علاج قلة الحيوانات المنوية وفرص حدوث الحمل
تشكل مشكلة عدم القدرة على الإنجاب احدى أكبر العوائق التي تواجه العلاقات الزوجية وتخلق التوتر فيها، ومسببات هذه المشكلة كثيرة سواءً عند الذكور أو الاناث، وبتخصيص الحديث حول هذه المشكلة عند الذكور، يلاحظ أن حالة قلة تعداد الحيوانات المنوية من أكثر مسببات ضعف الخصوبة والعقم شيوعاً لدى الرجال، فما هي أبرز الأسباب التي تؤدي للإصابة بقلة عدد الحيوانات المنوية وما الأعراض المرافقة لها؟ وما مدى ارتباط هذه المشكلة بإمكانية حدوث الحمل؟ وهل يمكن علاج هذه المشكلة بطريقة ما؟ نجيب على جميع هذه الأسئلة في هذا المقال.
عملية إنتاج النطاف في الجسم ليست بالعملية السهلة والبسيطة، وإنما تتصف بشيء من التعقيد، حيث يتدخل في ذلك عدة أعضاء وأجزاء من الجسم، منها الغدة النخامية والوطاء الواقعيين في الدماغ، بالإضافة طبعاً للأعضاء التناسلية المختصة بذلك كالخصيتين والبربخ وغيرهما، هذا الأمر يجعل من أسباب حدوث قلة الحيوانات المنوية كثيرة، منها ما هو مرضي ومنها ما هو بيئي، ومنها ما يكون بسبب أسلوب الحياة غير الصحي، نذكر منها: [1]
- عدم القدرة على الإنجاب: المعاناة لفترة طويلة من عدم القدرة على الإنجاب المجهول السبب هي العرض الأساسي لحالة قلة الحيوانات المنوية، فقد يكون الرجل بصحة جسدية وجنسية جيدة ولا يوجد عنده أي أعراض مزعجة أخرى، ولكنه يبقى غير قادر على الإنجاب، ولا يكتشف ذلك إلا عند البدء بإجراء الفحوصات لكلا الزوجين بحثاً عن السبب الكامن وراء عدم حدوث حمل، والتي تكشف عن معاناة الزوج من مشكلة ما تؤدي لقلة عدد الحيوانات المنوية.
- مشاكل الشهوة الجنسية: يمكن أن يكون انخفاض الدافع الجنسي والرغبة الجنسية أحد الأعراض الدالة على وجود مشكلة في أداء الحيوانات المنوية وبالتالي قلة الخصوبة.
- مشاكل عملية الانتصاب: في بعض الأحيان قد يلاحظ تعرض الرجل لبعض المشاكل المتكررة في الوظيفة الجنسية على الرغم من عدم وجود أي مشكلة صحية أخرى مؤدية لذلك، تتمثل بخلل ما في عملية الانتصاب كعدم حدوثه أو عدم القدرة على الحفاظ عليه، وهذا ما يدعى بقلة الانتصاب.
- التورم والألم: يحدث أحياناً في بعض الحالات المتفاقمة تورم في منطقة الخصيتين أو ما حولهما والشعور بألم في ذلك مكان، وعندما يترافق ذلك مع ملاحظة عدم القدرة على الانجاب لفترة من الزمن فربما يكون هذا دليل على قلة الحيوانات المنوية.
- انخفاض بعض علامات الذكورة: وخصوصاً ما يتعلق منها بالشعرانية عند الرجل، فقد يلاحظ قلة ظهور الشعر في عدة مناطق من الجسم التي عادة ما تمتلئ بالشعر عند الذكور، أبرزها الذقن ومناطق الصدر والبطن وغيرها من مناطق الجسم.
