تؤثر الألوان باللاشعور على الإنسان وسلوكه وحتى على بعض حالاته الصحية، لكن هل سمعت بالعلاج بالألوان وهل من المنطق استخدامه فعلاً لعلاج بعض الحالات الصحية والنفسية؟ من خلال هذا المقال سوف نسلط الضوء على العلاج بالألوان وهل هو خرافة أم حقيقة، وهل يختلف عن العلاج الضوئي؟ وما رأي العلم والعلماء؟
العلاج بالألوان نوع من أنواع الطب البديل الذي تم استخدامه منذ القدم لعلاج بعض المشاكل الصحية العقلية والجسدية ولا يزال له شعبية في بعض الدول إلى يومنا هذا، مثل الصين والهند، لكن المؤسسات الطبية ما زالت تشك في فاعلية العلاج بالألوان ولا تعتقد أنه يمكن الاعتماد عليه.
يعتمد العلاج بالألوان على أطوال الأمواج المختلفة للونوتأثيرها في موازنة الطاقة في النسيج أو في الجسم، حيث أن كل نسيج يتأثر بطول موجة معين والذي يتم عرضه على أماكن مختلفة من الجسم لتحقيق توازن الطاقات اللونية داخل الجسم وبالتالي الشفاء من الأمراض والوقاية منها.
ورغم أن بعض العلماء رأوا أن العلاج بالألوان عبارة عن خرافة ودجل وليس له أي أساس علمي أو حتى تفسير إلا أنه ليس من المضر استخدامه أو تجربته، حيث توجد الألوان حولنا بشكل طبيعي وفي الحقيقة لها تأثير إيجابي بشكل عام.
ينظر القائمين على العلاج بالألوان إلى الموازنة بين الشاكرات السبعة في الجسم، حيث يعتقدون أن كل لون له طاقته التي تؤثر على كل من الشاكرات السبع الرئيسية في الجسم، حيث يساعد العلاج بالألوان على إعادة توازن الشاكرات عن طريق تطبيق اللون المناسب على مكان الشاكرات المتعلقة بها لعلاج بعض الحالات المرضية، ويتم تطبيقها بعدة طرق:
النظر للون: وهو أكثر الطرق المستخدمة بالعلاج بالألوان مثل الجلوس في غرفة مطلية بألوان محددة بشكل متناسق أو وضع نظارات بلون محدد أو غرفة بيضاء مضاءة بألوان محددة.تغطية الجسم بقطع قماشية ملونة: استخدام قطعة من القماش وغالباً الحرير لتغطية المكان المراد تعريضه للون وهو الذي يستخدم منذ القدم لعلاج الأمراض في أماكن محددة وليس له أي أساس علمي لعدم وجود أشعة قد تؤثر على خلايا النسج الداخلية.تسليط أضواء ملونة على مناطق من الجسم: تسليط الضوء الملون بشكل مباشر على أماكن محددة لعلاج حالات محددة من الطرق التي تم استخدامها للعلاج.تدليك الجسم بزيوت ملونة: يمكن استخدام اللون عن طريق زيوت ملونة بألوان محددة وتطبيقها على الأماكن المستهدفة بالعلاج على سطح الجلد قد تكون هذه الطريقة مفيدة لعلاج آلام المفاصل والعضلات بحسب الزيوت المستخدمة، لكن عنا وحتى لو كانت هذه الوسيلة مفيدة فقد تكون الفائدة من الزيوت بحد ذاتها وليس من ألوانها، وما اللون إلا محض صدفة.هناك أنواع للعلاج بالألوان حسب اعتقاد المعالجين بالألوان بأن ألوان محددة تستخدم لعلاجات محددة، ومن الأنواع التي تم استخدامها في العلاج الضوئي:
العلاج باللون الأحمر: يستخدم اللون الأحمر لتنشيط الأشخاص الذين يعانون من التعب العام والإحباط، حيث ينتج اللون الأحمر تأثيرات بيوكيميائية تعمل على تقوية المايتوكوندريا في الخلايا المسؤولة عن انتاج ال ATP وهو مصدر الطاقة للجسم، كما يساعد في انتاج الخلايا وترميم الندبات والجروح، حيث تصبح الخلايا أكثر قدرة على التكاثر بفعالية.العلاج باللون الأزرق: يستخدم المعالجون اللون الأزرق للتخفيف من حالات الاكتئاب لخواصه المهدئة، بالإضافة لحالات الأرق واضطرابات النوم حيث يحفز انتاج الميلاتونين الذي يسبب النعاس والنوم، إضافةً لدوره في خفض ضغط الدم عند تعريض الجسم كاملاً للون الأزرق.العلاج باللون الأخضر: يتم استخدام اللون الأخضر في كافة العلاجات بالضوء دائماً في جلسات العلاج مهما كانت الحالة، حيث يلعب دور في التقليل من التوتر والاسترخاء كما عرف باستخدامه للتخفيف من آلام الشقيقة، وتدفق طاقة الحياة (البرانا) حسب ما يعتقد القائمون على هذا العلاج، يعود هذا في الغالب إلى رمز الطبيعة وارتباطها باللون الأخضر وفقاً لأخصائي العلاج الطبيعي.