-

سبب نوبات الهلع أثناء الصلاة وهل الخوف يبطل الصلاة

(اخر تعديل 2024-09-09 11:09:39 )

الصلاة عماد الدين، وقال السلف إذا أردت أن يكلّمك الله فاقرأ القرآن وإذا أردت أن تكلّم الله فصلِّ، لكن بعض الأشخاص قد يواجهون ما يعرف برهاب الصلاة سواء تمثل بالخوف ونوبات الهلع المفاجئة أثناء الصلاة أو الخوف من صلاة الجماعة والصلاة في المسجد أو أمام الناس، وفي هذا المقال سنبين الأسباب الكامنة وراء هذا الخوف وعلاجه.

نوبات الهلع أثناء الصلاة هي حالة من الخوف الشديد المرتبط بالصلاة عموماً أو صلاة الجماعة والصلاة في المسجد بشكل خاص، حيث يشعر المصلي أنه مرتبك ومتوتر أثناء الصلاة ثم تتطور أعراض النوبة إلى الارتجاف أو الشعور بالسقوط أثناء الصلاة وقد تصل إلى ترك الصلاة في المسجد أو إعادة الصلاة عدة مرات خوفاً من بطلانها بسبب الخوف.
وغالباً ما يكون الخوف أثناء الصلاة غير مرتبط بالصلاة بشكل مباشر، وإنما يحدث أثناء الصلاة نتيجة عوامل مختلفة قد تتعلق بالرهاب الاجتماعي بالنسبة لمن يخاف الصلاة بالمسجد، أو الخوف من الخطأ بالنسبة لمن يؤدي الصلاة حديثاً، أو العديد من الوساوس والاضطرابات النفسية مثل وسواس الطهارة، وأحياناً قد يربط البعض الخوف خلال الصلاة بشدة الخشوع بين يدي الله عز وجل.

حالات الخوف والهلع أثناء الصلاة

  • الشعور بالسقوط أثناء الصلاة وفقدان التوازن.
  • الارتباك والتوتر قبل وأثناء الصلاة.
  • الخوف من الصلاة أمام الناس وفي المسجد والخوف من صلاة الجماعة.
  • الخوف من الصلاة بسبب وسواس الطهارة.
  • الخوف من الموت أثناء الصلاة.
  • الخوف من الخطأ في الصلاة وبطلانها.
  • الخوف من عدم قبول الصلاة.
  • الخوف العارض أثناء الصلاة، كأن سيمع المصلي صوتاً مفاجئاً.

الخوف والتوتر أثناء الصلاة لا يبطلها، وإنما قد يفسد الخوف والفزع بعض سنن الصلاة مثل الخشوع، كما أن الخوف من بطلان الصلاة أو الوضوء لا يبطلهما، ولا بد من وقوع اليقين ببطلان الوضوء أو الصلاة حتى يقال عنها باطلة، والخوف أثناء الصلاة بسبب الوسواس أو الخوف العارض جميعه لا يبطل الصلاة إلا إذا أجبر المصلي على قطع صلاته، والله أعلم.

هل عدم الاطمئنان في الصلاة يبطلها!

يفهم البعض ركن الاطمئنان في الصلاة فهماً خاطئاً، فالاطمئنان في الصلاة الذي أشار إليه الرسول الكريم ﷺ يعني أن يعطي المسلم لكل مرحلة من الصلاة حقها فلا يكون فيها عجولاً وكأنه يصلي على جمر، والاطمئنان هو السكون الواجب لإتمام كل مرحلة من الصلاة، فإذا ركع عليه أن يتم الركوع فيها حتى يطمأن لتمامه، ثم إذا وقف عليه أن يتم وقوفه كاملاً، وإذا سجد عليه أن يتم السجود حتى يستقر في سجوده، وهو قوله عليه الصلاة والسلام "ثُمَّ ارْكَعْ حتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حتَّى تَعْدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، وافْعَلْ ذلكَ في صَلَاتِكَ كُلِّهَا".
فإن لم يسبب الخوف أثناء الصلاة الاستعجال فيها حتى يغيب منها ركن الاطمئنان أو ينقص من أركانها شيء؛ لم يكن سبباً لبطلانها، والله تعالى أجل وأعلم.

