-

الدعاء الذي لا يرده

(اخر تعديل 2024-09-09 11:09:39 )

الدعاء من القلب الصادق هو أجمل وسيلة لمناجاة الله عز وجل، فكيف إن كان هذا الدعاء لا يرد ولا يخاب وبإذن الله مستجاب، ففي بعض الحالات يكون الدعاء الصادق مستجاب ولا يرد وقد جاءت مثل هذه الادعية بالعديد من المواضع ضمن الأحاديث النبوية الشريفة والآيات القرآنية الكريمة، وسنذكرها في هذا المقال.

  • دعاء ذي النون: (لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) سورة الأنبياء الآية 87 وهذه الآية الكريمة تشير إلى فضل دعوة سيدنا يونس عليه السلام في بطن الحوت وقد جاء حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤكداً لها، فروى سعد بن أبي وقاص أن رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذكر دعوةَ ذي النونِ فقال: وجاءَ أعرابِيٌّ فشغَلَهُ، فاتَّبَعْتُهُ فالتَفَتَ إلِيَّ فقالَ: أبا إسحاق؟ قلتُ: نعم، قال: فمَهْ؟ قلْتُ: ذكرتَ دعوةَ ذي النونِ ثُمَّ جاءَ أعرابِيٌّ فشغلَكَ قال: نعم، دعوةُ ذي النونِ، إذ نادى في بطنِ الحوتِ ؟ لا إلهَ إلّا أنتَ سبحانَكَ إِنَّي كنتُ مِنَ الظالمينَ؟ فإِنَّهُ لم يَدْعُ بها أحدٌ إلّا استُجِيبَ لَهُ).
  • الدعاء بعد سورة الفاتحة: إن الدعاء بدءاً بسورة الفاتحة والتحميد هو من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا ما جاء في الحديث الكريم الذي رواه فضالة بن عبيد (إذا صلّى أحدُكُم فليبدَأْ بتحميدِ اللَّهِ تعالى والثَّناءِ عليهِ ثمَّ ليُصَلِّ عَلى النَّبيِّ ثُمَّ ليدْعُ بعدُ بما شاءَ) أخرجه السيوطي.
  • دعاء سيدنا أيوب: ربّي إنّي مسّني الضرُّ وأنت أرحم الراحمين. وهذا الدعاء الذي توجه به سيدنا أيوب عليه السلام لمناجاة ربه فكانت الاستجابة بكشف كربه وهمّه ورفع البلاء عنه، (أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ) سورة الأنبياء الآية 83-84.
  • دعاء سيدنا موسى عليه السلام: "ربّي اشرح لي صدري ويسّر لي أمر واحلل عقدة لسانه" وهو دعاء موسى عليه السلام قبل مواجهة فرعون، ورد في سورة طه آية 25 وما بعدها، وهي من أجمل صيغ الدعاء الذي لا يرد بإذن الله.
  • الدعاء في ليلة القدر: الدعاء في ليلة القدر من الأدعية التي لا يردها الله تعالى، وليلة القدر من أعظم الأوقات للدعاء وأقربها إلى أبواب السماء، حيث سألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسولَ اللهِ أرأيتَ إن علِمتُ ليلةَ القدرِ ما أقولُ فيها ؟ قال : قُولي اللَّهمَّ إنَّك عفُوٌّ تُحبُّ العفوَ فاعْفُ عنِّي. أخرجه الترمذي، وقد حثنا الرسول الكريم في الكثير من الأحاديث على التزام الدعاء في ليلة القدر لما لها من فضل واستجابة.
  • دعاء مستجاب لا يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللَّهمَّ إنِّي عبدُكَ ابنُ عبدِكَ ابنُ أَمَتِكَ ناصِيَتي بيدِكَ ماضٍ فيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فيَّ قضاؤُكَ أسأَلُكَ بكلِّ اسمٍ هو لكَ سمَّيْتَ به نفسَكَ أو أنزَلْتَه في كتابِكَ أو علَّمْتَه أحَدًا مِن خَلْقِكَ أوِ استأثَرْتَ به في عِلمِ الغيبِ عندَكَ أنْ تجعَلَ القُرآنَ ربيعَ قلبي ونورَ بصَري وجِلاءَ حُزْني وذَهابَ همِّي إلّا أذهَب اللهُ همَّه وأبدَله مكانَ حُزْنِه فرَحًا) رواه عبد الله بن مسعود وأخرجه ابن حبان في صحيحه.
  • (اللَّهمَّ إنِّي أسْأَلُكَ بأنَّ لكَ الحمْدَ، لا إلهَ إلّا أنتَ المنّانُ، بَديعُ السَّمواتِ والأرضِ، يا ذا الجَلالِ والإكرامِ، يا حَيُّ يا قيُّومُ، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: لقدْ دعا اللهَ باسْمِه الأعظَمِ الذي إذا دُعِيَ به أجابَ، وإذا سُئِلَ به أعْطى) رواه أنس بن مالك رضي الله عنه، وأشار النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا الدعاء يشمل اسم الله الأعظم ولكنه لم يحدد أيها، لذلك من الضروري عند الدعاء به الالتزام بأسماء الله الحسنى التي ذكرت فيه.
