أسباب اصفرار العين وطرق تشخيص وعلاج صفار العيون
يحدث اصفرار العين بشكل شائع لدى الكثير من الناس، كباراً كانوا أم صغاراً، حيث أنها حالة مميزة لأنواع وأشكال عديدة من الأمراض والمشاكل الصحية، ويكون لهذه المشاكل عدة تصنيفات منها ما هو بسيط ولا يحتاج للعلاج، ومنها ما قد يؤدي للموت في حال الإهمال، فكيف يحدث اصفرار العين وما هي أسباب حدوثه وما أبرز العلاجات المتبعة للتخلص منه؟ نتعرف على ذلك في هذا المقال.
اصفرار بياض العين أو صفار العيون عرض خارجي يعكس حالة مرضية كامنة، حيث يترافق اصفرار العينين مع اصفرار في الجلد وتدعى الحالة باليرقان، وهي ليست مرضاً بحد ذاته وإنما أحد الأعراض المميزة لمجموعة من الأمراض المختلفة والتي تترافق مع أعراض أخرى تختلف بحسب المرض.
ينتج اصفرار العيون عن تحول أنسجة العين البيضاء التي تملئ حجرة العين -والتي تدعى الصُّلبة- إلى اللون الأصفر، ويرجع السبب الرئيسي إلى حدوث تراكم مادة البيليروبين في الدم، وهي مادة صفراء اللون موجودة في الجسم بشكل طبيعي تنتج عن تحطم الكريات الحمراء، ولكن الجسم يتخلص منها في الحالة الطبيعية عبر سبيل معين وعمل عدة أعضاء.
ويتراكم البيليروبين في الدم نتيجة خلال في عملية التخلص منه، وعندما تصل هذه المادة إلى ضعف الكمية الطبيعية ستسبب في ظهور اللون الأصفر في بعض مناطق الجسم والتي أبرزها ملتحمة العين والجلد، مسببة ما يسمى بحالة اليرقان.
كما ذكرنا سابقاً أن السبب الرئيسي لاصفرار العين هو تراكم مادة البيليروبين حتى ضعف كميتها الطبيعية في الجسم، والمشاكل التي تسبب ذلك غالباً متعلقة بمشاكل الكبد: [1]
- التهاب الكبد: يمكن أن يحدث التهاب الكبد نتيجة لعدة مسببات، أشيعها هي الإصابة بعدوى فيروسية ما، مثل التهاب الكبد A أو B أو C، أو نتيجة الإصابة بمرض مناعي ذاتي بحيث يهاجم جهاز المناعة خلايا الكبد ويحدث ضرراً التهابياً فيها، وهذا يؤدي إلى ضعف وظيفة الكبد في النهاية وعدم قدرته على التخلص من مادة البيليروبين.
- حصى أو بحصة المرارة: تعتبر المرارة من الأعضاء التي تلعب دوراً في عملية إطراح مادة البيليروبين، وعند وجود حصى في المرارة يحصل انسداد في الطريق الذي تسلكه وبالتالي تتراكم في الدم مسببة فيما بعد اصفرار العين والجلد.
- أمراض القناة الصفراوية: توجد عدة أنواع من المشاكل التي تصيب القناة الصفراوية وتسبب ظهور حالة اليرقان التي تتميز باصفرار العين والجلد، منها حدوث انسداد في القناة الصفراوية الذي غالباً يصيب الرضع بعمر من 2 إلى 6 أسابيع، أو مرض التهاب الأقنية الصفراوية الذي يدمر تلك الأقنية بمرور الوقت.
- التهاب البنكرياس: قد يحدث نتيجة الإصابة بالتهاب البنكرياس انسداد في القناة الصفراوية، لذا يعد اليرقان أحد المضاعفات الشائعة للإصابة بالتهاب البنكرياس.
- تلف أو تشمع الكبد: تشمع الكبد هو مرض تتدمر فيه خلايا الكبد بشكل غير قابل للعكس بحيث تحل أنسجة ليفية محل الأنسجة السليمة وهذا يؤدي إلى تعطل عدة وظائف مهمة يؤديها الكبد بما في ذلك إطراح البيليروبين، ويمكن أن يحدث مرض التشمع نتيجة عدة مسببات أشيعها شرب الكحول لمدة طويلة من الزمن بحوالي 8 إلى 10 سنوات، أو الإصابة ببعض أنواع التهاب الكبد الشديدة التي تؤدي إلى تدمير جزء من خلايا الكبد.
- عدوى الكبد: بالإضافة لأنواع العدوى الفيروسية التي تصيب الكبد، هناك أنواع أخرى طفيلية لها تأثير سلبي وخطير أيضاً على الكبد والقنوات الصفراوية، وهي تنتمي لبعض أنواع الديدان تدعى مثقبيات الكبد، تنتقل إلى الشخص عن طريق تناول الطعام الملوث وبشكل خاص عند تناول بعض أنواع الأسماك النيئة أو بعض النباتات الملوثة وخصوصاً الجرجير.
