-

كيف أسامح شخص جرحني وظلمني؟

كيف أسامح شخص جرحني وظلمني؟
(اخر تعديل 2024-09-09 11:09:39 )

عندما تتعامل مع الآخرين ومهما حاولت أن تكون لطيفاً ومراعياً للغير ستجد نفسك في بعض المواقف التي تتعرض فيها للظلم ويجرحك شخصٌ ما، قد يكون لهذه الإساءة أشكالٌ مختلفة ودرجات متعددة فقد تأتي على هيئة خيانة من شخصٍ مقرب كصديق أو حبيب أو على شكلٍ سوء تفاهمٍ أدى إلى بعض المشاكل والخلافات.
مهما كان شكل الظلم الذي تعرضت له فهو يترك حتماً جرحاً بداخلك يجعلك تشعر بالألم والحزن وتتعذب من الداخل، ولهذا قد يكون من الصعب عليك أن تُسامح من تسبب لك بهذا الأذى وقد تسأل حتى "لم يجب عليّ أن أسامح وكيف يمكنني أن أسامح أساسا".

عند التعرض للأذية قد تجد الكثيرون صعوبةً في مسامحة من ظلمهم وقد تقول لنفسك أنك لن تكون قادراً على العفو إطلاقاً وهذا يعود بشكلٍ كبير إلى الفهم الخاطئ للمسامحة، فالمفهوم الشائع للعفو هو نسيان ما حصل والادعاء بأن الألم الناتج لم يكن أمراً جللاً واستعادة العلاقة السابقة ولكن هذا ليس صحيحاً.
العفو بمفهومه الأصح هو أن تختار بنفسك التخلي عن مشاعر الغضب والألم والرغبة في الانتقام، وقد يلي ذلك أن تتقبل فكرة أنّ ما حصل في الماضي أصبح جزءاً من الماضي الآن وتتخطى الأمر.
ما يجب أن تُدركه جيداً هو أنّ العفو ليس شيئاً تقدمه للآخرين بقدر ما هو أمرٌ تُقدمه لنفسك، فالسماح يبدأ من داخلك ويُساعد على إصلاحك من الداخل وشفاء جروحك العاطفية وتخفيف الآلام التي تشعر بها. عندما تعفو عمّن ظلمك وتقول أنّ الأمور بخير فأنت تُزيح عن كاهلك ثقلاً عظيماً وتتخلص من مشاعر متشابكة فتتمكن من متابعة حياتك بقلبٍ خفيف يشعر بالراحة. [1]

لا بد أن تعلم أنّه لا يوجد طريقٌ ثابت ومحدد للغفران والصفح ولا يوجد أي خطواتٍ بسيطة يمكنك اتباعها لتغفر لمن آذاك وجرحك، طريق الغفران أياً كان سيكون صعباً ومليئاً بالحزن والغضب وهذا طبيعي فأنت مجروح والألم هو رد فعلك الطبيعي، ولكن عليك أن تتذكر أنّ الغفران هو لك وليس لمن آذاك وفوائده ستعود عليك بشكلٍ أساسي. [4،5]
خلاصة القول أنّه لا يوجد أي إجابة واضحة وصريحة لسؤال "كيف أسامح شخص جرحني وظلمني" ولكن هناك بعض النصائح التي يمكن أن تُساعدك على إيجاد طريقك:

  • عالج الألم الذي انتابك من هذا الشخص: قد تكون هذه هي الخطوة الأكثر أهمية فلا يمكنك أن تُسامح أحداً على جرح تسبب به دون أن يكون قد التأم. قد يكون الوقت كفيلاً بشفائه في بعض الأحيان وقد تحتاج إلى استشارة شخصٍ مختص كمعالجٍ نفسي وفقاً لحالتك، ولكن الأمر المهم ألا تُحاول إهمال مشاعرك.
  • توقف عن العيش في الماضي: الجرح والأذى قد حصلا في الماضي وآلماك، ولكن عليك ألا تتوقف هناك وأن تستمر في حياتك.
  • أعد تواصلك مع ذاتك: حاول أن تستعيد توازنك الداخلي وانسجامك مع ذاتك واجلس وفكر فيما حصل بشكلٍ موضوعي وهادئ، ضع نفسك في مكان الأطراف الأخرى وفكر بما كانت وجهات نظرهم.
  • خذ وقتك في التعافي: المسامحة والتعافي تتطلب الوقت لشفاء الجروح وتجاوز المشاعر السلبية، لا تضع لنفسك مواعيد نهائية أو تتوقع أنك ستكون قادراً على تجاوز ما حصل بسهولة، دع الوقت يشفي جراحك ويقوي نفسك من الداخل وستصل في النهاية وتكون قادراً على المسامحة.
  • عبر عن مشاعرك: قد لا يختفي عضبك وألمك تماماً، حتى لو سامحت ولهذا من الضروري كل أن تعبر عن مشاعرك وتتحدث بها لصديقٍ أو شخصٍ تثق به.
  • ارسم حدوداً جديدة: قد يكون من الجيد أن ترسم بعض الحدود الجديدة في التعامل لأن مسامحتك لشخصٍ ما لا يعني أنّ عليك أن تسمح له بإيذائك من جديد.
  • قبل أن تُسامح شخصاً ما لا يكفي أن تعرف ما هو الغفران، بل يجب أن تعرف ما هي الأشياء التي لا يتضمنها أيضاً، هناك الكثير من المفاهيم الخاطئة التي يعتقد البعض أنّها ترتبط بالغفران ومن أهمها:

    • عندما تُسامح شخصاً عليك أن تنسى ما قام به من أذية: من المؤكد أنك قد سمعت بمقولة سامح وانسَ، ولكن هذا لا يجب أن يحصل، مسامحتك لشخصٍ ما لا يُلغي الأذى الذي أصابك، ليس عليك أن تنسى ما تسبب به هذا الشخص ولكنك ستتمكن من تجاوز الألم الذي تسبب به.
    • الصفح سيعيد العلاقة لما كانت عليه في السابق: من الممكن أن يحدث هذا، ولكنه اختيارك الشخصي، من الممكن أن تُسامح وتُحول العلاقة إلى علاقة رسمية أو أن تقطعها حتى فالغفران لا يعني أن عليك أن تثق بالشخص من جديد.
    • الغفران يُعفي من آذاك من العواقب: قد يعتقد البعض أنّ مسامحتك لشخصٍ ما يبرئه ويمحي سجله الأسود، ولكن الأمر غير صحيح، عندما تُسامح فأنت تُحرر نفسك من قيود الغضب دون أن تبرئ الشخص مما فعل.
    • لا يجب أن تُسامح شخصاً دون أن تشعر بأنك قادر على مسامحته: الصفح ليس شعوراً بل هو قرار وهو قد يكون قراراً صعباً ولكنه مفيد لك، قد تُسامح شخصاً وأنت ما زلت تحمل نحوه مشاعر الغضب والألم وهذا لن يكون شكلاً من النفاق، ولكنه سيكون وسيلةً للتحرر من ألم الأذية والاستمرار في الحياة.

    قد يكون العفو ومسامحة الشخص الذي ظلمك علاجاً فعالاً لكل من روحك وجسدك بالمعنى الحرفي، فعندما تُسامح ستحصد العديد من الفوائد على مستوى الصحة النفسية والجسدية في آنٍ واحد. أهم فوائد العفو عمن جرحك وظلمك وفقاً للدراسات والأبحاث الطبية هي: [2]

    • تقليل ضغط الدم: عندما تُسامح وتعفو عما مضى فأنت تتحرر من التوتر والقلق وبالتالي تقل معدلات ضربات القلب وينخفض ضغط الدم عائداً إلى مستوياته الطبيعية، تقليل ضغط الدم يعزز من صحة القلب وجهاز الدوران ويؤثر بدورة على صحة الجسم بشكلٍ عام.
    • تحسين جودة النوم لديك: عندما تحمل أحقاداً تجاه من تسبب لك بالأذى فأنت ستبقى مشغول الفكر بشكلٍ مستمر وسيمنعك الأمر من الاسترخاء والشعور بالراحة، وفي المقابل عندما تُسامح ستغمرك الراحة وتكون قادراً على النوم بشكلٍ أفضل وتنعم بحياة هانئة.
    • تعزيز صحة القلب: وفقاً لجمعية القلب الأمريكية فإنّ حمل الأحقاد يُضر بقلبك حرفياً حيث أنّ مشاعر الغضب التي تشعر بها نحو من تسبب لك بالأذية تزيد مخاطر الإًصابة بأمراض قلبية وخاصة لدى الرجال في أعمار متقدمة. بينما عندما تهدأ وتأخذ نفساً عميقاً وتُسامح فأنت تحمي قلبك وتُحافظ عليه بصحةٍ أفضل.
    • يحميك من مخاطر تعاطي المواد المضرة: من الممكن أن تدفع مشاعر الألم والغضب بعض الأشخاص للجوء إلى مواد مضرة كالمخدرات أو المشروبات الكحولية لتوفير الراحة والتخلص من الألم، وتجنب مخاطر هذه المواد هو أحد أهم الفوائد الصحية لمسامحة الآخرين حيث أنّه سيساعدك على التخلص من الألم بشكلٍ سليم.

