صفات المعلم المثالي ودور المعلم في بناء شخصية الطالب
لا يقتصر دور المعلّم على تربية الأجيال وصناعة العقول من الناحية التعليمية فقط، وإنما بتربيتهم على حب المشاركة واحترام الآخرين وتقبّل الاختلاف وغرس القيم الأخلاقية، وللأساتذة والمعلمين دور محوري في بناء شخصية الأطفال وتوجهاتهم، نتعرف على هذا الدور أكثر في الفقرات التالية.
يجب أن يتمتع المعلم الناجح بصفات وسمات خاصة تساهم في إقبال الطلاب عليه وتكريمه وجعله قدوة يقتدى بها، ومن أهم تلك الصفات نذكر: [4]
- ذو أخلاق حميدة: من الهامّ جداً أن يمتلك المعلّم الأخلاق الحميدة التي سوف ينقلها لطلابه، وأهمها الصدق في كلامه والأمانة في التدريس والإخلاص في عمله والتواضع والانتماء والوفاء بوعوده ويتمثّل ذلك بطريقة أدائه أيضاً وتعليم التلاميذ اتباع الصدق في الكلام والمعاملة والبعد عن التكبّر أو التنمّر، وبهذه الطريقة يعلّم الطلاب القيم الأخلاقية ويغرسها بهم.
- ذو شخصيّة إيجابية: كي تكتمل صفات المعلم الناجح يجب أن يتحلى بالشخصية الإيجابية، كأن يكون شخصاً هادئ وبشوش ليّن الطباع ومرن يحاول الاستماع إلى الطلّاب وشكواهم ويعمل على حل مشاكلهم أو تقديم النصيحة في المشاكل أسرية كأن يكون على تواصل جيّد مع أولياء الأمور، بالإضافة إلى التفكير الإيجابي والمعاملة الإيجابية والسليمة مع جميع الطلّاب وهذا يجعلهم يعتادون على التفكير الإيجابي ويدركون أهميّته.
- أن يكون قدوة لطلابه: يجب أن يتمتع المعلّم بشخصيّة قيادية قادر على تنظيم الصف الدراسي والتحكم بالوقت دون هدره ويكون إنسان مرغوب من قبل طلابه لما يزيد من الرغبة في حضور الدروس وعدم التغيّب المدرسي للطلاب، كما أن المعلم القيادي يعوّد طلابه على أن يتمثلوا به ويقتدوا به وخاصّة باهتمامه بالهندام (اللباس) الخارجي ويجب أن يكون قادراً على التفريق بين متى يتم تجاهل الطلاب أو الاستماع إليهم.
- القدرة على إيصال المعلومة بسهولة: وهنا تكمن الفروقات بين المعلمين، فميل طالب لمدرّس دون غيره يثبت قدرة هذا المعلم على استيعاب الطالب وفهم قدراته وبالتالي إيجاد طريقة لإيصال الأفكار والمعلومات له ولغيره ويساعد في تحسين الدرجة العلمية لديه، كما يجب أن يعتمد أساليب مشوّقة تناسب جميع الطلاب لكسر الملل لديهم وخاصّة في المواد التي تحتاج للفهم والتركيز.
- تشجيع الطلاب وتنمية قدراتهم: مشاركة الطلاب كالعمل الجماعي أو ضمن فريق أو تشجيع العمل الجماعي والتشاركي من أهم صفات المعلم الناجح لما لذلك من وقع إيجابي جداً على نفوس الطلاب وإعطاء لكل تلميذ حقّه في المشاركة وعدم تفضيل تلميذ على آخر، كما أن ذلك يساعد على تبادل الخبرات، وقد يكون التشجيع عبر قول عبارات محفّزة أو عبر التحديّ، والهدف من ذلك تنمية المواهب الفردية وزيادة الثقة بالنفس في تعلّم وإنجاز الأشياء.
