يستمتع الكثيرون بمشاهدة الأفلام والمسلسات، فيدخلون إلى عالم المسلسل ويشاهدون الحدث ويتعاطفون مع الشخصيات، هذا أمر لا بأس به، بل أنه مفيد إن كان لحد مقبول، لكنه أحياناً يتحول لإدمان، وهذا ما سنناقشه في هذا المقال.
لمعرفة مدى تعلقك بالمسلسلات التركية أو الكورية أو العربية لا يكفي أن تحسب وقت مشاهدة هذه المسلسلات، أجب عن الأسئلة التالية لتقيّم مدى تعلّقك وإدمانك على المسلسلات:
هل تشعر بالراحة عند مشاهدة المسلسلات؟هل تستخدم المسلسلات كوسيلة للهروب من واقعك ومشكلاتك؟هل تجد نفسك تتقمص أدوار بعض الممثلين في المسلسلات وتقلدهم سواء باللباس أو طريقة الكلام أو الأفعال مثلاً؟هل تلاحظ أنك تنشغل بالتفكير بالمسلسلات وبحل ألغازها وبما يحدث بها، وقد تحاول العثور على المسلسل على اليوتيوب أو تسأل شخصاً قد حضره قبلك عما سيحدث فيه لأنك لا تستطيع الانتظار لتشاهده في اليوم التالي؟هل يشتكي منك أهلك أو أصدقاؤك بأنك تتكلم كثيراً عن المسلسلات؟هل ترى أن مشاهدتك للمسلسلات تأخذ الكثير من وقتك، وتمنعك من ممارسة نشاطات أخرى أو حتى واجبات عليك فعلها؟هل تشعر بالاكتئاب عندما لا تشاهد المسلسلات؟هل تشعر ببعض المشكلات الصحية (كمشكلات في النظر وآلام في الظهر والرقبة والصداع)؟هل تشعر أنك مقصر مع نفسك ومن حولك اجتماعياً؟هل حاولت تقليل وقت مشاهدة المسلسلات دون جدوى؟إن أجبت بـ "نعم" على معظم الأسئلة السابقة فهذا يدل أنك للأسف مدمن على مشاهدة المسلسلات فعلياً وتحتاج لخطة علاجية لتعديل سلوكك، وإن أجبت عن 4 أو 5 منها بـ "نعم" فعليك الحذر لئلا تتحول لمدمن عليها، أما إن كانت إجاباتك بـ "لا" أكثر من إجاباتك بـ "نعم" فأنت في السليم، ولا تعد مدمناً على مشاهدة المسلسلات.
كيف أترك المسلسلات؟!
اكتشف أسباب إدمانك على المسلسلات: ربما بدأت في مشاهدة المسلسلات بدافع الملل، أو للهرب من المشكلات أو العلاقات الاجتماعية، إن معرفتك للسبب يساعدك كثيراً في الإقلاع عن إدمان مشاهدة المسلسلات.احسب الوقت الذي تقضيه في مشاهدة المسلسلات: فعوّد نفسك على النظر للساعة بين حين وآخر واحسب الوقت الذي أمضيته في مشاهدة المسلسلات، يمكنك أن تضع منبهاً كل ساعة على جهازك الخلوي مثلاً.قلل وقت المشاهدة تدريجياً: فمن أهم أساليب التخلص من إدمان الشيء هو التقليل التدريجي منه وليس قطعه دفعة واحدة، فإن كنت تشاهد المسلسلات 6 ساعات يومياً عليك إنزالها إلى 5 ساعات بداية، وهكذا لتصل لعدد ساعات معقول للمتابعة.انتقِ الوقت المناسب: فلا تقرر أن تستغني عن مسلسل تحبه، وانتظر حتى انتهاء حلقاته، وكذلك لا تقرر أن توقف إدمانك على المسلسلات في شهر رمضان المبارك مثلاً، لأن الأمر لن يكون سهلاً عليك لكثرة الأعمال والمسلسلات في هذا الشهر.حاول الحصول على دعم من الآخرين: فقل لأفراد أسرتك أنك تريد الإقلاع عن عادة مشاهدة المسلسلات، وناقش معهم الأضرار التي تسبب لك فيها هذا الإدمان واطلب مساعدتهم ودعهم لك.صعّب مشاهدة المسلسلات على نفسك: فعندما تريد التخلص من عادة سيئة فعليك تصعيبها على نفسك؛ كأن تبعد جهاز التحكم عن بعد "الريموت" عنك فتخبئه أو تضعه بجانب التلفاز، أو أن تجبر نفسك على دفع مبلغ من المال لأحدهم في كل مرة تشاهد فيها المسلسلات أكثر من الوقت المحدد.تخلص من العزلة ووقت الفراغ: فأحط نفسك بأفراد أسرتك وبأصدقائك ومعارفك، وابنِ علاقات اجتماعية مع الناس، ومارسوا معاً أنشطة متنوعة تحبونها كالمشي أو السباحة أو التطريز أو القراءة.خطط ليومك بشكل أكثر دقة: فلا تترك نفسك دون تخطيط، خطط ليومك والتزم بخطتك وحدد أوقاتاً للنشاطات المختلفة بما فيها مشاهدة المسلسلات، واربط المشاهدة بإنجازات معينة.