هل تنجح تجارب الزواج عن طريق
قد تستغرب أحياناً أن هناك بعض الرجال والنساء ما زالوا يلجؤون للزواج عن طريق الخاطبة هذه الأيام. فلماذا؟ وما هي حسنات وسيئات الموضوع؟ والسؤال الأهم هو "هل تنجح تجارب الزواج عن طريق الخطّابة، وخاصة في زمننا هذا؟" ستجد الإجابة عن هذا السؤال من خلال قراءتك لهذا المقال.
كأي تجربة زواج، فإن تجارب الزواج عن طريق الخطابة أو الخاطبة تحتمل النجاح أو الفشل، وذلك عتماداً على عدة أمور، منها ما يجب أن يتحقق قبل الزواج أي أثناء التعارف بين الاثنين، ومنها ما يجب أن يستمر وتقوم عليه العلاقة وهي القواعد الأساسية للزواج الناجح التي سنذكرها لاحقاً بالتفصيل.
أما الأمور التي يجب أن تتحقق قبل الزواج فأهمها:
- أن يتم الأمر بشكل معلن: يجب أن يتم إعلام المرأة وأهلها أن هذا الرجل يود التعرف عليها عن طريق خطابة، فهناك من الفتيات والنساء من لا يحبذن الزواج بهذه الطريقة، وهذا أمر يعود لهن.
- أن يقتصر دور الخاطبة على الترشيح: بأن ترشح للرجل امرأة معينة حسب المواصفات التي يريد، ومن ثم تنسحب ليكمل الاثنان الطريق بالتعرف على بعضهما بالطريقة التي يرانها تناسبهم وتناسب عائلاتهما ومجتمعهما.
- أن يتم الحفاظ على كرامة المرأة واحترامها: فلا يتم معاملة المرأة من قبل الرجل أو الخاطبة أو أي شخص آخر وكأنها بضاعة تتم معاينتها قبل الموافقة عليها، وكذلك ألا يتم التصغير من الرجل الذي لجأ للخاطبة ومعاملته بأنه متأخر أو منغلق أو أي شيء من هذا القبيل.
- أن تتم العملية بموضوعية تامة: فهناك من الخطابات من تتفق مع أهل الفتاة بأن يقولوا أن ابنتهم تمتلك جميع المواصفات التي طلبها الرجل حتى يزوجوا هم ابنتهم، ولتضمن هي المقابل المتفق عليه مع الرجل، ومن ثم يتم اكتشاف الحقيقة بعد فوات الأوان. ويحصل ذلك عادة في الأمور التي لا تكون ظاهرة أو التي يصعب اكتشافها قبل الزواج أو قبل انقضاء وقت طويل على العلاقة. وكذلك هناك منهن من يتفقن مع العريس بأن يبحن بصفات غير موجودة فيه أو أن يبالغن بمدحه للتأثير على الفتاة وأهلها.
هناك من الأزواج ممن يعتبر زواجهم ناجحاً قد تعرفوا على بعضهم عن طريق الخاطبة، وتراهم يذكرونها بالخير كلما تذكروا أنها كانت السبب في تعارفهم وزواجهم، فما هي حسنات تجارب الزواج عن طريق للخاطبة؟ ولماذا قد تنجح هذه التجارب أحياناً؟
- تعرف الأشخاص على بعضهم: تسهّل الخاطبة جمع الأشخاص المناسبين مع بعضهم وتختصر في بعض الحالات عناء البحث عن عروس أو عريس، وتوفر فرصة أكبر لوجود صفات مشتركة تجعل الفتاة والشاب أكثر قابلية للاستمرار في العلاقة وتتويجها بالزواج.
- تحقيق منافع متبادلة للجميع: حيث يتحقق اللقاء بين رجل وامرأة قد ينتهي بالزواج ويكون زواجاً سعيداً، كما تحقق الخاطبة فائدة مادية من هذه الخدمة.