يحرص المعلّم على أداء رسالته على أكمل وجه، ويحرص أن يكون طلابه ذو خلقٍ رفيع وأخلاق حسنة، كما يلعب المعلّم دوراً بارزاً في تكوين شخصيّة طلابه الذين يتمثلون به، ولهذا يقع على عاتقه أن يكون صاحب شخصية فاضلة، ونذكر أهم أدوار المعلّم في تكوين شخصيّة التلميذ: [2]
- تقديم المساعدة المناسبة: يراعي المعلّم تفاوت المستويات بين طلبته، ويقدم المساعدة لكلّ طالب على حدى حسب مستوى الاستيعاب لديه، ويعدّ المعلم المصدر الأساسي للحصول على المعلومات المناسبة وتوجيه التلاميذ بالطريقة المناسبة للاستفادة منها وهذا يساهم في تحسين الشخصيّة وتدريبها على فهم المعلومة.
- توجيه الطالب نحو الأفضل: يقتدي الطلّاب بمعلّمهم الذي يجب أن يكون قدوة لتلاميذه من ناحية الأخلاق والسلوك الاجتماعي، كما أن إعطاء الفرص للتلاميذ للتعبير عن آرائهم ومشاعرهم بعد توجيه وإشراف من المعلم يساعد في تعزيز ثقتهم بأنفسهم وذلك له أثر كبير في بناء شخصية الطالب.
- الدور التربوي للمعلم: يقضي التلاميذ وقتاً في المدرسة أطول مما يقضوه في المنزل، لذلك يتجلّى دور المعلم كالأسرة الثانية للطالب الذي يساعده في بناء شخصيّته بالتعاون مع أسرته وتنمية مواهبه أو كشف مواهب وقدرات جديدة لديه، بالإضافة إلى الدور الأساسي للمعلم في دعم التلاميذ علمياً ومنحهم معلوماته وعلمه وخبراته وهذا يساهم في رفع سويّة العلم في المجتمع وبناء شخصيّة الطالب ليستطيع العيش في المجتمع كفرد فعّال.
- دعم الطالب والوقوف إلى جانبه: لا يجب أن يكتفي المعلّم بإيصال المعلومة إلى طلبته فحسب بل يجب أن يقف إلى جانبهم في توضيحها وشرحها وإيصالها إلى عقولهم للاستفادة منها وخاصّةً معالجة بطء الاستيعاب لدى البعض منهم وهذا يظهر التلميذ أنه محط اهتمام من قبل معلّمه فيتعلم الاجتهاد والاعتماد على الذات أكثر.
- تطوير المهارات الشخصية للطالب: يولي المعلّم اهتماماً خاصّاً في دعم وتطوير المهارات الشخصية للتلميذ وذلك بإضافة حصص خارج أوقات الدراسة أو ضمنها لتجديد طاقة الطلاب بين الحصص الدراسية وزيادة محبّتهم للمعلم وبالتالي إبراز الشخصية الخاصّة بهم والسلوكيات المكتسبة وهذا يساعد المعلم في تعديل السلوك وكسب تلاميذه كفاءة علميّة وعمليّة.
- بناء علاقة متينة مع الطالب: من الأمور التي يتّبعها المعلّم الناجح في التعامل مع طلابه أن يبني جسراً متيناً يتكون من مهارات تواصل عالية جداً ومهارة الاستماع لتعزيز ثقة الطلاب بأنفسهم، فضلاً عن تشجيعهم على التعاون والعمل الجماعي للاستفادة من خبرات بعضهم البعض والوصول إلى أفكار إبداعية تصقل شخصيّتهم بطريقة جيّدة.
لطالما يمتلك المعلّم القدوة تأثيراً إيجابياً على طلابه، إذ أنه لا يولد الإنسان بصفاته بل يكتسبها من محيطه وتجاربه وخبراته، والمعلّم الناجح يتمكّن من بناء شخصيّته التربوية والمتكاملة وينقلها لطلابه ليستفيدوا منه قدر الإمكان، ومن أهم التأثيرات الإيجابية نذكر: [5]
- تعلّم الانضباط والقيادة: فعند رؤية التلاميذ لمعلمهم في أحسن مظهر من ناحية الهندام والمظهر الخارجي والالتزام بالقوانين المدرسيّة وعدم مخالفتها يساعد ذلك على احترام القوانين وتنفيذها والابتعاد عن المخالفة وهذا يساهم في سير العملية التربوية وحفظ الحقوق للطلاب.
