التشتت وفرط الحركة: معاناة بين غياب التوعية وضعف الدعم
يعاني الأطفال المصابون باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) من نقص كبير في التوعية والاهتمام اللازمين لتشخيص حالتهم مبكراً. وفقاً للإحصاءات العالمية، يتراوح معدل تشخيص هذه الحالة بين 5-7% من الأطفال في مختلف أنحاء العالم. لكن في لبنان، الوضع يتعقد بسبب عدم وجود إحصاءات دقيقة تدعم فهم انتشار هذا الاضطراب، وهو نتيجة مباشرة لنقص الدراسات الميدانية المتعلقة بهذا الموضوع.
تشير الأبحاث إلى أن ADHD هو اضطراب شائع يؤثر على حوالي 5-7% من الأطفال، مما يجعله واحداً من أكثر الاضطرابات السلوكية انتشاراً في مرحلة الطفولة. ورغم أن هناك بعض الدراسات التي تسلط الضوء على تأثير هذا الاضطراب على الأطفال اللبنانيين، إلا أن الأرقام الدقيقة لا تزال بعيدة عن التحقيق، مما يزيد من التحديات التي يواجهها هؤلاء الأطفال في المدارس ويجعلهم عرضة لغياب الدعم الكافي من المعلمين.
الإحصاءات والحقائق
في تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية، تم التأكيد على أن ADHD يتسبب في تحديات أكاديمية وسلوكية واجتماعية للأطفال. كما أظهرت دراسة أجرتها الجامعة الأميركية في بيروت عام 2019 أن الأطفال المصابين بـ ADHD يواجهون صعوبات كبيرة في بيئات التعليم التقليدية، حيث لا يتم تعديل المناهج الدراسية أو طرق التدريس لتناسب احتياجاتهم الخاصة.
تحديات أمام الأطفال المصابين بـ ADHD
يواجه الأطفال المصابون بـ ADHD في لبنان العديد من التحديات، سواء على المستوى الشخصي أو في المدارس والمجتمع. من أبرز هذه التحديات:
- غياب التوعية: يُنظر إلى الأطفال الذين يعانون من ADHD في كثير من الأحيان على أنهم "مشاغبون" أو "غير ملتزمين"، بدلاً من فهم حالتهم كاضطراب طبي يحتاج إلى دعم خاص.
- ضعف التدريب المدرسي: تفتقر العديد من المدارس إلى تدريب المعلمين على التعامل مع هذه الحالات، مما يؤدي إلى نقص في البرامج المتخصصة أو التعديلات على المناهج لدعم هؤلاء الأطفال.
- التكاليف المرتفعة للعلاج: العلاج في لبنان غالباً ما يكون مكلفاً، سواء من حيث الأدوية أو الجلسات النفسية، مما يجعل الدعم الطبي بعيداً عن متناول العديد من الأسر.
خطوات للمساعدة
من خلال التجربة، يمكن القول أن علينا اتخاذ خطوات فعالة لتحسين الوضع ودعم أطفالنا، مثل:
بهار مترجم الحلقة 30
- دعم الأهل: يجب على الأهل تقديم الدعم النفسي لأطفالهم، ومساعدتهم على تطوير مهارات التنظيم والتركيز. يمكن استخدام أدوات بسيطة مثل قوائم المهام اليومية والجداول الزمنية المرنة.
- التواصل مع المدارس: من الضروري أن يكون هناك تواصل مستمر مع إدارة المدرسة والمعلمين لمطالبتهم بتطبيق توصيات الأطباء بجدية.
- التدريب والتوعية: يحتاج المعلمون إلى التدريب على كيفية التعامل مع ADHD، ويمكن عقد ورش عمل داخل المدارس لزيادة الوعي.
- الضغط على الجهات الحكومية: من المهم أن تزيد الحكومة اللبنانية من الوعي حول ADHD وتوفير برامج دعم وعلاج بأسعار معقولة.
ADHD ليس مرضاً
يجب أن نعي أن اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) ليس مرضاً يؤثر على قدرات الطفل العقلية أو إمكانياته المستقبلية، بل هو تحدٍّ مرتبط بأساليب التعليم التقليدية التي قد لا تكون ملائمة لكل الأطفال. هذا الاضطراب لا يُعرِّف الطفل ولا يحدّ من طموحه أو إبداعه، بل على العكس، يمتلك العديد من الأطفال المصابين بـ ADHD مواهب فريدة وطاقات مميزة تظهر خارج الإطار الأكاديمي.
إذا نظرنا إلى الأمر من زاوية أخرى، نجد أن هؤلاء الأطفال قد يبدعون في مجالات مثل الفنون، الرياضة، الابتكار، أو المهارات القيادية إذا توفر لهم الدعم المناسب. لذلك، تقع المسؤولية على عاتقنا كأهل ومعلمين ومجتمع لتوفير بيئة مرنة ومحفزة تُبرز نقاط قوتهم.
في المحصلة، فإن احتضان الاختلافات وفهم احتياجات الأطفال المصابين بـ ADHD يمكن أن يفتح أمامهم أبواب النجاح، ويمنحهم الثقة بأنهم قادرون على تحقيق أحلامهم بغض النظر عن أي عوائق أكاديمية قد يواجهونها.