وعي المريض بوجود الهلوسة من المؤشرات الإيجابية على ارتباط الهلاوس بأسباب عارضة قابلة للانعكاس، وتشير الأبحاث أن الأشخاص الذين يعانون من الهلوسة دون وجود اضطراب نفسي أو مرض عقلي واضح؛ أكثر ميلاً للإبلاغ عن حالة الهلوسة وطلب العلاج، في حين أن أسباب الهلاوس السمعية والبصرية والحسية قد تكون خطيرة ومزمنة، وقد تكون مؤقتة وبسيطة، وقد ترتبط بأمراض عضوية أو نفسية.
الهلوسة أو الهلاوس Hallucinations هي حالة من الإدراك الحسي الوهمي للأصوات والصور والأشياء، وعلى الرغم أن الهلاوس الشائعة عادةً ما تكون بصرية أو سمعية؛ لكن بعض حالات الهلوسة تصل إلى استنشاق روائح غير موجودة أو الشعور بملمس شي غير حقيقي.
ترتبط الهلوسة بمجموعة كبيرة من المشاكل النفسية والعقلية أو الأمراض العضوية، على رأسها اضطراب الفصام الذي يعتبر من أكثر أسباب الهلاوس السمعية والبصرية شيوعاً، وتختلف حدّة الهلوسة وطبيعتها من مريض إلى آخر، كما يتطلب علاج الهلاوس طبيباً متخصصاً.
نظرياً لا يوجد فرق كبير بين الهلاوس والتهيؤات، مع ذلك يستخدم الأطباء والمعالجون مصطلح الهلوسة للتعبير عن الحالة المرضية لسماع أصوات أو رؤية أشياء غير موجودة، فيما يميلون لاستخدام وصف "التهيؤات" لتحديد حالة التحليل الخاطئ لما نراه أو نسمعه، مثل تحليل الشجرة في الظلام على أنها كائن فضائي، أو تحليل الظل على أنه شخص ملثّم، أو حتى الشعور بالأصوات أنها أعلى مما هي عليه فعلاً، وغالباً ما يكتشف الشخص أنّه أدرك شيئاً بطريقة خاطئة. [1]
ومع ذلك يظل استخدام المصطلحين مبهماً وممكناً للتعبير عن الحالة نفسها في كل مرة، وقد تكون الهلوسة Hallucinations هي الكلمة الأكثر دقّة لوصف حالة مرضية مستمرة من التهيؤات والتوهّم الحسي والإدراكي المؤقت أو المزمن، والمتزامن مع مشاكل صحية أخرى.
فعلياً تشمل أنواع الهلوسة الحواس الخمسة، لكن تظل الهلوسة السمعية والبصرية هي الأكثر انتشاراً:
الهلوسة السمعية Auditory Hallucinations: تتباين حالات الهلوسة السمعية بين سماع الصوت الداخلي وكأن الصوت يأتي من داخل المريض، أو سماع أشخاص يتحدثون حوله أو يحاورونه، أو سماع أصوات غيبية غير محددة المصدر قد يفسّرها المريض على أنها وحي أو رسالة إلهية، وترتبط الهلاوس السمعية بالاضطرابات الذهانية وأمراض المخ وتعاطي المخدرات.الهلوسة البصرية Visual Hallucinations: تتمثل الهلاوس البصرية برؤية أشياء غير موجودة أو رؤية حركة ليست حقيقية، ويشمل ذلك رؤية ألوان أو أشكال أو حتى ظلال وأشخاص، بعض هذه الهلاوس البصرية ترتبط باضطرابات الرؤية العضوية وبعضها يرتبط بالاضطرابات النفسية والعقلية.الهلاوس الشميّة Olfactory Hallucinations: استنشاق رائحة ليست موجودة في الواقع ليس من الهلاوس الشائعة، حيث يشعر المريض برائحة في الجو أو برائحة تصدر منه، وقد تكون هذه الهلاوس مؤقتة مثل حالات الحمى أو إصابات الرأس القابلة للانعكاس، أو مزمنة كما في الاضطرابات الذهانية والوسواس.هلوسة التذوّق Gustatory Hallucinations: تنعكس هلوسة التذوق على شعور المريض بالطعم، حيث يمكن أن يستشعر طعماً غريباً وغير حقيقي.هلوسة اللمس Somatic Hallucinations: الشعور بملمس الأشياء بطريقة مختلفة عمّا هي عليه، أو الشعور بشيء يمشي على الجسد أو الشعور بالتعرض للدغ.الاعتقاد أن الهلوسة من الشيطان بحد ذاته نوع من أنواع الهلوسة، خصوصاً لدى الأشخاص الذين يعانون من الهلوسة دون أن يكون لديهم اضطراب نفسي أو عقلي واضح أو مشخّص، ويعتقد أن 10% من الأشخاص الأسوياء يختبرون أنواعاً خفيفة من الهلوسة، تعرضهم أكثر لتطوير المشاكل الذهانية، لكن العلم يرفض الربط بين الهلوسة السمعية والبصرية وبين مس الجنّ أو الشيطان.