- تعلّم الالتزام بالوقت:إدارة الوقت وعدم التغيّب والالتزام بالدوام وعدم التأخر عن توقيت الحصص الدراسية وعدم هدر الوقت والاستفادة قدر الإمكان من الزمن واستغلاله بالشكل الصحيح، يساهم بشكل كبير في تعليم التلاميذ على احترام الوقت واستغلاله بالشكل المفيد لهم وأنّ لكل فعل وقت مناسب له.
- تعلّم الاحترام المتبادل: المعلم الذي يحترم زملاؤه ويحترم طلابه ويستمع إليهم ويقدّر جهودهم، يحفّز على الاحترام المتبادل بين الطلاب وعدم التقليل من شأن أي طالب ويساهم في خلق صداقات اجتماعية وبيئة منظمة يحكمها القانون والاحترام بين الأفراد وهذا يدعم نمو التلميذ ويجعل شخصيّته مرغوبة ومحببة من قبل الجميع.
- تعلّم التعاون والعمل الجماعي: يهدف المدرّس الذي يعتمد في طرق تدريسه على العمل الجماعي وتشارك وتبادل الخبرات، على تعليم التعاون والمساندة وأهميّة الفريق في تنفيذ وإنجاز المهام بطريقة سريعة وفعّالة والاستفادة من خبرات ومهارات بعضهم البعض.
- غرس القيم الأخلاقية: تعليم القيم الأخلاقية ليس بالأمر السهل، ويجب أن يكون المعلّم ذو أخلاق حميدة قادر على إبراز تلك القيم وتجسيدها لطلابه وغرسها بهم بطريقة غير مباشرة وذلك بالممارسة وتحسين السلوك وتعلّم الصدق وهذا يساعد الطالب في تنمية القيم لديه وتعليمها للغير.
لشخصيّة المعلّم السلبية تأثير سلبي على الطلاب قد يصل حتى الفشل الدراسي والأخلاقي، وبعض المعلمين لديهم هذه الشخصية دون معرفة بنتائجها التي قد تجعل من الطالب شخصيّة فظة أو انهزامية أو غير فعّالة، ومن أهم أفعال هذه الشخصية نذكر: [5]
- ترسيخ قيم خاطئة وسلبية: كما أن المعلم الجيد يترك لدى الطالب أثراً جيداً في منظومته الأخلاقية، فإن المعلم السيء يترك لدى الطالب أثراً سلبياً في تربيته وأخلاقه وطريقة تعامله مع الآخرين ومحاكمته للأمور واتخاذه للقرارات مستقبلاً.
- التمييز بين الطلاب: تفضيل طالب معيّن دون غيره يجعل التلاميذ ينفرون من ذلك الطالب ومن طريقة المعلّم ولا يرغبون بحضور الدرس أو المشاركة به، وهذا يضلل العملية التربوية ولا يحقق أهدافها أو قد تشيع ظاهرة التنمّر المدرسي.
- تهديد الطلبة: بعض الطرق السلبية المتّبعة من قبل بعض المدرّسين هو التعليم بالتهديد، كأن يهدد المعلم طالبه بوضع علامة صفر في مادة ما في حال لم يلتزم بالهدوء أثناء الحصّة الدراسية، وهذا السلوك يترك أثر الخوف وعدم الاستقرار في نفوس الطلاب.
- مبدأ العقاب أو الحرمان: يعتمد هذا المبدأ على حرمان التلميذ من التقدّم إلى الفحص النهائي مثلاً في حال عدم الالتزام بالهندام، كما يلجأ بعض المعلمين إلى عقاب الطلاب مثل حرمانهم من حضور حصّة دراسية أو الحرمان من الاستراحة بين الحصص، ويؤثر ذلك بطريقة سلبية على الطلاب مما يجعلهم يتغيّبون عن المدرسة أو يعتمدون مبدأ الهروب والتسرّب المدرسي.