- التخلص من الإحراج: وخاصة من طرف الفتاة وأهلها عندما يلجؤون للخطابة بهدف الزواج دون أن يضطروا أن يمدحوا ابنتهم أمام الناس أو أخذها لكل مكان ليراها الناس بحثاً عن عريس محتمل. وكذلك التخفيف من إحراج أم العريس التي قد لا ترغب أحياناً بزيارة بيوت الناس بحثاً عن عروس لابنها إن قرروا الزواج بالطريقة التقليدية.
- إتاحة الكثير من الخيارات: فعندما يلجأ الشخص للخطابة للبحث عن شريك له يكون أمامه المزيد من الخيارات، بدلاً من أن ينحصر في بيئته ومعارفه الذين قد لا يجد من ضمنهم الشريك المناسب.
- لا يضطر أحد لتقديم التنازلات: فعندما يقترب الشاب من سن الزواج وكذلك الفتاة يضعون قائمة من الشروط التي يودون أن تتحقق في الشريك ليقبلوا به، ولكنهم عندما يتقدمون في السن قليلاً ويصدمون بالواقع أحياناً يبدؤون بالتنازلات، فقد تقبل الفتاة بالزواج من رجل بمواصفات لا تعجبها فعلياً ولا تلبي احتياجاتها ومتطلباتها خوفاً من أن يفوتها القطار. لكن عندما يلجؤون للخاطبة فسيكون لديهم فرص أكبر وبالتالي هناك فرص أكثر ليجدوا الشريك الذي كانوا يتمنون.
- قد يكون الزواج التقليدي أنجح: إذا قارنا الزواج عن طريق الخاطبة أو حتى الزواج التقليدي عن طريق الأهل بزواج الحب، نجد أن الزواج التقليدي أنجح حسب الدراسات لأنه غالباً ما يكون مبنياً على رغبة العقل وليس رغبة القلب؛ فالقلب يجعل الشخص يتغاضى عن الأخطاء أو لا يراها، وبعد فترة يصدم بها بعد فوات الأوان. [2]
قد لا تنجح تجارب الزواج عن طريق الخاطبة لعدة أسباب منها:
- التوفيق دون معرفة الأشخاص: في معظم الأحيان لا تكون الخاطبة تعرف الرجل ولا المرأة حق المعرفة، ويطلب منها أن تقول عنهما معلومات معينة قد لا تكون صحيحة أحياناً، أو قد تبالغ ولا تقول الحقيقة كما ذكرنا.
- الوصمة الاجتماعية للزواج عن طريق خاطبة: قد لا يفضل الكثير من الناس هذه الأيام اللجوء للخطابة، ويعتبرون الناس الذين يلجؤون لها متخلفين عن الركب، أو ليس لديهم فرص للزواج مما أفقدهم الأمل وجعلهم يلجؤون لها، وقد يعاير الزوج زوجته التي تعرف عليها عن طريق الخطابة أحياناً بهذا.
- الاحتيال والتلاعب: قد تحدث الكثير من العلاقات التي قد لا يقصد أحد الطرفين منهما الزواج، ويتم التلاعب بالطرف الآخر وبعواطفه وخداعه بحجة الزواج.
- الاستغلال المادي: تستغل بعض الخطابات أحياناً الناس ويشترطون "الدفع قبل المعاينة" كما يقولون، وبهذا يكسبون أموال طائلة من الناس ويخدعونهم.
بشكل عام إن أفضل طريقة ليتعرف الرجل والمرأة على بعضهما هي أن يجدا بعضهما دون اللجوء لأحد، لكن أحياناً يلجأ البعض للاستعانة بالخاطبات للمساعدة في العثور على الشريك المناسب للأسباب التالية:
- التعود على هذه الطريقة: فمن الناس من تعود على هذه الطريقة في الخطبة، وتراهم يتعاملون مع حاطبة معينة.
- قلة العلاقات الاجتماعية خاصة هذه الأيام: فهذه الأيام لم تعد الأمهات تعرف الكثير من الفتيات، كما ترفض بعضهن الدخول للبيوت لطلب فتيات لأبنائهن.
