تشير دراسات حديثة إلى أن خياراتنا الغذائية اليومية قد تؤثر بشكل ملحوظ على مخاطر الإصابة بالسرطان، خاصة في الجهاز الهضمي. فكيف يمكننا حماية أنفسنا من هذا المرض؟
لقد كان هناك تحذيرات سابقة بشأن أضرار تناول اللحوم الحمراء والمعالجة، ولكن الأبحاث الحديثة تقدم رؤى جديدة حول العلاقة بين التغذية والسرطان، مشيرةً إلى أن بعض الأطعمة قد تساهم في الوقاية من هذا المرض الخطير.
الكالسيوم والحليب: درع ضد سرطان القولون
في دراسة واسعة نشرتها مجلة Nature Communications في يناير الماضي، قام باحثون من جامعة "أوكسفورد" بتحليل بيانات لأكثر من 542 ألف امرأة. وكشفت النتائج أن تناول الحليب ومنتجات الألبان الغنية بالكالسيوم مرتبط بانخفاض خطر الإصابة بسرطان القولون بنسبة تصل إلى 17%.
وأشار الباحثون إلى أن العناصر الغذائية المصاحبة مثل الريبوفلافين والمغنيسيوم والفسفور والبوتاسيوم تلعب دورًا داعمًا في هذا السياق.
البروفيسور توم ساندرز، خبير التغذية في كلية كينغز بلندن، أوضح أن الكالسيوم قد يحمي من السرطان من خلال ارتباطه بالأحماض الصفراوية الحرة في الأمعاء، مما يقلل من تأثيرها الضار على الغشاء المخاطي للأمعاء.
الألياف والبكتيريا: تحالف داخلي ضد السرطان
دراسة أخرى نشرت في Nature Metabolism أكدت أن الألياف الموجودة في الأطعمة الغنية بالخضروات والحبوب الكاملة تلعب دورًا حيويًا في الوقاية من سرطان القولون. إذ تتفكك هذه الألياف في الأمعاء بواسطة البكتيريا، مما يؤدي إلى إنتاج أحماض دهنية قصيرة السلسلة مثل البوتيرات والبروبيونات، والتي تؤثر على التعبير الجيني في الخلايا.
تشير الأبحاث إلى أن هذه الأحماض توقف عمل إنزيمات "هيستون ديستيلاز"، مما يؤدي إلى تغييرات في تنظيم الحمض النووي، مما يساعد في إبطاء نمو الخلايا السرطانية أو حتى قتلها.
الدكتورة شَبنَم أونلويشلَر، خبيرة الوراثة في "معهد لندن للتجديد"، اعتبرت أن هذا التغيير في التعبير الجيني قد يكون المفتاح للوقاية من السرطان.
القهوة.. أكثر من مجرد مشروب صباحي
في اكتشاف مفاجئ، وجدت دراسة نشرت في ديسمبر 2024 في مجلة Cancer أن استهلاك أكثر من أربعة أكواب من القهوة يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطانات الرأس والرقبة، بما فيها سرطانات الفم والبلعوم.
لقد قامت الدراسة بتحليل بيانات من 14 دراسة فردية من اتحاد وبائيات سرطان الرأس والرقبة الدولي (INHANCE)، وأظهرت أن التأثير الوقائي كان أكثر وضوحاً بين من شربوا أكثر من أربعة أكواب من القهوة يومياً.
لكن الأطباء حذروا من الإفراط في تناول الكافيين، حيث قد لا يتحمل البعض الكمية الكبيرة. الدكتور كنوار كيلي، أخصائي الأنف والأذن والحنجرة، أشار إلى أن الكمية المفيدة من القهوة قد تفوق ما يشربه معظم الناس، ولكنها قد تكون غير مناسبة للبعض بسبب تأثير الكافيين.