  • (اللَّهُمَّ اغفر لي ما قدَّمتُ، وما أخَّرتُ، وما أسررتُ وما أعلنتُ، وما أسرفتُ، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدّم، وأنت المؤخّر، لا إله إلا أنت) رواه علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وأخرجه مسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو به في آخر الصلاة قبل أن يسلّم، وهو دعاء مستجاب لا يرد بإذن الله.
  • (اللهمَّ اجعلْ في قلبي نورًا، وفي لساني نورًا، وفي بصري نورًا، وفي سمعي نورًا، وعن يميني نورًا، وعن يساري نورًا، ومن فوقي نورًا، ومن تحتي نورًا، ومن أمامي نورًا، ومن خَلْفي نورًا، واجعلْ لي في نفسي نورًا، وأَعظِمْ لي نورًا) رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنه وأخرجه البخاري.
  • (اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً، وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وقِنَا عَذَابَ النَّارِ) رواه أنس بن مالك وأخرجه البخاري في صحيحه، وكان هذا الدعاء من الأدعية القصيرة وعميقة المعنى التي علّمنا إياها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
  • دعاء الصائم: دعاء الصائم لا يرد بإذن الله لقوله صلى الله عليه وسلّم: (ثلاثةٌ لا تُرَدُّ دعوتُهم: الصّائمُ حتّى يُفطِرَ والإمامُ العَدلُ ودعوةُ المظلومِ) رواه أبو هريرة رضي الله عنه وأخرجه ابن حبان في صحيحه، فدعاء الصائم مستجابٌ بإذن الله طوال فترة صيامه حتى يفطر.
  • دعاء المظلوم: دعاء المظلوم من الأدعية التي لا يردها الله سبحانه وتعالى ومن أسمائه الحقّ والعدل، وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (واتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فإنَّها ليسَ بيْنَها وبيْنَ اللَّهِ حِجابٌ) رواه عبد الله بن عباس وأخرجه البخاري في صحيحه، والله خير نصيرٍ للمظلومين.
  • دعولة الوالد والمسافر: (ثلاثُ دَعَواتٍ مُستجاباتٌ لا شَكَّ فيهن: دعوةُ الوالِدِ، ودَعوةُ المسافرِ، ودعوةُ المظلومِ) رواه أبو هريرة رضي الله عنه وأخرجه الترمذي وابن ماجة، وقد جاء في هذا الحديث أن دعوة الأب مستجابة لا شك فيها وهذا ما يوضح مكانة الوالد في الإسلام، ودعوة المسافر ودعوة المظلوم.
  • الدعاء في ظهر الغيب: الدعاء في ظهر الغيب يعني في غياب المدعو له، فمن دعا لأخيه في ظهر الغيب استجاب له الله دعاءه لأنه أصدق ولا رياء فيه، وروى عبد الله ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: دَعْوَتانِ ليس بينَهما وبينَ اللهِ حِجابٌ دعوةُ المظلومِ ودعوةُ المرءِ لأخيه بظَهرِ الغيبِ.
  • الدعاء والتسبيح عند قيام الليل: قيام الليل والصلاة عقب الاستيقاظ أثناء الليل وذكر الله عز وجل تسبيحاً وحمداً والدعاء حينها من أعظم الادعية التي لا ترد فيستجيب لها الله ويغفر لصاحبها ما تقدمه من ذنوب، قال صلّى الله عليه وسلّم: (ما منْ عبدٍ مسلمٍ يتَعارُّ من الليلِ فيقولَ سبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ ولا إلهَ إلا اللهُ واللهُ أكبرُ، اللهمَّ اغْفِرْ لي إلا غُفِرَ لهُ، فإنْ عَزَمَ فقامَ فتوضَأَ وصلّى ودعا اللهَ استَجابَ لَهُ) رواه أبو هريرة رضي الله عنه.
  • صلاة الثلث الأخير من الليل: وهي من أفضل الصلوات وأكثرها تقريباً لله عز وجل والدعاء فيها عظيم الشأن، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: (يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فيَقولُ: مَن يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ له، مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له) أخرجه البخاري في صحيحه.