العلاج باللون الأصفر: يرتبط اللون الأصفر بالسعادة والتفاؤل، لهذا السبب يمكن استخدامه لتحفيز الالهام وتنشيط العقل والاكتئاب وكذلك تحسين وظيفة الأعصاب، ويساعد في فتح الشهية وكما يعتقد المعالجون بالألوان أن مشاكل الجهاز الهضمي لتأثيره على المعدة والكبد والأمعاء، وكذلك تقوية جهاز المناعة.العلاج باللون البرتقالي: يمكن استخدام اللون البرتقالي على أماكن من الجسم لتعزيز الدورة الدموية مثل الكبد أو القلب أو الكلية، مع بعض الحذر عند استخدامه لمرضى ارتفاع الضغط، وتزداد فعالية تأثير اللون مع ازدياد تركيز اللون.العلاج بالألوان في علم النفس مختلف بشكل كبير عن منظور علاج الطب البديل، حيث تبنى هذه العلاجات على دراسة تأثيرات الألوان المختلفة العقلية والعاطفية مع الأخذ بالاعتبار اختلاف الثقافات وغالباً مثبت على أسس علمياً أو أبحاث ودراسات منطقية على مجموعة من الأشخاص.
يعتمد العلاج بالألوان في علم النفس فقط على البصر مثل استخدام إضاءة بلون معين أو ارتداء زي بلون معين لتحفيز الشخص الذي يتلقى العلاج، وبحسب علم النفس يمكن أن تساعد الألوان في العديد من الحالات النفسية والعاطفية السلوكية، منها:
اللون الأحمر: يعتبر اللون الأحمر في علم النفس من الألوان التي لها جاذبية قوية وترتبط بالمشاعر القوية كالحب والغضب، ومعروف لدى معظم المجتمعات أنه رمز القوة والشجاعة والخطر ويعزز عملية التمثيل الغذائي وتسارع ضربات القلب، لهذه الأسباب يحفز القدرة على العمل ويرتبط بالجنس وزيادة الشهية.اللون الأصفر: يرتبط اللون الأصفر بالعقل والمنطق والإبداع لكونه يؤثر على الجزء الأيسر من الدماغ، ما يجعل الشخص أكثر قدرة على إيجاد أفكار جديدة واتباع أساليب جديدة في العمل، كما يولد شعور بالبهجة والسعادة ويرتبط أيضاً بفتح الشهية.اللون البرتقالي: يجمع اللون البرتقالي اللونين الأحمر والأصفر كما يجمع بين تأثيراتهم فهو يعطي طاقة وشجاعة وثقة بالنفس كاللون الأحمر، كما يبعث الشعور بالسعادة والبهجة كاللون الأصفر وله دور في فتح الشهية والتحفيز على العمل، ويتم إدخاله بحذر لأماكن العمل عن طريق الورود أو بعض الأثاث.اللون الأزرق: هو من الألوان المرغوبة عالمياً وأكثر الألوان انتشاراً في الطبيعة، يساعد في الراحة والاسترخاء ويزيد من الثقة والوضوح وهذا ما يجعله اللون المسيطر في الشركات، وكذلك في المشافي حيث يخفف من التوتر ويعطي المرضى شعور بالاسترخاء، وقد أثبتت بعض الدراسات فوائده بتخفيف الاضطراب العاطفي الموسمي.اللون الأخضر: وهو لون الطبيعة ما يجعله مصدر للراحة والأمان لذا يستخدم أيضاً في المشافي من جهة لشعور المرضى بالراحة ومن جهة أخرى يمنح راحة وتحفيز للأطباء والعاملين في المشفى، كما يستخدم في تسويق المنتجات الطبيعية والآمنة، ومن الألوان المرغوبة في ممارسة الرياضة.اللون البنفسجي: وهو اللون الذي يشير إلى الخيال والروحانية كما يشير إلى العظمة والتمييز ما يجعله كثير الاستخدام في التسويق للمنتجات ذات الجودة العالية، وفي الغالب يعتبر الأشخاص الذين يحبون اللون البنفسجي حساسين وعاطفيين ويتمتعون بنية صافية اتجاه الآخرين دون التفكير بأنانية.رغم الخلاف على حقيقة العلاج بالألوان الآراء المختلفة، يبقى للألوان تأثيرات مفيدة في بعض الحالات الصحية عندما يتم استخدامها في مكانها الصحيح ومن الأمثلة على هذا:
في العمليات الجراحية لمساعدة الأطباء: يساعد اللون الأخضر أو الأزرق المستخدم في غرف العمليات على تحسين الرؤية للطبيب خلال العملية الجراحية وهذا يعود لسببين الأول يساعد النظر للون الأزرق أو الأخضر على زيادة الحساسية للتباين بين درجات اللون الأحمر في النسج الداخلية، فمثلاً النظر للون الأحمر أو الوردي يقلل من قدرة التمييز في اللون الأحمر خاصةً في الفروق الدقيقة في جسم الإنسان، أما النظر خلال العملية من حين إلى آخر إلى اللون الأخضر أو الأزرق يجعل العين أكثر حساسية للاختلاف في اللون الأحمر.