إن حالة قلة عدد الحيوانات المنوية ليس لها علاقة بشكل مباشر بحدوث أو عدم حدوث الحمل، وإنما لها دور في زيادة أو تقليل فرص نجاح الحيوان المنوي في تلقيح البويضة، ويمكن شرح هذا التأثير من خلال ما يلي: [2]
تأثير عدد الحيوانات المنوية على الحاجة للتلقيح
على الرغم من أن الرجل ينتج يومياً ملايين الحيوانات المنوية، ويصل منها أعداد أيضاً تقدر بالملايين لجسم المرأة في القذف الواحد، إلا أن العدد اللازم لإتمام عملية الالقاح وحدوث الحمل منها هو حيوان منوي واحد فقط سليم الحركة والصحة، وذلك كون جسم المرأة ينتج بويضة واحدة فقط.
من هذا المنطلق يقال أنه ليس بالضرورة أن يؤدي قلة عدد الحيوانات المنوية عند الرجل إلى عدم القدرة على الإنجاب، وإنما بتعبير أصح تقل فرصة حدوث الحمل أو يكون أصعب، لكنه غير مستحيل.
فرص وصول الحيوان المنوي للبويضة
لا يكون الالتقاء ما بين الحيوانات المنوية الداخلة لجسم المرأة والبويضة الموجودة فيه عملية سهلة، حيث تسلك النطاف رحلة شاقة داخل جسم المرأة ويتم التخلص من عدد كبير منها أثناء ذلك، وهذا هو سبب إنتاج الحيوانات بتلك الأعداد الكبيرة جداً، ولضمان وصول حيوان واحد على الأقل ورفع فرصة التقاءه بالبويضة نحتاج لأكبر عدد ممكن من الحيوانات خلال ذلك.
عدد الحيوانات المنوية الطبيعي لحدوث الحمل
اعتماداً على الفكرتين السابقتين كان المعيار الأدنى المحدد لعدد الحيوانات المنوية التي توفر خصوبة جيدة للرجل هو 15 مليون حيوان منوي لكل ميليلتر من السائل المنوي أو 39 مليون حيوان منوي في مجمل السائل المنوي الداخل إلى جسم المرأة خلال القذف الواحد، وكلما انخفضت تلك الأرقام كلما كان معدل الخصوبة أقل وفرص حدوث الحمل أدنى، مع بقاء الاحتمال في الحمل موجوداً طالما أن سلامة الحيوانات المنوية وظيفياً وحركياً غير معرضة لمشاكل أخرى ولكنه يأخذ وقتاً أكبر ويحتاج لتدخل طبي في بعض الأحيان.
ينصح الأطباء باللجوء أولاً لتكرار محاولة الانجاب بالشكل الطبيعي بالنسبة لمن يعانون من قلة الحيوانات المنوية، بعيداً عن الأدوية أو العمليات الجراحية وغيرها من العلاجات، فكما ذكرنا سابقاً، إن فرص حدوث الحمل غير مستحيلة لكنها بحاجة لبعض الوقت، وخلال ذلك الوقت يفضل وضع بعض الأمور بالحسبان لضمان تحقيق أكبر فرصة للنجاح في حدوث الحمل، منها: [1]
- ممارسة العلاقة الحميمية بشكل متكرر: بمعدل مرة كل يوم أو كل يومين على الأقل، هذا يزيد من عدد الحيوانات المنوية الواصلة لمكان وجود البويضة داخل الجوف الرحمي، ويعني بالتالي رفع فرصة التقاء إحدى النطاف بتلك البويضة وحدوث الالقاح والحمل.
- المحافظة على نظام غذائي صحي ومتوازن: حيث يفضل التقليل قدر الإمكان من أنواع الأغذية أو المشروبات التي قد تؤثر على الخصوبة كمشروبات الكافين كالقهوة، والأطعمة عالية الدهون وغيرها، بالإضافة لوضع نظام يتضمن الأغذية الرافعة لمعدل الخصوبة ولها أنواع متعددة منها المكسرات والعديد من أنواع الفواكه والخضراوات وغيرها.