  • يفسد الخشوع: الخشوع سنة محببة من سنن الصلاة لأنه يبين مدى تركيز المصلي في صلاته وقوة إيمانه وثباته، وكما جاء في الحديث الكريم على لسان عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما مِن امرئ مُسْلِمٍ تحضُرُهُ صلاةٌ مَكتُوبةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا، وَخُشوعَهَا، وَرُكُوعَها، إِلاَّ كَانَتْ كَفَّارةً لِمَا قَبْلَهَا مِنْ الذنُوبِ مَا لَمْ تُؤْتَ كَبِيرةٌ، وَذلكَ الدَّهْرَ كلَّهُ) والخوف يفسد هذا الخشوع ويزعزعه، مما يجعل الخوف مذموماً لأنه يذهب الخشوع ولكنه لا يبطل الصلاة لأن الخشوع سنة وليس فرض.
  • الخوف يشتت المصلي: من المحبب أن يترك المصلي ما حوله ويركز في أداء صلاته وألا يلتفت للأفكار الجانبية، ولكن الخوف يدفع المصلي لعكس ذلك فمن يصاب بالخوف أثناء الصلاة يتشتت انتباهه بهذا الخوف ويفقد تركيزه في صلاته.
  • الخوف يسبب التأخير: لا يجوز التأخر عن الصلاة ما لم يكن الشخص مريض أو على سفر أو لا يستطيع الوضوء وأدائها في وقتها من الأمور المهمة كما جاء في الحديث الكريم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال (سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: «الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا») والخوف قد يحث المصلي على تأجيل صلاته وهذا غير مرغوب بالصلاة.
  • يسبب الأخطاء في الصلاة: كما هو متعارف عليه أن للصلاة خطوات محددة لا يجوز نسيان إحداها كالتكبير والاستفتاح أو وضعيات الصلاة من اتجاه القبلة إلى الركوع والسجود، وهذه أساسيات لا تقبل الصلاة بدونها والخوف قد يجعل المصلي ينسى إحدى هذه الأساسيات أو يخطئ بها وهذا ما يبطل الصلاة ويفسدها.
  • يسبب النسيان في الصلاة: الخوف حالة تصيب العقل وقد تجعله ينسى أموراً تفصيلية مهمة بسبب القلق وقلة الانتباه، وذلك قد يؤدي بالمصلي إلى أحد مفسدات الصلاة كأن ينسى المصلي عدد الركعات، أو قد يخطئ في الوضوء كأن ينسى أحد خطوات الوضوء أو أن يصلي ووضوؤه فاسد.
  • الخوف من الخطأ في الصلاة: أكثر أسباب الخوف أثناء الصلاة شيوعاً هو وسواس الخطأ أثناء الصلاة، حيث يصاب بعض الأشخاص بالارتباك والخوف عند الشروع بالصلاة خوفاً من النسيان أو الزلل أو تقديم مرحلة من الصلاة على الأخرى، وغالباً ما يكون الخوف من الخطأ في الصلاة سبباً للخطأ!
  • الخوف من عدم قبول الصلاة: عندما يكون المصلي مشغولاً بالتفكير بذنوبه وكثير الهلع من عدم قبول صلاته بسبب ذنبٍ ارتكبه أو حتى بدون سبب، فذلك يؤدي إلى اشتداد هذا الخوف وتحوّله لنوبة من الهلع خلال الصلاة.
  • وسواس الطهارة وبطلان الصلاة: يرتبط الخوف أثناء الصلاة عند الكثيرين بوسواس الطهارة والخوف من بطلان الوضوء وبطلان الصلاة بأكملها، وغالباً ما يحتاج المصاب بوسواس قهري مراجعة متخصص نفسي للحصول على العلاج، فالخوف أثناء الصلاة هو العرض وليس المرض.
  • الخوف من الموت أثناء الصلاة: الخوف من الموت أمر طبيعي لدى الإنسان، ويزداد هذا الخوف عند البعض أثناء الصلاة لوقوفه بيد يدي الله تعالى، ولكن ما يهم هو ما يترتب على هذا الخوف فهناك خوف ممدوح يحفز المصلي على أداء صلاته والإكثار من العبادة، وخوف مذموم يبعد المصلي عن صلاته ويزرع الرعب في قلبه فيتقاعس عن أداء فروضه.
  • الشعور بالسقوط أثناء الصلاة: وضعية الوقوف أثناء الصلاة قد تسبب شعوراً شبيهاً بشعور السقوط لدى البعض، وعلى الرغم أنه شعور طبيعي يمكن التغلب عليه من خلال تغيير وضعية الوقوف قليلاً دون الإخلال بشروط الصلاة، لكنه قد يكون سبباً للخوف أثناء الصلاة خصوصاً إذا اعتقد المصلي أن هذا الشعور نفسي وليس جسدي، وهو في الحقيقي شعور جسدي يختبره كثيرون بوضعيات الوقوف المنضبط مثل التلاميذ في الطابور الصباحي وتحية العلم.
