كيف أصالح أمي بعد أن أخطأت بحقها وأغضبتها؟
عندما نخطئ في حق أحدهم ونغضبه فإننا غالباً نحس بعذاب الضمير، فكيف لو كان هذا الشخص هو الأم!
بالتأكيد أنك تتساءل في كل مرة تقع فيها بهذا الخطأ "كيف أصالح أمي بعد أن أخطأت بحقها وأغضبتها؟"، وسنجيبك بدورنا عن هذا السؤال في هذا المقال.
إن كنت قد ارتكبت خطأ ما فلا تقلق، فكلنا نخطئ، لكن الأهم هو أن تعترف بخطئك وتعتذر عنه، وتبادر أنت بالمصالحة وطلب السماح من أمك، يمكنك فعل التالي: [1]
قد نتساءل لماذا تغضب الأم من أبنائها حتى لو كانوا أطفالاً أو غير مخطئين خطأ فادحاً، وهي التي حملتهم لشهور في رحمها، وهم جزء منها. سنفسر لك الأسباب:
- شعورها بعدم الكفاءة: فقد تشعر الأم أنها ليست أماً جيدة لأن طفلها يبكي، فقد تعتقد أنها غير قادرة على سد احتياجاته مما تسبب في بكائه أو على الأقل أنها غير فادرة على إسكاته وأرضائه، فيتولد لديها شعور داخلي أنها أم غير جيدة ويؤنبها ضميرها. على الأم أن تعترف أنها إنسانة وقد تخطئ، كما أنه ليس هناك طفل يأتي مع دليل؛ فلكل طفل احتياجاته الخاصة وطريقته في التعامل، كما تؤثر عوامل كثيرة على الأم والابن.
- الظروف التي تمر بها الأم: فقد تكون الأم متعبة أو تعاني من مشكلات شخصية، وعندما يأتي ابنها وزوجته لزيارتها ويرتكبان خطأ صغيراً، تراها تكبّر الموضوع وتغضب من ابنها.
- التراكمات: ففي كثير من الأحيان يتحمل الشخص الكثير من الأمور، ولكن يحدث أمر ما يجعله يغضب وينفجر.
- الهرمونات الأنثوية: فالمرأة تمر في أوقات صعبة تكون فيها مزاجية كأوقات الحمل والولادة والدورة الشهرية وسن الأمل.
- النظرة للذات: فتغضب الأم من ابنها أحياناً لأنه رفع صوته عليها أمام الناس مع أن الصوت العالي قد يكون أسلوب حياة لهم في المنزل، لأنه هز صورتها كأم أمام الناس. [2]
- التعود على أخذ شيء في المقابل: فقد تعودنا جميعاً أن نأخذ شيئاً مقابل كل أمر نفعله حتى لو كان معنوياً، فأحياناً عندما يخطط الوالدان لإنجاب الأطفال يكون هدفهما أن يعيناهما عندما يكبرا أو أن يتولا مسؤولية الأملاك التي يمتلكونها... فأحياناً عندما تطلب الأم من ابنها مثلاً اصطحابها لشراء بعض الاحتياجات ويؤجل بسبب انشغاله، تغضب لأنه في نظرها يجب أن يترك كل شيء لتلبية متطلباتها دون تأجيل حتى لو كان لديه أمور طارئة. فهي تعتبر أنها أفنت عمرها من أجله وكان هو الأولوية في حياتها، فكيف يؤجل هو طلبها!
- الصورة النمطية: فالعقل يتأثر كثيراً بالصور النمطية التي يفرضها المجتمع، فعندما تسمع الأم الكثير من القصص وتشاهد الكثير من الأعمال الدرامية التي تدور حول عقوق الأبناء للوالدين، يبقى هذا الأمر في عقلها الباطن وتفسر كل تصرف يتصرفه ابنها بأنه عقوق.
- لأنها تريد ابنها أن يكون الأفضل في العالم: فأحياناً يكون هذا دافعها لتجعله يشعر بتأنيب الضمير لأنه أغضبها، فيتعلم من خطئه ولا يكرر التصرف مرة أخرى.
- شخصية الأم: كأن تكون حساسة كثيراً أو تحب لفت الانتباه لها أو أنانية أو مسيطرة.
بالرغم من أننا نكون حذرين جداً لئلا نغضب أمهاتنا مهما حصل، إلا أننا نغضبهن ونتسبب في إيلامهن أحياناً، لماذا؟
- سقف التوقعات: لأننا نتوقع أن تستحملنا دائماً وفي كل الأوقات والظروف؛ فقد تعودنا أن تكون معنا دائماً وتستحملنا منذ صغرنا، فنحن نعتقد أنها امرأة حديدية، وننسى أنها من لحم ودم ومشاعر مثلنا.