- العدوانية تجاه الطلاب: لصفة العدوانيّة عند المعلم نتائج نفسيّة سلبية على الطلاب، فالعدوانيّة تنشر الخوف ورفض التلاميذ الذهاب إلى المدرسة وعدم الرغبة في التعلم كما أنها تلحق الأذى النفسي بالتلاميذ، وقد يتمثلون بها ويتعاملون بها مع بعضهم البعض أو مع محيطهم الخارجي.
- الأذى الجسدي للطلاب: قد يلجأ بعض المعلمين إلى الضرب وإلحاق الأذى الجسدي للطالب ظناً منه أنه يعاقبه أو أنه يستحق العقاب، أو أن يقوم بقصّ شعر الطالب أو إرغامه على تطبيق أفعال جسدية متعبة كالوقوف على قدم واحدة، وهذا يسبب صقل شخصيّة التلميذ على أذى الغير فيما يترك عند البعض اضطراب في الشخصية.
مرّت العملية التدريسية من الماضي إلى الحاضر بعدّة مراحل وكانت تعتمد في كل مرّة على الوسائل المتاحة حينها، ومع تطور الإنسان تطوّرت الاختراعات حتى أصبحت التكنولوجيا هي سيّد القرن الواحد والعشرين، ولكن ظل الدور الأساسي للمعلم ثابت في مواكبة هذا التطور وتطويعه في سبيل استخدام أفضل لوسائله لتحقيق تعلم وتربية أفضل لطلابه: [2-3]
- وسائل التعليم: الوظيفة الأساسية للمعلم هي التعليم والتربية والمعلم ومن خلال استخدامه أفضل الطرق العصرية وأكثرها تأثيراً بالتلاميذ يساهم في تطوير معارف الطالب ومساعدته على بناء شخصيته المستقلة.
- دورات الإعداد والتأهيل: تأهيل المعلم بأفضل ما هو متاح من معارف وخبرات يعد مسألة ضرورية ليتمكن من التأثير بعقول وأفكار وسلوكيات التلاميذ، وبروز أهمية دور المعلم في بناء شخصية تلاميذه هو ما ساهم بترسيخ أهمية الدورات التأهيلية للمعلمين سواء من ناحية المناهج الدراسية أو الوسائل التعليمية.
- شخصيّة المعلم: كان ينظر إلى المعلّم سابقاً أنه ناقل للمعرفة فقط وملقّن والمصدر الوحيد للمعلومة، أمّا حديثاً فقد أصبح مربي ومعلم في آنٍ معاً، يكوّن شخصيّة الطالب ويتعاون مع الأسرة والمحيط للارتقاء بالمجتمع.
- التواصل مع التلاميذ: لقد برع المعلم قديماً في أن يكون القائد الوحيد وأنه الوسيلة والوسيط الأساسي للعملية التعليمية وهذا ما سبب إيمان الطلاب به وطوعهم لأوامره وحتى خوف البعض منه، أما حالياً فالتواصل بين المعلم والتلاميذ عبارة عن فريق متكامل يشاركهم ويخوض معهم أحاديث شخصيّة وتجارب خارج أوقات الدراسة والمدرسة، بالإضافة إلى ذلك قدرته على التعامل مع التلميذ المشاغب ويتعمّد أن يظهر أمامهم بالقدوة الحسنة والأب الحنون كي يتمثلون به، وكل ذلك له تأثيره المباشر على بناء شخصية الطلاب.
- أهداف التعليم التربوي: الهدف الرئيسي من التعليم سابقاً هو تعليم الأطفال الحساب والقراءة والكتابة والمناهج الدراسية التقليدية بالإضافة إلى غرس القيم الأخلاقية في نفوسهم وتعليمها لهم، ليتطور الهدف التربوي من التعليم ويصبح مواكبة العلم بالوسائل الحديثة ومنافسة المناهج الدراسية الأخرى وهذا يطبع الطالب على تحديث ومواكبة كل شيء جديد يتعرّض له.