الاضطرابات والأمراض النفسية التي تسببها المخدرات
يعتبر تعاطي المخدرات من أكبر التهديدات وأخطرها على صحة الإنسان فهي تسبب إعاقة المتعاطي عن ممارسة الحياة بشكل طبيعي، وانخفاض رفاهية الفرد والمجتمع، فضلاً عن الوفيات. كما أن التعاطي يؤدي إلى زيادة الجرائم المرتبطة بالمخدرات والحوادث والأمراض المعدية، لذلك تعمل جميع البلدان والمجتمعات على محاربة الاتجار بالمخدرات ومعالجة المدمنين.
سنتعرف على الأمراض النفسية التي يسببها تعاطي المخدرات والإدمان والاضطرابات الناجمة عن إدمان المخدرات وأضرار المخدرات النفسية إضافة للأمراض والاضطرابات النفسية الناتجة عن الإدمان.
لا تقتصر مخاطر المخدرات على الإدمان فحسب، بل لها الكثير من العواقب النفسية والجسدية الخطيرة على صحة المدمن، بما في ذلك بيئته ومن يحيطون به، وللمخدرات تأثير عميق على الحالة النفسية حيث يسبب الإدمان ضغوطاً نفسية خطيرة كما يلاحظ أيضاً أن ضرر المخدرات يتجاوز مرحلة التعاطي فلوحظ تأثيرها السلبي على من هم في مرحلة العلاج، وفي بعض الحالات تكون هذه الأضرار النفسية لا رجعة فيها ودائمة، ولحسن الحظ فإن الكثير من المشاكل الأخرى يمكن التغلب عليها لدى الكثير من المتعافين عن طريق العلاج الداعم، إليكم شرحاً لأضرار المخدرات النفسية: [1،2]
هناك قائمة طويلة من الأمراض النفسية التي يمكن أن تصيب المدمن وترتفع احتمالية الإصابة بهذه الأمراض على حسب نوع كل مخدر وطول مدة الإدمان وفي كثير من الأحيان فإن هذه الأمراض تمنعه من القيام بعمله بالشكل الصحيح، وهذه أهم الأمراض النفسية التي تسببها المخدرات في حالة التعاطي ما قبل الإدمان: [1،2]
وإليكم أهم علامات وأعراض الاضطرابات النفسية المتزامنة والشائعة مع الإدمان على المواد المخدرة:
- العلامات والأعراض الشائعة للاكتئاب بسبب المخدرات:
- الشعور بالعجز واليأس.
- فقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية.
- تغيرات في الشهية أو الوزن.
- تغيرات في النوم.
- فقدان الطاقة.
- مشاعر قوية بانعدام القيمة أو الذنب.
- مشاكل التركيز.
- الغضب والألم الجسدي والسلوك المتهور (خاصة عند الرجال).
- العلامات والأعراض الشائعة للقلق بسبب إدمان المخدرات
- التوتر والقلق المفرط.
- الهيجان أو الشعور "بالضيق".
- تسرع في ضربات القلب أو ضيق التنفس.
- غثيان أو ارتعاش أو دوار.
- توتر العضلات والصداع.
- صعوبة في التركيز.
- الأرق.
- أهم أعراض الهوس في الاضطراب ثنائي القطب الشائعة بسبب المخدرات
- الشعور بالنشوة أو الانفعال الشديد.
- معتقدات غير واقعية هلاوس.
- قلة الحاجة للنوم.
- زيادة الطاقة.
- الكلام السريع والأفكار المتسارعة.
- فرط النشاط.
- الغضب.
الاضطراب النفسية الناجمة عن إدمان الأدوية هي حالة محفوفة بالمخاطر ومن المؤكد أنها ستزداد سوءاً مع الوقت ما لم يتم توفير العلاج المناسب للتعافي من الإدمان. في الغالب إن عواقب تناول المخدرات والكحول والتغيرات التي تحدثها في كيمياء المخ العصبية يمكن أن تكون حافزاً قوياً للأشخاص لإعادة استخدامها أو إساءة استخدامها، وتبقى أسباب تعاطي المخدرات وإدمانها حليفاً قوياً مع حدوث الاضطرابات النفسية؛ وهذه اهم الاضطرابات النفسية الناتجة عن الإدمان: [3،4]
تختلف الاضطرابات الناجمة عن المواد المخدرة عن الاضطرابات النفسية المستقلة التي تحدث بشكل متزامن من حيث أن جميع الأعراض النفسية أو معظمها هي نتيجة مباشرة لتعاطي المخدرات.
