علامات الذكاء عند الرضع وتنمية ذكاء الطفل الرضيع
عندما ننظر إلى عيون وحركات أطفالنا منذ الولادة ونبحث عن علامات الذكاء لديهم، ونتفاءل بكل نظرة أو صوت أو حركة، متأملين أن تكون دلالة من دلالات ذكاء الرضع! وترادونا جميعاً الأسئلة نفسها؛ هل الأطفال يفكرون؟ كيف يفكر الطفل الرضيع؟ وبماذا يفكر الطفل الرضيع؟ كيف أعرف أن طفلي ذكي؟ وكيف أنمي ذكاء طفلي الرضيع؟
في هذا المقال سنشرح طريقة تفكير الطفل الرضيع وسنفصل علامات الذكاء عند حديثي الولادة وكيفية تنمية ذكاء الطفل الرضيع باستخدام طرق وتمارين وتقنيات بسيطة وألعاب تطور ذكاء الطفل وتنمي قدراته المعرفية والإدراكية والعقلية وغيرها.
كيف يفكر الطفل الرضيع؟
هل الأطفال يفكرون؟ هل يفكر الطفل حديث الولادة؟ إن كانت الإجابة نعم، بماذا يفكر الطفل الرضيع؟ أو ما هي خصائص أو كيفية تفكير الطفل الرضيع؟ 90% من الأربطة العصبية في دماغ الطفل تتكون قبل عمر 3 سنوات، و10% تتكون بين عمر 3 سنوات و6 سنوات.
لا يفكر الأطفال مثل الكبار، لأن أدمغتهم تبقى في مرحلة التطور والنمو حتى السادسة من عمرهم. لكن هذا لا يعني أن الطفل لا يفكر، فالطفل الرضيع يبدأ بالتفكير منذ لحظة خروجه إلى هذا العالم، وتسمى أفكار حديثي الولادة أو الرضع الأفكار الأولية (Proto-thoughts)، وهي الأفكار التي تستند إلى الأحاسيس أو التجارب الحسية مثل الجوع والنوم والبرد والألم.
إن عقل الطفل حساس لما يحدث حوله لكنه غير واعٍ، فالطفل ما زال غير قادر على تجسيد كل ما يراه بالصور أو الكلمات، وبالتالي هو غير قادر على التفكير أو الحفظ مثل الكبار.
يبدأ الرضيع بالقيام بحركات إرادية في الشهر الرابع من عمره، ويتمكن من مراقبة محيطه من موقع أكثر وعياً، ومن هنا تنطلق قدرة الطفل على إدراك إمكانيات جسده وتعلم كيفية استغلالها، ويبدأ معها تطور الطفل المعرفي أو الإدراكي. وبالتالي يمكننا القول أن النمو النفسي للطفل يتطور بالتوازي مع النمو البيولوجي، فكلاهما بحاجة إلى الآخر لضمان تطور ونمو الطفل الرضيع بطريقة متكاملة وسليمة.
بين عمر 4 و5 شهور، يكون الطفل قد تعلم العلاقة بين السبب والنتيجة، وبين عمر 6 و7 شهور تتطور ذاكرة الطفل ويصبح أكثر وعياً بنتائج أفعاله، فيبدأ بربط أنشطة أو أفعال معينة بأحاسيس مبهجة أو ممتعة، وأفعال أخرى بأحاسيس مزعجة، فيتمكن على سبيل المثال من ربط اللعب بالرضا والفرح، وربط الجوع بعدم الارتياح. ويبدأ بإسقاط هذه العلاقة على التجارب المختلفة، من خلال تذكر هذه التجارب وربطها بمشاعر مماثلة أصبح أكثر وعياً بها. [1]
تقلق الأمهات من وجود مشاكل في الذكاء عند الطفل، لذلك تصلنا بعض الأسئلة على موقع حلوها حول علامات ذكاء الرضيع، مثل "كيف أعرف أن طفلي ذكي؟"، "ما هي علامات ذكاء الطفل عمر شهرين؟"، "كيف يتم اختبار ذكاء الطفل في الشهر السادس؟"... وما إلى ذلك!
يوجد علامات عامة تدل على ذكاء الأطفال في أعمارهم المختلفة، ولكن حاولت بعض البحوث تحديد علامات ذكاء الأطفال في عمر الرضاعة بشكل خاص، من خلال دراسة ما إذا كانت بعض خصائص الرضيع تدل على الموهبة والذكاء، حيث وجدت إحدى هذه الدراسات التي ركزت على مفهوم التعود، أن بعض الأطفال انجذبوا إلى المحفزات المألوفة التي اعتادوا عليها مسبقاً، بينما فضّل البعض الآخر المحفزات الجديدة واعتادوا عليها أسرع من غيرهم، وهذا يدل على قدرتهم على امتصاص المعلومات الحسية والاحتفاظ بها بطريقة مختلفة.
