شروط صيام القضاء وأحكامه
قضاء الصيام أو صيام القضاء فرضٌ يجب على كل مسلم أفطر في شهر رمضان بعذرٍ أو بغير عذر وكان الصيام عليه واجباً من حيث هو مسلمٌ مكلّفٌ عاقل، والقضاء واجبٌ مع الكفارة أو الفدية أو بدونهما حسب أسباب وأعذار الإفطار في يوم رمضان، ويتفق أهل العلم على استحباب تعجيل قضاء الصيام قبل دخول رمضان التالي، ولتأخير قضاء الصيام أحكامٌ مفصّلة حسب دواعي الإفطار والتأخير وآراء المذاهب.
صيام القضاء هو فرض على المسلم يبقى في ذمته، وينطبق عليه ما ينطبق على غيره من الفروض كالصيام في رمضان، فقطع صيام القضاء يعتبر تلاعب بالعبادة الواجبة:
- حكم الإفطار في صيام القضاء بعذر: كما هو الحال في الصيام في شهر رمضان المبارك، فمن المباح له الإفطار في حال أصبحت المرأة محيضة أو في حالات المرض والسفر ولا يتوجب قضائه ولا فدية عليه، فقط يصوم يوماً مكانه.
- قطع صيام القضاء بغير عذر: يعتبر قطع صيام القضاء بغير عذر شرعي محرم كإفطار يوم من أيام شهر رمضان وليس في هذا خلاف بين العلماء والفقهاء، فتجب عليه التوبة إلى الله وإعادة قضاء يومه الفائت من الشهر ولا تتوجب عليه كفارة لكن عليه التوبة إلى الله والاستغفار لما وقع منه من قطع الصوم الواجب بلا عذر، وقال قتادة تجب الكفارة على إفطاره.
- كفارة صيام القضاء: عند معظم الفقهاء لا تتوجب كفارة على الإفطار لقطع الصيام في القضاء، فقط يقضي اليوم ويتوب ويستغفر إلى الله.
إذا كان تأخير قضاء الصيام إلى بعد شهر رمضان التالي لعذر مباح كالمرض أو الحمل أو الرضاعة وغيرها من الأعذار الشرعية، فلا يتوجب إلا قضاء هذه الأيام بعد انقضاء الشهر ولا يتوجب الفدية أو الكفارة بإجماع المذاهب الأربعة، أما إذا كان تأخير صيام القضاء إلى رمضان التالي دون وجود عذر شرعي فقد اختلف علماء الدين بحكم الصيام والقضاء في هذه الحالة، بين إخراج فدية والقضاء بعد رمضان، وهذا ما ذهب له الشافعية والحنبلية والمالكية، وبين القضاء مع الاستغفار والتوبة لله عز وجل وهذا ما ذهب إليه الحنفية.
وكفارة تأخير قضاء رمضان بدون عذر عند المذاهب التي توجب الكفارة هي إطعام مسكينٍ عن كل يومٍ بدفع مقدار 750 غرام من التمر أو الخبز أو الطحين أو غيرها، ويمكن سدادها قبل القضاء أو بعده، ولا يذهب عنه واجب القضاء إلّا إن كان له عذرٌ يمنعه عن الصيام بشكل مستمر.
حكم تأخير قضاء صيام رمضان لعدة سنوات
عند تراكم عدة سنوات لا تتضاعف الفدية لكنها تدفع كل عام فلا يزداد الواجب بها، كما هو الحال في تأخير الحج الواجب لو تأخر سنين لم يكن عليه أكثر من فعله، وهذا قول الشافعية والحنبلية والمالكية، أما عند الحنفية لا تتوجب الكفارة على تأخير صيام القضاء لعدة سنوات ولكن يظلّ القضاء واجباً.
يقول الدكتور شوقي علّام مفتي الجمهورية في مصر أن صيام القضاء عن الميت ليس واجباً إذا مات وهو على العذر الذي جعله يفطر في رمضان، فمن أفطر في رمضان لعذر المرض ومات في مرضه لا يجب على وليه صيامٌ ولا فديةٌ ولا كفارة، وهو معذورٌ لأنه لم يتساهل في القضاء وكانت رخصة الفطر قائمةً عند وفاته.
أما إذا كان الميت قد ذهب عنه عذر الإفطار وتساهل في صيام القضاء حتى توفاه الله؛ فقد اختلف أهل العلم في مسألة صيام القضاء عن الميت في هذه الحالة، فقالوا لا يجوز الصيام عنه ولكن يدفع وليه الفدية أو الكفارة لأن الصيام لا تدخله النيابة في الحياة ولا الممات، وهذا رأي الحنفية والمالكية والحنابلة والمتقدمين من الشافعية، فيما ذهبت بعض أهل العلم من السلفية والشافعية القديمة إلى جواز الصيام عن الميت دون وجوب، لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ.
والأولى أن يستشير المسلم أهل الفتوى في هذا الأمر للحكم في الحالة لأنها مخصوصة بظروف معينة، فيجب أن يُعرف سبب ترك الميت لصيام القضاء ونوعه هذا الصيام إن كان نذراً أم من رمضان، وتبعاً لما ينطبق عليه من آراء المذاهب.