- لجوء بعض الخطابات للإنترنت: فنشأت مواقع إلكترونية متخصصة تديرها الخطابات، وكذلك بعض المجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي، مما جعل الناس تعود للجوء إليهن، وخاصة أنهن يستطعن إخفاء هويتهن عند البحث عن شريك.
- خوف بعض الفتيات من العنوسة: فقد تلجأ الفتاة نفسها ببخاطبة أحياناً أو قد يفعل أهلها ذلك، وخاصة عندما تخاف من أن يفوتها قطار الزواج.
سواء كان التعارف والزواج بين الزوجين قد تم عن طريق الخاطبة أو عن طريق أصدقاء مشتركين أو حتى عن طريق اللقاء المباشر والوقوع في الحب أو أي طريقة كانت، فهناك قواعد أساسية يجب أن يتبعها أي زوجين ليكون زواجهما ناجحاً أهمها: [1]
- اعلما أن خلافاتكما صحية: فمن الطبيعي ألا تشتركا في الآراء والتصرفات والعادات ووجهات النظر وأسلوب الحياة، وأن يوافق كل منكما على كل شيء يصدر من الآخر بسلاسة ودون انزعاج مهما بلغ الحب والتفاهم بينكما، فالخلافات التي تحصل بين الزوجين طبيعية جداً، ولكن المهم في الموضوع هو أن يعرف كلاهما حدوده ولا يتعداها، وأن يستشعر متى عليه أن يقف أو يتراجع ويحل الخلاف، وأن يستمع كل منهما للآخر ويتفهمه، ويسامحه على زلاته.
- التقبل والمساعدة على التطوير: فقبولك بالزواج من هذا الشخص بالذات واختيارك له من بين الكل يعني ضمناً أنك موافق على شكله وصفاته وأطباعه ونمط حياته، أو على الأقل متقبل لمعظمها، وهذا لا يعني ألا تساعده على التطور الشخصي أو المهني؛ فقد تجد أن شريكك يتصف بالخجل الاجتماعي وتساعده على التخلص من هذا.
- التركيز على نقاط القوة: فبعد أن يفهم ويتقبل كل من الزوجين الآخر ويعرف نقاط قوته ونقاط ضعفه، على كل منهما أن يستخدم نقاط قوته في مصلحة شرمة الزواج؛ فإن كان أحدهما مبدعاً في الأمور المالية والآخر لا يجيد إدارة المال فيجب أن يتحمل الأقدر على إدارة المال الشؤون المالية للأسرة، وصاحب المهارة في الطبخ يمكنه أن يتحمل مسؤولية المطبخ أو على الأقل أن يشارك شريكه في الطبخ ويضع لمساته الأخيرة. مع التأكيد أن هناك أمور معينة يجب ألا يقوم بها شخصاً واحداً منهما لأنها تحتاج للتشاركية بينهما كتربية الأبناء مثلاً؛ فلا يجوز أن يتولى تربيتهم الشخص الذي يمتلك مهارة أعلى في التربية والتعامل مع الأطفال بينما يرفع الآخر يده عن الموضوع.
- لا تنتظر من الشريك أن يشبهك ولا أن يكملك: فلا يجب أن يشبه الأزواج بعضهما في كل شيء وأن يكون كل منهما توأماً للآخر؛ فالاختلاف مطلوب وصحي، ولا يجب كذلك أن يكمل أحدهما الآخر؛ فإذا كان الزوج يفتقر لمهارات معينة تلزمه لأداء مهمة ما أن تكون هذه المهارات موجوة عند زوجته؛ فهذا ليس بالأمر الموجود على أرض الواقع. فإن كنت تشعر بأن هناك أمور معينة تنقصك فحاول أن تسدها في نفسك وأن تحصل أنت عليها وليس أن تبحث عنها فيه هو؛ فإن كنت شخصاً غير اجتماعي فتدرب أن تكون اجتماعياً أكثر وانخرط بالناس بدلاً من أن تجلس في المنزل منعزلاً وتطلب منه هو أن يقوم بالواجبات الاجتماعية عنك لأنه يجب أن يكملك. تدرب وخذ دورات واقرأ لتطور من نفسك.
