طرق علاج اليأس من الحياة والتخلص من الإحباط
خلال رحلة الحياة سوف تمر بمواقف وظروف مختلفة، ستحقق نجاحاً وتقفز فرحاً بإنجازك هذا وستسقط أرضاً وتخسر ما كنت تُكافح من أجل الوصول إليه، لكن بكلا الحالتين سوف تنام ليلاً وأنت تتأمل أن يكون الغد أفضل وأن تُحقق المزيد من النجاح في المستقبل.
ولكن هل سبق لك أن ذهبت للنوم ليلاً وأنت لا تكترث حقاً بالغد ولا تمتلك ذرة اهتمام بما يُخبئه لك؟ أو شعرت في يومٍ ما أنّ هذه الحياة أصبحت خاليةً من المعنى بالنسبة إليك وأنك كل شيء أصبح عاجزاً عن جعلك تشعر بالمتعة والسعادة مع إحساسك باليأس من الحياة؟ شعورك هذا قد يحدث بشكل طبيعي نتيجة بعض الظروف السيئة ولكنه لا يجب أن يستمر وهناك ما يمكن أن يُساعدك على علاج اليأس من الحياة.
رغم أننا نستطيع وصفه ببساطة بأنه شعورٌ يتمثل بانعدام الأمل والتفاؤل إلا أنّه الوصف الأدق له هو أنّه شعور عاطفي قوي يتسبب في دخولك في مزاج مظلمٍ وسوداوي وقد يؤثر بشكل سلبي على نظرتك لذاتك والأفراد المحيطين بك وظروفك الشخصية والعالم بأسره، وهو شعور مرتبط بالنظرة المستقبلية بالدرجة الأولى.
غالباً ما يؤدي الشعور باليأس من الحياة لفقدان الاهتمام بالأنشطة والأشخاص والأحداث المهمة وانعدام تقدير الفرد أياً من الأشياء التي كان يُقدرها سابقاً، وقد يؤدي الشعور باليأس إلى دخول الفرد لحلقة مفرغة عبر انخراطه ضمن مجموعة من الأنشطة التي تزيد من الشعور باليأس مثل العزلة والنوم لوقتٍ طويل والإفراط في تناول الطعام. [1]
الشعور باليأس من الحياة يمكن أن ينتج عن عوامل مختلفة أبرزها:
- فقدان الشغف والدافع: يعتبر فقدان الدافع والهدف واحداً من أبرز أسباب اليأس والإحباط، وعلى الرغم أن فقدان الشغف وغياب الدافع سبب لليأس من الحياة لكنه أيضاً قد يكون نتيجة لليأس، أي أنه من الأعراض والأسباب في نفس الوقت.
- المشاكل والمتاعب المالية: هناك رابط وثيق بين الإقبال على الحياة والاستقرار المادي، وفي كثير من الحالات يرتبط اليأس من الحياة بالظروف المالية والمتاعب المادية المستمرة والمتتالية، والخبر الجيد أن علاج اليأس من الحياة في هذه الحالة يا يعني بالضرورة الحصول على الثروة، ولكن تغيير طريقة التفكير بالمال والاحتياجات المادية للسعادة والراحة.
- النبذ الاجتماعي: مثل التعرض للتنمر أو النبذ والإقصاء أو الشعور بالوحدة القسرية، وعادةً ما تبرز حالة اليأس من الحياة بسبب النبذ الاجتماعي في مرحلة المراهقة والشباب بشكل خاص.
- الخلافات الأسرية والاجتماعية: الاستقرار الأسري عامل مهم لتخطيط الأهداف الشخصية، حيث تقود المشاكل الزوجية أو العائلية المستمرة إلى فقدان الشغف واليأس.
- المرض والمشاكل الصحية: المعاناة من أمراض مزمنة أو حادة خطيرة أو معيقة للفرد يؤثر بشكل كبير على النظرة المستقبلية، لذلك يلجأ المعالجون إلى الدعم النفسي لأصحاب الأمراض المزمنة والأمراض الخطيرة.
- الاضطرابات النفسية: ترتبط بعض الاضطرابات النفسية والعاطفية بالمشاعر السلبية عموماً واليأس من الحياة على وجه الخصوص، مثل اضطراب ثنائي القطب واضطرابات القلق واضطراب الاكتئاب.
يقترح بعض علماء وخبراء النفس أنّ اليأس من الحياة لا يأخذ شكلاً واحداً بل يمكن أن يختلف من شخصٍ لآخر، وفقاً لهذا من الممكن أن نقوم بتقسيم حالات اليأس من الحياة إلى 9 أنواع بناءً على والأحاسيس التي يشعر بها الشخص وهي: [3]
- الانعزال والانطوائية: ينتج هذا النوع من اليأس من الشعور بأنك منسي وأن الآخرين لا يعتبرونك كندٍ لهم، ستشعر بأنك مختلفٍ بشكلٍ ما وأنّ هذا الاختلاف سيجعل التواصل مع الآخرين أكثر صعوبةً، وسيقود للانعزال عنهم.
