-

موجبات الوضوء الأكبر وطريقة الاغتسال من الجنابة

(اخر تعديل 2024-09-09 11:09:39 )

الطهارة فرضٌ على كلِّ مسلم لأن الصلاة لا تقوم بدونها، والوضوء في الإسلام نوعان، وضوءٌ أكبر ووضوءٌ أصغر، حيث يكون الوضوء الأصغر أو وضوء الصلاة للتطهّر من الحدث الأصغر، وأما الوضوء الأكبر فيكون للتطّهُّر من الحدث الأكبر وهو الجنابة للرجل وللمرأة، والوضوء الأكبر أيضاً نوعان، الأول هو المجزئ وهو اغتسال يحقّق شرط الطهارة وواجبات الغسل، والثاني هو الكامل وفيه سنن النبي صلى الله عليه وسلّم بالاغتسال من الجنابة، وكلاهما صحيح.

الوضوء الأكبر أو الغسل أو الاغتسال من الجنابة، هو الاغتسال بنية الطهارة لرفع الحدث الأكبر من الجنابة والدورة الشهرية والنفاس، والغسل من الحدث الأكبر فرضٌ على كلِّ مسلمٍ وشرطٌ لأداء كافة العبادات التي لا تنعقد بدونه، وسمِّي بالوضوء الأكبر لأنه يتضمَّن ما يكون في الوضوء الأصغر من تطهير وتنظيف ويزيد عليه شرط تعميم الماء على كامل الجسم بنية رفع الحدث الأكبر.

والدليل على وجوب الاغتسال من الجنابة والوضوء الأكبر في القرآن الكريم في قوله تعالى: (وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا)، وهذه الآية جاءت بعد آية الوضوء للصلاة وهو الوضوء الأصغر، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا) سورة المائدة الآية 6.

  • خروج المنيِّ بسبب الشهوة: أجمع العلماء على وجوب الوضوء الأكبر والاغتسال في حال خروج المني بدافع الشهوة الجنسية والاستثارة إن كانت بالجماع أو بغيره، والدليل قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم "فَضختَ الماءَ، فاغتَسِلْ" أي إذا تدفق المنيُّ وجب الاغتسال والوضوء الأكبر، رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأخرجه مسلم والبخاري في الصحيحين.
  • الجماع دون خروج المنيّ: الاغتسال واجب في حال التقاء الختانين والإيلاج ولو لم يكن معه قذف للمنيِّ، والتقاء الختانين يعني الإيلاج حتى غياب الحشفة (رأس القضيب) في فرج المرأة، وذلك موجبٌ للاغتسال والوضوء الأكبر إن خرج المنيُّ أم لم يخرج، عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: "إذا جلسَ بينَ شُعَبِها الأربعِ ومسَّ الختانُ الختانَ فقد وجبَ الغُسلُ" أخرجه مسلم في صحيحه.
  • الاحتلام ونزول المنيّ خلال النوم: والاحتلام هو خروج المنيّ من الذكور أو مفرزات من الأنثى أثناء النوم بغير إرادة أو تحفيز، وقد أجمعت المذاهب الأربعة على وجوب الاغتسال عند الاحتلام للرجل وللمرأة إذا كان أثر الاحتلام مرئياً، استناداً لحديث روته أم سلمة رضي الله عنها: "جاءت أمُّ سُليمٍ امرأةُ أبي طلحةَ إلى رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلَّم فقالت: يا رسولَ اللهِ إنَّ اللهَ لا يستحيي مِن الحقِّ هل على المرأةِ غُسلٌ إذا هي احتلَمَت؟ قال: نَعم إذا رأتِ الماءَ" أخرجه الألباني.
  • الاغتسال بعد الحيض: عند توقف دم الحيض عند المرأة يتوجب عليها الاغتسال والوضوء الأكبر لقوله سبحانه تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) سورة البقرة الآية 222.
  • غسل انتهاء النفاس: وفترة النفاس هي منذ الولادة وحتى 40 ليلة، وغسل النفاس واجبٌ على المرأة بعد مرور هذه المدة وتوقف نزيف الولادة.
  • غسل الميت: غسل الميت واجبٌ ومتفقٌ عليه بإجماع المذاهب، ويستثنى من ذلك الشهيد الذي لا يتم تغسيله، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: "لا تُغسِّلوهم فإنَّ كلَّ كِلْمٍ أو جُرحِ دمٍ يفوحُ مِسكًا يومَ القيامةِ". رواه جابر بن عبد الله وأخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين. ومن المستحب أيضاً الاغتسال لمن شارك في تغسيل الميت، لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "مَنْ غَسَّلَهُ الغُسلُ، ومَنْ حَملَهُ الوُضوءُ - يعني الميِّتَ" رواه أبو هريرة رضي الله وأخرجه أبو داوود.
  • غسل الكافر إذا أسلم والمرتد إذا تاب: إذا أسلم الكافر وجب عليه الاغتسال عند الحنابلة والمالكية وليس واجباً عند الشافعية والحنفية، والمسلم المرتد إذا تاب وجب عليه الاغتسال.
  • اغتسال يوم الجمعة: وهو مستحبٌ عند أغلب أهل العلم لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: "من توضَّأَ يومَ الجمعةِ ، فبِها ونِعمت، ومنِ اغتسلَ فالغسلُ أفضلُ" روته سمرة بنت جندب وأخرجه النسائي، وقد عدَّ بعض أهل العلم الاغتسال يوم الجمعة واجباً مثل المذهب الحنبلي، وذلك لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: "غسلُ يومِ الجمعةِ واجبٌ على كلِّ محتلِمٍ كغُسلِ الجَنابةِ" رواه أبو سعيد الخدري وأخرجه ابن حبان.
  • نزول المني ونزول المنيّ بغير شهوة لا يوجب الاغتسال