  • طريقة تعلّم الصلاة: من أسباب الخوف أثناء الصلاة أن يكون المصلي قد تعلم الصلاة بطريقة أو ظروف تبعث الخوف في نفسه، فالبعض ترتبط الصلاة عندهم بالعقوبات الجسدية والنفسية التي تعرضوا لها ليتعلموا الصلاة أو من الشخص الذي علمهم الصلاة، فينعكس ذلك على شعورهم خلال الصلاة.
  • حالة نفسية تزداد عند الصلاة: الأشخاص المصابون باضطرابات نفسية معينة مثل الوسواس وجنون الارتياب قد يعانون من نوبات هلع أثناء الصلاة، لأن الصلاة تجعلهم يدخلون في حالة من التفكير تزيد من حدة المشكلة النفسية التي يعانون منها.
  • الخوف من الصلاة أمام الناس: عندما يكون الخوف أثناء الصلاة مرتبطاً بصلاة الجماعة فغالباً ما يكون السبب هو رهاب الميادين أو الخوف من التجمعات والأماكن المزدحمة، وهو من الاضطرابات النفسية التي يجوز للمصاب بها الصلاة في منزله حتى يعالجها.
  • الخوف من الله عزّ وجل والخشوع: بعض المصلين يصيبهم الخوف خشوعاً لله عز وجل فقد يتذكر المصلي أنه في صلاته واقف بين يدي الله عز وجل والكعبة من أمامه والجنة من يمينه والنار من شماله وملك الموت من خلفه وهذا الخشوع قد يصيب المصلي بشيء من الخوف والرهبة من عظمة الصلاة، وهو خوفٌ محمودٌ إذا لم يتجلى بصورٍ تضر بصحة الإنسان وطمأنينة قلبه.
  • فهم سبب الخوف أثناء الصلاة: تنقسم أسباب الخوف والهلع أثناء الصلاة إلى قسمين رئيسيين، الأول أن يكون الخوف عابراً ومجرد مشاعر يمكن التعامل معها بالصبر والمواظبة على الصلاة واستشارة أهل العلم من الأئمة والشيوخ، والثاني أن يكون رهاب الصلاة نابعاً من مشكلة نفسية لا بد من علاجها للتخلص من الخوف أثناء الصلاة، وأول خطوة العلاج تحديد السبب بين هذا وذاك.
  • الأذكار والقرآن الكريم: أهم علاجات الخوف أثناء الصلاة هو الإكثار من الاستعاذة من الشيطان والإكثار من قراءة القرآن الكريم والذكر والدعاء، فهذا يريح القلب ويزيده قوةً وإيماناً.
    وعلى المصلي أن يستعيذ بالله تعالى ويتفل على يساره ثلاث مرات كما ورد في الحديث الشريف أن عثمان بن أبي العاص جاء إلى رسول الله وقال له: يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال ﷺ: (ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثاً) قال عثمان: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني. (رواه مسلم)
  • المواظبة على الصلاة: من أهم الطرق للتغلب على الخوف هو مواجهته والطريقة الصحيحة للتغلب على رهاب الصلاة هي المداومة على الصلاة والعبادة وعدم الخضوع لوساوس الشيطان بل محاربة هذه الأفكار لأن الخضوع سيصيب الشخص بالكسل وينحدر بعيداً عن طريق العبادة، وقد بيّنا أن الخوف لا يفسد الصلاة، فالصلاة مع الخوف أحسن عند الله من ترك الصلاة أو الهروب منها.
  • الاسترخاء والهدوء: إن الله غفور رحيم فبالنسبة لمن يتهيب الصلاة خوفاً من الخطأ أو ارتكابه المعاصي من قبل، فعليه أن يتأكد بأن الله عز وجل يقبل التوبة الصحيحة ويغفر الأخطاء البسيطة، فما على المؤمن إلا الهدوء أثناء صلاته ومحاولة التركيز بها والخشوع بين يدي الخالق، لتهدأ نفسه ويطمئن خاطره.
  • علاج الوسواس والمشاكل النفسية: كعلاج الرهاب والقلق الاجتماعي بإشراف طبيب نفسي لكي يصبح المصلي قادراً على أداء صلاة الجماعة، ومن الممكن أيضاً علاج الارتباك والنسيان أثناء الصلاة بتكرار الآيات وترسيخ حفظ الصلاة وأخذ مكملات غذائية تساعد على تحسين الذاكرة.
  • كيف أتخلص من الخوف من صلاة الجماعة؟

