئاً، فالاطمئنان في الصلاة الذي أشار إليه الرسول الكريم ﷺ يعني أن يعطي المسلم لكل مرحلة من الصلاة حقها فلا يكون فيها عجولاً وكأنه يصلي على جمر، والاطمئنان هو السكون الواجب لإتمام كل مرحلة من الصلاة، فإذا ركع عليه أن يتم الركوع فيها حتى يطمأن لتمامه، ثم إذا وقف عليه أن يتم وقوفه كاملاً، وإذا سجد عليه أن يتم السجود حتى يستقر في سجوده، وهو قوله عليه الصلاة والسلام "ثُمَّ ارْكَعْ حتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حتَّى تَعْدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، وافْعَلْ ذلكَ في صَلَاتِكَ كُلِّهَا".
فإن لم يسبب الخوف أثناء الصلاة الاستعجال فيها حتى يغيب منها ركن الاطمئنان أو ينقص من أركانها شيء؛ لم يكن سبباً لبطلانها، والله تعالى أجل وأعلم.
- يفسد الخشوع: الخشوع سنة محببة من سنن الصلاة لأنه يبين مدى تركيز المصلي في صلاته وقوة إيمانه وثباته، وكما جاء في الحديث الكريم على لسان عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما مِن امرئ مُسْلِمٍ تحضُرُهُ صلاةٌ مَكتُوبةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا، وَخُشوعَهَا، وَرُكُوعَها، إِلاَّ كَانَتْ كَفَّارةً لِمَا قَبْلَهَا مِنْ الذنُوبِ مَا لَمْ تُؤْتَ كَبِيرةٌ، وَذلكَ الدَّهْرَ كلَّهُ) والخوف يفسد هذا الخشوع ويزعزعه، مما يجعل الخوف مذموماً لأنه يذهب الخشوع ولكنه لا يبطل الصلاة لأن الخشوع سنة وليس فرض.
- الخوف يشتت المصلي: من المحبب أن يترك المصلي ما حوله ويركز في أداء صلاته وألا يلتفت للأفكار الجانبية، ولكن الخوف يدفع المصلي لعكس ذلك فمن يصاب بالخوف أثناء الصلاة يتشتت انتباهه بهذا الخوف ويفقد تركيزه في صلاته.
- الخوف يسبب التأخير: لا يجوز التأخر عن الصلاة ما لم يكن الشخص مريض أو على سفر أو لا يستطيع الوضوء وأدائها في وقتها من الأمور المهمة كما جاء في الحديث الكريم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال (سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: «الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا») والخوف قد يحث المصلي على تأجيل صلاته وهذا غير مرغوب بالصلاة.
- يسبب الأخطاء في الصلاة: كما هو متعارف عليه أن للصلاة خطوات محددة لا يجوز نسيان إحداها كالتكبير والاستفتاح أو وضعيات الصلاة من اتجاه القبلة إلى الركوع والسجود، وهذه أساسيات لا تقبل الصلاة بدونها والخوف قد يجعل المصلي ينسى إحدى هذه الأساسيات أو يخطئ بها وهذا ما يبطل الصلاة ويفسدها.
- يسبب النسيان في الصلاة: الخوف حالة تصيب العقل وقد تجعله ينسى أموراً تفصيلية مهمة بسبب القلق وقلة الانتباه، وذلك قد يؤدي بالمصلي إلى أحد مفسدات الصلاة كأن ينسى المصلي عدد الركعات، أو قد يخطئ في الوضوء كأن ينسى أحد خطوات الوضوء أو أن يصلي ووضوؤه فاسد.
وعلى المصلي أن يستعيذ بالله تعالى ويتفل على يساره ثلاث مرات كما ورد في الحديث الشريف أن عثمان بن أبي العاص جاء إلى رسول الله وقال له: يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال ﷺ: (ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثاً) قال عثمان: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني. (رواه مسلم)
كيف أتخلص من الخوف من صلاة الجماعة؟
في سؤال على موقع حلوها عرض أحد المتابعين مشكلته التي بدأت قبل عشر سنوات في صلاة الجمعة في المسجد، وهو يصلي بدأت أقدامه ويديه ترتجفان وشعر بخوف ورهبة شديدين وبدأت تزداد المشكلة وخاصة حين يصلي في الصف الأول والثاني، وجرّاء هذا الخوف بدأ يتأخر ويتقاعس عن صلاته ويأتي في آخر الصلاة وخصوصاً عندما تكون الصلاة جهرية، ومع مرور السنين بدأت هذه المشكلة تتفاقم وطرح متابعنا هذه المشكلة وطلب حلاً من فريق حلوها.
وكان الرد من الخبيرة النفسية سراء الانصاري في موقع حلوها بأن الحالة التي تصيب المتابع تسمى القلق الاجتماعي مترافقة مع نوبات هلع، والحل جاء بأن يطمئن نفسه وأنه لا داعي للخوف وما هي إلا دقائق وستنقضي وليست بالأمر الخطير، ويجب عليه أن يسخر من هذه النوبات ويساعد جسده على الثبات، وإن لم يفلح الأمر فيجب استشارة طبيب والبدء بالعلاج الدوائي بأخذ مضادات القلق لمدة سنة أو أكثر.
لمراجعة الاستشارة وآراء الخبراء وتفاعل مجتمع حلوها انقر على الرابط، كما يمكنكم في أي وقت طلب الاستشارة من الخبراء المختصين في موقع حلوها من خلال النقر على الرابط.