    نزول المني ينقض الوضوء لكنه لا يوجب الاغتسال وإنما الوضوء الأصغر فقط وغسل الذكر وما تعرض للمني من الجسد أو الثوب، والمني هو سائلٌ رقيق شفاف يخرج قبل المنيِّ بسبب الاستثارة الجنسية والشهوة، وكذلك نزول المنيِّ والقذف من غير شهوةٍ لا يوجب الاغتسال أو الوضوء الأكبر، ويجب فقط الوضوء الأصغر وغسل الذكر وما تعرض للمني من الجسد والثوب، والمنيُّ قد يخرج من غير الشهوة في بعض الحالات المرضية.

    الغسل الكامل هو سنَّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حيث كان عليه الصلاة والسلام إذا اغتسل من الجنابة يغسل يديه، ثم يغسل فرجه باليد اليسرى، ثم يتوضَّأ وضوء الصلاة، ويخلِّلُ شعره بالماء حتى يصل إلى الجلد، ثم يصبُّ الماء على رأسه ثلاث مراتٍ، ثم يفيض الماء على كامل جسده، وهذه الطريقة للاغتسال من الجنابة فيها سننٌ وواجبات، فالواجبات هي النيّة وتعميم الماء على كامل الجسم، والباقي من السنن المستحبّة.

    عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: "كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يُفْرِغُ بيَمِينِهِ علَى شِمَالِهِ فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ المَاءَ فيُدْخِلُ أصَابِعَهُ في أُصُولِ الشَّعْرِ، حتَّى إذَا رَأَى أنْ قَدِ اسْتَبْرَأَ حَفَنَ علَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ، ثُمَّ أفَاضَ علَى سَائِرِ جَسَدِهِ" أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين.

  • نية الغسل: وبها ينوي العبد الوضوء الأكبر الكامل لرفع الحدث الأكبر والأصغر ويكون قبل بداية الاغتسال.
  • غسل اليدين: البدء بغسل الكفين إلى الرسغين مع ذكر اسم الله ثلاث مرات، وهي من السنن المستحبة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، من تركها كان غسله صحيحاً، وهي أولى.
  • غسل الفرج: ويكون غسل الفرج بعد سكب الماء من اليد اليمنى لليد اليسرى كما كان يفعل الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ومن ترك ذلك والتزم بتعميم الماء على الجسد كان ذلك صحيحاً، والأولى اتباع سنَّة الرسول عليه الصلاة والسلام.
  • الوضوء: يتم بعدها الوضوء بشكل كامل مثل الوضوء للصلاة، وهو سنة من سنن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا تركها العبد أو نسيها فلا ضير في ذلك ويكون غسله حينئذٍ صحيحاً.
  • تخليل الشعر بالأصابع: يأخذ بيده الماء ويغلغل أصابعه بين شعره حتى وصول الماء إلى منابت الشعر والجلد، ويجوز ترك ذلك في الغسل المجزئ.
  • غسل الرأس: ثم يملأ يده بالماء ويفيضه على رأسه ثلاث مراتٍ على سنّة النبي صلى الله عليه وسلّم، ويجوز ترك ذلك في الغسل المجزئ.
  • تعميم الماء على الجسد كاملاً مع الدلك: يتم بعدها تعميم الماء على كامل البدن والتأكد من وصول الماء لكافة الأعضاء بدءً من تمرير الماء على الشق الأيمن مع الدلك، وبعدها تمرير الماء على الشق الأيسر مع الدلك.
  • غسل القدمين: وهي غير ثابتةً في الغسل الكامل، جاء في بعض الروايات لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يغسل قدميه بعد أن يفرغ من غسل سائر الجسد.
  • الغسل المجزئ من الجنابة والحيض هو غسلٌ صحيحٌ يبرئ الذمّة ويحقّق الطهارة، وشروط تمام الغسل المجزئ هي ذاتها شروط تمام الغسل الكامل، أي النيّة وتعميم الماء على كامل الجسم، وفي الغسل المجزئ تجب المضمضة والاستنشاق، ويكون بالخطوات التالية:

  • نية الغسل: النية شرط واجبٌ في الوضوء الأكبر عند بداية الغسل، ويكون بنية رفع الحدث الأكبر والأصغر.
  • تعميم الماء على كافة الجسم: يتم تعميم الماء على الجسم كاملاً، مع التأكد من وصول الماء إلى كامل أعضاء الجسد وخصوصاً ما يصعب وصول الماء إليه مثل تحت الإبطين وبين الفخذين والفرج، والدلك مستحبٌ مع تعميم الماء على الجسم.
  • المضمضة والاستنشاق: في الغسل المجزئ من الجنابة يجب القيام بغسل الفم والمضمضة جيداً والاستنشاق ثلاث مرات.
  • هل يجوز الغسل المجزئ بعد العادة السرية والاحتلام؟

    الغسل المجزئ غسلٌ صحيحٌ للطهارة من الحدث الأكبر مهما كان سببه، سواء كان الاحتلام أو العادة السرية أو الجماع أو الحيض، والفرق بين الغسل المجزئ والغسل الكامل أن المغتسل في الغسل الكامل يتّبع سنَّة الرسول صلّى الله عليه وسلّم كاملةً، أما في الغسل المجزئ فهو يحقِّق واجبات الاغتسال والوضوء الأكبر فقط دون السنن، وهي النيّة وتعميم الماء على كامل الجسم.

    الغسل من الحيض للنساء تنطبق عليه شروط الوضوء الأكبر والغسل من الجنابة، وهي تعميم الماء على كامل جسمها والنية، ويمكن للمرأة بعد نهاية الدورة الشهرية أن تتطهر وتغتسل بالغسل المجزئ وهو صحيح، أو بالغسل الكامل وهو المستحب والأولى.

    ومن المستحب أن تغسل المرأة فرجها جيداً، وأن تحلّ الجدائل وتغسل شعرها حتى المنابت، فإن اختارت الغسل المجزئ عليها النيّة وتعميم الماء على كامل الجسم مع المضمضة والاستنشاق، والتأكد من زوال آثار دم الحيض ورائحته.

    سنن الاغتسال من الجنابة وفع الحدث الأكبر هي السنن التي وردت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الوضوء الأكبر، يستحب للمسلم اتباعها وإن لم يتبعها فغسله صحيح، والأولى أن يتّبعها، وهي:

    • غسل الكفين: لا يشترط غسل الكفين في الاغتسال من الجنابة ولكنه سنة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يستحب على المسلم اتباعها.
    • الوضوء الكامل: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتوضأ وضوئه للصلاة في الاغتسال من الجنابة، والاغتسال مقبولٌ من غير الوضوء ويرفع الجنابة والحدث الأكبر والأصغر.
    • التكرار ثلاث مرات: يمكن غسل الأعضاء مرة واحدة فقط أو مرتين أو أكثرها ثلاث مرات، فالتكرار لثلاث مرات هو سنة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والإعلاء على ذلك يدخل في باب الإسراف.
    • الترتيب في مواضع الغسل: حيث يسنُّ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم البدء في الغسل من الرأس ثم بأعلى البدن وبالشق الأيمن ومن بعدها في الشق الأيسر.
    • استحباب الدلك: يستحب الدلك أثناء الوضوء الأكبر للتأكد من وصول الماء إلى كافة مناطق الجسم، وهذا أيضاً من السنة وليس واجباً في الاغتسال من الجنابة والحيض والطهارة من الحدث الأكبر.

    المصادر و المراجعaddremove

  • "حديث الغسل من الجنابة" موقع الدرر السنية، تمت مراجعته في 20/8/2022.
  • "صفة الغسل الأكمل والأفضل" منشور في موقع إسلام ويب، تمت مراجعته بتاريخ 2182022.
  • "الغسل الكامل والغسل المجزئ" منشور في موقع إسلام ويب، تمت مراجعته بتاريخ 2282022.
  • "خروج المذي لا يوجب الاغتسال" منشور في موقع إسلام ويب، تمت مراجعته بتاريخ 2282022.
  • "هل يجب الاغتسال عند التقاء الختانين" منشور في موقع طريق الإسلام، تمت مراجعته بتاريخ 2282022.
  • "نزول المني من غيرة شهوة لا يوجب الاغتسال" منشور في موقع الإسلام سؤال وجواب، تمت مراجعته بتاريخ 2282022.
  • أحدث أسئلة أسئلة عامة