الأنماط الإدراكية وفهم الذات

الأنماط الإدراكية، أو كما تعرف أيضاً بنظرية الوظائف الإدراكية، هي نظرية نفسية مثيرة قدمها عالم النفس السويسري كارل غوستاف يونغ (Carl Jung). تهدف هذه النظرية إلى تفسير كيفية تفكير الأفراد، وكيفية إدراكهم للعالم من حولهم، وكيفية اتخاذهم للقرارات. ترتكز الفكرة الأساسية وراء هذه النظرية على أن لكل شخص نمطاً فريداً من الوظائف العقلية (Cognitive Functions)، والتي تمثل العمليات النفسية الداخلية التي يستخدمها الإنسان لمعالجة المعلومات.

في سياق هذه النظرية، يُشير مصطلح (النمط) إلى الطريقة الفريدة التي يستخدم بها الأفراد الوظائف الإدراكية الأربع الأساسية: الإحساس (Sensing)، والحدس (Intuition)، والتفكير (Thinking)، والشعور (Feeling).

تنقسم الوظائف الإدراكية إلى نوعين رئيسيين:

• وظائف إدراكية (Perceiving Functions): وهي الإحساس والحدس، والتي تُستخدم لاستقبال المعلومات.
• وظائف حكمية (Judging Functions): وهي التفكير والشعور، والتي نستخدمها لتقييم الأمور واتخاذ القرارات.

كل شخص يستخدم هذه الوظائف بطريقة تسلسلية ومنظمة وفق نمطه النفسي. وعادةً ما يتم تصنيف الأفراد بناءً على ترتيب هذه الوظائف لديهم، مما يُنتج ما يُعرف بالنمط المعرفي أو Cognitive Pattern، مثل أنماط MBTI الـ 16 الشهيرة.

بمعنى آخر، لا تركز نظرية يونغ فقط على (ما الذي نعرفه)، بل أيضاً (كيف نعرفه وكيف نفكر فيه). لذا، فإنها تهتم بالعملية الإدراكية نفسها أكثر من النتيجة النهائية.

تقوم نظرية يونغ بتقسيم الوظائف الإدراكية إلى أربع وظائف أساسية، والتي تنقسم بدورها إلى نوعين: وظائف إدراك (Perceiving) ووظائف حكم (Judging). وتظهر هذه الوظائف إما بشكل انطوائي (Introverted) أو انبساطي (Extraverted)، مما يولد ثمانية أنماط إدراكية رئيسية، لكل منها طريقة فريدة في التفاعل مع العالم:

• الحدس الانطوائي (Introverted Intuition – Ni): يركز على استبصار المستقبل واكتشاف الأنماط العميقة وراء الأحداث، مستخدماً التأمل الداخلي لربط المعاني.
• الحدس الانبساطي (Extraverted Intuition – Ne): يبحث عن الإمكانيات والروابط بين الأفكار في العالم الخارجي، ويحب استكشاف الاحتمالات.
• الإحساس الانطوائي (Introverted Sensing – Si): يعتمد على الذكريات والتجارب الشخصية لتفسير الحاضر، ويهتم بالتفاصيل والمعايير الثابتة.
• الإحساس الانبساطي (Extraverted Sensing – Se): يستقبل المعلومات من البيئة بشكل مباشر وفوري، مما يجعله يعيش في اللحظة ويركز على الواقع المحسوس.
• التفكير الانطوائي (Introverted Thinking – Ti): يحلل الأفكار داخلياً باستخدام منطق شخصي، باحثاً عن الفهم العميق للنُظم والمفاهيم.
• التفكير الانبساطي (Extraverted Thinking – Te): يطبق المنطق على الواقع الخارجي لتحقيق نتائج عملية، مع التركيز على الكفاءة والإنتاجية.
• الشعور الانطوائي (Introverted Feeling – Fi): يقيم الأمور بناءً على القيم والمشاعر الشخصية، متمسكاً بالمبادئ ويهتم بالاتساق الداخلي.
• الشعور الانبساطي (Extraverted Feeling – Fe): يركز على التناغم الاجتماعي ويقيم الأمور من خلال مشاعر الآخرين، محاولاً بناء علاقات متناغمة.

• الخطوة الأولى: لاحظ هل الشخص منفتح أو منطوٍ؟ الشخص المنفتح يكتسب طاقته من التفاعل مع الآخرين، بينما الشخص المنطوي يفضل الانعزال والتفكير الداخلي. هذه الخطوة تساعد في تحديد ما إذا كانت الوظيفة المهيمنة انبساطية أو انطوائية.
• الخطوة الثانية: هل يركز على التفاصيل أو الأفكار الكبرى؟ إذا كان يلاحظ التفاصيل بدقة، غالباً يستخدم الإحساس، بينما إذا كان يتحدث عن الاحتمالات، فهو يستخدم الحدس، مما يساعد في تحديد نمطه الإدراكي.
• الخطوة الثالثة: كيف يتخذ قراراته؟ إذا كانت قراراته مبنية على المنطق، يميل للتفكير، بينما إذا كان يولي أهمية للعلاقات والمشاعر، يميل للشعور.
• الخطوة الرابعة: هل يحب التنظيم أم المرونة؟ إذا كان يفضل التخطيط، فهو شخصية حكمية، أما إذا كان يحب الخيارات المفتوحة، فهو ذو شخصية إدراكية.

اختبار مايرز بريغز للأنماط الشخصية هو أداة تحليل نفسي تهدف إلى فهم الاختلافات في طرق تفكير الأفراد وسلوكياتهم، من خلال تصنيفهم إلى أنماط شخصية محددة. تم تطوير هذا الاختبار من قِبل كاترين كوك بريغز وابنتها إيزابيل بريغز مايرز، استناداً إلى نظرية الوظائف النفسية التي قدمها كارل يونغ.

تقوم فكرة الاختبار على فرضية أن الناس يفضلون استخدام طرق معينة للإدراك والتقييم، والتي تنقسم إلى أربعة أزواج من التفضيلات الثنائية:

• الانبساط (E) مقابل الانطواء (I): هل تستمد طاقتك من التفاعل مع الناس أم من التأمل الداخلي؟
• الإحساس (S) مقابل الحدس (N): هل تركز على المعلومات الواقعية أم على المعاني والاحتمالات؟
• التفكير (T) مقابل الشعور (F): هل تتخذ قراراتك بناءً على المنطق أم على القيم والعواطف؟
• الحكم (J) مقابل الإدراك (P): هل تفضل التنظيم والتخطيط أم المرونة والانفتاح على الخيارات؟

من خلال تحديد التفضيل في كل بعد، يتم تكوين نمط شخصي مكون من 4 أحرف (مثل: INFP، ESTJ، INTJ)، ويوجد في المجموع 16 نمطاً مختلفاً للشخصية.
قلب أسود الحلقة 28

أهداف الاختبار تشمل:

• مساعدة الأفراد على فهم أنفسهم بشكل أعمق.
• تعزيز الوعي الذاتي وتحسين التواصل.
• دعم الأفراد في اختيار الوظائف، أساليب التعلم، وبناء العلاقات.
• يُستخدم على نطاق واسع في التعليم، التوظيف، الإرشاد النفسي، وتطوير الذات.