تطوير مهارات التواصل مع الآخرين وكسب ثقة الناس
منذ الأزل كان البشر يُعتبرون كائناتٍ اجتماعية يعيشون معاً في قبائل وقرى ويتعاونون مع غيرهم لإنجاز أعمالهم وتسيير أمورهم اليومية، تطورت الوسائل خلال العصور مثل اللغات والرسوم التعبيرية من أسهل تسهيل التواصل بين الأفراد، ولكن هنا نجد أنفسنا نسأل: لماذا كان التواصل الاجتماعي مهماً لنا؟ وهل علينا العمل على تطوير مهاراتنا للتواصل مع الآخرين؟ وكيف يجب أن تطور هذه المهارات؟
بالنسبة لنا كبشر التواصل مع الآخرين ليس مجرد رفاهية فلن تجد من يرغب حقاً بالعيش لوحده بعيداً عن الجميع في عزلةٍ تامة، التواصل مع الآخرين هو جزء ضروري من حياتنا وتبرز أهمية التواصل مع الآخرين في الفوائد العظيمة التي نجنيها منه والتي تتضمن: [1]
تعتبر الثقة بين الأشخاص الأساس الأقوى الذي تُبنى عليه العلاقات البشرية والتواصل مع الآخرين، لا يمكنك بناء أي علاقة صحية دون أن يكون هناك ثقة سواء كانت هذه العلاقة عاطفيةً أو علاقة صداقة أو حتى ضمن العمل، هذا الأمر يستوجب التفكير في السؤال القائل كيف يمكنك أن تكسب ثقة الناس؟
اكتساب ثقة الناس ليس تعويذة سحرية يمكن الحصول عليها بشكل فوري بل هو عملية طويلة تتطلب الكثير من العمل، فمن أجل أن تكون شخصاً يمكن للآخرين أن يثقوا به يجب أن: [2]
التواصل الفعال ليس مجرد تبادلٍ للمعلومات بينك وبين طرفٍ آخر بل هو أمرٌ أعمق يتضمن اكتساب القدرة على فهم المشاعر والنوايا لدى الطرف المقابل والقدرة أيضاً على إيصال الفكرة الصحيحة للشخص الثاني.
رغم أنّ مهارات التواصل الفعال قد تأتي بشكل غريزي للبعض إلا أنّ البعض قد يفتقدها وهذا بالتالي يؤدي إلى انحرافات في التواصل ويخلق بعض المشاكل في محيطك.
في الواقع هناك العديد من الأسباب التي قد تدفعك لفقدان مهارات التواصل الفعال مثل كونك تحت الضغط النفسي وعدم التركيز وعدم الانتباه للغة الجسد أو إرسال رسائل خاطئة عبر حركات جسدك، لهذا وإن أردت أن يكون تواصلك مع الآخرين أكثر وضوحاً عليك أن تعمل على تحسين مهارات التواصل الفعال لديك بشكل أفضل وذلك من خلال: [3]
- تركز على الحديث بشكل أكبر
- تتجنب مقاطعته أثناء كلامه أو أن تُحاول مثلاً توجيه الحديث للنقاط التي تشغلك
- تُظهر الاهتمام فيما يقوله الآخر
- تتجنب إظهار أحكامٍ مسبقة
- تُحاول إبداء رأيك بشأن الموضوع
- عليك أن تنتبه للاختلافات الفردية بين الأشخاص ومعاني الإشارات بناءً على الاختلافات الحضارية والثقافية ومراعاة العمر والثقافة والدين.
- عليك أن تنتبه للإشارات ككل لا أن تدقق في كل إشارةٍ على حدا لأن بعض الإشارات قد تكون غير مقصودة مثلاً
- تعلم الفرق بين إشارات الجسد والعمل على إرسال إشارات متطابقة مع كلامك لتجعل الآخر يشعر بصدقك.
- تعديل لغة الجسد لتناسب الشخص المقابل لك فكلامك مع طفل لا يجب أن يكون بذات نبرة كلامك مع شخصٍ بالغٍ مثلاً.
- تجنب إشارات الجسد السلبية والتي تدل على عدم الثقة والتوتر.