  • الصلاة في البيت: يسأل البعض هل تجوز الصلاة في البيت لمن يخاف الصلاة أمام الناس ويخاف الصلاة في المسجد، والجواب نعم هي جائزة صحيحة إذا كان الخوف يمنعه عن صلاة الجماعة والصلاة في المسجد، بشرط ألّا يكون ذلك كسلاً، لأن الصلاة في المسجد واجبةٌ على من سمع النداء، فمن خاف من الصلاة في المسجد خوفاً يمنعه عنها جازت له الصلاة في البيت منفرداً حتى يفكّ الله عنه كربه ويتعالج من خوفه.
  • الصلاة في جماعة صغيرة: إذا كنت تخاف من الصلاة أمام الناس أو في المسجد فعليك أن تجرب إقامة الصلاة في البيت مع جماعة من أهلك أو أصدقائك ممن تثق بهم وتطمئن إليهم، وتصح صلاة الجماعة باثنين الإمام ومعه واحد لقول الرسول ﷺ "الاثنان فما فوقهما جماعة"، ثم تزيد من الجماعة حتى تعتاد على الصلاة بين الناس بلا خوف.
  • الذهاب إلى المسجد في غير أوقات الصلاة: من الحلول الممكنة لنزع الخوف من الصلاة في المسجد من قلبك أن تداوم على الذهاب للمسجد القريب إليك في غير أوقات الصلاة، عندما يكون المسجد فارغاً أو فيه نفرٌ قليل، فتقرأ القرآن وتصلي فيه لوجه الله تعالى حتى ينشرح قلبك، لعل في ذلك نفعٌ بإذن الله.
  • استشارة أهل العلم: توجه إلى إمام المسجد القريب منك وحدّثه عن خوفك من الصلاة في المسجد أو أمام الناس، وستجد لديه ما يريحك ويساعدك على ترك الخوف والمواظبة على الجماعة إن شاء الله.
  • استشارة متخصص نفسي: بما أن الخوف من صلاة الجماعة والصلاة في المسجد مرتبط برهاب الميادين أو الرهاب الاجتماعي فعليك أن تستشير متخصصاً نفسياً لعلاج هذا الرهاب، وسيكون علاج الخوف من صلاة الجماعة تلقائياً.
  • في سؤال على موقع حلوها عرض أحد المتابعين مشكلته التي بدأت قبل عشر سنوات في صلاة الجمعة في المسجد، وهو يصلي بدأت أقدامه ويديه ترتجفان وشعر بخوف ورهبة شديدين وبدأت تزداد المشكلة وخاصة حين يصلي في الصف الأول والثاني، وجرّاء هذا الخوف بدأ يتأخر ويتقاعس عن صلاته ويأتي في آخر الصلاة وخصوصاً عندما تكون الصلاة جهرية، ومع مرور السنين بدأت هذه المشكلة تتفاقم وطرح متابعنا هذه المشكلة وطلب حلاً من فريق حلوها.
    وكان الرد من الخبيرة النفسية سراء الانصاري في موقع حلوها بأن الحالة التي تصيب المتابع تسمى القلق الاجتماعي مترافقة مع نوبات هلع، والحل جاء بأن يطمئن نفسه وأنه لا داعي للخوف وما هي إلا دقائق وستنقضي وليست بالأمر الخطير، ويجب عليه أن يسخر من هذه النوبات ويساعد جسده على الثبات، وإن لم يفلح الأمر فيجب استشارة طبيب والبدء بالعلاج الدوائي بأخذ مضادات القلق لمدة سنة أو أكثر.
    لمراجعة الاستشارة وآراء الخبراء وتفاعل مجتمع حلوها انقر على الرابط، كما يمكنكم في أي وقت طلب الاستشارة من الخبراء المختصين في موقع حلوها من خلال النقر على الرابط.

    المصادر و المراجعaddremove

  • فتوى "حكم صلاة من خاف أو فزع أثناءها" موقع إسلام ويب، تمت مراجعته بتاريخ 2332022.
  • مقال "الاطمئنان في الصلاة الركن الغائب" موقع صيد الفوائد، تمت مراجعته بتاريخ 2332022.
  • فتوى "هل تجوز الصلاة في البيت بلا عذر" موقع إسلام ويب، تمت مراجعته بتاريخ 2332022.
  • أحدث أسئلة قضايا نفسية