تمتد أعراض الاضطرابات النفسية الناجمة عن المواد المخدرة من القلق الخفيف والاكتئاب وهما الأكثر شيوعاً مع جميع المواد المخدرة؛ إلى الهوس الكامل وردود الفعل الذهانية الأخرى الأقل شيوعاً.
إن "مبدأ التذبذب" ونقصد به أن ما يرتفع يجب أن ينخفض، مفيد للتنبؤ بنوع المتلازمة أو الأعراض التي قد تسببها المواد المخدرة؛ على سبيل المثال، أعراض الانسحاب الحادة من المثبطات الفسيولوجية مثل الكحول والبنزوديازيبينات هي فرط النشاط وارتفاع ضغط الدم والإثارة والقلق (أي الهزات).
من ناحية أخرى، فإن أولئك الذين "ينهارون" من المنشطات يكونون متعبين ومكتئبين، وعلى العموم فإن أي مادة يتم تناولها بكميات كبيرة جداً على مدى فترة كافية يمكن أن تؤدي إلى حالة ذهانية، ونظراً للاختلاف الكبير بين المدمنين من حيث كيفية استجابتهم لكل من التسمم والانسحاب فإن التنبؤ بأي اضطراب؛ مرتبطة بنوع المواد المخدرة التي يتعاطها المدمن، والأهم من ذلك هو الاستمرار في تقييم الأعراض النفسية وعلاقتها بالامتناع عن تعاطي المخدرات المستمر بمرور الوقت.
إن معظم الأعراض الناجمة عن المواد المخدرة عادة تبدأ في التحسن في غضون ساعات أو أيام بعد توقف تعاطي المخدرات، والاستثناءات الملاحظة لذلك هي الأعراض الذهانية الناتجة عن تعاطي الأمفيتامين الثقيل وطويل الأمد والخرف (مشاكل في الذاكرة والتركيز وحل المشكلات) الناتجة عن استخدام مواد سامة للدماغ مباشرة، والتي تشمل في الغالب الكحول والمواد المستنشَقة، ومرة أخرى الأمفيتامينات. [5]
يعتبر تعاطي المخدرات هو بداية النهاية للشخص المدمن، والنهاية الحتمية لأي مدمن على المخدرات هي الموت أو السجن أو مستشفى الأمراض النفسية، وليس هناك نهاية أخرى ممكنة إلا لمن استطاع التعرف على خطورة الإدمان وقرر الإقلاع عن التعاطي والخروج من مستنقع الإدمان الذي غرق فيه والبدء في العلاج وإعادة التأهيل.
- عادة ما يتخذ الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات أو يصبحون مدمنين عليها قرارات ويفعلون أشياء لا يفعلونها لولا إدمانهم، وهذه الخيارات لا تنتج بشكل مباشر عن المخدرات، ولكنها نتيجة لتعاطي المخدرات والإدمان عليها ولها آثار خطيرة ودائمة على حياة المدمن.
على سبيل المثال، قد يواجه الشخص مشكلة قانونية أو حتى يدخل السجن بسبب الأنشطة المتعلقة بالمخدرات، وتداعيات هذا الأمر ستنعكس على حياة المدمن خلال سنواته اللاحقة. - ومن القرارات السيئة الأخرى التي يمكن أن يتخذها المدمن أثناء التعاطي ممارسة الجنس دون وقاية أو مشاركة الإبر، مما قد يتسبب بإصابته بأمراض كفيروس نقص المناعة البشرية أو التهاب الكبد.