ابحث عن بدائل: فإن قررت ترك مشاهدة المسلسلات دون أن تجد شيئاً بديلاً تفعله فإنك لن تنجح غالباً، لأن عليك إحلال عادة مكان عادتك السيئة التي تود التخلص منها، فمثلاً ضع بجانبك رواية وابدأ بالقراءة كلما وجدت أنك تود فتح التلفاز لمشاهدة مسلسل.حدد المقدمات والمغريات وتجنبها: فقد يسبق فتحك للتلفاز لمشاهدة مسلسل شعورك بالملل أو قد تكون من الناس الذين يفتحون التلفاز بمجرد وصولهم للمنزل من العمل، أو ربما عندما تشرب القهوة تحب أن تشربها وأنت تشاهد مسلسلاً، حدد هذه الأمور وحاول تجنبها أو ربطها بأمر آخر غير المسلسلات.اطلب مساعدة المختصين: إن حاولت التخلص من هذا الإدمان دون جدوى، فلا تخجل من استشارة الاختصاصي النفسي.لإدمان المسلسلات عدة أسباب تحفز الشخص على الانغماس فيها وإدمانها، منها:
المسلسلات مصنوعة لتتعلق بها:صانعو الأفلام -من خلال التمثيل والتصميم والحركة والصوت والتحرير - يعرفون بالضبط كيف يوجهون انتباهنا، يقول والتر مورتش محرر الأفلام الحائز على جائزة الأوسكار ومؤلف كتاب In the Blink of an Film: A Perspective on Film Editing)) أن صانعي الأفلام الجيدين يجب أن يكونوا على دراية بعلم نفس المشاهد: "ما الذي سيفكر فيه الجمهور، وفي أي لحظة، ما الذي تريدهم أن يفكروا فيه ويشعروا به أيضاً" وأبرز هذه الوسائل:- عرض تجارب سمعية وبصرية تحفز العقل: وسيلة إبداعية وجذابة لرواية القصص من خلال تطوير تجربة سمعية بصرية تحفز عقولنا بالكامل وتشغلها بطريقة تجعلنا منبهرين بما نشاهد ومتعطشين للمزيد منه.
- لمس المشاعر: لعل هذه من أكثر الحيل استخداماً من قبل صانعي المسلسلات لجذب الجمهور.
- الممثلون أنفسهم: فأحياناً يتم اختيار ممثلين جذابين أو محبوبين للقيام بأدوار معينة لضمان نسب مشاهدة عالية، وخاصة من قبل فئة الشباب.
الشعور بالوحدة: يؤدي الشعور بالوحدة إلى البحث عن مصادر للتسلية وربما البحث عن عالم موازي غير واقعي، وعادةً ما تكون المسلسلات والأفلام من الأشياء التي يتعلق بها من يشعرون بالوحدة، لكنها فعلياً تزيد من عزلتهم ووحدتهم.وقت الفراغ: فأسهل شيء تفعله في حال كنت تملك الكثير من الوقت غير المستغل هو أن تجلس أمام شاشة التلفاز وتشاهد المسلسلات.حب تقمص الأدوار: الدراما تولّد لدينا شعوراً من التعاطف مع الشخصيات، هذا الشعور يتطور في لحظة ما إلى الرغبة بعيش هذه الشخصية وتقمصها، وهذا طبيعي في معظم الأحوال، لكن البعض قد يبالغ بتقمص الشخصيات ما يدفعه إلى البحث الدائم عن شخصيات جديدة تثير لديه الرغبة بتقليدها وتقمصها.الهروب من الواقع: في كثير من الحالات لا يكون إدمان المسلسلات إلّا طريقةً للهروب من الواقع بمجمله أو بعض تفاصيله، فقد تلجأ للمسلسلات للهروب من الدراسة أو مهام العمل أو مسؤوليات البيت، أو لتعزل نفسك عن التفكير بأمرٍ ما يؤرقك.التعود على المسلسلات: الإدمان على المسلسلات كغيره من أنواع الإدمان السلوكي يرتبط بالتعود، فالكثير من الناس أدمنوا مشاهدة المسلسلات خلال فترة الحجر المنزلي مثلاً، لكنهم حتى بعد استئناف أعمالهم لم يتمكنوا من ترك المسلسلات والتعلق بها بسبب التعود على روتين المشاهدة.الاهتمامات الفنية: لا شك أن بعض حالات إدمان المسلسلات ترتبط بميول فنية، ويكون السبب بالتعلق بالمسلسلات هو الرغبة بالتعلم منها والمقارنة بينها والرغبة بمعرفة أسرار صناعة الدراما.إضاعة الوقت: فبدلاً من ممارسة الهوايات وأداء الأنشطة المهمة والمفيدة، تجد الشخص يقضي جل وقته أمام الشاشة بمتابعة المسلسلات، ما يسبب التسويف وضعف الأداء في الدراسة والعمل والعلاقات.