أسباب تعب النفسية المفاجئ والتخلص من التعب
ترتكز جودة حياتنا ومستوى إنجازنا بشكل أساسي على حالتنا النفسية، وهذا يعني أن تأثر تلك الحالة بأي نوع من الاضطرابات أو المشاكل يؤدي للدخول بدوامة حتمية من الضياع والضعف تضعضع استقرار الحياة بشكل كبير، وهذا ما يدعى غالباً بالتعب أو الإرهاق أو الضغط النفسي، موضوعنا في هذا المقال.
إليك 10 حلول للتخلص من التعب النفسي!
التعب النفسي عبارة عن فترة تأزم على مستوى المشاعر العاطفية تجاه أنفسنا وجميع ما حولنا، تتمثل عند معظم الناس بظهور حالة من عدم التوازن ما بين الأفكار الكثيرة والمسؤوليات وعوامل الضغط والمشاكل من جهة، وعوامل الراحة والهدوء والمتعة والفراغ من جهة أخرى.
حيث أن استقرار الحالة النفسية بشكل عام يتطلب وجود عناصر من كلا الجهتين ولكن بتوازن معين، فعندما تكثر المسؤوليات والضغوطات على حساب أوقات الراحة والمتعة تظهر لدى الشخص حالة من القلق والتوتر النفسي، وعلى العكس أيضاً عندما تطول فترات الراحة والفراغ مع عدم تواجد أعمال ومشاكل تشغل التفكير.
تظهر حالة أخرى أيضاً من التعب النفسي لكن بسمات وصفات مختلفة إلى حد ما، وهذا هو المصدر الذي يخلق حالات التعب النفسي عند نسبة كبيرة ممن يعانون منه، بالإضافة طبعاً لبعض الأسباب الأخرى التي تتعلق بالظروف كالمشاكل التي تشكل عامل صدمة والأمراض والحالات العاطفية والعديد من المسببات الأخرى التي سنأتي على ذكرها بالتفصيل.
وبعد التعرض لإحدى المسببات على اختلافها يدخل الشخص في أول مرحلة من التعب النفسي التي تتمثل غالباً بنوع من الانزعاج المترافق مع كثرة التفكير والشعور بالضياع والتململ وفقدان الرغبة والطاقة للقيام بأي عمل، وهي غالباً فترة قصيرة وعابرة، وإذا استمرت لوقت أطول يبدأ الشخص بمراحل أخرى أكثر إرهاقاً تقود في النهاية إذا لم يتم السيطرة عليها وبقيت مستمرة في التطور إلى حالة من الاكتئاب. [1]
- عدم الاستقرار المالي أو المهني: الاستقرار المهني والاستقرار المالي مفهومان مرتبطان ببعضهما، وكلاهما يسهمان بشكل أساسي ومهم جداً في استقرار مسار الحياة بشكل عام وتوازن الحالة النفسية بشكل خاص، لذا وعند التعرض لأي أزمة مالية أو مهنية ينعكس ذلك بشكل مباشر على مستوى الراحة النفسية ويؤدي لانحدارها، فيظهر مع استمرار ذاك لفترة من الزمن حالة مرهقة من الضغط النفسي والهم والتعب.
- المقارنة والغيرة: كثرة التعرض لمواقف المقارنة بالآخرين أو الغيرة منهم لما يمتلكونه تسبب تأثيراً نفسياً واضحاً على الشخص يسبب انقياده إلى قلة الثقة بالنفس وضعف الشخصية وعدم الإيمان بالقدرات الذاتية، وهذا الأمر كثير الحدوث وخصوصاً من قبل الأهل الذين يريدون أبنائهم مثاليين في كل شيء فيكثرون من مقارنتهم بأقرانهم بمجال معين دراسياً أو مهنياً بأسلوب خاطئ، فتظهر نتيجة لذلك حالة من الغيرة التي غالباً ما تنعكس بطريقة سلبية على مستوى الاستقرار النفسي.
