تعليم الأطفال الرفق بالحيوان ورعاية الحيوانات
يقول غاندي "يمكن الحكم على عظمة الأمة وتطورها الأخلاقي من خلال الطريقة التي تعامل بها حيواناتها".. ينجذب معظم الأطفال إلى الحيوانات بشكل فطري، وقد يشكل ردّ فعلهم وتعاملهم مع الحيوانات عنصراً مهماً في بناء شخصيتهم، فالطّفل الذي يبدأ بتعلّم المشي، عندما يصادف نملةً أو ضفدعاً في حديقة المنزل تجده يحاول الوصول إليه وضربها أو لمسها ففضوله يدفعه لمعرفة الأشياء المحيطة به واكتشافها، وهنا يأتي دور الوالدين لنهيه عن إيذاء الحيوان بغض النظر عن حجمه أو شكله، فالعطف على الحيوانات إن كان حيوانك الأليف أو الحيوانات الأخرى ورعايتهم من قبل طفلك في سن مبكرة؛ يغرز لديه محبة الآخرين والاعتناء بمن حوله.
معظمنا شاهد رد فعل طفل صغير عندما يرى حيواناً، فتسمعه يصرخ فرحاً لرؤية قطة تركض أو يرمي حجراً على كلب ينبح أو يحاول لمس أغنام تسير إلى جانب الطريق، فهل يمكن توقع تصرف هذا الطفل عندما يقترب من هذا الحيوان؟ الإجابة ببساطة، كلا.
يختلف هذا السلوك من طفل إلى آخر ولا يمكنك توقع تصرفه قبل رؤية ما سيفعله، لذا من المهم جداً تعليمه كيفية التصرف والتعامل مع الحيوانات بمختلف أنواعها، وهنا بعض النصائح التي يجب عليك تجربتها مع أطفالك لتعلمهم السلوك الصحيح والتعامل السوي مع الحيوانات: [1]
- لا تسحب أذني الحيوان أو ذيله.
- لا تضرب أو تحاول دعس حيوان، قد يشعره بالخوف والذعر من الحيوان بسبب تصرفهم.
- عدم الاقتراب من الحيوان عندما يهسهس أو يكون غاضباً.
- طلب الأذن قل الاقتراب من حيوان أليف، ليس فقط من باب احترام الآخرين وأصول التعامل الاجتماعي، ولكن أيضاً لأن مالك الحيوان الأليف يعرف إن كان تعامل الطفل مع الحيوان آمناً لكليهما.
قد تبدو مسألة الرفق بالحيوان نوعاً من الترف الاجتماعي بالنسبة للبعض، لكن ما يجب أن تعرفه أن تعليم الأطفال الرفق بالحيوان هو جزء أساسي من تربيتهم على احترام بيئتهم التي يعيشون فيها بكل عناصرها، بل أن السلوك العدواني الذي يبديه بعض الأطفال تجاه الحيوانات قد يكون مؤشراَ خطيراً على اضطرابات الشخصية وأبرزها اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، ويمكن تلخيص أهمية تعلم الطفل الرفق بالحيوان:
إلى جانب السلوكيات التي يجب تلقينها لأطفالنا يمكننا ترسيخها بتذكيرهم بالكلمة فهي أسهل وسيلة للتواصل مع أطفالنا، ونذكر هنا بعض عبارات الرفق بالحيوان: [3]
- كن عطوفاً مع الحيوان وارفق به، يكن لك صديقاً وفياً.
- يُعرف ما في قلب الرجل بمعرفة تعامله مع الحيوانات.
- يدرك بالرفق والعطف ما لا يدرك بالقوة والعنف.
- أفضل صديق للإنسان هو الحيوان، فهو لطيف، يظهر لك الحب والاهتمام إذا ما تلقاه دون سبب.
- الطيور دائماً تغني لأحبائها.
- عندما يرضى الله عن أعمالنا، يبعث لنا إشارات من الحيوانات والطيور والفراشات لتحوم حولنا وتشعرنا بالفرحة.
- لا تُنزع الرحمة إلا من شقي.
- الكلب هو الكائن الوحيد الذي يمكن أن يحبك أكثر من نفسه.
- إيذاء الحيوان والقسوة عليه يُعدّ غباءً، ببساطة فهو جريمة!.
- إذا كانت الروح تعني القدرة على الشعور بالامتنان والولاء والحب فالحيوانات أفضل من الكثير من البشر.
- ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، الراحمون يرحمهم الله.
- لا تحمّل الحيوان فوق طاقته، ولا تقم بتعذيبه أبداً.
- الرفق بالحيوانات والعطف عليها هي أول خطوة للرفق بأنفسنا.
- من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من الخير.
- إذا نظرت إلى عيني الحيوان جيداً ستعلم بكل تأكيد أنه مخلوق يشعر بكل شيء، فهو قادر على الحب والكره والعطف.