لوحظ أيضاً أن هؤلاء الأطفال ركزوا في المحفزات غير المألوفة لفترات زمنية أطول من غيرهم ممن حولوا تركيزهم باتجاه آخر أو لم يكونوا محددين باستجابتهم. ويشير رد فعلهم إلى قدرة أكبر على ترجمة الأحاسيس إلى إدراك؛ وهي العملية العقلية لاكتساب المعرفة، والفهم من خلال الفكر والخبرة والحواس.
في التقييم النهائي للدراسة، ذكر الباحثون أنه عند إخضاع هذه الشريحة من الأطفال لاختبارات الذكاء القياسية في عمر الثامنة، تم تصنيفهم على أنهم موهوبون. [2]
كيف أعرف أن طفلي ذكي؟ وما علامات ذكاء الطفل الرضيع؟
بعد أن تعرفنا على أهم علامات الذكاء عند حديثي الولادة، من المهم أن نعرف كيفية تنمية ذكاء الطفل الرضيع.
كيفية تنمية ذكاء الطفل الرضيع
تحدثنا في مقال سابق عن كيفية رفع مستوى ذكاء الطفل، وفي مقال آخر عن تطوير الإبداع عند الأطفال، وهذه المحاور نفسها هي ما سنتحدث عنها في هذا القسم، ولكن سنختص في كيفية تنمية الذكاء عند المواليد الجدد والأطفال الرضع.
إليك عزيزتي الأم مجموعة طرق وتمارين وألعاب تنمي ذكاء الطفل الرضيع في الشهور الأولى من عمره، وتساعد على تطوير دماغه وقدراته:
- التواصل البصري مع الطفل: انظري في عيني طفلك واجعليه ينظر في وجهك جيداً كي يتعلم إدراك تعابير الوجه.
- تعليم الطفل حركة اللسان: أخرجي لسانك وحركيه باتجاهات مختلفة وامنحي طفلك مساحة من الوقت كي يستوعب ما تفعلينه ويحاول تقليدك. تدريب الطفل على السيطرة على حركة لسانه سيساعد في تطوير قدرته على الكلام والأكل.
- تعليم الطفل لفظ الكلمات: الفظي الكلمات أمام الطفل بنبرة صوت محببة، وبحركة فم واضحة كي يتعلم طريقة نطق الكلمات السليمة.
- الحديث مع الطفل: تحدثي مع طفلك منذ أيامه الأولى، فالحديث مثل القراءة، يغني مخزون الطفل، ويزيد قدرته على التعبير، ويطور لديه القدرات العقلية ومهارة الاستماع. أظهرت الدراسات أنه كلما زاد عدد الكلمات التي يسمعها الطفل قبل سن الثالثة، كلما ارتفع معدل ذكائه. إضافة إلى تعليم الطفل مشاركة الأخبار والأحاديث مع الأهل وتعميق العلاقة بينه وبينكم. تحدثي معه عن أفكارك وأحداث اليوم، واشرحي له ما تفعلينه أمامه، أشيري بأصبعك إلى الأشياء التي يراها والفظي أسماءها بوضوح، وصفي أشكالها واستخداماتها وألوانها…. إلخ.
- القراءة للطفل:اقرئي لطفلك؛ لا يوجد طفل صغير على القراءة، حتى الجنين في الرحم يسمع ويتعلم. عانقي طفلك واقرئي له قصصاً مصورة منذ أيامه الأولى كي يربط القراءة بالحب وبالتجارب الإيجابية والشعور الجيد. القراءة للطفل ستعلمه مهارة الاستماع وستطور قدراته العقلية وستغني مخزونه اللغوي وقدرته على التعبير.
- اللعب والضحك مع الطفل: كما قلنا سابقاً، الطفل السعيد طفل صحي! اضحكي مع طفلك، دغدغي قدميه، العبي معه بالدمى، أخفي وجهك وأظهريه له (Peek A Boo) مع صوت لطيف، كل هذه الألعاب وغيرها ستعزز الصلة والثقة بينك وبينه وستخلق بينكما علاقة صحية سيعتمدها مثالاً لعلاقاته القادمة في حياته، مما سيجعله أكثر قدرة على تكوين الصداقات والتواصل مع الآخرين والعمل ضمن فريق وبناء علاقة رومانسية صحية.
كما أن هذه الألعاب كلها تنمي شخصية الطفل ومهاراته الحركية والإدراكية والعقلية وذكاءه الاجتماعي والعاطفي وقدرته على إيجاد الحلول. - منح الطفل الحب:عانقي طقلك وامنحيه الحب والحنان ليشعر بالأمان وليتطور لديه الإحساس بالأمان اللازم خلال مشوار حياته. دماغ الطفل لا يعمل بشكل جيد ولا يتعلم في ظل عدم الشعور بالأمان.
- منح الطفل حرية الخيار: امنحي الطفل الفرصة للاختيار بين عدة ألعاب أو دمى، مع الحرص طبعاً على أن تكون مناسبة لعمره ولا تشكل أي خطر عليه. نوعي الألعاب التي يراها ويلمسها الطفل؛ ألوان وأشكال وأقمشة وأحجام وأصوات مختلفة. منذ عمر 3 شهور، قد يظهر الطفل تفضيله لألعاب عن ألعاب أخرى.
