أعراض سرطان المعدة عند الأطفال
يبدأ سرطان المعدة بانقسام غير طبيعي للخلايا المعدية وتحولها لشكل شاذ غير فعال مما يجعل المعدة وهي العضو الهام في السبيل الهضمي في خطر ولاسيما عند الاطفال، ولذلك لابد من التعرف على سرطان المعدة والاحاطة بأسبابه لتجنبها ومعرفة طريقة التشخيص وأعراض المرض لتكون سبيل لمعرفة الاهل بوجود بوادر هذا المرض لدى طفلهم والكشف المبكر عنه، من ثم العمل على العلاج بالشكل الأنجع، وهذا ما سنخوض فيه في هذه المقالة.
يشمل السرطان الأمراض التي تجلى بنمو غير طبيعي في الخلايا، فتنقسم خارج رقابة الجسم وسيطرته وتختلف خطورته باختلاف العضو المصاب والدرجة التي وصل إليها المرض، ويعد السبب الثالث للوفاة عند الإنسان، وغالباً ما يكون له قدرة على الانتشار في كامل أعضاء الجسم في حال التأخر في العلاج أو فشله.
وما ينطبق على السرطان بشكل عام ينطبق على سرطان المعدة عند الأطفال، فهذا النمو غير الطبيعي يغزو خلايا المعدة عند الطفل المصاب ولاسيما الاجزاء العلوية منها، وقد يكون الورم في المعدة حميداً وغير قادر على الانتقال من المعدة الى باقي الاعضاء أو يكون هجومياً أي خبيثاً، ولابد من الإشارة الى أن سرطان المعدة مرض نادر عند من تقل أعمارهم عن 50 سنة.
أحياناً يعتبر سرطان المعدة مرض قاتل لأنه يتم تجاهل أعراضه لا سيما أنها تتداخل مع كثير من الأمراض الأخرى، لذلك لابد من معرفة أعراض المرض بشكل جيد لطلب مساعدة الطبيب فور حصولها مما يساعد في خفض نسبة الخطر، ومن هذه الأعراض:[4]
- عسر البلع: أي أنه لدى الطفل المصاب مشكلة في نقل الطعام من الفم باتجاه المعدة، ويعد سرطان المعدة أحد الاسباب التي تؤدي لصعوبة البلع، ويتوجب معالجة العرض بشكل سريع عند الطفل المريض لتفادي حدوث سوء التغذية أو الاختناق بالغذاء ودخوله لمجرى التنفس.
- حرقة المعدة: يوصف بأنه ألم حارق خلف عظم القص مباشرة يتفاقم بعد تناول الطعام أو عند الاستلقاء، وتحدث عندما يعود جزء من الحمض المعدي إلى المريء، وتشكل حرقة المعدة خطراً عند تزامنها مع أعراض هضمية أخرى.
- الشعور بالانتفاخ بعد تناول الطعام: يعد الشعور بالانتفاخ أمراً شائعاً ولاسيما بعد تناول أطعمة معينة كالبقوليات، إذ تتراكم الغازات في المعدة وتضغط على البنى المجاورة مما يشعر المريض بالضيق والألم، وعادة ما تزول هذه الغازات بعد فترة قليلة من الزمن، إلا أنه في حالات خطيرة تبقى هذه الغازات لفترة طويلة، ولابد عندها من استشارة الطبيب.
- الغثيان: يعد الغثيان عرضاً مشتركاً، أي أغلب أمراض جهاز الهضم ويشير الى الشعور بالتقيؤ، ويرتكز هذا الشعور في الحنجرة أو أعلى البطن، وتكمن خطورة التقيؤ بالتجفاف وخسارة السوائل ولاسيما عند الأطفال، وعادة ما يوصف الغثيان الناتج عن السرطان بأنه غثيان مستمر ولا ينتهي بتقيؤ.
- ألم البطن: والشعور بالامتلاء بعد تناول وجبة طعام، وفقدان الوزن والقيئ تعتبر أيضاً من الأعراض التي يجب الانتباه إليها والاستعانة بطبيب فور حدوثها وتزامنها مع الاعراض السابقة وعوامل الخطر.
تشخيص سرطان المعدة في مراحله الأولى يوفر فرصة كبيرة لتلقي العلاج في الوقت المناسب، وهنالك عدة طرق للتحري عن المرض بعضها يتطلب إحداث شق في البطن والدخول للمعدة وبعضها الآخر يكون بالاستعانة بالأشعة والليزر، ويبدأ التشخيص عادة عندما تظهر أعراض هضمية كالألم في المعدة وصعوبة البلع وربطها مع عوامل الخطر التي تعزز فرص الإصابة، ومن هذه الطرق المتبعة:
- تنظير المعدة: وهي الطريقة الأكثر شيوعاً في تشخيص سرطان المعدة، إذ يتم استخدام منظار مزود بكاميرة وضوء يدعى بالمنظار الداخلي للدخول الى المعدة للكشف عن وجود كتلة ورمية أو قرحة معدية أو تكثف في جدار المعدة الداخلي، وعادة ما يتم أخذ خزعة من جدار المعدة لفحصها مجهرياً.
