معنى التفكير خارج الصندوق وطريقة تطبيقه
عندما تجد نفسك خلال العمل عاجزاً عن الوصول للنتيجة المطلوبة وحلّ المشاكل التي تواجهها فمن المحتمل أنّ أحدهم سوف يقول لك "حاول أن تُفكر خارج الصندوق" أو "أنّ التفكير خارج الصندوق هو طريقك نحو الوصول لهدفك"، ولكن هل تساءلت يوماً عن معنى التفكير خارج الصندوق أو كيف يمكن أن تبدأ بالتفكير خارج الصندوق؟
التفكير خارج الصندوق هو التفكير بشكل مختلف عن المألوف أو بشكل إبداعي بهدف إيجاد حلول إبداعية وغير تقليدية للمشاكل، ويعتمد ذلك بشكل أساسي على إطلاق العنان للفكر والخيال بعيداً عن التصورات المسبقة والحلول البديهية، بكلمات أخرى يمكننا القول إنّ التفكير خارج الصندوق يعني "التخلي عن القيود أو عن أكبر قدرٍ ممكن من القيود من أجل الوصول لأفكارٍ أصلية ومبدعة ومبتكرة".
ولا شك أن التفكير بهذه الطريقة موهبة وملكة تميز بعض الأشخاص، لكن أيضاً هناك الكثير من الممارسات والألعاب والتمارين التي تساعد على تطوير التفكير خارج الصندوق، كما تزخر الطرف والفوازير الشعبية بأمثلة على التفكير خارج الصندوق.
تعتبر هذه اللعبة أو اللغز أشهر مثال على التفكير خارج الصندوق، يتضمن اللغز توصيل 9 نقط موزعة على 3 صفوف متوازية توحي بشكل مربع، ويتوجب توصيلها بأربعة خطوط مستقيمة متصلة دون رفع القلم عن الورقة. [1]
جرب حل اللغز في الصورة قبل أن تشاهد الحل، المطلوب خط مستقيم متصل يعبر النقاط التسعة جميعاً بأربع انكسارات على الأكثر دون رفع القلم عم الورقة:
الحلّ الأكثر شيوعاً هو الموجود في الصوة أدناه والذي يتضمن إنشاء خطوطٍ مستقيمة تتجاوز حدود الصندوق المتشكل من النقاط، فعند التدقيق في قواعد الأحجية ستجد أنه لا يوجد قواعد تطلب منك الالتزام بحدود الصندوق الوهمية، ومن هنا جاء مصطلح "فكّر خارج الصندوق".
إن كنت تريد الخروج من الصندوق ومشاهدة الصورة الكاملة فهناك العديد من الطرق التي ستمكنك من الوصول لهدفك والتمكن من النظر للأشياء بشكلٍ مختلف، من أهمها: [4،5]
- تغيير طرقك في إنجاز الأشياء وعاداتك: عندما تواجه تحدٍ ما فإنّ أول ما قد تميل لفعله هو محاولة الاعتماد على تجاربنا السابقة لإيجاد الحل المناسب، رغم إمكانية نجاح هذه الطريقة إلا أنّ الحلول الإبداعية تتطلب الابتعاد عنها ومحاولة إجراء تغيير. لمساعدتك على التغيير حاول أن تقوم بتبديل بعض عاداتك اليومية والابتعاد عن الأمور التي اعتدت على فعلها في الماضي فهذا سوف يُساعدك على توسيع آفاقك والتخلص من القيود التي تحجب عنك الرؤية.
- تخلص من خوفك من الفشل: التفكير الإبداعي يحتاج بشكل أساسي إلى المجازفة والتغيير دون الخوف من ارتكاب الأخطاء، عليك أن تتذكر أنّ تعرضك للفشل قد لا يكون شيئاً سيئاً بالضرورة وأنّ الفشل حتى لو تكرر قد يكون المحطة التي تسبق وصولك للنجاح. لمساعدتك على تقبل ذلك تذكر أنّ أهم العظماء الذين حفز التاريخ أسماءهم قد فشلو مرات عديدة قبل تحقيق إنجازاتٍ يتذكرها العالم دوماً.
- جرب وجهات النظر المختلفة: التفكير خارج الصندوق يتطلب أخذ وجهات نظر مختلفة وتخيل نفسك في مكان الآخرين، كذلك يجعلك التفكير في جميع النواحي من وجهات نظرٍ مختلفة؛ تنظر للأمور بشكلٍ مختلف وتفكر بشكلٍ أوسع من السابق، وبالتالي لا يظل تصورك محصوراً في زاويةٍ ضيقة.
- مارس دور (محامي الشيطان) على حججك: لعب دور محامي الشيطان يعني أن تُحاول إيجاد الحجج المناقضة لحججك وأفكارك وذلك بهدف التفكير بموضوعية، أنت بحاجة لهذا الشيء حيث سيجبرك على إيجاد الثغرات والمشاكل في أفكارك وطريقة تفكيرك، بالتالي سوف تضطر لتوسيع مداركك ومحاولة تدارك المشاكل التي تكتشفها.