- العزلة والوحدة: يختلف مفهوم العزلة الاجتماعية عن مفهوم الشعور بالوحدة، ولكنهما يعتبران وجهان لمشكلة واحدة من ناحية التأثرات النفسية السلبية الظاهرة على الشخص، بسبب التعرض لأحدهما، حيث يقودان الشخص للإصابة بالتعب النفسي الدائم الذي لا يفارقه ويؤثر على نمط حياته إذا لم يتم تجاوزهما.
- الخوف من نتيجة معينة: عامل الانتظار يؤجج مشاعر التوتر والخوف من المجهول، وهذا ما يواجهه الكثير من الناس خلال انتظارهم لنتيجة معينة لها أهمية في حياتهم، قد تكون مثلاً نتيجة فحص طبي لمرض ما، أو نتيجة امتحان، أو قبول في وظيفة معينة، وغير ذلك الكثير، حيث يعانون خلال فترة الانتظار هذه من حالة واضحة من القلق والتوتر والخوف والتعب النفسي وكثرة التفكير.
- فقدان شخص عزيز: تعد خسارة شخص عزيز من أكثر المواقف صعوبة التي يمكن أن يواجها الإنسان، وغالبية الناس ليس لهم القدرة على تجاوز الموضوع ببساطة ووقت قصير، حيث يؤدي التعرض لموقف كهذا إلى الدخول بحالة صدمة نفسية قوية ومرهقة جداً تستمر لفترة ثم تبدأ بالزوال شيئاً فشيئاً.
- الانفصال العاطفي: تشكل العلاقات العاطفية أحد أهم محاور الاستقرار النفسي والجسدي، فعندما يقع الانفصال لأي سبب من الأسباب ينجر الشخص لحالة انهيار نفسي مؤقت، ليس فقط بسبب حدوث تغير مفاجئ في نمط الحياة، وإنما أيضاً بسبب التفاعل الجسدي الذي يحصل في نفس الوقت ويتجلى بمشاكل هرمونية ترتبط بشكل مباشر بالحالة المزاجية للإنسان فتزيد من سوء الحالة النفسية، ويعيش الشخص فترة مرهقة من التوتر والانزعاج والإحباط.
- بعض الأسباب الأخرى: نذكر منها على سبيل المثال سماع خبر سيء غير متوقع، قد يكون له علاقة بمشكلة في العمل أو نتيجة امتحان معين وغير ذلك، التعرض لحالات الاكتئاب الموسمي المترافقة غالباً مع فصل الخريف، الصدمات الحياتية غير المتوقعة مثل خسارة مبلغ مالي فجأة أو خسارة العمل، عدم الاستقرار العاطفي، الفشل عدة مرات في الوصول لهدف معين، المشاكل الكثيرة والخلافات سواء بين الأهل أو الأزواج أو الأصدقاء، عدم القدرة على الإنجاز والقيام بالأعمال المطلوبة، والعديد من الأسباب غير ذلك.
- الشعور بالفراغ: يعتبر وقت الفراغ غير المستفاد منه مؤهب أساسي للوقوع في دوامة الاكتئاب والإحباط بدون وجود مسبب مباشر، وكلما استمر ذلك لفترة أطول كلما كانت الآثار السلبية على الراحة النفسية أكثر وضوحاً.
- تعدد المهام أو الضغوط: المهام والمسؤوليات المترتبة علينا بشكل يومي كثيرة ومتعددة، وما يساعد في إنجازها هو التنظيم الجيد والتقسيم بحسب الأولوية، أما محاولة جمعها بشكل اعتباطي مع بعضها وبوقت قصير لن يؤدي إلا للضياع والتعب والإجهاد وعدم تحقيق الاستفادة من أي منها، وغالباً لا يتم إنجازها جميعها، مما يعني الإحباط والتعب النفسي بسبب تراكم المسؤوليات وضياع الوقت.