- تعلما فعل أمور معينة معاً: فإن كنتما تشتركان في الرغبة في تعلم فنون الطبخ فخذا دورة معاً، وتمشيا مع بعضكما، واذهبا للسينما معاً؛ ففعل أمور معاً يقوي الروابط بينكما ما يثري علاقتكما ويحسنها.
- انجذبا لبعضكما: فمن قال أن الانجذاب للشريك أمر لا إرادي! أو أنه يتلاشى مع الزمن! فيمكنك أن تقرر أن تنجذب لشخص ما بالتركيز على الأمور التي تعجبك فيه وألا تركز على ما لا يعجبك، أقنع نفسك أن شريكك هو أفضل شخص لك لتكمل حياتك معه وأنه يستحق أن تحبه وتنجذب إليه.
- تواصلا معاً بطرق مختلفة: فلا شك أن التواصل هو من أهم المهارات الإنسانية؛ فعندما تتواصل مع شخص ما فإنك تغوص بداخله وتفهمه، وهو كذلك. فإن صدر تصرف لم يعجبك من شريكك وتكرر فلا تسكت عنه وتنتظر منه أن يقوم بردة فعل تجاهك، فقد لا يكون على علم بأنك قد تضايقت؛ فأخبره بماذا شعرت وتواصلا ليحل الخلاف وتتقارب وجهات النظر. تواصلا بالكلمات المحكية وبلغة الجسد ليستمع كل منكما لما يقال ولما لا يقال من زوجه، وأرسلا لبعضكما الرسائل بين الحين والآخر، فليس أجمل من أن تتلقى رسالة من شريكك وأنت في عملك للاطمئنان عليك ولتمني يوم جميل لك.
- اضحكا معاً: فالضحك يقوي العلاقات؛ فشاركا النكات معاً، وشاهدا أفلام كوميدية معاً مثلاً.
- حافظا على الاحترام واللطف: فلن تنجح أي علاقة ليس أساسها الاحترام، وليكن كل منكما لطيفاً مع الآخر؛ يتفهم مشاعره ويقدر جهوده ولا يجرحه، وليكن الانتقاد إن لزم الأمر مزجهاً للتصرف والسلوك الذي صدر عن الشريك وليس لشخصه؛ كأن تقول له أنه لم يعجبك تصرفه عندما انتهى من تناول الطعام وذهب للنوم فوراً دون أن يساعدك في التنظيف، وليس أن تتهمه بأنه كسول واعتمادي حتى لو كان ذلك صحيحاً.
- احتفلا معاً بالأمور الصغيرة: فإن كنت منشغلاً بعمل ما وقالت لك زوجتك أن رئيسها قد مدحها اليوم لإنجازها أمر ما، فاترك ما بيدك وشاركها اللحظة واسألها أسئلة تنم عن اهتمامك بها وبإنجازها. وإن حدث معكما أمراً إيجابياً فاحتفلا به معاً.
- كونا مرنين وتقبلا التغيير: فلا أحد يبقى على حاله لفترة طويلة من الوقت؛ فلا تقل أن زوجتك قد تغيرت ولم تعد تهتم بك كما قبل بعد الإنجاب؛ فأولوياتها الآن قد تغيرت وكذلك هرموناتها واهتماماتها، وهذا أمر طبيعي ومتوقع. ولا تقولي أن زوجك لم يعد يحبك كما كان من قبل؛ فحبك ما يزال في قلبه ولكن شكله قد تغير وكذلك طريقة تعبيره عنه.
- لا تهملا لغة المشاعر: لا نعني بذلك أن تعيشا في عالم الخيال وأن تقضيا حياتكما في الحب والغرام والرومانسيات، بل أن يتفهم أحدكما الآخر وأن يضع فسه مكانه ليعرف ما يشعر به، وأن يتشاطرا لحظات الفرح والحزن.