أسباب الميسوفونيا وعلاج الانزعاج من الأصوات
نواجه في كثير من الأوقات أصواتاً غير مستحبّة للسمع؛ مثل صوت صرير الأقلام أو أصوات الأجهزة المستخدمة في عيادة طبيب الأسنان صوت مضغ الطعام، تسبب هذه الأصوات المزعجة عادةً رد فعل بسيط لدى معظم الأشخاص، ولكن يوجد فئة من الأفراد ممن ليس بإمكانهم تحمّل مثل هذه الأصوات، ويمكن أن يؤدي سماعها إلى القيام بسلوكيّات لا إرادية، وأحياناً تكون مؤذية لهم ولمن حولهم، وتدعى هذه الحالة الميسوفونيا Misophonia.
الميسوفونيا (Misophonia) كلمة يونانية قديمة تعني (كراهية الصوت)؛ وهي اضطراب نفسي يعبّر عن وجود خلل في الدماغ مرتبط بأعراض نفسية وفيزيولوجية، وتُعرف أيضاً باسم (متلازمة الحساسية الانتقائية للأصوات).
هذه الحالة من الحساسية المفرطة لبعض الأصوات -مثل النقر بواسطة القلم أو أصوات مضغ الطعام- تسبب ردود فعل نفسية وجسدية غير طبيعية لدى الأفراد المشخّص لديهم وجود حالة ميسوفونيا، تشابه ردود الأفعال هذه استجابة الهروب أو القتال (fight or flight)، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى شعور الشخص بالغضب أو القلق، كما تزيد من رغبته بمغادرة المكان الذي يصدر فيه هذا الصوت، أو حتى القيام بردود أفعال وسلوكيّات غير إرادية تجاه مسببّات هذه الأصوات. [1]
لم تُعرف إلى الآن الأسباب الحقيقية التي تؤدي لظهور حالة الميزوفونيا، إلا أنها تبدأ عموماً لدى الأشخاص قبل سن البلوغ، وترتبط بداية ظهورها بالمحفزّات الصوتية لأحد الوالدين أو أحد أفراد الأسرة، ثم تزداد هذه المحفزّات مع مرور الوقت، يلعب العامل الوراثي دوراً في انتشار حالة الميسوفونيا بين أفراد العائلة الواحدة، وهي حالة منتشرة بين النساء أكثر من الرجال، كما لاحظ الباحثون وجود ارتباط بين الميسوفونيا وبعض الحالات الأخرى مثل: [1]
يشترك الأفراد المصابون بحالة الميزوفونيا بحدوث رد فعل شديد للمحفّزات الصوتية، التي تختلف في تحفيزها لردود الأفعال المرتبطة بظهور هذا الاضطراب بين شخص وآخر، إذ يمكن أن يعاني المريض من شعور بالإنزعاج البسيط عند صدور هذه الأصوات، في حين يصل أشخاص آخرون لحالة من الغضب الشديد عند سماع مثل هذه الأصوات، حيث نجد أكثر الأعراض النفسية المصاحبة لحالة الميسوفونيا: [2]
كيف يمكنك التمييز بين شخص يعاني من حالة الميزوفونيا، وبين شخص آخر طبيعي لكنه حسّاس لبعض الأصوات الخارجية؟ الجواب يكمن بملاحظة الاستجابة أو رد الفعل التي يبديها كل منهما عند سماع الأصوات المحفزّة: [1]
- في حالة الشخص الطبيعي: تحدث حالة الانزعاج بشكل طبيعي من بعض الأصوات المزعجة لدى معظم الأشخاص، ويكون رد الفعل بسيطاً ولا تترافق معه أعراض جسدية، يمكن أن ينسحب الشخص من مكان هذا الصوت أو يطلب من الشخص التوقف عن إصداره.
- في حالة مصاب الميسوفونيا: يكون ردّ الفعل الذي يبديه الشخص المصاب بحالة الميسوفونيا شديداً، وقد يرافقه صدور سلوك لفظي أو جسدي عنيف تجاه الشيء أو الشخص المسبّب لهذا الصوت، يرافق حالة الميسوفونيا أيضاً أعراض جسدية مثل آلام المعدة وتسارع ضربات القلب، ويبدو الشخص وكأنه غير قادر على التحكم بردات فعله غير الطبيعية.
تعدّ أصوات مضغ الطعام أكثر المنبهّات الصوتية المزعجة للأشخاص المصابين بحالة الميسوفونيا، كما يمكن أن تختلف الأصوات المحفزّة للميسوفونيا بين شخص وآخر، هذه قائمة بأكثر الأصوات التي يمكن أن تحفز ظهور متلازمة حساسية الصوت [3]:
هل يمكن معالجة الميزوفونيا؟ تعتبر حالة الميزوفونيا اضطراباً غير قابلاً للعلاج بشكل نهائي، إلا أنه يمكن إدارته بواسطة مجموعة مختلفة من العلاجات السلوكية التي أثبتت قدرتها على التخفيف من شدة وتواتر هذه الحالة وأبرزها: [1،3]
يهدف هذا العلاج إلى زيادة قدرة الشخص على التكيّف مع الأصوات المحفزّة لحدوث الميسوفونيا، حيث يتضمّن هذا التدريب تعلّم كيفية تحمّل الضوضاء حتى لا تسبب للشخص الكثير من الإزعاج
يمكن أن يطوّر الأشخاص المصابين بحالة الميزوفونيا تقنيات شخصية تساعدهم في التأقلم مع حالة الحساسية المفرطة للأصوات مثل: [2]
في النهاية.. إذا كنتَ تعاني من حالة الميزوفونيا، فاعلم أنّك لست وحيداً في هذه التجربة، ومن الأفضل لك أن تشرح هذه الحالة بكل صراحة لمن حولك، وذلك بغرض تشكيل فهم وتعاطف للحالة التي تمرّ بها، جّرب أيضاً استخدام تقنيات أصوات الضجيج البيضاء التي يمكن أن تساعدك في تشتيت انتباهك عن الأصوات المحفزّة والتخفيف من حدّة ردود الأفعال المرتبطة بحالة الميسوفونيا.