-

كيفية تعويد الطفل على الحضانة والتأقلم مع الروضة

كيفية تعويد الطفل على الحضانة والتأقلم مع الروضة
(اخر تعديل 2024-09-09 11:09:39 )

دخول الحضانة أول تجربة انفصال يخوضها الطفل عن والديه بشكل جدي ولعدة ساعات من اليوم، والواقع أن هذا الموقف الذي قد يبدو بسيطاً يحمل معه الكثير من المعاني والصعوبات والتحديات بالنسبة للأم وللطفل، فهو يبدأ الآن في مواجهة الحياة وحده، ويكون مضطراً للتعامل مع أطفال وكبار غرباء للمرة الأولى والانخراط في روتين يومي جديد أكثر انضباطاً، فكيف يمكن تعويد الطفل على الحضانة والتمهيد له لإرساله إلى الروضة.

أفضل سن لإرسال الطفل إلى الحضانة بين 3 سنوات و4 سنوات، حيث يعتبر الطفل في هذا العمر قادراً على التواصل والتعبير عن نفسه، كما أن لديه قدراً لا بأس به من الاعتماد على الذات وتلبيه حاجاته الأساسية أو على الأقل التعبير عنها وطلبها، مثل دخول الحمام أو الحصول على الطعام أو التعبير عن شعوره بالألم، مع ذلك يضطر بعض الأهالي لإرسال أطفالهم للحضانة في عمر أصغر بسبب التزامات العمل، أو في عمر أكبر بسبب عدم استعداد الطفل لدخول الحضانة أو خوف الأهل عليه.

أهم أهداف إرسال الطفل إلى الروضة هو زيادة قدرته على التواصل والتفاعل الاجتماعي، والتمهيد لمرحلة المدرسة من خلال فك الارتباط بشكل تدريجي بين الطفل ووالديه، وتعويد الطفل على النظام والروتين، إلى جانب البدء باكراً بتعليم الطفل الأساسيات التي سيبني عليها تطوره المعرفي والعلمي لاحقاً، وإرسال الطفل إلى الروضة في سن بين 4 و5 سنوات إلزامي في بعض الدول ليدخل إلى المدرسة في سن 6 سنوات.

التمهيد للطفل قبل إرساله للروضة أو الحضانة خطوة ضرورية، تساعد من جهة في سرعة تعويد الطفل على الروضة والتأقلم مع الوضع الجديد، وتساعد من جهة أخرى في تجهيز الطفل للاعتماد على نفسه بتلبية حاجاته الأساسية، وأهم خطوات تهيئة الطفل قبل إرساله للحضانة:

  • التأكد أن الطفل مستعد للحضانة: يوجد حاجات أساسية للطفل يجب أن يصل لسن معينة حتى يتمكن من تلبيتها وطلبها، مثل الطعام والحاجة لدخول الحمام، ويجب التأكد أن الطفل أصبح قادراً على القيام بهذه الأشياء وحده أو طلبها قبل دخوله للحضانة، وإذا كان الطفل في سن صغيرة جداً لا بد من التأكد من وجود مشرفات متخصصات بالتعامل مع الأطفال الرضع أو الصغار.
  • إخبار الطفل عن الحضانة وما سيجده فيها: يجب التمهيد للطفل قبل إرساله إلى الروضة عن الأشياء والأشخاص الذين سيتعامل معهم، من خلال قراءة القصص المصورة التي تتضمن صوراً توضيحية للحضانة أو الروضة والأنشطة والألعاب فيها، وإخبار الطفل عمّا سيجده في الحضانة مثل تحفيزه للتعرف إلى أصدقاء جدد ومربين ومدرسين ودودين ولطيفين سيهتمون به.
  • تعليم الطفل طلب حاجاته والعناية بنفسه: يجب تدريب الطفل على عدم الخجل من طلب حاجاته وتعليمه كيفية طلب تلك الحاجات، مثل الدخول إلى الحمام أو الشعور بالبرد أو العطش أو الجوع وغيرها، فشعور الطفل بهذه الحاجات وعدم قدرته على تلبيتها يمثل ضغطاً نفسياً وجسدياً كبيراً عليه، يجعله غير قادر على التأقلم مع الحضانة.
  • توسيع دائرة العلاقات الاجتماعية للطفل: في السنوات الأولى من عمر الطفل منذ أن يصبح قادر على الحركة واللعب والكلام، يجب أن يعتاد على العلاقات الاجتماعية مثل التحدث مع أفراد العائلة الكبيرة والتواجد واللعب معهم، كما يفيد أيضاً تواجده مع أطفال في نفس عمره في تنمية مهاراته الاجتماعية، وذلك يفيد في سرعة تأقلمه في الروضة سواء مع المدرسين والمشرفين أو مع الأطفال الآخرين.
  • التدريج بفصل الطفل عن والديه: قبل دخول الحضانة يجب البدء بتعويد الطفل على غياب والديه بالتدريج ولو لفترات قصيرة عنه، وفي هذه الفترات يمكن أن يبقى الطفل مع أخوته الأكبر سناً إن وجدوا أو مع الجد والجدة إن أمكن ذلك، أو أي من أفراد العائلة الموثوقين، وبذلك عندما يذهب الطفل إلى الحضانة سوف يشعر بغربة أقل نتيجة ابتعاده عن أمه، فهذا البعد هو معتاد عليه وليس بالأمر المفاجئ.
  • البدء بتدريب الطفل على أنشطة الحضانة: تتضمن الحضانة بعض الأنشطة والألعاب والدروس حول عدة مجالات تعليمية وتربوية وترفيهية، مثل الرسم والتلوين والحساب والتمارين الرياضية وغيرها، وعندما يكون الطفل معتاد على مثل هذا النوع من الأنشطة قبل سن الحضانة ويجد فيها المتعة واللعب، سوف يكون أكثر تقبلاً واستمتاعاً بها في الحضانة، وربما يجد نفسه مميز بها ولديه قدرات خاصة، ما يعطيه شعور بالثقة بالنفس والقوة والمتعة.
  • اصطحاب الطفل إلى أماكن تشبه الحضانة: من أفضل طرق التمهيد وتهيئة الطفل للحضانة أو الروضة أن يعيش تجربة مصغّرة عن الحضانة من خلال اصطحابه إلى أماكن اللعب التي يتواجد فيها وحيداً مع أطفال في سنه ومشرفين، ويكون الأهل قريبين منه أو يراقبونه من بعيد، تساعد هذه الأماكن على تهيئة الطفل للروضة وسرعة تعوده عليها والتأقلم معها.
  • بعد تهيئة الطفل لدخول الحضانة وإرساله إليها، من الضروري أن يعمل الأهل والمربون على تعويد الطفل على الحضانة، وهي خطوة ليست سهلة دائماً، وتحتاج لصبر والتزام لتسهيل مرورها بأقل صعوبة، ويوجد بعض الخطوات التي تساعد في تعويد الطفل على الروضة أو الحضانة، ومنها:

  • اختيار حضانة قريبة من المنزل أو العمل: حتى يتسنى للأم الالتزام بموعد القدوم لأخذ طفلها وزيارته في الحضانة عندما تسنح لها الفرصة والتدخل السريع في حال حدوث أي مشكلة، من الأفضل أن تكون حضانة الطفل على مقربة من مكان السكن أو العمل للأم أو الأب، فهذا أيضاً يشعر الطفل بالراحة وأنه ليس بعيداً عن أهله.
  • تدريج المدة التي يقضيها الطفل في الحضانة: من الخطأ أن نفاجئ الطفل فوراً بإرساله إلى الحضانة وتركه عدة ساعات في مكان لا يعرفه ولا يعرف فيه أحد، كما من الخطأ أيضاً الكذب على الطفل وخداعه أن أمه سوف تأتي في غضون دقائق، فهذا يثير استغراب الطفل ويعمق مخاوفه ويشعره بالتآمر وفقدان الثقة بمن حوله.
    بل يجب أن يتم تحضيره لهذه الخطوة عن طريق أخذه إلى مراكز الأطفال التي تبقى فيها الأم معه، ثم تبقى الأم بشكل جزئي ويتم تعويده على البقاء مع المشرفين وبعد ملاحظة اندماجه مع المكان والأشخاص يمكن تركه لفترة أطول، وأخيراً يمكن أن تقول الأم له أنها مضطرة للذهاب وسوف تعود لأخذه في وقت معين ويجب عليه أن يخبر المشرفين بحاجاته ويطيع أوامرهم.
  • تجنّب التأخر على الطفل: غالباً ما يعتاد الطفل على وقت معين سوف تحضر فيه أمه لتأخذه إلى المنزل، وهو ينتظر هذا الوقت ويعتاد عليه، بل أنه حاجاته الطبيعية تتحرك بهذا الوقت مثل الجوع والعطش والحاجة لدخول الحمام والشعور بالملل، لذا يجب ألّا تتأخر الأم عن هذا الموعد وأن تلتزم به حتى لا يشعر الطفل أنه فقد اهتمام أمه أو أنه أصبح وحيداً.
  • الربط بين أنشطة الحضانة وموعد قدوم الأم: على سبيل المثال تتضمن الحضانة الدروس وأنشطة الرسم أو الموسيقى أو التمارين الرياضية، وعادة ما تكون التمارين الرياضية في نهاية اليوم، ويمكن استغلال هذه المسألة بأن يغرس في نفسية الطفل أن التمارين الرياضية هي موعد الانتهاء من الحضانة وسوف تكون أمه بانتظاره بمجرد الانتهاء منها.
  • التواصل مع إدارة الحضانة والمشرفين: من الضروري أن تبقى الأم التواصل بشكل دائم مع إدارة الحضانة والمشرفين على الطفل، ففي أي وقت وعند أي طارئ يتم إعلام الأم بشكل فوري، وبهذا يكون لديها القدرة على القدوم والتدخل فوراً، وهذا يعطي شعور للطفل بالأمان والراحة ولا يخاف من بعد والدته.
  • تحفيز الطفل على وصف تجربته في الروضة: من أهم طرق تعويد الطفل على الحضانة تحفيزه على مشاركة تجربته مع الأهل من خلال الاهتمام بسؤاله عن يومه كيف يقضيه وعن أصدقائه والألعاب التي يلعبها والأشياء التي يتعلمها، على أن يكون السؤال بطريقة ودودة وليس بصيغة التحقيق.
  • استغلال أيام الإجازة: من الطرف الفعالة في تعويد الأطفال على الحضانة أن يحصلوا على فرصة للترفيه والمتعة في إجازة نهاية الأسبوع، حيث يشعرون أنها مكافأة لهم على الالتزام بالحضانة، كما يشعرون أن الأهل ما زالوا مهتمين بهم.
  • الانفصال عن الوالدين: فكرة الابتعاد عن الأهل والتواجد وحيداً مع أشخاص غرباء للمرة الأولى لا يتلقى منهم ما اعتاد عليه من دلال ومسايرة، تعتبر فكرة مريبة بالنسبة للطفل، وتثير لديه العديد من أسباب القلق، فمن سوف يحميه إذا تعرض للخطر ومن سوف يلبي حاجاته إذا رغب بشيء ما، وهذا سبب رئيسي لقلق وخوف الطفل من الذهاب للحضانة، وعلى الأهل وإدارة الحضانة تأمين ما من شأنه تبديد هذه المخاوف، كزيارة الام له في الحضانة وعدم تركه بشكل مفاجئ ومحاولة ادماجه مع أقرانه في الروضة، ورعاية المشروفين له وسؤاله عن حاجاته حتى لو لم يطلب ذلك.
  • تقييد حرية الطفل: ولو كان بشكل بسيط يتحمل الطفل في فترة الحضانة أو الروضة بعض المسؤوليات، وبعد أن كان معتاداً على الحرية التامة في فعل ما يريد وجميع من في المنزل يسعى لتلبية رغباته وحاجاته أصبح الآن لديه مسؤوليات متوقعة منه وواجبات عليه فعلها، وهذه أيضاً من الأشياء التي تجعل الطفل غير مرتاح في الحضانة ولا يرغب بالذهاب إليها أو حتى يخاف منها.
  • الخجل الاجتماعي: في الفترة الأولى في الحضانة لا يعرف الطفل أحد وهو مستغرب من الأجواء من حوله وغير واثق بها، وبعض الأطفال قد يكون لديهم شخصية خجولة غير اجتماعية، تصعّب عليهم التأقلم بسرعة مع الروضة، ويجب على الأهل تشجيعهم وتعويدهم على التواصل والاجتماع مع الآخرين منذ سن مبكرة، حتى لا يكون خجلهم عاملاً سلبياً عند دخول الحضانة.
  • التجارب الجديدة: في الحضانة يمر الطفل بالعديد من التجارب الجديدة التي لم يعتد عليها أو يتعرص لها من قبل، مثل بعض الأنشطة المتعبة والتواجد وحيداً لبعض الوقت، وربما الشجار مع الأطفال الآخرين، وهذه التجارب بطبيعتها تحمل معها بعض المخاوف، ويمكن للأهل من خلال الحديث مع الطفل تهيئته لمثل هذه المواقف وتعليمه كيفية التصرف الصحيحة فيها دون إخافته منها.
  • النظام والروتين الجديد: قبل الحضانة كان الطفل يفعل ما يحلو له، وكل من حوله يريدون اللعب معه وتحقيق متطلباته وتسليته ودلاله، أما في الحضانة فيوجد روتين يومي محدد وبرنامج أنشطة مكرر ويكون الطفل مضطر لاتباع هذا الروتين، وفي بعض الأحيان لا تتوافق رغبات الطفل مع الروتين أو يشعر بالملل منه أو لا يحبه، وكل هذا يسبب خوف الطفل من الحضانة كونه يرى فيها وبنظامها ضغط عليه.
  • التعرض للمضايقات: بعض الأحيان تكون الحضانة ذات إدارة سيئة ولا تعتني بشكل جيد بالأطفال أو تميز بينهم أو تهملهم، وكل هذا قد يضع الطفل في مواقف يتعرض فيها للمضايقة أو الاعتداء، وكل هذا يسبب الخوف لدى الطفل من الرضة والالتحاق بها، ويجب على الأهل الاهمام باختيار الروضة جيداً والتعرف على ما يحدث فيها قبل ترك الطفل وحيداً.
  • ماذا يستفيد الطفل من الحضانة؟ الحضانة بالنسبة للطفل ليست مجرد مكان يمكن للأهل ترك طفلهم به في وقت العمل، بل يمكن أن تكون الحضانة مفيدة في العديد من النواحي النفسية للطفل، في سياق عملية النمو والتطور النفسي والاجتماعي، ومن هذه الفوائد:

    • تعويد الطفل على الاستقلال: الحضانة هي المرحلة الأولى التي يبتعد فيها الطفل عن والديها ويصبح مضطراً لقضاء بعض حاجاته بنفسه أو طلبها من المشرفين والمسؤولين، وبهذا يكون قد أخذ درسه الأولى في الاستقلالية والاعتماد على النفس، وهي خطوة ضرورية للمراحل اللاحقة من عمر الطفل.
    • تنمية القدرات الاجتماعية: في الحضانة يتعرض الطفل لمواقف اجتماعية مختلفة ويندمج مع أطفال آخرين من نفس مرحلته العمرية ويلعب معهم ويقوم معهم بعملية التعارف بدون مساعدة من الكبار، وهذه العمليات الاجتماعية البسيطة تنمي مهارات التواصل عند الطفل وقدرته على بناء علاقات اجتماعية حسب تفضيلاته ورغباته.
    • معرفة الحدود الشخصية: يعتاد الطفل في مرحلة ما قبل الحضانة على المسايرة وفعل ما يريد من قبل أهله وكل من حوله، وهذا يجعله يعتقد أن كل شيء مباح ولا يوجد حدود لرغباته، والحضانة بما تحتوي عليه من حقوق للآخرين وقوانين من قبل الإدارة والمشرفين تغرس في نفس الطفل معنى الحدود الشخصية وحرية الآخرين وحقوقهم، وهي من الأشياء المهمة التي يجب أن يتعلمها الطفل عند البدء بالاستقلال عن الوالدين والالتحاق بالمدرسة والحضانة أو الروضة.
    • التدرب على الروتين والانضباط: في الروضة يتبع الطفل روتين يومي محدد ومنظم متكرر، فيه قواعد للالتزام والانضباط وقوانين تسري على جميع الأطفال في الروضة، وهذا ينمي قيم النظام والالتزام في شخصية الطفل ويجعله يتعرف على فكرة القوانين والتعليمات التي تنظم الحياة في أي مكان، ويفهم أن هذه القوانين سوف تصب في النهاية في مصلحة الجماعة، ولو أنها تضع بعض الحدود لرغبات الفرد وسلوكياته.
    • تنمية مهارات التواصل واللغة: التفاعل اليومي مع الأطفال الآخرين واللعب والحوارات والأحاديث التي تدور بينهم، بالإضافة للحصص التي تقدمها الحضانة في قواعد القراءة والكتابة من خلال برامج تناسب عمر الأطفال، كل ذلك يساهم نفسياً في القدرة على التواصل وفهم أهمية اللغة والطريقة الصحيحة لاستخدامها.

    المصادر و المراجعaddremove

  • مقال Rachel Bozek "تسع طرق لجل طفلك جاهز للروضة" منشور في understood.org تمت المراجعة بتاريخ 5/8/2023.
  • مقال "عشر نصائح وأنشطة مفيدة لإعداد طفلك لليوم الأول في الروضة" منشور في splashlearn.com تمت المراجعة بتاريخ 5/8/2023.
  • مقال Kathryn Poole "مساعدة طفلك على التكيف مع رياض الأطفال" منشور في sichc.org تمت المراجعة بتاريخ 5/8/2023.
  • أحدث أسئلة تربية الطفل