ومن ناحية أخرى قد يتعرض بعض الأشخاص لضغوط متعددة بحيث يجب عليهم التوفيق بينها والحفاظ على مستوى مكثف من العمل العقلي والتركيز من أجل إنجازها بوقت معين، هذا أيضاً يقود لاستنزاف الطاقة والإنهاك النفسي وحتى الجسدي خلال مدة قصيرة. - اتباع روتين واحد لفترة طويلة: على الرغم من أن الروتين المنظم هو شكل من أشكال الاستقرار، إلا إن استمرار هذا الروتين لفترة طويلة بدون أخذ فترات فاصلة أو وجود عامل تجديد يسبب الوقوع في حالة من الملل وقلة الحماس والنشاط لمواجهة الأعباء اليومية، ثم يظهر الموضوع فيما بعد على شكل أثر نفسي قد يكون غير مفهوم بسبب عدم وجود حدث مباشر يؤدي لذلك.
- الانتقال إلى مرحلة حياتية جديدة: حياة كل إنسان هي عبارة عن مراحل ومحطات مختلفة تنقله بين كل فترة والأخرى لمكان ومستوى وحالة جديدة، وتمثل كل مرحلة نقلة نوعية تحمل مجموعة خاصة من المتغيرات والصعوبات والمسؤوليات، فيدخل الشخص حين ذاك بحالة مربكة من الاضطراب النفسي والشعور بعدم الراحة، تستمر لفترة مؤقتة ريثما يتم التأقلم والتفاهم مع هذه المرحلة الحياتية الجديدة.
ومن الأمثلة التي تمر بحياة معظم الناس نذكر، الزواج، إنجاب طفل لأول مرة، الانتقال للعيش ببلد آخر، العمل بوظيفة جديدة وغير ذلك. - أسباب جسدية: هناك العديد من العوامل الجسدية المرضية التي تؤثر بشكل ما على استقرار النفسية وتسبب حالات متكررة غير مفهومة غالباً من التقلبات المزاجية، نذكر من أبرزها، مشاكل الأرق وقلة النوم، سوء النظام الغذائي، فقر الدم، مشاكل الغدة الدرقية، الأمراض الجسدية المزمنة التي تسبب الاكتئاب والتعب نتيجة استمرار أعراضها مع الشخص طيلة فترة حياته.
تترافق حالة التعب النفسي مع خليط من الأعراض تختلف من شخص لآخر ومن حالة لأخرى، منها ما يظهر على شكل تقلبات بالحالة المزاجية ومنها ما يكون له أثر جسدي، ولا تظهر كل الأعراض المذكورة أدناه مع بعضها وإنما البعض منها، فقد يقتصر الموضوع أحياناً على عرض أو إثنين فقط بحسب نوع وشكل الحالة النفسية: [2]
- أعراض ذهنية: ويقصد بها مجموعة من الأعراض التي لها تؤدي إلى انخفاض جودة الحالة الذهنية خلال المرور بأزمة إرهاق نفسي، مثل مشكلة عدم التركيز، صعوبة التفكير أو القيام بالأعمال الذهنية كالدراسة، حالة من الذهول أو الصدمة أو كثرة الشرود، ضعف الذاكرة إلى حد ما، صعوبة في الاستيعاب، الهلوسة والكوابيس أحياناً.
- أعراض نفسية: وهي الآثار النفسية السلبية التي يتضح وجودها عند الشخص الذي يعاني من التعب النفسي، مثل الاكتئاب والشعور بالحزن، فقدان الرغبة تجاه القيام بأي نشاط وقلة أو انعدام الحماس، التشاؤم من المستقبل واليأس، الخوف والتوتر بشكل دائم، فقدان الثقة بالنفس، الشعور بالضياع، أفكار انتحارية غير حقيقية بعض الأحيان.