- بعض أنواع الأدوية: هناك بعض أنواع الأدوية التي تم ربطها بحدوث حالات اليرقان وخصوصاً عند استهلاكها بشكل كبير ولمدة طويلة، مثل دواء الباراسيتامول عند الاستخدام المكثف، بعض أنواع البنسلينات مثل أموكسيسيلين أو الكلافولانات، وبعض أنواع المنشطات.
- مشاكل نقل الدم: عند نقل نوع دم غير مناسب للشخص، سيقوم الجهاز المناعي بمهاجمة خلايا الدم الجديد مطلقاً البيليروبين ومسبباً حالة طارئة واسعافية من اليرقان.
- الملاريا: تعتبر الملاريا مرض طفيلي تنتقل عن طريق لدغة البعوض، وبعد الإصابة بهذه العدوى تتضرر خلايا الدم الحمراء وتنفجر مسببة الإصابة بفقر الدم واليرقان.
- فقر الدم المنجلي: يتصف هذا المرض بوجود أعداد من خلايا كريات الدم الحمراء المشوهة شكلاً، وبسبب ذلك فهي تموت بسرعة مما يجعل الكبد غير قادر على إطراحها بنفس الكفاءة، فيتراكم البيليروبين في الدم ويتسبب باليرقان.
- فقر الدم الانحلالي: وهي أيضاً أحد أنواع فقر الدم التي تتسبب بظهور اليرقان بسبب سرعة تخرب وتكسر الخلايا الحمراء في الجسم بشكل يجعل الكبد غير قادر على تصفيتها بشكل كامل، فيطلق البيليروبين في الدم.
- بعض أنواع السرطان: أكثرها شيوعاً سرطان الكبد، ومن ثم تأتي أنواع أخرى قد تتسبب بالإصابة باليرقان مثل سرطان البنكرياس الذي يضغط على القناة الصفراوية عند وجود تورم به، بالإضافة أيضاً لسرطان المرارة المتقدم أو المنتشر بحيث يؤثر عندما يكون الورم الناتج عنه كبير الحجم.
- متلازمة غلبرت: تعد هذه المتلازمة حالة وراثية نادرة تنتج عن وجود طفرة جينية لدى الجنين، فيولد الجنين مع مشكلة في الإنزيمات الكبدية التي تعالج مادة البيليروبين للتخلص منها خارج الجسم، بحيث تكون تلك الإنزيمات غير كافية مما يؤدي لعدم القدرة على معالجة كامل كمية البيليروبين في الجسم وبالتالي يتراكم مسبباً ظهور الجلد والعيون باللون الأصفر.
يحدث أيضاً اليرقان لدى الأطفال وخصوصاً لدى حديثي الولادة، حيث تكون الإصابة لدى هؤلاء الأطفال أكثر خطورة من الإصابة عند البالغين في معظم الأحيان، وله عدة أسباب أبرزها: [2]
- اختلاف فصيلة الدم بين الطفل والأم: عند وجود عدم تطابق في فصيلة الدم بين الأم وجنينها قد يؤدي هذا لحدوث تحلل سريع للكريات الحمراء في جسم الطفل بشكل أسرع من المعدل الطبيعي فترتفع نسبة بيليروبين الدم وينتج لدينا حالة يرقان عند الطفل.
- اضرابات هرمونية: تنتج عن وجود مشاكل في بعض الغدد الصماء في الجسم المسؤولة عن العديد من الوظائف الحيوية الهامة جداً، وكمثال عن تلك المشاكل خمول الغدة الدرقية أو قصور الغدة النخامية.
- بعض أنواع العدوى: مثل الإصابة بعدوى المسالك البولية، أو احياناً قد تدل وجود حالة اليرقان عند الطفل على نوع أكثر خطورة من العدوى مثل الإصابة بفيروس الهربس البسيط أو وجود إنتان في الدم.
- مشاكل تدفق الصفراء: أو الركود الصفراوي، والصفراء هي المادة التي تفرزها القناة الصفراوية، وحدوث مشاكل تؤدي لإعاقة تدفقها وحركتها ستسبب ظهور حالة يرقان لدى الطفل، ومن تلك المشاكل حدوث انسداد في القناة الصفراوية أو المرارة أو بعض الحالات الوراثية الأخرى.
- أمراض وراثية: نادرة الحدوث، منها ما يكون شائع وغير خطير مثل متلازمة غلبرت التي تحدثنا عنها في الفقرة السابقة، ومنها ما يحمل علامات أكثر خطورة مثل اضطراب وجود الجالاكتوز في الدم، حيث تعد حالة صحية خطرة تحتاج لنظام غذائي خاص وصارم للطفل المصاب.