- التصوير المقطعي المحوسب (Computed Tomography – CT)2_: فحص يتم إجراؤه بطريقة خاصة للحصول على صور عالية الجودة يتم تحليلها من قبل الحاسب، فيستخدم لمعرفة إذا ما كان السرطان قد انتشر خارج المعدة ولتحديد سماكة جدار المعدة، ويطلب من الوالدين البقاء بالقرب من طفلهم لتهدئته، فقد يستلزم الاجراء مدة تصل إلى 30 دقيقة.
- التنظير بالأمواج فوق الصوتية (التنظير الداخلي): في هذا الاجراء يدخل الطبيب أنبوبًا رفيعاً مزود بكاميرة الى المعدة مع أداة خاصة بالأمواج فوق الصوتية لالتقاط صور لمعدة الطفل، فيحدد الطبيب درجة اختراق السرطان لجدار المعدة والمرحلة التي وصل إليها.
- الجراحة الاستقصائية: تجرى عادة بوجود منظار وفتح عدة ثقوب صغيرة عبر البطن لإدخاله فيتم من خلال الكاميرة سبر أغوار المعدة والبطن وتحديد مدى انتشار السرطان عبر البطن إلى الصدر ومجاورات المعدة.
- اختبارات الدم: تستخدم لقياس وظائف الأعضاء ومدى احتمالية إصابة المعدة أو الاعضاء الأخرى بالسرطان.
تعتمد طريقة العلاج ومدتها على المرحلة التي وصل إليها المرض ومدى قبول الطفل المريض للعلاج وصحته العامة، ومن وسائل العلاج:
- الجراحة واستئصال المعدة: تهدف الجراحة إلى ازالة كامل الورم وجزء من المنطقة السليمة كعامل أمان، وقد تطال عملية الإزالة كامل المعدة أو جزء منها أو العقد اللمفية المحيطة بها فقط، وأحياناً قد تكون الجراحة وسيلة لتخفيف مؤشرات المرض وأعراضه عند الأطفال مرضى الدرجات المتأخرة من السرطان.
- العلاج الكيميائي: تعتمد على مواد دوائية كيميائية قوية جداً تقضي على الخلايا السرطانية داخل المعدة وخارجها، وتعطى غالباً عن طريق الوريد وتختلف آلية عمل هذه المواد تبعاً للمادة المشتقة منها، فبعضها يدمر الحمض النووي للخلايا السرطانية، وبعضها يخرب نواقل البروتينات والعضيات أثناء الانقسام.
ومن الممكن الاستعانة بالعلاج الكيميائي لتقليص حجم الورم قبل استئصاله بالجراحة أو حتى بعد الجراحة لضمان الشفاء الكامل وتبقى لها أثار جانبية سيئة تطال خلايا الجسم السليمة لدى الطفل، لذلك لابد من الاستمرار بإجراء الفحوصات لمراقبة تطور السرطان وإعطاء الطبيب فكرة عن عدد الجرعات المطلوبة والمناسبة. - الرعاية التلطيفية: توفر هذه الرعاية من قبل مجموعة من الأطباء والممرضين المتخصصين، وتهدف لتحسين حياة الطفل المصاب بالسرطان وأسرته وتخيف الألم، وتستخدم إلى جانب المعالجات السابقة كالجراحة والمعالجة الشعاعية، فتعطي أمل للمريض وقد يعيش لحياة أطول ويصبح تقبله للعلاج أكبر.
- المعالجة الشعاعية: تستخدم فيها الأشعة السينية والبروتونات ذات الطاقة العالية القادمة من جهاز مخصص يدور حول المريض ويوجه الأشعة نحو نقطة دقيقة في الجسم ليقضي على الخلايا من خلال تدمير مادتها الوراثية المسؤولة عن انقسام وتكاثر الخلايا السرطانية، مع محاولة تجنب تدمير الخلايا الطبيعية المجاورة والتي (في حال تدميرها) تمتلك قدرة على تجديد نفسها بشكل أكبر من الخلايا السرطانية المتعرضة للإشعاع.
- المعالجة المناعية: علاج دوائي يستخدم لمساعدة الجهاز المناعي في الجسم على التعرف على الخلايا السرطانية تنتج بروتينات تزيد من صعوبة تعرف الجهاز المناعي عند الطفل على الخلايا الشاذة في المعدة باعتبارها خلايا خطيرة يجب تدميرها، ويمكن استخدام المعالجة المناعية في حال تطور سرطان المعدة أو عودته مرة أخرى أو حتى انتشاره إلى أجزاء أخرى من الجسم.