- الابتعاد عن التدخين والكحول: التدخين الكثيف وإدمان الكحول المستمر لفترة طويلة من الزمن يؤثر بشكل واضح على معدل الخصوبة عند الرجال، لذا يفضل التقليل أو التخلص منها بأسرع وقت ممكن عند الرجل الذي يعاني من مشاكل في الخصوبة ولديه الرغبة في الانجاب.
- ممارسة الرياضة: تدعم الرياضة صحة الجسد على جميع الأصعدة، وبناءً على ذلك ربما يكون لها دور مساعد هام في دعم الصحة الجنسية للرجل وإعطاءه فرص أفضل لتحسين مستوى الخصوبة.
- التقليل من الضغوط النفسية: هذه الضغوط التي يمكن أن تؤثر بأكثر من شكل على الوظيفة الجنسية، حيث بالإضافة لأنها تقلل معدل الخصوبة، فهي ربما تقلل من الرغبة الجنسية عند الرجل وتمنعه من القدرة على ممارسة العلاقة الزوجية.
- التقليل من الوزن الزائد:فالسمنة المفرطة يمكن أن يكون لها تأثير سلبي على الهرمونات اللازمة لإنتاج الحيوانات المنوية.
- تجنب الإرهاق الجسدي: وعدم الجلوس لفترات طويلة الذي يمكن أن يقلل من عدد الحيوانات المنوية التي ينتجها الجسم عند الرجل.
- تنظيم الأدوية الزمنة: يفضل استشارة طبيب مختص حول إيقاف أو تبديل بعض الأدوية التي يمكن أن تقلل معدل الخصوبة لدى الرجل في حال كان يستخدمها بشكل مزمن.
معظم حالات قلة الحيوانات المنوية قابلة للعلاج، ويعتمد الأسلوب المناسب للعلاج ومدته على نوع المشكلة الحاصلة في الجسم والتي سببت تأثيراً على الحيوانات المنوية أدى إلى انخفاض عددها، وتبعاً لذلك نرى أن خيارات المعالجة متنوعة ومتعددة، وأكثر ما يعرف منها: [1-4]
- الإجراءات الجراحية: تعتمد العلاجات الجراحية لمشكلة قلة عدد الحيوانات المنوية عند الرجال على معالجة المشاكل الإنسداديّة غالباً، والتي تعيق المرور والخروج السليمين للحيوانات المنوية، وبالتالي تعد خيار علاجي مناسب لكل من مرضى دوالي الخصية الكبيرة ومشاكل الأنابيب الناقلة للحيوانات المنوية.
- العلاج الدوائي للالتهابات: وهو ضروري ومستعجل في حالات العدوى التي تصيب الجاهز التناسلي وتسبب التهاباً فيه، حيث يمكن أن تفقد الحيوانات المنوية القدرة على عودتها لشكلها الطبيعي في حال عدم المعالجة الفورية.
- العلاج الهرموني: إنتاج الحيوانات المنوية داخل الجسم يحتاج لحالة من التوازن الهرموني، وفي حال اختل هذا التوازن صعوداً أو نزولاً قد يسبب ذلك خلل في عمليات إنتاج الحيوانات المنوية، ولإعادة تنظيمها نحتاج لخطة علاجية تعتمد على أنواع معينة من الأدوية يحددها الطبيب المختص حصراً، ولا يمكن أخذها بشكل فردي بدون وصفة طبية لأنها يمكن أن تؤدي للعقم الدائم.
- الأدوية المحرضة التناسلية: هي نوع من العلاجات الهرمونية التي تستخدم لعلاج الرجال الذين يعانون من مشاكل في الغدة النخامية المترافقة مع مشاكل في الخصوبة.
- معالجة مشاكل الوظيفة الجنسية: سواء ما يتعلق منها بقلة الرغبة في ممارسة العلاقة أو مشاكل قلة الانتصاب أو سرعة القذف أو الجماع المؤلم أو غيرها، حيث يتطلب علاجها زيارة طبيب مختص لتحديد سبب المشكلة والأسلوب المناسب للتعامل معها وعلاجها.