علاج الكذب عند الأطفال وطرق عقاب الطفل الكاذب
الكذب عند الأطفال يعتبر جزءً طبيعياً من التطور والنمو العقلي والمعرفي للطفل، ولذلك قد تكون جملة "علاج الكذب" مبالغاً بها عند التعامل مع الأطفال تحت سن الثامنة وحتى العاشرة، مع ذلك قد يكون تكرار الكذب وعدم استجابة الطفل للمحاولة التربوية لتعديل هذا السلوك أمراً مثيراً للقلق، ويستدعي تدخلاً مدروساً لمساعدة الطفل على تقييد الكذب أو علاج الكذب المتكرر حسب عمره وحالته.
في معظم الحالات لا يكون الكذب عند الأطفال مرضاً أو اضطراباً وخصوصاً الأطفال تحت 6 سنوات، بل يكون الكذب من وسائل اكتشاف الطفل لذاته وللعالم من حوله وتنظيم علاقاته مع الآخرين، مع ذلك قد يكون كذب الطفل في حالاتٍ معيّنة علامةً مبكّرة على مرض الكذب القهري أو الكذب المرضي (Pathological Lying or Lying Compulsively).
يرتبط الكذب المرضي عند الأطفال الكبار والمراهقين باضطرابات السلوك والشخصية مثل اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، ويستخدم الكذب القهري لكسب التعاطف أو المكانة الاجتماعية، لكن لا يمكن للأهل أو غير المتخصصين تشخيص حالة الكذب المرضي عند الطفل، ولا بد من اللجوء لمتخصصي الطب النفسي وعلم النفس التربوي.
تفهّم الكذب الطبيعي وغير الطبيعي:
أولى خطوات علاج الكذب عند الأطفال وتعديل سلوك الطفل الكاذب تكمّن في فهم متى يكون الكذب طبيعياً ومتى يجب أن يكون مقلقاً، فنسج القصص الخيالية من الطفل في عمر 6 سنوات لا يعتبر كذباً مقلقاً بقدر ما هو تطور طبيعي لشخصية الطفل، أما تكرار الكذب المؤذي والهادف من طفل بعمر 9 سنوات فهو أمر مقلق يجب الاهتمام به والسعي لعلاجه.فهم دوافع الطفل للكذب:
التخلص من مشكلة الكذب عند الطفل يبدأ بتحديد الدوافع التي تحفزه لاستخدام الكذب، وبحسب العامل المسبب يتحدد المسار الأساسي الذي يجب اتباعه مع الطفل لعلاجه من الكذب، فعلى سبيل المثال قد يكذب الطفل بسبب الخوف من العقوبة القاسية، عندها يجب تخفيف العقوبات عن الطفل والابتعاد عن القسوة معه حتى يتشجع على قول الصراحة، وعندما يكون دافع الطفل للكذب هو لفت الانتباه له فيجب زيادة الوقت المخصص للاهتمام بالطفل والتقرب منه.تجنب العقوبات القاسية والمبالغ بها:
أسلوب التهديد والترهيب والإهانة لن يكون حلاً أبداً لمشكلة الكذب عند الأطفال، وإنما سيفاقم المشكلة ويجعل الأطفال أكثر ميلاً للكذب لتجنب العقوبات، ومن يريد علاج مشكلة الكذب عند طفله يجب أن يتخلى عن العقوبات القاسية نفسياً وبدنياً والعقوبات غير المدروسة وغير المتوازنة ويستبدلها بتقنيات التربية الحديثة مثل التعزيز الإيجابي والتوازن بين الثواب والعقاب.شرح عواقب الكذب للطفل:
من أهم طرق علاج الكذب المتكرر عند الأطفال أن يفهموا ما هي عواقب، كأن يخبر الأهل طفلهم أنه إذا كذب بشأن مكان تواجده لن يستطيعوا الوصول إليه إن حدث شيء ما معه، أو أن يخبروه بنفور الناس منه إن كان يكذب باستمرار، وكيف يمكن للكذب أن يؤثر على حياة الآخرين ويؤذيهم.عدم التهاون مع الكذب:
من أهم أساليب التعامل مع الطفل الكاذب وتعديل سلوكه ألّا يتهاون الأهل على الإطلاق مع الكذب، حتى عندما تكون الكذبة ليست كبيرةً أو خطيرة يجب تنبيه الطفل إليها ومعاقبته إن لزم الأمر، على أن تكون العقوبة متوازنة مع الكذبة وحجمها.مدح الطفل عند قول الصدق:
الثناء على تصرفات الأطفال الصادقة ومدحهم يعزز الشعور بأهمية الصدق لديهم ويحببهم به، وهذا الأمر يجعلهم يبتعدون عن الكذب شيئاً فشيئاً ويفضلون رؤية فخر أهاليهم بهم عند قول الحقيقة، كذلك مكافأة الطفل باعتدال وتوازن عند قول الصدق يمكن أن تساعد على تعزيز السلوك الإيجابي، لكن دون أن تتحول المكافأة إلى رشوة!سرد قصص عن محاسن الصدق:
تفيد قصص الأطفال التي تعبر عن أهمية الصدق وقيمته في تشجيع الأطفال الصغار على الالتزام بالصدق ونبذ الكذب وتجنبه، وتعتبر القصص التي تسلط الضوء على قيمة الصدق من أهم وسائل تعديل سلوك الكذب عند الطفل.إعفاء الطفل من العقوبات إن صدق:
يكون إعفاء الطفل من عقوبة الكذب أحياناً إن قال الصدق واعترف بذنبه إجراءً مفيداً لتشجيع الطفل على عدم الكذب مرة أخرى، خصوصاً لو كان دافعه للكذب هو الخوف من العقاب أو من غضب والديه، ومن الأفضل أن يعفو الأهل عن طفلهم مع تحذيره من تكرار الكذب مرة أخرى، فإن كان الكذب ينجي الصدق أنجى.لا تكذب أمام أطفالك:
أهم طرق علاج الكذب عند الطفل أن يقدم الأهل قدوة حسنة له، فالطفل لا يستطيع الفصل بين الكذب الأبيض والأسود والمجاملة والنفاق الاجتماعي، كلّه عنده كذبٌ، لذلك على الأهل تجنب الكذب أمام أطفالهم حتى بأبسط الأمور قدر الممكن.طلب المساعدة من متخصص:
قد يكون الكذب في بعض الأحيان ناتج عن مشكلة نفسية خاصة يعاني منها الطفل ويصعب على الأهل التعامل معها وحدهم، وهنا يفضل الاستعانة باستشاريين نفسيين مختصين بسلوك الطفل وطريقة التعامل معه للحصول على أفصل النتائج في علاج الكذب.عمر الطفل ومستوى وعيه من العوامل الأساسية التي يجب أخذها بعين الاعتبار لتعديل سلوك الكذب وعلاج الكذب المتكرر عند الأطفال، لأن عمر الطفل ومستوى وعيه يحددان قدرة الطفل على إدراك القيم الأخلاقية مثل الصدق والأمانة، وعلى فهم الفروق بين الكذب المؤذي وأنواع الكذب الاجتماعي مثل المجاملة والتهرب والمماطلة والتي تعتبر مهاراتٍ اجتماعية مختلفة عن الكذب وإن تشاركت معه بالجوهر:
علاج الكذب عند الأطفال في عمر سنتين إلى 4 سنوات:
التعامل مع الكذب عند الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة يبدأ من التشجيع على الصدق والصراحة وتوضيح فوائدهما للطفل، ومن الأفضل محاورة الطفل بطريقة بسيطة عندما تكتشف كذبته، باستخدام لهجة متوسطة الجدية وبعيدة عن أي شكل من أشكال العنف والصراخ والتهديد، كسؤاله مثلاً (هل حقاً قمت بفعل ذلك؟) وإذا أنكر ابدأ بشرح لماذا الكذب سيء وكيف الصدق هو أفضل، بالإضافة إلى أن معظم أكاذيب الأطفال في هذا العمر تكون غير مهمة وخصوصاً عندما تعبر عن قصص خيالية غير مؤذية يختلقها الطفل بسبب خياله الواسع.علاج الكذب عند الأطفال في عمر 5 سنوات حتى 8 سنوات:
يزداد الكذب عند الأطفال من عمر 5 سنوات وتتطور مهاراتهم وتزداد محاولاتهم وتجاربهم في الخداع، وخصوصاً ما يتعلق بأمور المدرسة والدراسة والواجبات المدرسية وعلاقتهم مع الأصدقاء والمعلمين وغير ذلك، وعلى الرغم من ذلك تبقى محاولاتهم سهلة الكشف، فيفضل مصارحة الطفل بها والحديث معه بشكل هادئ وتوضيح خطأه واتباع أسلوب العقاب والمكافأة البسيطين، فعندما يكذب الطفل مثلاً قائلاً أن ليس لديه واجبات مدرسية اليوم ليتسنى له وقت أكبر للعب، فيمكن إجباره على إنجاز واجباته أولاً، وكنوع من العقاب تقليل وقت اللعب وليس إلغائه لمدة يوم أو اثنين، ثم مكافأته بشيء ما بعد مرور تلك المدة بلعبة يحبها مثلاً وشكره على التزامه بأداء الواجبات، والثناء عليه في كل مرة ينجز واجباته قبل البدء باللعب فيتشجع بذلك على عدم الكذب مرة أخرى.علاج الكذب عند الأطفال الكبار في عمر 8 سنوات حتى 12 سنة:
التعامل مع كذب الطفل في هذه المرحلة يعتمد على العلاقة الودية مع الوالدين بشكل أساسي، فيجب أن يتقرب الأهل من طفلهم ويحاولوا جعله يشاركهم ما يمر به بدون أن يخاف أو يرتاب من ردة فعلهم الغاضبة أو الساخرة وما إلى ذلك، وعند مواجهة الطفل أنه يكذب يجب أن يكون الهدوء والحديث الواعي الواضح هو سيد الموقف، ومن أفضل الطرق هي التحدث مع الطفل عن كذبته بأسلوب الصديق الناصح، وتوضيح عدم نية الأهل معاقبته وإنما مساعدته كي لا يضطر إلى الكذب مرة أخرى، مع بيان ما يمكن أن يسببه الكذب من آثار سلبية له سواء في الوقت الحالي أو في المستقبل. [4-3]إذا سمعت شكوى عن طفلك أنه يكذب أو اكتشفت أنه كذب بشيء ما في وقت سابق، أو وجهت له سؤالاً ولاحظت من تصرفاته أنه يكذب ويتهرب من الحقيقة فتصرف بالطريقة التالية:
- أظهر انزعاجك من طفلك: الانزعاج وليس الغضب، فلا يجب أن يشعر طفلك بأن الكذب أمر عادي وليس له عواقب، لكن في نفس الوقت لا يجب أن تكون العواقب مبالغ بها كالغضب والصراخ أو الضرب كي لا يزيد دافع الطفل للكذب، يمكن أن يكون الانزعاج باللوم أو التحدث بنبرة جدية أو التعامل لفترة قصيرة مع الطفل بطريقة أقل اهتماماً.
- التوبيخ عند الكذب المتكرر: إذا كان الأبوان مستسهلين في المرة الأولى التي كذب فيها طفلهم قد يشجع ذلك الطفل على الكذب مرة أخرى، هنا يجب أن ينتبه الوالدين إلى ضرورة التلميح للطفل بوجود عقوبة على ذلك وتوجيه نبرة غاضبة أثناء الحديث وتوبيخه كي لا يتسنى للطفل استسهال الكذب مرة أخرى.
- اتبع أسلوب الحرمان: حرمان الطفل من بعض الرفاهيات في حياته أسلوب عقاب جيد للأطفال لبعض الوقت، كالحرمان من استخدام الهاتف أو اللعب أو الحرمان من شيء يحبه وينتظره، لكن لا تبالغ بالحرمان لأن ذلك قد يزيد من ميل الطفل للكذب لتجنب الحرمان!
- خاصم طفلك لفترة قصيرة: تجاهل الحديث مع طفلك لفترة قصيرة وحاول تجنبه كنوع من العقوبة له على الكذب، وعندما تستأنف الحالة الطبيعية اجعله يعرف أن ذلك كان تعبيراً عن انزعاجك من الكذب.
- اجعل الطفل يواجه عواقب كذبه: مثلاً عندما يتظاهر طفلك بإنجاز واجباته المدرسية من أجل اللعب، اجعله يقضي وقته كله في اللعب حتى يتعب، ثم عند عودته أخبره أنك اكتشفت كذبته ولن تسمح له بالنوم أو الراحة حتى ينهي كل واجباته، سيندم الطفل على كذبته بسبب تعبه وحاجته للنوم ويشعر أنه كان من الأفضل أن ينهي ما عليه ثم يلعب.