شعر عن الرفق بالحيوان مناسب للأطفال
وقد تغنّى الشعراء بالعديد من القيم والأخلاق الحميدة ومن بينها شعار الرفق بالحيوان والرحمة ومن أشهر تلك القصائد أبيات أمير الشعراء أحمد شوقي:
الحَيوانُ خَلقُ ... لَهُ عَلَيكَ حَقُّ
سَخَّــرَهُ اللَهُ لَكَ ... وَلِلعِبادِ قَبلَكَ
حَمــولَةُ الأَثقالِ ... وَمُرضِعُ الأَطفالِ
وَمُطعِمُ الجَماعَة ... وَخادِمُ الزِراعَه
مِن حَقِّهِ أَن يُرفَقا ... بهِ وَأَلّا يُـــرهَــقا
إِن كَلَّ دَعهُ يَستَرِح ... وَداوِهِ إِذا جُـــــرِح
وَلا يَجُـــــع في دارِكَ ... أَو يَظمَ في جِوارِكَ
بَهيمَةٌ مِسكينُ ... يَشكو فَلا يُبينُ
لِسانُهُ مَقطوعُ ... وَما لَهُ دُموعُ
لا يزال معظمنا متمسكاً بتلك الحكايات التي كان يسمعها من جدته أو والديه قبل النوم، وكيف انعكس تأثير تلك القصص على شخصياتنا، فلا نزال نشعر بالغبطة والبهجة حين نروي تلك القصص لأطفالنا، وكيف أنها غرست فينا قيم ومبادئ كانت الأساس الذي ترتكز عليه أخلاقياتنا وتصرفاتنا، ولا سيما تجاه الحيوانات فلا يخفى على أي أحد حب الأطفال للحيوانات ورغبتهم العارمة في معرفتها عن قرب، وكيف تلمع أعينهم عند سماع اسم حيوان يعرفونه مسبقاً ومن أشهر تلك القصص التي تعلمنا الرفق بالحيوان والعطف عليه:
- قصة الرجل الذي دخل الجنة في كلب: هذه القصة المستوحاة من السنة النبوية الشريفة، فقد قال رسول الله ﷺ :"إنّ الله غفر لرجل رأى كلباً كان يلهث من شدة العطش، فسقاه". فهنا يحثّنا الإسلام على أهمية الرفق بالحيوان وإطعامه وسقايته وتقديم الرعاية الطبية له عند الحاجة.
- قصة الجمل الذي شكى حزنه للنبي ﷺ: يقال أن النبي الكريم كان يسير مع أصحابه في أحد الأيام، فإذا به يمر بجمل يئن من الحزن، فنادى الرسول ﷺ صاحب الجمل وأمره برعايته والرأفة به وقال له: "إنه شكي كثر العمل وقلة العلف فأحسنوا إليه". فهذا هو النبي ﷺ الرحيم الذي نقتدي به ونتبع نهجه وسنته الذي أرسل رحمة للعالمين جميعاً ليس للبشر فقط بل لجميع الكائنات الحية.
- قصة المرأة التي دخلت النار بهرة: ومن الأحاديث التي تبين للأطفال أهمية الرفق بالحيوان ما روي عن النبي ﷺ أنه قال: "عُذّبت امرأة في هرّة ، سجنتها حتى ماتت ، فدخلت فيها النار ؛ لا هي أطعمتها ، ولا سقتها إذ حبستها ، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض". فكان تعذيب المرأة للقطة وحبس الماء والأكل عنها عملاً منكراً أوجب عليها أقصى العقوبة.
كنْ على دراية تامة كونك أباً أو أمّاً فأنت القدوة الأولى لطفلك ومثله الأعلى دوماً، لذا فمن أفضل الطرق التي يمكننا من خلالها تعليم الأطفال كيفية التعامل مع الحيوانات هي أن نظهر لهم سلوكيات العطف واللين تجاه الحيوانات.
فالطفل مراقب دقيق ويلاحظ السلوكيات بتفاصيلها الصغيرةثم يحاول تقليدها، يتعلم بسرعة ونهم وغالباً ما يكتسب المعرفة من سلوك والديه صحيحاً كان أم خاطئاً.
لكي تكون قدوة حسنة لطفلك اجعله يراقب تصرفاتك مع الحيوانات، كأن تقدم المساعدة لحيوان جريح أو تطعم قطةً جائعة أو تسقيها. هذه الطريقة رائعة للأطفال لتنمية مهاراتهم العقلية ونمو ذكائهم العاطفي، فيتعلمون كيف يكونوا عطوفين ورؤوفين مع الحيوانات وكيفية الاقتراب منها وكيفية مداعبتها.
كما أنّ ديننا الإسلامي حثنا على معاملة الحيوان معاملة حسنة لما له من فوائد لا تعد ولا تحصى بدءاً من تحقيق التوازن في الطبيعة إلى الاستفادة من بعضها كوسيلة نقل أو استخدامه طعاماً.
أمرنا بالرفق والرحمة بمخلوقات الله اقتداءً بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، قال عبد الله بن مسعود: كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا عصفورة معها فرخان، فأخذنا الفرخين. فجاءت العصفورة تعرّش (أي ترتفع وتظلّل بجناحيها على العشّ). فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "من فجع هذه في ولدها؟ ردوا وليدها إليها".
وأخيراً.. تحدّثنا عن أهمية العطف والرفق بالحيوان ومدى تأثير ذلك على شخصية الأطفال وأخلاقياتهم ومبادئهم في المستقبل، بالإضافة إلى تعليمهم كيفية التعامل مع الحيوان.