هناك مجموعة متنوعة من الإجراءات التشخيصية التي يتم العمل بها للكشف عن المرض المسبب لحالة اليرقان، وهذا يعتمد على مجموعة الأعراض الأخرى المرافقة لتلك الحالة، بحيث تعطي مؤشرات للطبيب يتجه بها نحو مرض معين دون غيره يشك به، ولكن بشكل عام يوجد مجموعة من التحاليل الهامة التي تجرى في معظم الحالات، وهي كالتالي: [3]
- تحليل كمية البيليروبين: اختبار أساسي لتشخيص اليرقان، يجرى عن طريق عينة دموية وريدية تؤخذ من الشخص المصاب، ويتم التحري في هذا الاختبار عن وجود كمية زائدة من البيليروبين في الدم التي تشير إلى أن الكبد لا يتخلص بشكل كامل منها، ومن ثم تحديد كميتها، ولا يشير النقص عن المستويات الطبيعية إلى مشكلة صحية غير طبيعية.
- تحليل البول: يعد هذا التحليل جزء من روتين الاختبارات المتبعة عادة للكشف عن أسباب اليرقان، وهو اختبار يقيس نسبة البيليروبين في البول، حيث يدل وجود هذه المادة في البول على وجود مشكلة في الكبد أو المرارة.
- اختبار تعداد الدم الكامل (CBC): يستخدم هذا الاختبار لكشف مجموعة واسعة من الأمراض والمشاكل الصحية، بما في ذلك الالتهابات المسببة لليرقان أو أي اضطراب يؤثر على عدد خلايا الدم الحمراء.
- اختبارات التحري عن فيروسات الكبد: تجرى في المختبرات المختصة عن طريق عينة دموية تؤخذ من وريد الشخص المصاب لتشخيص الإصابة بأحد أنواع فيروسات الكبد A أو B أو C.
- اختبارات وظائف الكبد: للكشف عن وجود أي مشاكل في وظيفة الكبد مؤدية لظهور اليرقان.
- الرنين المغناطيسي على الكبد والمرارة: ويهدف إلى الكشف عن وجود انسداد في القنوات الصفراوية وعن حجم الكبد والطحال إذا كانا متضخمين وما حدود تضخمهما، ما يساعد الطبيب على اتخاذ القرار المناسب.
معظم حالات اليرقان غير خطرة ولا تحتاج لعلاج، ولكن في حال اشتداد الحالة وترافقها مع أعراض أخرى فيجب الكشف عن المسبب أولاً عند طبيب مختص، وخصوصاً عند الأطفال، ومن ثم يتم تحديد نوع العلاج المناسب لكل حالة، وتشمل مجموعة العلاجات الأكثر شيوعاً لليرقان ما يلي: [4-2]
- العلاج بالضوء: يستخدم هذا العلاج بشكل خاص للأطفال حيث يساعد الجسم في إزالة الكميات الزائدة من البيليروبين وطرحها خارج الجسم من خلال الأمعاء والبراز، وهو يتم عن طريق تعريض جلد الطفل لنوع خاص من الضوء الأزرق الساطع، ويكون آمناً بنسبة عالية على الأطفال.
- أدوية علاج الصفراء: ويختلف العلاج الدوائي الموصوف من قبل الطبيب بحسب نوع الحالة التي أدت للإصابة باصفرار العين واليرقان، فمثلاً عند الإصابة باليرقان نتيجة فقر الدم يتم وصف مكملات الحديد، أما عند الإصابة باليرقان بسبب وجود التهاب فيروسي في الكبد فيتم وصف أدوية مضادات الالتهاب الفيروسية، وأدوية المضادات الحيوية في الحالات الالتهابية مثل التهاب القناة الصفراوية، بالإضافة إلى أدوية الستيروئديات مثل الكورتيزون في علاج بعض أنماط إضرابات المناعة الذاتية.
- إيقاف استخدام بعض الأدوية: هناك العديد من أنواع الأدوية التي قد تؤدي للإصابة باليرقان عند الاستخدام الخاطئ وغير المضبوط، حيث تصبح وكأنها سموم تدخل على الجسم وتؤذي الكبد، وفي حال إثبات تسبب أحد تلك الأدوية بالإصابة باليرقان يجب إيقافها على الفور، مثل دواء الأسيتامينوفين (البارسيتايمول) وبعض أنواع مانعات الحمل الفموية وغير ذلك.
- التوقف عن شرب الكحول: إن التوقف عن شرب الكحول هو أمر ضروري جداً في العديد من الحالات المؤدية للإصابة باليرقان، مثل التهاب البنكرياس الحاد، التهاب الكبد الكحولي وتليف الكبد.
- الجراحة: يستلزم إجراء تدخل جراحي في بعض الأمراض المسببة لليرقان، أبرزها مشاكل انسداد القناة الصفراوية أو الإصابة بحصوات المرارة، والتي تتطلب تدخلاً جراحياً أو بالتنظير لاستئصال المرارة أو فتج القنوات المسدودة، حسب الحالة.
- زراعة الكبد: وهو الحل الذي يلجأ إليه في المراحل الأخيرة من مرض تلف أو فشل الكبد، حيث يخرج تماماً عن قدرته عن العمل بسبب تلف جميع الأنسجة فيه ويجب بالضرورة إجراء زراعة كبد لعلاج ذلك.