- الفجوة بين الأجيال: فما يناسبنا قد لا يناسب آباءنا من مبادئ وأفكار وأزياء وغير ذلك.
- انشغال الأبناء: فعندما يكبر الأبناء ينشغلون عن آبائهم وأمهاتهم وينسجمون في عالمهم الخاص بين العمل أو الدراسة والأسرة والأبناء مما يجعلهم أكثر بعداً عنهم وأقل تحملاً لهم.
- طبيعة المرحلة العمرية للأبناء: فغالباً تغضب الأم من أبنائها غضباً كبيراً بداية من مرحلة المراهقة نظراً لتحديات هذه المرحلة وصعوبتها على الأبناء والآباء؛ فقد يبدأ الابن المراهق بالتدخين أو تعاطي الممنوعات أو التعرف على أصحاب السوء والانخراط بهم، ناهيك عن أن الأبناء في هذه المرحلة يفضلون الأصدقاء على الأهل ويطيعونهم أكثر. وعندما ينتقل الأبناء لمراحل عمرية أكبر ويزداد بعدهم عن آبائهم وأمهاتهم تزداد المشكلات أو على الأقل مواقف سوء التفاهم بينهم.
قد يحصل خلاف بينك وبين أحد ما، فتقاطعه لعدة أيام أو حتى أشهر أو سنوات، وقد تقطع صلتك به طوال العمر، لكن الأم فعليك أن تصالحها فوراً إن أخطأت بحقها وأغضبتها حتى لو كانت هي المخطئة. لماذا؟
- لتتفادى غضب الأم: فالأم إن غضبت من أحد أبنائها لن ينور الله طريقه، وسيصاب بمشكلة تلو الأخرى بسبب هذا الغضب.
- لتريحها نفسياً: فمهما بدت الأم غير مهتمة، إلا أنها تبقى تنتظر مجيئك لها لمصلحتها لترتاح نفسيتها، وبالتالي تحميها من أعراض ارتفاع ضغط الدم وغيرها.
- لترتاح أنت نفسياً: فعندما تحمل على شخص ما فأنت الخاسر الأكبر؛ فستعاني من شعور بعدم الراحة الداخلية والاضطراب والندم أحياناً، وستسبب لنفسك أمراض كأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم.
- لئلا تغلق أبوابها المفتوحة لك: فليس هناك أهم من رضى الأم؛ فمن ينال رضاها يفتح الله له أبواب الرزق، كما أن وجودها بجانبك بحد ذاته اطمئنان؛ فقد تحتاجها في مشورة أو في أمر ما تفعله لك.
"ليت الآباء لا يشيبون ولا يمرضون ولا يحزنون ولا يرحلون"، يعتصرنا الألم عندما ترحل الأم عن الدنيا، فكيف لو رحلت وهي غاضبة منا! سنساعدك لتخرج من حزنك وندمك لتنهض من جديد بهذه الأمور:
- ترحم عليها باستمرار.
- دع ذكراها حاضرة دائماً: فاستذكر مواقفها الإيجابية وتكلم عنها لمن حولك.
- تبرع عن روحها: فتبرع بمقتنياتها، وكذلك ببعض المال والطعام كل فترة.
- نفذ وصاياها وأكمل مشوارها: فإن كانت تريد أن تعلم أخاك الصغير فعلمه أنت، وإن كانت تعتني بنباتات في حديقتها فأكمل أنت عنها العناية بهم.
- بر من كانت تحبهم: فأحسن إلى أهلها وصديقاتها وإلى اخوتك ووالدك.
- حاول أن تطلب منها السماح عن طريق التخاطر، فاستلقِ في مكان هادئ وأغمض عينيك وارخِ جسدك وتنفس تنفساً صحيحاً ببطء، ثم تخيل أن أمك قادمة إليك؛ تخيلها بكل تفاصيلها وبرائحتها المميزة وبابتسامتها المشرقة، ثم أوصل لها الرسالة التي تريد بوضوح واختصار كأن تقول "سامحيني"، وبعدها تخيل أنها قبلت الرسالة وهزت برأسها وابتسمت لك موافقة على مسامحتك، فابتسم وتخيلها تذهب ثانية بعد أن سامحتك، مع الحرص على التخيل الدقيق وكأن الأمر يحصل فعلياً على أرض الواقع، وأخيراً عد للتنفس البطيء وافتح عينيك، يمكنك أن تكرر هذه الطريقة أكثر من مرة.
تذكر دائماً أن الأم تبقى الأم مهما حصل ومهما بدر منها من تصرفات قد تزعجك، فلا تضع لحظة واحدة دون أن تنال رضاها حتى لو كان متوفية. أطال الله في أعمار أمهاتنا ورحم المتوفيات منهن.