- أعراض سلوكية: حيث تظهر على الشخص المصاب بدرجة معينة من الإرهاق النفسي بعض السلوكيات والتصرفات الغريبة طيلة فترة التعب النفسي التي يمر فيها، منها البكاء بشكل متكرر، العصبية والانفعال، التعامل بعنف مع الناس، اللامبالاة تجاه أي شيء، الرغبة بالنوم لمدة طويلة أو الأرق وعدم القدرة على النوم، تراجع الرغبة والقدرة الجنسية، في الحالات الشديدة من الإرهاق النفسي يميل البعض لإيذاء نفسهم.
- أعراض جسدية: التأثيرات الجسدية تحدث بكثرة كردود فعل على الحالة النفسية غير السليمة التي يمر بها الشخص، فيعاني من عدة مشاكل متكررة مثل الصداع، الخمول وقلة القدرة على الحركة، تأثر الشهية بشكل كبير حيث تزداد أو تنقص بحسب حالة الشخص، آلام في المعدة، ارتعاش ورجفان، شحوب الوجه والبشرة، زيادة معدل ضربات القلب، ضيق التنفس وتشنجات أحياناً.
- أعراض اجتماعية: وهي التأثيرات التي تتضح على السلوك الاجتماعي للشخص مع من حوله، مثل الرغبة في البقاء وحيداً، الصمت لفترة طويلة من الزمن سواء في المنزل أو العمل، نفور من الناس والابتعاد عن التجمعات، ضعف القدرة على التواصل مع الأهل أو الأصدقاء، التوتر عند التحدث أو الالتقاء بالناس أو عند التواجد بين مجموعة من الناس.
- انخفاض المناعة: تنخفض المناعة عند المصابين بأزمة نفسية عن طريق عدة آليات، قد تكون بسبب فقدان الشهية وسوء التغذية، أو بسبب ردود الفعل الجسدية التي تسبب التعب وعدم التوازن الهرموني، فتقود جميعها إلى تأثر المناعة وانخفاض جودتها في حماية الجسم من العوامل المحيطة فتحصل حالات متكررة من المرض عند نفس الشخص بفوارق زمنية قليلة مثل نزلات البرد والانفلونزا. [3]
- الإصابة بفقدان الشهية: فقدان الشهية لفترة طويلة يعني سوء التغذية ونقص العديد من العناصر الغذائية المهمة للجسم كالفيتامينات والمعادن، وبالتالي تظهر العديد من الآثار السلبية المزعجة كتدني مستوى الخصوبة، مشاكل في التئام الجروح، ضعف العضلات وازدياد آلامها، تساقط الشعر أحياناً وغير ذلك.
- الأمراض المزمنة: يعد الاكتئاب عامل محفز لتطور العديد من الأمراض المزمنة بسبب حرمان الجسد من استقراره طيلة فترة الاكتئاب، فكلما طالت فترة الاكتئاب ارتفع احتمال الأمراض، منها مثلاً أمراض القلب والأوعية الدموية، مرض السكري، التهاب المفاصل، مرض الربو.
- النوبات القلبية والجلطات: تزداد فرص التعرض للنوبات القلبية والجلطات في حال وجود أزمة نفسية وخصوصاً الشديدة والمفاجئة كسماع خبر سيء، أو نتيجة استمرار الضغط النفسي لفترة طويلة من الزمن دون علاج مما يعني الوصول لنقطة انهيار وتعب نفسي شديد قد يؤدي بالفعل لحدوث نوبة قلبية خطيرة، وخصوصاً لمن يعانون مسبقاً من أمراض القلب.
- خطر الإصابة بالسرطان: بالإضافة إلى الخلل الجسدي الحاصل نتيجة التعرض لضغط نفسي، فإن العديد من الأشخاص ينجرون لسلوكيات خاطئة كنتيجة للتعب من الاكتئاب، مثل كثرة التدخين أو إدمان الكحول، واجتماع كلا العاملين السابقين يقود بنسب لا يستهان بها إلى للإصابة بأحد أنواع السرطان، حيث أصبحت الحالة النفسية السيئة مؤخراً تصنف كسبب أساسي للسرطان.