    تأثير مسامحة الشخص الذي قام بجرحك لا تقتصر على صحتك الجسدية بل تمتد إلى صحتك النفسية، فحيث أنّ العفو هو عملية تبدأ من داخلك وهدفها هو أنت ستنقلك من حالةٍ نفسية إلى أخرى مختلفة تماماً. مسامحة الآخرين يساعد على: [3]

    • تقليل مستويات التوتر: عندما تعفو عمن أخطأ في حقك فإنك تتوقف عن التفكير في إساءته إليك وما تسبب به من ألم وخذلان وبالتالي تتوقف تلك الأفكار المتكررة والمستمرة والتي تُسبب لك ضغطاً نفسياً كبيراً وتنزاح عنك أعباء ثقيلة
    • تقليل السلوكيات العدائية: أخد المراحل الأساسية في الغفران هي أن نتوقف عن كوننا عدائيين مع أنفسنا ومع الآخرين ولذلك من الطبيعي أن تُساعدك مسامحة من آذاك على تقييد السلوك العدائي وضبط النفس بشكلٍ أفضل فتتوقف عن السلوكيات العدائية التي تظهر بشكل عفوي وتقل مشاعر الغضب المفاجئة.
    • تقليل أعراض الاكتئاب: الشعور بالألم والأذى يمكن أن يدفعك للسير في طريق الاكتئاب والمشاعر السلبية ويستهلك طاقتك، وفي المقابل يدفعك الصفح في الاتجاه المعاكس ويُساعدك على التركيز على النواحي الإيجابية والابتعاد عن التفكير السلبي.
      وبما أنّ الصفح يقلل من أعراض الكآبة فهو يحميك من الوصول للأفكار الانتحارية التي قد تدفعك نحو إيذاء نفسك.
    • تقليل أعراض القلق: مع الشعور بالألم تبدأ الأفكار السلبية بالظهور وتأتي الشكوك فيمكن أن تشعر بأنك قمت بأشياء مريعة وقد ينتابك إحساس بالذنب، ولكن عندما تغفر ستكون قد أعدت التفكير بالأمر بشكل أكثر منطقية وهو ما سيساعدك على تبديد أحاسيس الذنب وتقليل نوبات القلق.
    • تحسين علاقاتك مع الآخرين: عندما تتمكن من مسامحة من آذاك سوف تُلاحظ أنّ كافة علاقاتك ستتأثر بشكلٍ إيجابي، علاقاتك مع الأصدقاء والشريك وحتى زملاء العمل سوف تنتقل إلى مستوى مختلف وستلاحظ مستويات أعلى من التفاهم وانخفاض المشاكل الشخصية مع الآخرين.

    في الختام... يجب أن تعلم أنّ الصفح ومسامحة الشخص الذي آذاك لن يجعلاك شخصاً ضعيفاً يتخلى عن حقوقه، بل شخصاً قوياً قادراً على متابعة حياته فلا يجب أن تدع آلامك توقف مسيرة حياتك وتحولها نحو طريقٍ مظلم.

    المصادر و المراجعaddremove

  • مقال Crystal Raypole "كيف تسامح شخصاً ما" منشور على موقع healthline.com، تمت المراجعة في 26/11/2021
  • مقال "4 فوائد للغفران" منشور على موقع thinkhealth.priorityhealth.com، تمت المراجعة في 26/11/2021
  • مقال Ana Holub "فوائد صحية للغفران" منشور على موقع wisdomtimes.com، تمت المراجعة في 26/11/2021
  • مقال Maili Tirel "نصائح لمسامحة من قام بأذيتك عاطفياً" منشور على موقع trackinghappiness.com، تمت المراجعة في 26/11/2021
  • مقال "خطوات لمسامحة شخص يستمر بإيذائك" منشور على موقع happyproject.in، تمت المراجعة في 26/11/2021
  • مقال Dawson McAllister "خرافات عن الصفح" منشور على موقع thehopeline.com، تمت المراجعة في 26/11/2021
  • أحدث أسئلة تطوير الذات