العزلة الاجتماعية: فيفضل الشخص التفاعل مع التلفاز والمسلسلات بشخصياتها الوهمية عن التفاعل مع الأشخاص الحقيقيين، وبدلاً من أن تكون طريقةً للترفيه والتسلية تصبح سبباً للعزلة الاجتماعية.اضطرابات النوم: فقد ربطت دراسة أجريت عام 2081 الإدمان على مشاهدة التلفاز بمشاكل النوم واضطراباته، من تقطع النوم وتقلب فتراته وانخفاض جودته، فضلاً عن تأثير المسلسلات على الأحلام خصوصاً من يشاهد المسلسلات العنيفة أو المرعبة.زيادة الوزن: فلا شيء يؤدي للسمنة أكثر من الجلوس أمام الشاشات بلا حراك، وخاصة عندما تفتح شهيتنا على الأكل وتناول المقرمشات والتسالي غير الصحية خلال ساعات المشاهدة الطويلة.التوتر المستمر: فالإضافة للأمور العديدة التي تسبب لنا التوتر في حياتنا اليومية، إلا أن الشخص المدمن على مشاهدة المسلسلات يكون أكثر توتراً لتفكيره بشخصيات المسلسلات التي يتابعها ومحاولته حل مشكلاتهم، إضافة لما تثيره المسلسلات لديه من أفكار وحوارات داخلية.مشكلات جسدية: كالصداع المستمر ومشكلات وآلام في الظهر والرقبة والأكتاف نتيجة الجلوس لفترة طولية أمام الشاشة أو الاستلقاء في السرير دون حراك.تكوين علاقات وهمية: فقد يصل الشخص لمرحلة أنه يحب ممثل معين ويتوهم بأنه في علاقة معه، ويتعلق بشخصية من شخصيات المسلسل لدرجة مبالغ بها تجعله يغترب عن الواقع.التأثر بالمسلسلات: وخاصة أن معظم المسلسلات والأفلام تروي أحداث غير حقيقية أو لا تراعي عاداتنا وأخلاقنا وثقافتنا، فقد يؤثر هذا على المشاهد ويغير من قناعاته ومبادئه وخاصة إن كان طفلاً أو مراهقاً. يرتبط تأثير المسلسلات على العقل بإطلاق هرمون الدوبامين عند مشاهدة المسلسلات المفضلة وارتباط مشاهدة المسلسل بمنطقة المكافأة في الدماغ وشعور السعادة المبهم بغض النظر عن جودة العمل الدرامي، هذا يتطابق مع جميع أنواع الإدمان السلوكي بل وحتى الإدمان على المخدرات.
كما تحفّز المسلسلات الدماغ على إطلاق الأدرينالين لخوض تجربة الإثارة والتحفيز! وتجعلنا نعيش تجربة ممثلة لركوب الدودة في مدينة الملاهي لكن دون أن نبرح السرير.
وقد تؤدي مشاهدة المسلسلات والبرامج التلفزيونية لإضعاف القوى العقلية والإدراكية مع التقدم بالسن، حيث تشير الدراسات إلى أن النساء اللواتي شاهدن المسلسلات كنّ أكثر عرضة لتشتت الانتباه 13 مرة، واللواتي شاهدن البرامج الحوارية بكثافة وانتظام كنّ أكثر عرضة لمشاكل الذاكرة طويلة الأمد حوالي 7 مرات، كما أظهرت الأبحاث أن مشاهدة حلقات متتالية من المسلسلات أو البرامج التلفزيونية تحفز العقل وتثيره مسببةً مشاكل كبيرة في جودة وانتظام النوم.
اكتئاب ما بعد المسلسل
اكتئاب ما بعد المسلسل هو مجموعة من المشاعر السلبية التي تسيطر على الفرد بعد نهاية المسلسل، قد ترتبط هذه المشاعر بقصة المسلسل نفسه مثل الشعور بالحزن بسبب نهاية البطل أو التعاطف مع شخصيات المسلسل المظلومة، أو قد ترتبط بالحوار الداخلي المتعلق بقصة المسلسل مثل التفكير بعدالة الدنيا والحظوظ فيها.
وقد يرتبط اكتئاب ما بعد المسلسل أيضاً بمشاعر النقص والدونية خصوصاً المسلسلات الكورية والتركية التي تصور أنماطاً غير اعتيادية من المنازل والقصور أو أنماطاً عجيبة من الرشاقة والجمال والوسامة، كما يمكن النظر للمسلسلات كمحفزات للأفكار الاكتئابية نتيجة تشابه بعض شخصياتها مع المشاهد أو تشابه بعض أحداثها المؤلمة مع تجارب مرّ به المشاهد بنفسه.
المصادر و المراجعaddremove
أحدث أسئلة قضايا نفسية