والسبب الثاني هو أن التركيز العميق على اللون الأحمر يؤدي إلى ظهور ما يسمى الوهم على الأسطح البيضاء، فرضاً التركيز في اللون الأحمر بشكل مستمر ثم النظر إلى الستارة البيضاء أو ملابس طبيب التخدير البيضاء سيظهر وهم أخضر على السطح الأبيض وعند عودة النظر إلى الأحمر في الجسم يستمر ظهور هذا الوهم ما يشتت الرؤية في العملية الجراحية.في المشافي لمساعدة المريض: يساعد اللون الأزرق على تهدئة المرضى خاصةً إذا كانت الإقامة في المستشفى تحتاج لوقت طويل، فاستخدام الألوان الساطعة والمعتمة مثل الأحمر والبني والبرتقالي يجعل المريض يشعر بعدم الارتياح وقد يزيد من تدهور حالة المريض ويؤخر عملية الشفاء.التحفيز على ممارسة الرياضة: كما تحدثنا في السابق حول دور اللون الأحمر في إنتاج الطاقة هذه الطاقة لا تساعد فقط في سرعة تكوين الخلايا بل في طاقة الجسم بشكل عام عن طريق تحفيز إنتاج ال ATP كما ينشط الدورة الدموية ما يحفز القيام بالأنشطة الرياضة، كما يساعد اللون الأخضر في زيادة الرغبة في ممارسة بعض أنواع الرياضة كالجري والأيروبيك واليوغا لكونه لون الطبيعة فيمكن التخيل بين الجري بين الأشجار والغابات أو الشوارع والجري على جهاز المشي الإلكتروني في النادي.التحكم بالطعام: تلعب الألوان دور كبير في التحكم بالشهية عند الإنسان، حيث يلعب اللون الأحمر دور محفز لكافة الحواس والذي ينعكس بشكل إيجابي بشكل مباشر على الشهية، واللون الأصفر يرسل إشارات للدماغ لتحفيز الجوع وفتح الشهية لكونه من الألوان التي تدفع للبهجة والسعادة وهي أيضاً من العوامل التي تساعد على فتح الشهية، هل تساءلت يوماً لماذا أشهر المطاعم العالمية مثل ماكدونانز وKFC تستخدم اللونين الأحمر والاصفر في الديكور ولوحات الإعلان وحتى الأطباق؟يحدث خلط عادةً بين العلاج بالألوان والعلاج الضوئي، لكن في الواقع الطب الضوئي هو فرع من فروع الطب ويشمل علاج بعض الحالات الصحية والأورام والإصابات الجلدية بالإضافة إلى التشخيص البصري بالتقنيات الحديثة، سنوضح بعض الفروق بين العلاج الضوئي والعلاج بالألوان:
الأشعة المستخدمة: يستخدم العلاج الضوئي الأشعة بأطوال مختلفة أو التعرض للضوء الطبيعي كالشمس، بينما العلاج بالألوان يعتمد على اهتزازات وطاقة لون محدد يطبق بطرق مختلفة تحدثنا عنها سابقاً.العلم والدراسات: يعتمد العلاج الضوئي على تأثير مثبت علمياً وبني على أسس ودراسات علمية ومنطقية في علاج العديد من الأمراض والعلاجات التجميلية، بالمقابل يعتمد العلاج بالألوان على تاريخ قديم وتقليد عشوائي قد يكون أغلبه غير صحيح أو منطقي.الحالات المعالجة: يقوم العلاج الضوئي على علاج حالات مرضية حقيقية، مثل اليرقان الولادي وعلاج الدم بالأشعة، وهو استخدام أشعة الليزر فوق البنفسجية للتخلص من البكتيريا في الدم، بينما يعمل العلاج بالألوان على تعديل الحالة المزاجية والنفسية والعاطفية للعلاج وكذلك بعض الحالات الصحية.التأثيرات الجانبية: يمكن استخدام الألوان في العلاج بأقل تأثيرات جانبية وأضرار ويمكن اتباعها في المنزل، أما العلاج الضوئي قد يحمل بعض الأضرار ويسبب بعض التأثيرات والمضاعفات.