- كما يمكن أن يؤدي تعاطي المخدرات إلى ترك المدمن للمدرسة أو فقدانه لعمله، مع عواقب مالية دائم.
- ومن جانب آخر يمكن أن يتعرض المدمن للاعتداء والعنف.
- غالباً ما تعاني العلاقات الأسرية وتنهار الكثير من الزيجات خلال فترات تعاطي المخدرات، مما يتسبب في ضرر يصعب إصلاحه.
- كما يمكن أن يؤدي تعاطي المخدرات والإدمان أيضاً إلى تدهور الصحة بشكل عام بطرق غير مباشرة، على سبيل المثال، الشخص الذي يتعاطى المخدرات لا يأكل بشكل جيد وقد يعاني من فقدان الوزن أو زيادة الوزن أو سوء التغذية أو نقص التغذية، كما يمكن أن يكون النوم أيضاً مشكلة فلا يحصل الشخص المدمن على قسط كافٍ من النوم لفترات طويلة من الوقت مما يسبب له المزيد من المشاكل الصحية.
- ومن جانب آخر يجب ألا ننسى مخاطر الجرعة الزائدة وهو أخطر تأثير محتمل طويل الأمد لتعاطي المخدرات وإدمانها، وهو الموت نتيجة جرعة زائدة مميتة. ويزداد هذا الخطر عند تعاطي المخدرات في الشوارع، لأنه يستحيل على المدمن معرفة قوة أو نقاء المادة المخدرة التي يستخدمها. ويزداد الخطر أيضاً عند الجمع بين العقاقير أو تعاطي المخدرات مع الكحول. والجمع بين المواد التي تثبط التنفس مثل المواد الأفيونية والمهدئات، حيث يزيد بشكل كبير خطر حدوث جرعة زائدة مميتة.
رغم كل ذلك يبقى هناك أمل لمن استطاع التعرف على خطورة الإدمان وقرر الإقلاع عن التعاطي والبدء في العلاج وإعادة التأهيل.
إن العلاج الجيد والفعال وطويل الأمد يمكن أن يساعد في عكس الكثير من الأضرار التي تسببها المخدرات وبذلك يعود شخصاً طبيعياً كسابق عهدة قبل الإدمان، ولكن رحلة إعادة التأهيل طويلة ومحفوفة بالصعوبات والتحديات وبحاجة إلى الدعم الأسري والمجتمعي على الصعيد المعنوي والنفسي والتأكد من الرعاية اللاحقة ومتابعة المدمن بعد التعافي.
فكثيراً ما يُعرف الإدمان على أنه مرض الانتكاسة الأول، وكثيرة هي قصص الانتكاسات والإخفاقات في العلاج ولكن البعض من المدمنين ممن هم ضحايا التقليد وحب التجربة وضغط الأقران وعوامل السن والمراهقة ينتبهون ولو متأخراً فيعودون إلى رشدهم ويبدؤون مسيرة إعادة التأهيل الطويلة والصعبة.
المدمن على العموم بحاجة لدعم مجتمعي بكافة مؤسساته بعيداً عن النبذ ووصمة العار من أجل استقطابه وتوعيته بأهمية العلاج والبدء في مرحلة إعادة التأهيل، ويجب أن تقدم له المساعدة النفسية الاختصاصية التي تمكنه من تقبل الأمر ليستطيع البدء في تخليص جسمه من السموم، والتمكن من التحول النفسي لجعله رافضاًللمخدرات وتصحيح حالته النفسية. ويجب الاستمرار في تقديم العلاج المناسب له والدعم حتى شفائه التام من الإدمان. [6]
وأخيراً... يمكننا القول أنه بالعلاج والمتابعة الصحيحة يمكن أن يعود المدمن شخصاً طبيعياً كسابق عهده خلال تسعين يوماً من بدء رحلة إعادة التأهيل التي تتضمن تنظيف الجسم من المواد المخدرة والعلاج النفسي والسلوكي الاختصاصي للمدمن وتعديل استجابات المخ الهرمونية والعصبية، وبذلك يمكنه تجاوز الاضطرابات والأمراض النفسية التي سببها الإدمان.