-

مراحل الحزن في علم النفس ونموذج كيوبلر روس للحزن

مراحل الحزن في علم النفس ونموذج كيوبلر روس للحزن
(اخر تعديل 2024-09-09 11:09:39 )

يساعد فهم مراحل الحزن بالتعامل مع المشاعر السلبية وفهم تطورها، وقد اجتهد علماء النفس في تحديد مراحل الحزن التي يمرّ بها معظم الأفراد، وأشهر هذه التصنيفات هو التصنيف الخماسي لمراحل الحزن الذي وضعته كيوبلر روس عام 1969، والذي يبدأ بمرحلة الصدمة والرفض، مروراً بالغضب والمساومة والاكتئاب، ليصل إلى مرحلة التقبل والتأقلم.

الحزن هو شعور طبيعي فطري لا يمكن تجنبه لكن يمكن فهمه للخروج منه بسرعة، ويترافق الحزن مع مجموعة من المشاعر السلبية كالألم النفسي والشعور بالإحباط أو الخذلان، وحتى الآلام الجسدية ذات المنشأ النفسي، وقد رصد علماء النفس كيفية تطور مشاعر الحزن من بدايته "الصدمة" وحتى الوصول إلى مرحلة تقبّل الألم والتأقلم واستعادة التوازن.

يعتير نموذج كيوبلر روس من أشهر تصنيفات مراحل الحزن في علم النفس، والذي وضعته الطبيبة النفسية السويسرية الأميركية إليزابيث كيوبلر روس عام 1969 في كتابها الموت والاحتضار "On Death And Dying"، حيث يمر الحزن بخمسة مراحل تبدأ بالإنكار وتنتهي بالتقبل، لكن قدرة الأفراد على الانتقال بسرعة من مرحلة إلى أخرى وصولاً للشفاء أو التقبّل متباينة ومختلفة بشدة، تبعاً لنوع الصدمة والسمات الشخصية للفرد.

حسب نموذج كيوبلر روس تنقسم مراحل الحزن في علم النفس إلى خمس مراحل (بالإنجليزية: Five stages of grief)، هي الصدمة والإنكار، الغضب، المساومة، الحزن والاكتئاب، وأخيراً التأقلم أو التقبّل، وهذه المراحل تسلسلية غالباً يمرّ بها معظم الأشخاص بشكل متتابع، لكن المدة التي يقضيها الفرد في إحدى هذه المراحل وعمق كل مرحلة تختلف من شخص لآخر وحسب شدة الصدمة.

  • مرحلة الصدمة والإنكار أو الرفض (Shock and Denial):

    تبدأ هذه المرحلة بصدمة حقيقية، عند حدوث انفصال على سبيل المثال أو وفاة أحد المقربين، فقدان وظيفة، أو تشخيص مرض خطير، ويبدأ الفرد في رفض الواقع بعد التعرض للصدمة، ويقول مثلاً " نتائج التحاليل خاطئة" أو عند فقدان الوظيفة "سيتصلون بي بالتأكيد" ويمر الوقت دون أن يستوعب أو يصدق ما الذي حدث معه ويحاول إنكاره.
    يساعد الإنكار في بداية الصدمة من تخفيف ألم الخسارة وإعطاء الوقت الكافي لاستيعاب الخبر بشكل تدريجي فهو آلية دفاع نفسية ضد الألم، وتتفاوت المشاعر خلال هذه المرحلة من مراحل الحزن، فيشعر الشخص بالارتباك والخوف والقلق ويتصرف بسلوكيات طائشة غير واعية لما يحدث ويتجنب الحديث عن الحادثة التي مر بها ويحاول دائماً التظاهر أنه بخير.
  • مرحلة الغضب (Anger):

    المرحلة الثانية من مراحل الحزن في علم النفس تبدأ بعد استيعاب ما حصل، فكما كان الإنكار آلية للتكيف والتخلص من الألم، تأتي مرحلة الغضب لتخفي المشاعر والألم الذي يتحمله الفرد، فيقوم بإعادة توجيه الغضب ولوم الأشخاص من حوله، على الرغم من أنه يعلم خلال لحظات التفكير بشكل عقلاني أن الهدف من غضبه ليس إلقاء اللوم على أحد، وإنما محاولة التعبير عن الغضب، ويكون لدى الشخص في هذه المرحلة انفعالات من الصعب السيطرة عليها فيشعر بالغضب تجاه الأشخاص الذين يكملون حياتهم بشكل طبيعي.
    في هذه المرحلة من مراحل الحزن يضع الإنسان نفسه بمحطة تفكير بين الماضي والحاضر، ويكون الغضب بمثابة تفريغ للمشاعر وما يحدث داخل الروح ويكون الشخص بأمس الحاجة للمساعدة على الرغم من أن سلوكياته قد تمنع الأشخاص من التقرب منه والخوف من مجاراته.
  • مرحلة المساومة (Bargaining):