علمياً يتم تصنيف الهلوسة تحت ثلاث مسببات أساسية قد تنفرد أو تجتمع، وهي: [2]
عقلية فيسيولوجية Psychophysiologic والتي تنشأ عن مشكلة في بنية الدماغ مثل تلف أجزاء من الدماغ أو وجود ورم يعطل عمل البصر.عقلية كيميائية Psychobiochemical والتي تنشأ عن اضطرابات الناقلات العصبية كما يحدث عند تعاطي حبوب الهلوسة أو المواد المخدرة.نفسية ديناميكية Psychodynamic ومن هذه الحالات خروج اللاوعي إلى الوعي.اضطراب الفصام: تشير الأبحاث أن 70% من مرضى اضطراب الفصام Schizophrenia يعانون من الهلوسة البصرية، وحوالي 90% منهم يعانون من الهلاوس السمعية، وهم معرضون لأي نوع من الهلاوس الأخرى.الاضطرابات العقلية والنفسية: على رأسها الفصام واضطراب ثنائي القطب والاكتئاب الشديد المصحوب بأعراض ذهانية واضطراب ما بعد الصدمة.مرض باركنسون: شلل الرعاش من الأمراض العصبية المزمنة التي تصيب كبار السن بشكل أساسي، ومن أعراض الباركنسون الهلاوس السمعية والبصرية، حيث يختبر حوالي نصف مرضى شلل الرعاش نوعاً من الهلاوس.مرض الزهايمر: في الحالات المتقدمة من الزهايمر وأمراض الخرف الأخرى تظهر حالات الهلوسة السمعية والبصرية أو أنواع الهلوسة الأكثر ندرة، ويتعلق ذلك بالأذية الدماغية والعصبية الناتجة عن تطور المرض.الشقيقة والصداع النصفي: يعاني بعض المصابين بالصداع النصفي من الهلوسة البصرية المعروفة باسم الهالة Aura وهي رؤية أضواء وألوان غير موجودة.مرض الصرع: عادةً ما تكون حالة الهلوسة متزامنة مع النوبة تقريباً، وتختلف حالات الهلوسة من مريض إلى آخر حسب شدة نوبة الصرع والمناطق التي تؤثر عليها من الدماغ.أورام الدماغ: ترتبط الهلوسة الناجمة عن أورام المخ بمكان الورم، فالأورام القريبة من مناطق الرؤية قد تسبب هلاوس بصرية، كذلك بعض الأورام تسبب هلاوس شميّة أو ذوقيّة، وعادةً وقد تترافق الهلاوس مع الأمراض المزمنة الخطيرة الأخرى مثل المراحل المتقدمة من السرطان وتلف الكبد وتلف الكلى.متلازمة تشارلز بونيه Charles Bonnet syndrome: وهي هلوسة ناتجة عن محاولة الدماغ التكيّف مع عيوب ومشاكل البصر الشديدة مثل إعتام عدسة العين والتنكس البقعي، وعادةً ما تصيب كبار السن الذين يعانون من تراجع كبير في وظائف العين والقدرة على الرؤية الطبيعية، ويعتقد أن المصابين بضعف السمع أو الصمم في سن متأخرة يعانون غالباً من هلاوس سمعية.اضطراب إدمان المخدرات: على الرغم أن الهلاوس السمعية والبصرية الناجمة عن تعاطي المخدرات والمواد المهلوسة؛ غالباً ما تكون مؤقتة، إلّا أن الاضطرابات النفسية التي تنشأ وتتطور في فترة الإدمان قد تجعل من الهلاوس السمعية والبصرية حالة مزمنة، كذلك الأذى الذي يتعرض له الدماغ من تعاطي أنواع المخدرات شديدة التأثير مثل الكوكايين.بعض أنواع الأدوية: تسبب بعض الأدوية حالات من الهلوسة البصرية والسمعية، وغالباً ما تتراجع هذه الهلاوس مع إيقاف الدواء، والملفت أن معظم الأدوية التي تعالج الأمراض المسببة للهلوسة هي بحد ذاتها تسبب الهلوسة، مثل أدوية الصرع والزهايمر والباركنسون.اضطرابات النوم: قلة النوم قد تكون من الأسباب المباشرة للهلوسة، كما أن بعض الهلاوس قد ترتبط بفترة ما قبل النوم أو في اللحظات الأولى بعد الاستيقاظ.الحمى وارتفاع الحرارة: الهلوسة من الأعراض المصاحبة لارتفاع الحرارة والحمى خصوصاً عند الأطفال، لكنها تزول عادةً بزوال الحمى واستعادة الجسم للحالة الطبيعية، وقد تظهر هلوسات مزمنة في حالات الاختلاج والتهاب السحايا.العزلة الاجتماعية: تؤثر العزلة الاجتماعية المستمرة والشديدة على الاستجابة الحسية والإدراك ما قد يجعلها سبباً للهلاوس السمعية والبصرية كما يحدث مع سجناء المنفردة أو كبار السن. [1,3,4] علاج الهلوسة ليس أولوية إن لم تكن الهلاوس السمعية والبصرية معيقة للأنشطة اليومية أو مزعجة للمريض وتطفلية، وعادةً ما تكون الأدوية المضادة للذهان هي الخيار الأول لعلاج الهلاوس السمعية والبصرية، جنباً إلى جنب مع محاولة السيطرة على سبب الهلوسة العضوي إن وجد.
وتظهر الأبحاث أن بعض مرضى الهلوسة يستجيبون بشكل جيد للعلاج السلوكي المعرفي، من خلال مراقبة التصورات والهلاوس ومحاولة تطوير طرق للتكيف والإحالة السلوكية والنفسية، وتقليل الضيق والضغط. [5]
المصادر و المراجعaddremove
أحدث أسئلة قضايا نفسية