تجارب متقدمة لعلاج "التلاسيميا" في لبنان
تُعد هذه الدراسة واحدة من أولى الدراسات التي تثبت فعالية العلاج الفموي المعدّل لمرض التلاسيميا، حيث لا يعتمد على نقل الدم سواء من النوع بيتا أو ألفا. إن هذا العلاج الجديد المعروف باسم "ميتابيفات" يحمل في طياته آمالاً كبيرة ليصبح علاجًا ثوريًا لهذا الاضطراب المزمن.
حققت المرحلة الثالثة من التجربة السريرية لعلاج مرض "التلاسيميا" تقدمًا هامًا على مستوى العالم، وذلك بعد أكثر من عقد من التجارب التي أجرتها الجامعة الأميركية في بيروت، ومركز الرعاية الدائمة، بالإضافة إلى مركز التلاسيميا في لبنان، تحت إشراف الدكتور علي الطاهر. وقد تم نشر نتائج هذه التجارب في مجلة "ذا لانسيت" الطبية الأميركية.
ركزت الدراسة والتجارب السريرية على استخدام عقار "ميتابيفات" لعلاج التلاسيميا غير المعتمدة على نقل الدم (NTDT)، مشيرةً إلى تقدم كبير في رعاية مرضى التلاسيميا على مستوى العالم.
يُعتبر مرض التلاسيميا اضطرابًا وراثيًا يؤثر على خلايا الدم، حيث يتميز بانخفاض مستوى الهيموجلوبين وانخفاض عدد كريات الدم الحمراء عن المعدل الطبيعي، مما يؤدي إلى ظهور أعراض الأنيميا مثل الإجهاد والتعب. يعود ذلك إلى نقص الهيموجلوبين، وهي المادة المسؤولة عن نقل الأكسجين في خلايا الدم الحمراء.
حملت الدراسة عنوان "تجربة المرحلة الثالثة لميتابيفات في التلاسيميا ألفا أو بيتا غير المعتمدة على نقل الدم"، حيث قادها الدكتور علي طاهر، أستاذ الطب في قسم أمراض الدم والأورام ومدير معهد نايف خ. باسيل للسرطان، والذي عمل كمحقق رئيسي عالمي.
الزوجة الأخرى الحلقة 11
العلاج الفموي المعدّل لمرض التلاسيميا
إن هذه الدراسة تمثل خطوة رائدة في إثبات فعالية العلاج الفموي المعدّل لمرض التلاسيميا غير المعتمدة على نقل الدم، ما يجعل "ميتابيفات" عقارًا قد يحدث ثورة في طريقة علاج هذا الاضطراب المزمن.
قال الدكتور علي طاهر: "إن نشر هذه الدراسة ليس مجرد إنجاز علمي فحسب، بل هو دليل على قدرة لبنان على قيادة التقدم الطبي الرائد، والذي من شأنه تغيير معايير الرعاية الصحية العالمية. وأنا فخور بأن التجربة هي من تصوّر وقيادة وإنتاج الجامعة الأميركية في بيروت ومركز الرعاية الدائمة."
إن التلاسيميا غير المعتمدة على نقل الدم هي واحدة من الأمراض الدائمة التي تؤدي إلى فقر الدم المزمن. ورغم أن المصابين بهذا المرض لا يحتاجون إلى نقل دم، إلا أنهم يعانون من فقر الدم المزمن، والمضاعفات المرتبطة به، بما في ذلك فرط الحديد وانخفاض جودة الحياة. وبالرغم من ذلك، لا تزال خيارات العلاج المتاحة لهذا المرض محدودة حتى اليوم.
المرحلة الثالثة من التجربة السريرية
يخضع عقار "ميتابيفات" حاليًا للمراجعة من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) للحصول على ترخيص تسويق. وفي حال تمت الموافقة عليه، سيصبح أول علاج فموي معدِّل لمرض التلاسيميا غير المعتمدة على نقل الدم معتمدًا من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية، مما يوفر خيارًا علاجيًا يحسن حياة آلاف المرضى حول العالم.
حققت المرحلة الثالثة من التجربة السريرية جميع أهدافها الأولية والثانوية، مما يدل على وجود تحسن كبير إحصائيًا وسريريًا في مستويات الهيموجلوبين، إلى جانب النتائج الإيجابية من حيث السلامة وإمكانية التحمل.
عقد من البحوث
يأتي هذا الإنجاز تتويجًا لأكثر من عقد من البحوث، ابتداءً من إعادة تعريف المرض، وصولاً إلى فهم مخاطر الإصابة والوفيات الناجمة عن فقر الدم غير المعالج وزيادة الحديد. ويستند هذا المشروع إلى الجهود العالمية السابقة التي أسفرت عن الموافقة على علاجات رئيسية، بما فيها إزالة الحديد من خلال تجربة "ثالاسا" وعقار "لوسباتيرسيبت" من خلال تجربة "بي يوند".
كان لرؤية وقيادة الدكتور علي طاهر، المسؤول عن الدراستين، دور فعّال في تغيير الأسلوب المعتمد عالميًا لرعاية مرض التلاسيميا. وقد اضطلع الدكتور طاهر، المعروف على نطاق واسع بأنه من أبرز الخبراء في هذا المجال، بدور محوري في تطوير معايير العلاج وتحسين النتائج للمرضى في جميع أنحاء العالم.
لم يسهم التزام الدكتور طاهر الطويل الأمد ببحوث التلاسيميا في تشكيل المشهد العلاجي الحالي فحسب، بل وضع المعنيين في طليعة الابتكار الطبي الدولي أيضًا.
إن هذا الإنجاز هو تأكيد قوي على قدرة المجتمعات الطبية والعلمية في لبنان على الصمود وتصميمها على المساهمة بشكل هادف في الصحة العالمية، على الرغم من التحديات الهائلة التي تواجهها في الداخل.