    مرحلة المساومة تعتبر مرحلة الدفاع والمقاومة ضد مشاعر الحزن، فقد يجد الشخص نفسه يبحث عن طرق استعادة السيطرة على نفسيته، فيقول "ماذا لو لم يحدث ذلك"، ويسيطر عليه اللوم فيقول "لو فعلت هكذا لما حدث ذلك"، لو عملت أكثر لما تركت العمل، لو ذهبت لطبيب آخر لكنت اكتشفت المرض بوقت مبكر وهكذا، ويسيطر العجز وقلة الحيلة مما يجعل الشخص يحاسب نفسه على تصرفاته السابقة ويحسب أخطاءه التي سببت له الألم والعقاب، فيفرط في هذه المرحلة بجلد الذات والتفكير والقلق والمقارنة بالآخرين، مما يجعل الشخص يشعر بانعدام الأمان والشعور بالذنب والخوف، وهذه المشاعر تقوده للمرحلة التالية من مراحل الحزن وهي الاكتئاب.
  • مرحلة الاكتئاب(Depression):

    الاكتئاب هو المرحلة العميقة من الحزن التي تجعل الفرد يعيش تجربته بشكل أعمق بكل أبعادها دون إنكار أو انتقاد كما حدث في المراحل السابقة، فهي مرحلة المواجهة الهادئة مع الواقع دون القدرة على تقبله، وترتهن مكاسب هذه المرحلة النفسية في أن يتجاوزها الفرد بعد أن يعطي نفسه الوقت الكافي ليعيشها دون أن يكابر أو يهرب، لأنه سيعيش ضريبة هذا بشكل قاسي فيما بعد.
    ويشعر الأفراد بهذه المرحلة باليأس والعجز وخيبة الأمل ويمكن أن تتغير سلوكياته وتنخفض طاقته الاجتماعية، ويحصل لديه تغيرات في الشهية، وقد يلجأ لسلوكيات تدمير الذات مثل تعاطى الكحول أو المخدرات أو ممارسة أنشطة خطرة، والبقاء لفترة طويلة في مرحلة الاكتئاب يتطلب تدخلاً تخصصياً للعلاج..
  • مرحلة التقبل (Acceptance):

    آخر مرحلة من مراحل الحزن التي يعيشها الفرد هي التأقلم والتقبل، وفي هذه المرحلة لا يوجد مقاومة أو محاربة لتغيير الوضع النفسي، تستمر مشاعر الحسرة والحزن ولكن مع درجة كبيرة من التقبل والتصالح مع الواقع، وقبول الخسارة لا يعني أن الفرد لم يعد حزيناً، فهنالك حالات من الفقدان يستمر ألمها طوال العمر كوفاة شخص عزيز، ولكن يصبح التعامل مع الخسارة أسهل بمرور الوقت، وهنا تبدأ مظاهر التأقلم بعد أن كان الألم قد شل روتين الحياة اليومي.
    ويتعلم الفرد في المرحلة الأخيرة كيف يواجه الحزن والفرح في حياته بشجاعة وحكمة، ويكون سلوكه مدروس وواقعي، ومثلاً عند فقدان الوظيفة يقول "هذا كان خياراً جيداً لأجد عمل أفضل وأطور من نفسي". [1-2-3-4]
  • مع تطور مفاهيم علم النفس تم تقديم نموذج مشابه عن مراحل الحزن، لكنه يتضمن تفصيل أكبر حيث شمل الحزن سبع مراحل على الشكل التالي:

  • الصدمة والحرمان: تبدأ هذه المرحلة عندما يبدأ ألم الخسارة بالظهور وهي لا تختلف عن المرحلة الأولى من تصنيف المراحل الخمسة للحزن، حيث يكون فيها الفرد تحت تأثير الصدمة، ويقوم بنكران الخسارة ورفض الواقع.
  • الألم والشعور بالذنب: في المرحلة الثانية من هذا التصنيف يصف علماء النفس مشاعر الألم بعد تلقي الخسارة، فيشعر الفرد بالذنب ويبحث عن أسباب الخسارة وعمن يلقي اللوم عليه، ويعيش حالة شديدة من الألم النفسي والعاطفي والذي يحتاج خلالها إلى العائلة والأصدقاء والدعم العاطفي.
  • الغضب والمساومة: هي المرحلة التي يعبر فيها الأشخاص عما يشعرون به ويقومون بتفريغ الألم النفسي بالغضب أو العزلة، أو يحاولون التخلص من غضبهم وتعبهم بالتقرب من الله، والربط بين الذنوب أو الأفعال السيئة التي قاموا بها في حياتهم وبين ما حصل لهم كعقوبة.
  • الاكتئاب والشعور بالوحدة: في التقسيم الجديد لمراحل الحزن أعطي الشعور بالوحدة مرتبة خاصة، باعتبار أن نسبة كبيرة من الأشخاص الذين يتعرضون لألم نفسي يدخلون في مرحلة من الاكتئاب والعزلة، ويختلف بينهم الوقت الزمني الذي تستغرقه هذه المرحلة.
  • الانعطاف إلى الأعلى: مرحلة الانعطاف إلى الأعلى هي عبارة عن الخط الأولي الذي يفصل بين نهاية الشعور بالغضب والحزن مع العودة للواقع والتفكير العقلاني، فيبدأ الفرد التفكير بترميم نفسه وجمع شتات نفسه، ويدخل في حالة من الهدوء والاسترخاء.
  • إعادة الإعمار: تتمثل هذه المرحلة بإعادة تنظيم الروتين الطبيعي للفرد ومحاولته مسح آثار الحزن والألم واليأس، والتأقلم مع الواقع للاستمرار في حياته بشكل طبيعي قدر الإمكان.
  • القبول والأمل: المرحلة الأخيرة التي تنتهي بها مراحل الحزن السبعة، وهنا يصل الفرد إلى مرحلة من فهم الواقع وتقبله، وأن الشيء الذي فقده لن يعود فيحاول التأقلم مع هذه الفكرة، ويشعر بالأمل من جديد ليصنع سعادته بنفسه وهذا لا يعني نسيانه لما حصل وإنما قدرته على تجاوزه. [1-4]
  • فهم مشاعر الحزن وتطورها: أول خطوة لتجاوز الحزن بسرعة أن تفهم مشاعر الحزن وكيف تتطور لتصل إلى نهايتها، الوعي بمراحل الحزن يساعد على تقليل المشاعر السلبية المرتبطة بلك مرحلة، كما يجعل الانتقال من الحزن الشديد إلى التقبّل والتأقلم أسرع وأسهل.
  • تفريغ المشاعر السلبية بالكتابة: هناك الكثير من تقنيات تفريغ المشاعر السلبية التي تساعد على الشفاء من الحزن والألم بسرعة، ربما يكون أفضلها الكتابة! حاول كتابة مشاعرك على الورق بشكل يومي، لا ضرورة لإعادة قراءة ما تكتبه، بل أن بعض مدربي مهارات الحياة ينصحون بحرق هذه الأوراق بعد كتابتها، وكأنك تتخلص من الأفكار السلبية للأبد.
  • ممارسة الرياضة: تعتبر الرياضة من أهم طرق تجاوز مراحل الحزن بسرعة، فهي تساهم في تفريغ الغضب والطاقة السلبية، كالركض أو الملاكمة أو التمارين البسيطة، كل هذه الرياضات تساعد في التخلص من الحزن، ومن جهة أخرى ممارسة اليوغا من أهم أنواع التمارين الرياضية لتجاوز الحزن لأنها تساهم في تخفيف التوتر وتحفيز إنتاج السيروتونين وهو هرمون السعادة، كما تعزز من الطاقة الإيجابية.
  • الانشغال بأعمال مفضلة: يتم تجاوز مراحل الحزن بسرعة من خلال مساعدة النفس بالانشغال عن التفكير، سواء كان بممارسة هواية معينة كالرسم أو العزف، أو الخروج في رحلة لعدة أيام إلى مكان هادئ، أو مشاهدة أفلام مميزة، وغيره من الأعمال المفضلة التي تساهم بتعديل المزاج.
  • التطوع في أعمال خيرية: الأعمال الخيرية من الأعمال التي تعطي أمان وسلام داخلي لذلك يمكن اللجوء إلى التطوع في هذه الأعمال للابتعاد عن الحزن والشعور بأن الفرد يقضي وقته بشيء مفيد وله أجره وثوابه الذي يبعد عنه الحزن، فيمكن الذهاب لدار أيتام أو تنظيم مجموعة غذائية لتتوزع على الفقراء، أو جمع تبرعات وغيرها من الأعمال الخيرية.