الاستخدامات الأخرى: الطب الضوئي لا يستخدم فقط في علاج الحالات المرضية بل يستخدم أيضاً في التشخيص والتصوير والفحص والمراقبة وهذا لا يمكن للألوان فعله.الشفاء التام: غالباً ما تكون نتائج العلاج بالألوان -إن حدثت- مؤقتة أما العلاج الضوئي يشفي من الأمراض بشكل تام.لا يعترف الكثير من العلماء وحتى بعض الأشخاص العاديين بالعلاج بالألوان، ولكن البعض قد يجد العلاج بالألوان منطقي، ومن الاعتراضات عليه:
- الأساس العلمي: من أكثر أسباب الاعتراض على العلاج بالألوان هو أنها تقليدية منذ زمن بعيد لا تعتمد على أي أسس علمية وتجارب سريرية كغيرها من العلاجات الطبية ما يجعلها غير موثوقة ويراها الكثير مجرد خرافات أو أساطير.
- اختلاف الاستجابة: تختلف الاستجابة بالعلاج بالألوان بحسب المجتمعات والثقافات ومن المفترض أن تكون الحالات العلاجية ثابتة عند الجميع، على سبيل المثال اللون الأصفر في أغلب الثقافات يعني السعادة والبهجة ولكن في ثقافات أخرى يعتبر لون سلبي مثل المكسيك واليونان.
- الميول الشخصية: يؤثر الميل الشخصي للون معين على العلاج بشكل كبير لذا من الصعب استخدام علاج بلون ثابت لهدف علاجي محدد عند جميع الأشخاص، ما يجعل الكثير من الأشخاص يعترضون على هذه الطريقة من العلاج.
- تأثير الوهم: من يؤمن بفكرة العلاج بالألوان سيشعرون بتحسن فعلاً عند تطبيقه ويساعدهم على الشعور بالراحة نفسياً عند التعرض للون معين، وفي كافة الأحوال لا يعتقد أنه كافٍ لعلاج حالات مرضية حقيقية.
تقول الدكتورة سراء الأنصاري الخبيرة في موقع حلوها: اللون هو طاقة! نعم طاقة نعّرفه بالطول الموجي ولكل لون طاقة مختلفة، وكأي طاقة حولنا تؤثر فينا، كأي إشعاع يؤثر فينا تاثيراً عاطفياً ومزاجياً، وبشكل إيجابي وصحي إذا عرفنا كيفية استخدامه، واللون رمز كوني يعني في عقل الإنسان الباطن معنى معين متوارث عبر التاريخ، فمثلاً عندما نقول أخضر تأتي الطبيعة في أذهاننا أو نقول أزرق تأتي السماء كصورة في أذهاننا وتؤثر فينا.
ألوان الطيف الضوئي كلها مؤثرة ولكن السبعة الأساسية هي الأكثر تأثيراً، وعند مزج الألوان لإظهار لون جديد يعطينا طاقة اللونين وحسب درجة كل لون، وأقوى تأثير للألوان يكون عن طريق الأحجار الكريمة لأنها طاقة مضغوطة أي مركزة، وهناك دراسات عديدة تشير لتأثير اللون على حياتنا اليومية، على أفعالنا وكيف نستجيب للأشخاص الآخرين وللأشياء والأماكن وحتى أفكارنا، فمثلاً ليس إعتباطاً أن يكون لون الأثاث والجدران في المطاعم باللون البرتقالي وهذا من أجل أن تبقى لفترة طويلة منفتح الشهية وتطلب المزيد من الأطباق كما يتأملوا.
في هذا الفيديو يتحدث رامي أحمد بن ذياب المدرب والباحث النفسي المعتمد دولياً عن دلالات ومعاني الألوان وتأثير ألوان قوس قزح على الشخصية والنفسية والسلوك، شاهد الفيديو من خلال النقر على علامة التشغيل أو من خلال الانتقال إلى حِلّوها tv عبر النقر على هذا الرابط:
المصادر و المراجعaddremove
أحدث مقالات قضايا نفسية