- الهجران والنبذ: يأتي هذا اليأس من الشعور بأن الآخرين قد تخلوا عنك عندما كنت في أمس الحاجة إليهم وقد يترافق بالشعور بالرفض مما يدفعك للتوقف عن الثقة بالآخرين.
- انعدام الإلهام: يأتي هذا النوع عندما لا تشعر بالتحفيز الذهني أو التجمد الفكري وقد تشعر بأن أفكارك محجوبة وأنك عاجزٌ عن الإبداع في كافة أو بعض جوانب حياتك.
- الشعور بالعجز أو انعدام القوة: يحدث هذا عندما يشعر الشخص بأنّ وجوده لا يحمل تأثيراً على محيطه او على الآخرين، قد تشعر بأنك عاجز عن إحداث أي تغيير وتعتمد على قرارات وأفعال الآخرين كلياً.
- الشعور بالاضطهاد أو القهر: قد تُعاني من هذا النوع من اليأس عندما تشعر بأنك لا تُعامل كما تستحق أو لا تُعامل بعدل، قد يتضمن هذا اليأس الناتج عن التعرض للتمييز العنصري أو التحيز الجنسي وما شابه ذلك من أنواع التمييز.
- الشعور بالمحدودية: هذا النوع من اليأس يظهر عندما يجد الشخص نفسه لا يمتلك الموارد أو المهارات الكافية والضرورية لتحقيق أهدافه وطموحاته، سواء كانت الموارد المقصودة مادية كعدم توفر المال لبدء مشروع عمل أو عدم توفر القدرات والخبرة للعمل في وظيفة معينة فسيظهر هذا الشعور بالمحدودية.
- الشعور بالهلاك المحتوم: ينتشر هذا النوع من اليأس من الحياة لدى الأشخاص الذين يمتلكون شعوراً بأنهم محكومون بمواجهة نتائج سلبية في الحياة، هذا النوع من اليأس قد يأتي نتيجة التعرض إلى أحداث سلبية في بداية الحياة أو نتيجة الإصابة بمرضٍ عضال ومميت.
- الشعور بالأسر: ينتشر هذا النوع من الشعور باليأس بشكل خاص لدى من عانى من السجن في مرحلة معينة من الحياة أو لأولئك الذين كانوا جزءاً من علاقة عاطفية مسيئة جعلتهم مقيدين وغير قادرين على التصرف كما يحلو لهم. يمكن أن يتطور هذا الشعور عندما يفسح الشخص مجالاً للآخرين بمعاملته بشكلٍ سيءٍ لأنه شعر لسببٍ ما بأنه يستحق ذلك.
- الشعور بعدم القدرة على مساعدة الذات: وهو الشعور الناتج عن العجز على التصرف أو فعل أي شيء دون الحصول على مساعدة من شخصٍ آخر.
ليس من الضروري أن يتطور اليأس من الحياة إلى حالةٍ يقوم فيها الشخص بأذية نفسه فهناك بعض الطرق المفيدة للمساعدة باستعادة الأمل وتحسين حياتك من جديد ومنها: [4]
إن كانت المشكلة غير قابلة للحل (كأن يكون الأمر متعلقاً بمرض شخصٍ تُحبه) ففكر في كيفية تغيير مشاعرك، يمكن أن تشعر بالتحسن عند قضاء الوقت مع أفراد العائلة أو عبر أخذ يومٍ للراحة مثلاً.
حيث أنّ اليأس من الحياة يمكن أن يكون ناتجاً عن بعض الاضطرابات النفسية والعقلية فمن المهم أن تُحاول علاج السبب الأساسي. استمرار اليأس من الحياة يمكن أن يؤثر على صحتك ونومك وشهيتك وقد يقودك لأفكارٍ انتحارية حتى إن كانت الحالة شديدة.
في المواقف التي تفشل فيها استراتيجيات المواجهة في تخفيف الضغط العاطفي قد يكون من الجيد الاتصال بطبيب نفسي وطلب المساعدة. الطبيب أو المعالج النفسي لن يقدم لك بعض الدعم الإضافي وحسب بل يمكن أن يتمكن من تحديد الأسباب الكامنة وراء شعورك السلبي وتقديم بعض الوسائل العلاجية لمساعدتك على الخروج إلى العالم من جديد والتعامل مع مشاعرك. [5]
في الختام.. عليك أن تتذكر دوماً أنّ الحياة يمكن أن تكون قاسيةً عليك وقد تُشعرك بالألم في بعض المواقف ولكن هذا لا يعني النهاية إطلاقاً فهناك دوماً نورٌ في نهاية النفق طالما أنّك تنهض من جديد بعد السقوط وطالما أنك تمتلك الأمل. لذا احرص دوماً على التمسك بالأمل ولا تخشى من طلب المساعدة عندما تشعر بالضعف.