  • محاولة الانشغال بالعمل: اللجوء إلى العمل وإعطائه وقت كبير يعد من سبل الهروب من التفكير في الحزن، والاعتياد على روتين جديد وتقبل الواقع بعد الخسارة، خاصة وأن العمل الطويل مُتعب جسدياً مما يجعل الفرد يحتاج لوقت أطول في النوم وبهذه الطريقة لا يكون لديه وقت للتفكير فيما حدث.
  • الخروج مع الأصدقاء: من طرق الانشغال عن التفكير أيضاً هو الخروج مع الأصدقاء خاصة وأن التنزه يعطي طاقة إيجابية عالية، والوجود ضمن مجموعة من الأصدقاء المقربون تجعل الشخص يضحك ويتفاعل وينسى ما حدث معه ولو لفترة قصيرة فكلما شعر الفرد أن التفكير في الحزن قد سيطر عليه وجعله يدخل في حالة من الاكتئاب يمكنه أن يخرج مع الأصدقاء وللطبيعة ليعزز من طاقته.
  • استشارة أخصائي: في حال وجد الفرد نفسه محاط بالأفكار السلبية بعد محاولات عديدة لنسيان الألم يمكنه اللجوء إلى أخصائي نفسي يساعده في تجاوز مراحل الحزن ويرشده إلى الأفعال التي يجب أن يقوم بها ليشعر بالراحة. [5]
  • لا تجبره على التحدث: عندما تريد مساعدة شخص حزين فالخطوة الأولى والأهم أن تتركه ليتكلم من تلقاء نفسه عندما يرتاح نفسياً لك، فمن أسوء الطرق للتقرب من الشخص الحزين هو إجباره على التكلم، لذلك يجب الانتظار حتى يشعر أنه قادر على البوح عما بداخله، وما يحزنه وعندها يمكن تقديم النصيحة التي تساهم في وصوله للاستقرار النفسي.
  • فهم أسباب حزنه وتجنب الاستهزاء بحزنه: يجب فهم أسباب حزن الفرد لمحاولة إيجاد الطريقة الصحيحة للتعامل معه، وهنا يجب ألا يتم تغيير مفهومه عن المشكلة أو إظهار أنه على خطأ، أو أن الأمر الذي يحزن عليه لا يستحق هذا العناء، فهو لا يحتاج لإصلاح أخطاؤه وإنما فهم معاناته، فيمكن مساعدته فقط بسماعه والإنصات له بشكل جيد وعندها إن طلب المساعدة يمكن تقديم النصائح.
  • احترام مساحته الشخصية: على الرغم من أهمية مساعدة الشخص الحزين وعدم تركه يعاني لوحده خاصة إن كان من الأشخاص المقربين، إلا أنه يجب احترام مساحته الشخصية، والنزول عند رغبته سواءً قرر مشاركة همومه معك أو قرر الاحتفاظ بأسراره، فاحترام خصوصيته سيعزز الثقة بينكما، مما يجعلك خياره الأول عندما يقرر أن يتكلم.
  • مساعدته على تغيير مزاجه السيء: بعيداً عن أي ضغط على الشخص الحزين لجعله يتكلم يمكن التغاضي عن المواقف التي تحصل معه ومحاولة إخراجه من الحزن بتغيير مزاجه سواءً بالخروج لمكان مفضل إليه أو دعوة أصدقاؤه المقربين أو ممارسة أي عمل يدخل إلى قلبه السعادة.
  • تغذيته عاطفياً: بشكل عام يحتاج جميع الأشخاص خلال حزنهم إلى العاطفة، فمهما كانت شخصية الفرد ناضجة واعية وواقعية إلا أن في بعض المواقف الحزينة يحتاج إلى تغذية عاطفية خاصة عند فقدان شخص عزيز، وهنا من المهم دعم الشخص الحزين عاطفياً باحتضانه ومواساته وعدم لومه على أي فعل قام به، وتذكيره بذكريات سعيدة، أو صنع حلويات مفضلة له تزيد من سعادته، وفي حالات أخرى يمكن فقط إعطاؤه فرصة ليبكي ويفرغ كل ما بداخله من ألم بالبكاء وهذا يكون أفضل من إخفاء الحزن الذي يكون له تبعات نفسية شديدة. [5]
  • المصادر و المراجعaddremove

  • مقال Kimberly Holland "مراحل الحزن: ماذا تريد أن تعرف" منشور في healthline.com تمت مراجعته بتاريخ 20/1/2023
  • مقالCaitlin Stanaway "مراحل الحزن قبول غير المقبول" منشور في washington.edu تمت مراجعته بتاريخ 21/1/2023
  • مقال Kristen Rogers "خمس مراحل للحزن وكيفية تجاوزها" منشور في edition.cnn.com تمت مراجعته بتاريخ 22/1/2023
  • مقال Jodi Clarke "مراحل الحزن الخمسة" منشور في verywellmind.com تمت مراجعته بتاريخ 23/1/2023
  • مقال MCKENZIE TERRY "كيفية ابتهاج شخص ما: واحد وخمسون طريقة لجعل صديق يبتسم" منشور في teenvogue.com تمت مراجعته بتاريخ 24/1/2023
  • أحدث أسئلة قضايا نفسية