- تعليم الطفل اللغات: إذا كان طفلك يعيش في منزل يتحدث أهله لغتين أو أكثر، فهو طفل محظوظ، لأنتعلم اللغات يطور قدرات الطفل العقلية. الطفل منذ عمر صغير جداً لديه قدرة كبيرة على تعلم عدة لغات والتحدث بها بطلاقة!
- الموسيقى والغناء للطفل: غني لطفلك أغان هادئة وأخرى حماسية، وأريه تعابير وجهك وحركتك خلال الغناء، وهزيه مع الغناء حسب عمره، وأسمعيه أنواعاً مختلفة من الموسيقى. الأوركسترا والموسيقى الكلاسيكية لهما تأثير إيجابي على الطفل وذوقه الفني وإبداعه.
- تدريب الطفل على الحركة:التمارين الرياضية مهمة جداً لصحة الطفل الجسدية والنفسية والعقلية. الحركة وظيفة معقدة للدماغ وتحريك الأطفال في وقت مبكر يسرع نموهم المعرفي والجسدي. مارسي الرياضة أمام طفلك كي يقلدك عندما يكبر فتصبح الرياضة جزءاً أساسياً من أسلوب حياته. حركي قدمي طفلك ويديه منذ الشهور الأولى من عمره، وضعيه على بطنه، واحرصي على تحريكه أكثر وأكثر كلما كبر بالعمر.
- الرضاعة الطبيعية: أرضعي طفلك رضاعة طبيعية إن استطعت، فالدراسات أثبتت وجود رابط بين الرضاعة الطبيعية والتطور الإدراكي عند الطفل. هذا إضافة إلى أثر الرضاعة الطبيعية الإيجابي على مناعة الطفل وصحته الجسدية والنفسية.
- إخراج الطفل من البيت: ضعي طفلك في العربة وامشي معه في الحديقة كي يتعرض لأشعة الشمس الدافئة والنسيم العليل، ويرى الناس والطبيعة والألوان والحيوانات، ويسمع صوت العصافير والحياة، وافسحي له المجال كي يتعرف على الناس وينظر في وجوههم ويتفاعل معهم.
- منح الطفل الهدوء: امنحي طفلك مساحة هادئة وحرة. اصمتي وأوقفي الضجيج والحركة، وضعيه بوضعية مريحة على الأرض أو السرير، واتركي له حرية الاسترخاء والاستمتاع بوقت مستقطع مريح.
ما يجب عليك معرفته سيدتي هو أن الطفل يولد بمهارات قليلة جداً، ويعتمد خلال شهوره الأولى على والديه بشكل كامل، إلا أن دماغه يتميز بقدرة كبيرة على الاستجابة للمحفزات البيئية المختلفة، وتزداد سعة الطفل العقلية وقدراته الذهنية بازدياد المحفزات الحسية والتجارب التي يشهدها جسده.
لذلك عليك مساعدة طفلك على استكشاف المزيد مما حوله في هذا العالم، فكلما اكتشف أكثر، كلما زادت التجارب التي يعيشها، وكنتيجة يزيد وعيه وإدراكه وذكاؤه وتطوره العقلي. [1]
الفترة بين الولادة حتى سن 6 سنوات هي المرحلة الأساسية والأهم لنمو الدماغ السريع، وأي تأثير يحدث خلال هذه المرحلة يبقى مع الطفل طوال حياته، لذلك، فإن تعرض الطفل للمواد والمحفزات المناسبة في سنوات عمره الأولى يمكن أن يتسبب في نمو الأربطة العصبية عنده بشكل كبير، مع آثار إيجابية طويلة المدى على صحته الجسدية والنفسية ومرونته العاطفية وقدرته على التعلم والإنجاز.
ما ذكر أعلاه هو بعض النصائح حول كيفية تقوية ذكاء الطفل أو رفع مستوى ذكاء الطفل الرضيع منذ ولادته. كلما عرضت طفلك لتجارب أكثر، زاد ذكاؤه وتطورت قدراته؛ تحدثي مع طفلك، غني واقرئي له، ارقصي والعبي معه، ضعيه أمام المرآة كي يرى انعكاس صورته، أريه مجموعة من صور العائلة كي يربط الصور بالوجوه، أبعديه عن التلفاز وشاشات التكنولوجيا المختلفة، احرصي على تغذيته تغذية صحية وسليمة، واستجيبي لبكائه عندما يحاول أن يخبرك أنه يحتاج الطعام أو النوم أو تغيير الحفاض أو غيره. والتزمي بمراجعات الطبيب الدورية والمطاعيم الأساسية لحديثي الولادة والرضع، ولا تترددي باستشارة الطبيب المختص في حال لاحظت أي تأخر في تطور مهارات الطفل. [4،5،6]
ختاماً، ذكرنا لك عزيزتي الأم في هذا المقال علامات الذكاء عند حديثي الولادة، وكيف يفكر الأطفال الرضع، وطرق تنمية ذكاء الطفل الرضيع. في حال كان لديك أية أسئلة أو استفسارات، يمكنك طرح اسؤالك هنا أو مشكلتك هنا.