- استخدام أساليب المماطلة وكسب الوقت كأن تطلب إعادة السؤال أو توضيح نقطة معينة لكسب الوقت
- الصمت والتوقف عن الحديث للتفكير
- الحديث بكلماتٍ واضحة
من الخطوات الهامة في تحسين قدراتك على التواصل مع الآخرين هي أن تُدرك أهمية مهارات لغة الجسد في التواصل مع الناس، لغة الجسد هي العامل الذي يمكن أن يُساعدك على النجاح أو يقف في طريق تقدمك لأنّه يمكن أن يُعزز من الفكرة التي تطرحها أو يضعك في محلّ الشك. إتقان مهارات لغة الجسد يتضمن معرفة كيفية مزامنة كلماتك مع كلمات جسدك بشكل صحيح ومن الطرق الممكنة لفعل ذلك: [4]
- التواصل البصري الصحيح: من المهم أن تحرص على النظر في عيني الشخص المقابل بشكل متكرر أثناء الحديث وأن تحافظ على التواصل البصري عندما يتحدث إليك لأنّ ذلك يوصل شعوراً بالتقدير.
- زيادة القرب عند التواصل: من الممكن أن تقوم بإزالة العوائق والحواجز التي تفصلك عن الشخص أثناء الحديث كأن تنتقل للجانب الثاني من المكتب إذا كنت مديراً مثلاً، فهذا يمكن أن يعزز من الشعور بالاتصال ويوحي بقدرٍ أكبر من الاحترام.
- الانتباه لوضعية وقوفك أو جلوسك: الوضعية التي تتخذها تلعب دوراً هاماً في التواصل فمن الضروري أن تحرص على عدم عقد ذراعيك وأن تتجنب الانحناء للخلف أثناء الاستماع (هذا يوحي بعدم الاكتراث بالحديث) وأن تقوم بدلاً عن ذلك بالانحناء نحو الأمام.
- الانتباه لتعابير وجهك: يمكنك أن تتدرب على تعابير وجهك عبر التدريب على الحديث أمام المرآة، التعابير يجب أن تختلف بناءً على الموقف فتعابير الوجه في مقابلة عمل لا يجب أن تكون نفسها المستخدمة في لقاءٍ مع صديق.
قد لا يمتلك الجميع تقنيات تواصل اجتماعية بشكل فطري وهنا يكون من الضروري العمل على تطويرها وتحسينها من أجل التواصل مع المحيط بشكلٍ أفضل، ومن التقنيات التي يمكن أن تُساعدك على تطوير مهاراتك: [5،6]
أن تسأل أسئلة ذات نهايات مفتوحة
يمكن أن تُساعد الأسئلة ذات النهايات المفتوحة على تعزيز التواصل بشكل كبير لأنّها تفتح المجال لحديث أطول وتخرجك من الإطار البسيط للأسئلة التي يمكن الرد عليها بكلمة، عندما تطرح سؤالاً مفتوحاً يمكن أن تتمكن من اختبار عواطف الفرد الموجود أمامك وقد تقوي العلاقة بينكما لأنك تظهر الاهتمام بمعرفة المزيد وتسمح له بالتعبير عما يدور في ذهنه.
أن تنخرط في محادثات مع الآخرين
المحادثات يمكن أن تكون قصيرةً وتنتهي خلال ثوانٍ معدودة ويمكن أن تستمر لساعات دون أن تشعر بذلك، رغم أنّ الكثيرين يرغبون في خوض محادثاتٍ طويلة إلا أنّهم قد لا يعلمون كيف يقومون بذلك ويجدون أنفسهم عاجزين عن فتح حديث، إذا كيف تبدأ محادثةً فعالةً مع شخصٍ ما؟
- لتبدأ محادثةً فعالة يجب أن تخرج أولاً من قوقعة أفكارك وتنتقل إلى العالم الحقيقي وتركز على ما يُحيط بك والتفاصيل الموجودة حول.
- بعد ذلك من الضروري أن تحاول معرفة الأشياء التي تُثير اهتمام الطرف الآخر لأنّ محادثةً تخص موضوعاً مثيراً للطرف الآخر ستجعله يبدي اهتماماً أكبر.
- ولا يجب أن تنسى أنّ عليك اختيار التوقيت المناسب فأنت لا تريد أن تبدأ محادثةً تستمر لساعات عندما لا تمتلك أنت أو الطرف الآخر وقتاً لإكمالها.
في الختام.. ورغم أنّ تطوير مهارات التواصل لديك قد يبدو في البداية عملاً متعباً فلا يجب أن تتوقف لأنّ ذلك سينعكس بشكل إيجابي على حياتك الاجتماعية ويجعلك شخصاً اجتماعياً أكثر، إضافةً لذلك ستشعر بتحسنٍ كبير في علاقاتك مع أصدقائك وعائلتك وفي صحتك النفسية ولهذا تذكر دوماً أنّ هذا الجهد سيأتي ثماره بعد الصبر والتعب.