  • الدعاء يوم الجمعة: لا كلمات تحيط بفضل يوم الجمعة الأذكار والأدعية التي تقال في ساعاته، وروى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم في ذكر يوم الجمعة (فيه سَاعَةٌ، لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وهو قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شيئًا، إلَّا أعْطَاهُ إيَّاهُ وأَشَارَ بيَدِهِ يُقَلِّلُهَا) أخرجه البخاري في صحيحه.
  • صلاة الوتر: حث رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمنين على اختتام يومهم بصلاة الوتر لما لها من فضل وذكر علي بن أبي طالب كرم الله وجهه (إنَّ اللهَ وِترٌ يُحبُّ الوِترَ، فأَوْتِروا، يا أهلَ القُرآنِ) أخرجه الترمذي في السنن، ويمكن إرفاق صلاة الوتر بدعاء القنوت الخاص بها فذلك من المستحب وهو من الدعاء المستجاب.
  • الصلاة في الحرب: ذُكِر عن رسول الله أنه أوصى بالصلاة عند التقاء الجيوش وتشتبك صفوف المسلمين بصفوف العدو وتبدأ المعارك والقتال فحينها الصلاة والدعاء مستجابان أو قريبان من الاستجابة، وروى سهل بن سعد الساعدي عن النبي صلى الله عليه وسلّم قوله: (ِثنتانِ لا تَردّانِ أو قلَّما تَردّانِ الدُّعاءُ عِندَ النِّداءِ وعِندَ البَأسِ حينَ يَلحَمُ بَعضُهُم بَعضًا) أخرجه أبو داود.
  • الدعاء في الصلوات الخمس: لا تقتصر استجابة الدعاء على وقت معين أو صلاة محددة، قال عز وجل (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) سورة غافر الآية 60، بل هناك بعض المواضع التي يحمد فيها الدعاء ويكون أقرب للإجابة، ومنها الدعاء في كل صلاة، عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( الدعاءُ لا يُردُّ بين الأذانِ والإقامةِ) أخرجه الترمذي، كما أن الدعاء في السجود مستجاب والتعظيم في الركوع مرغوب، وقال شيخ الإسلام ابن تميمة (أما الركوعُ فعظِّموا فيه الربَّ، وأما السجودُ فاجتهدوا في الدعاءِ فقَمِنٌ أن يستجابَ لكم).
  • الإثم أو القطيعة: لا يقبل دعاء محتواه أذى أو سوء لشخص ما، وخاصة إن جاء في نص الدعاء قطع صلة الرحم أو مراد السوء بالأهل وهذا ما تحدث عنه النبي الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم: (لا يَزَالُ يُسْتَجَابُ للعبدِ ما لم يَدْعُ بإثمٍ أو قَطِيعةِ رَحِمٍ) رواه أبو هريرة وورد في صحيح الجامع.
  • استعجال الإجابة: من الأسباب المهمة والتي يجهلها الكثير من الناس استعجال الرد على الدعاء، فيطلب الداعي من الله الاستجابة السريعة ولا يصبر أو يخشع قلبه للدعاء وهذا لا يجوز، جاء في الحديث الشريف ( يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ، يقولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي) رواه أو هريرة وأخرجه البخاري في صحيحه
  • ارتكاب الذنوب والمعاصي: يتطلب الدعاء من الإنسان قلب عامر بالإيمان وخاشع لعظمة الله عز وجل، فلن يستجاب لشخص حياته مليئة بالمعاصي وكبائر الذنوب، فلا يغير الله قوماً حتى يبدأوا بتغير ما في داخل نفوسهم.
  • التغافل عن النهي عن المنكر والأمر بالمعروف: أوصانا الله عز وجل بنشر المعروف والحث عليه بين المجتمع ونصح الأفراد ونهيهم عن المعاصي والمنكرات، ومن يترك هذه الوصية ويتغافل عنها لا تقبل دعواته، روى حذيفة بن اليمان عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (والَّذي نفسي بيدِه لتأمُرُنَّ بالمعروفِ ولتنهَوُنَّ عن المنكرِ أو ليوشِكَنَّ اللهُ أن يبعثُ عليكم عذابًا منه ثمَّ تدعونه فلا يستجيبُ لكم) أخرجه الترمذي.
  • مخالفة التعاليم الإسلامية: قد يرتكب الشخص العديد من المخالفات للتعالم الدينية والقيم الأخلاقية كأكل مال الحرام وأذية اليتيم وإغضاب الوالدين وترك الصوم والصلاة والزكاة، فاستجابة الدعاء تتطلب قلب مؤمن وشخص صالح وقويم.

المصادر و المراجعaddremove

  • موقع الباحث الحديثي.
  • "أسباب استجابة الدعاء" منشور في موقع إسلام ويب، تمت مراجعته في 14/6/2022.
  • أحدث أسئلة أدعية وأذكار