الأرز البني والزرنيخ: تهديدات صحية مخفية

في عالم يزخر بخيارات غذائية صحية، قد تكتشف أن ما كنت تعتبره خياراً آمناً وصحياً قد يحمل في طياته مخاطر غير متوقعة. هذا ما تكشفه الأبحاث الحديثة حول الأرز البني، الذي قد يكون بمثابة تهديد خفي لصحة الأطفال، مما يدعونا للتفكير ملياً في خياراتنا الغذائية.
الأرز: جزء لا يتجزأ من النظام الغذائي
الأرز هو أحد الحبوب الأكثر استهلاكاً على مستوى العالم، ويشكل جزءاً أساسياً من النظام الغذائي للعديد من الشعوب. في بعض الدول مثل الصين وكوريا الجنوبية، يُعتبر الأرز غذاءً رئيسياً. ويُعرف الأرز بتنوعه الكبير حيث توجد حوالي 7000 نوع مختلف، تتميز بألوانها وأشكالها واستخداماتها المتعددة.
أنواع الأرز
ينقسم الأرز إلى نوعين رئيسيين: الأرز البني والأرز الأبيض. على الرغم من أن كلا النوعين يأتي من نفس الحبوب، إلا أن الأرز الأبيض يمر بعمليات تنقية أكثر، مما يجعله أقل فائدة غذائية مقارنة بالأرز البني، الذي يُعتبر نوعاً من الحبوب الكاملة.
مخاطر الزرنيخ في الأرز البني
الأبحاث الأخيرة من جامعة ميشيغان كشفت عن مفاجأة صادمة: الأرز البني يحتوي على نسبة أكبر من الزرنيخ السام، تصل إلى 15% أكثر مقارنة بالأرز الأبيض. هذا الأمر يضع المستهلكين أمام مفارقة غذائية مثيرة للقلق: كيف يمكن أن يكون خياراً صحياً يحمل مثل هذه المخاطر؟
أنواع الزرنيخ
هناك نوعان من الزرنيخ: الزرنيخ العضوي، الذي يُعتبر أقل سمية ويُوجد في بعض المأكولات البحرية، والزرنيخ غير العضوي، الذي يُعتبر أكثر خطورة ويرتبط بمشاكل صحية خطيرة. في الأرز البني، يمثل الزرنيخ غير العضوي نسبة 48% مقارنة بـ33% فقط في الأرز الأبيض، مما يُثير القلق بشكل أكبر.
الأطفال الأكثر عرضة للخطر
الأطفال، وبالأخص الرضع الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر وسنتين، هم الفئة الأكثر عرضة للخطر. فالأبحاث تشير إلى أنهم يتعرضون لضعف كمية الزرنيخ مقارنة بالأطفال الذين يستهلكون الأرز الأبيض، مما يزيد من احتمالية ظهور مشاكل عصبية مثل صعوبات التعلم والتأخر الفكري.
التركيزات العالية للزرنيخ
يُعتبر التركيز العالي للزرنيخ في الأرز البني نتيجة لطبيعة زراعته. حيث تُغمر حقول الأرز بالماء، مما يُساعد في امتصاص الزرنيخ من التربة. والأكثر إثارة للدهشة هو أن الأرز يستقطب كميات من الزرنيخ تفوق عشر مرات ما تمتصه المحاصيل الأخرى.
صلاح الدين الأيوبي الحلقة 31
المخاطر الصحية للتعرض للزرنيخ
التعرض المزمن للزرنيخ غير العضوي قد يؤدي إلى مشاكل صحية متعددة، بدءاً من اضطرابات جلدية وصولاً إلى زيادة مخاطر الإصابة بأمراض خطيرة مثل السرطان. وتشير الدراسات إلى وجود صلة وثيقة بين التعرض للزرنيخ وأمراض القلب والأوعية الدموية، بالإضافة إلى تأثيره السلبي على القدرات الإدراكية.
توصيات للحد من المخاطر
على الرغم من هذه المخاطر، يؤكد الخبراء أن الخطر الفعلي لا يظهر إلا مع الاستهلاك المفرط على المدى الطويل. لذلك، يُنصح بتقليل استهلاك الأرز البني، خاصة للأطفال، والاتجاه إلى بدائل غذائية أكثر أماناً مثل الكينوا والشوفان. كما يُفضل غسل الأرز جيداً قبل الطهي واستخدام كمية وفيرة من الماء أثناء الطهي لتقليل محتوى الزرنيخ.
في النهاية، من المهم أن نكون واعين للمخاطر المحتملة المرتبطة بالأرز البني وأن نتخذ قرارات غذائية تستند إلى الأبحاث والدراسات الحديثة لضمان صحة وسلامة أطفالنا.