لابد من معرفة طرق الوقاية من سرطان المعدة ومراعاتها قدر الإمكان ولاسيما عند الأطفال الذين تتوفر لديهم عوامل الخطورة المذكورة سابقاً:[2-3]
- اتباع نظام غذائي صحي: ويكون بتجنب الأطعمة المدخنة والمملحة التي تؤذي بطانة المعدة، وهي تعد الطبقة الحامية والدفاعية فيها مما يجعل المعدة أكثر عرضة للإصابة بالسرطان، ولابد من تناول الأغذية والفاكهة الطازجة بدلاً من المملحة أو المحفوظة لفترة طويلة في الثلاجة.
- معالجة عدوى جرثومة الملتوية البوابية: فيمكن للإصابة بهذه البكتيريا أن تغير طبيعة وشكل خلايا المعدة مما يجعلها عرضة للتحول إلى الشكل السرطاني غير الطبيعي، لذلك عند الشك بأعراض الاصابة بالجرثومة لا بد من استشارة الطبيب واتخاذ الإجراءات المناسبة قبل أن تتفاقم العدوى إلى سرطان، ويمكن تجنب الإصابة بالعدوى عند الأطفال بالاعتناء بالنظافة الشخصية وغسل الأيدي بعد الخروج من المرحاض وقبل تناول الطعام.
- الكشف المبكر والتمارين الرياضية: الذهاب إلى الطبيب فور الشعور بأعراض سرطان المعدة يلعب دوراً مهماً في الوقاية من تطور الأعراض والمرض إلى مراحل يصبح فيها العلاج غير فعال والمرض مميت، كما أن التمارين الرياضية قد تقي من الإصابة بسرطان المعدة.
- التحاليل الوراثية عند مرتفعي الخطورة: يوصي الأطباء الأشخاص الذين تتواجد لديهم قصة وراثية عائلية بالإصابة بسرطان المعدة بإجراء الاختبارات الوراثية، وإذا كانت هذه الاختبارات تشير إلى طفرة في الجين CDH1 من الممكن أن يتم استئصال المعدة كعامل وقائي، على الرغم من أن ذلك قد ينطوي عليه آثار على المدى البعيد على المريض.
- خفض الوزن: تشير الدراسات إلى أن اتباع حمية غذائية وتخفيض الوزن تنقص من خطر الاصابة بسرطان المعدة.
لابد من الإشارة الى أنه لم يتم تحديد أسباب سرطان المعدة بشكل واضح، إلا أنه يوجد مجموعة من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة به وتساعد بشكل أو بآخر على تطور المرض سواء عند الأطفال أو الكبار، ومن هذه العوامل:[1-2]
- جرثومة الملتوية البوابية: هي جرثومة تصيب السبيل الهضمي وتنتقل عبر الفم ويمكن أن تصيب 50 % من الأطفال، ولكنها عند معظم المصابين لا تسبب أي أعراض، إلا أن إصابة الطفل طويلة الأمد فيها قد تؤدي إلى تطور القرحة وسرطان المعدة.
- النظام الغذائي: يزداد خطر الإصابة بسرطان المعدة عند الإكثار من تناول الأغذية المملحة والمخللات التي تؤثر سلباً في مخاطية المعدة، وهذه المأكولات كثيرة الانتشار بين الأطفال، كما أن بعض الدراسات تشير إلى أن تناول اللحوم المصنعة واستخدام التبريد لحفظ الأطعمة تلعب دوراً في الاصابة بالمرض.
- السمنة والوزن الزائد: تزداد احتمالية الإصابة بسرطان المعدة عندما يعاني الشخص من السمنة، وهي ارتفاع مؤشر كتلة الجسم الى 30 وما فوق (يدل مؤشر كتلة الجسم على ناتج قسمة الوزن على مربع الطول ويرمز له BMI) لذلك يجب الحرص على التمارين الرياضية والطعام الصحي.
- جراحة المعدة وبعض الأمراض: لا بد من الإشارة إلى أن الخضوع لعمليات جراحية في المعدة سابقاً أو الإصابة ببعض الأمراض مثل فقر الدم والإيدز كلها تعد عوامل قد تزيد من خطر الاصابة بسرطان المعدة.
- متلازمة سرطان المعدة المنتشر: متلازمة نادرة تحدث في سن مبكرة عادة ويعود سببها غالباً الى طفرة في جين CDH1، وهو جين ورمي موجود في الصبغي 16ومعظم المصابين بهذه المتلازمة تتطور لديهم الإصابة بسرطان المعدة، وهنا تكمن أهمية ربط القصة العائلية الوراثية بتطور الأعراض عند الطفل وضرورة عمل التحاليل الوراثية لاكتشاف الخلل بهذا الجين الورمي.