- حاول تطوير مهارات جديدة: اكتسابك لمهارة جديدة قد يمكّنك من إيجاد العديد من الطرق الجديدة لتجاوز المشاكل التي تُواجهك، المهارة الجديدة لا تمنحك أفكاراً جديدة وحسب بل فرصة لاستكشاف أنماط فكرية ومسارات لم تكن واضحةً أمامك. هناك العديد من الدورات التدريبية التي يمكن اتباعها سواء عبر الإنترنت أو ضمن مراكز خاصة والأفضل أن تُحاول اكتساب المهارة في المجال الذي تُواجهك فيه المشكلة.
قد تسأل نفسك لماذا عليّ أن أفكر خارج الصندوق بدلاً من استخدام أنماط التفكير والاستنتاج التقليدية عند البحث عن الأفكار وحلول المشاكل التي تواجهني، والإجابة هي لأنّ هذا سوف يعود عليك بالكثير من الميزات والفوائد. فللتفكير خارج الصندوق فوائد متعددة لك شخصياً وللعمل: [2،3]
- يُساعد على إيجاد أسلوب مبدع لحلّ المشاكل: التفكير خارج الصندوق يعني محاولة إيجاد ما يعجز الآخرين عن رؤيته، عندما تفكر خارج الصندوق فأنت تتخلى عن طريقة تفكيرك القديمة التقليدية وتُحاول السير في طريقٍ جديد. النتيجة التي ستجدها هي أنّك ستوسع آفاقك وستصبح قادراً على الرؤية بشكلٍ أوسع لجلب حلولٍ أفضل.
- يُساعدك التفكير خارج الصندوق على التميز: التفكير خارج الصندوق يمكن أن يُساعدك في العثور على فكرةٍ فريدةٍ من نوعها، ويمكن أن تكون هذه الفكرة مفتاح التقدم في العمل والوصول للنجاح. سوف يمنحك التقدم نحو النجاح بسبب فكرةٍ مميزة أتيتَ بها لتفكيرك خارج الصندوق؛ قيمةً كبيرة ويُساعدك على التميز عن الآخرين.
- يُساعدك على مواكبة المتغيرات: الشخص الذي يفكر خارج الصندوق بشكلٍ مستمر يعمل دوماً على متابعة الأخبار الحديثة ومعرفة الأشياء الشائعة للاستفادة منها، فالتفكير خارج الصندوق يعلّمك أنّ استخدام أفكار اليوم أكثر نفعاً عليك من محاولة تطبيق استراتيجيات قديمة، بالتالي يدفعك لمعرفة كل جديد في مجالك والبقاء على اطلاع دائم.
- يزيد من جودة عملك ومن نجاحك: عندما تكون أفكارك متميزة ومبدعة ستحرص على زيادة جودة الخدمات والمنتجات التي تُقدمها، وعندما تقدم المزيد من الجودة سينجذب إليك الزبائن ويزداد ولاؤهم لك.
- التفكير خارج الصندوق ممتع: تعتبر عملية التفكير خارج الصندوق من الممارسات الذهنية الممتعة مقارنة بالتفكير المنغلق أو التفكير التلقائي، يعود ذلك بشكل أساسي إلى اعتماد التفكير خارج الصندوق على التخيل والإبداع وكسر القيود وحتى المخاطرة أحياناً.
قد لا يكون هناك ما هو أفضل من ترسيخ مبادئ التفكير خارج الصندوق في عقول الأطفال الصغار، عندما يتعلم الطفل طرق التفكير الإبداعي في عمرٍ صغير فهو سيستمر بذلك ويقوم بتطوير ذلك مع مرور الوقت لتصبح مهارةً ناضجة يستفيد منها في كافة مجالات الحياة العملية. هناك بعض الوسائل والطرق التي قد تُساعدك في تنشئة مفكّرٍ صغير على التفكير خارج الصندوق والقوالب الجاهزة ومنها: [6،7]
يمكنك أن تسأله أسئلةً مثل:
- ما الذي حصل برأيك؟
- كيف تعتقد أنّ ذلك قد حصل؟
- لمّ قررت اختيار هذا الشيء؟
- ماذا لاحظت في هذا الشيء؟
مثلاً لو أخبرك طفلك بأن المعلّمة أخبرتهم بأن الغراب طائر شرير ويهجر فراخه بعد أن يفقسوا من البيض ولا يعود إليهم، عليك في هذه الحال مناقشة طفلك حول حقيقة الأمر فيمكن أن تكون هذه المعلومة جديدة حتى عليك، اسأله كيف يتم ذلك؟ وما رأيك أن نبحث في موسوعة الطيور عن حقيقة الأمر؟ أو دعنا نتصفح موقع غوغل لنعرف أكثر عن الموضوع، وغيرها من المواضيع التي تشكل مادة ممتعة للتعلّم للطفل ولك أنت حتى!
أخيراً..عندما تتقن مهارة التفكير خارج الصندوق ستكتسب مرونةً عالية وتصبح أكثر قدرةً على تجاوز المشاكل والمجيء بأفكارٍ مميزة تفيدك في الحياة العملية والحياة عموماً، وعندما تُدرب طفلك على التفكير خارج الصندوق سوف يُصبح أكثر استعداداً لتحديات الحياة.