-

التوتر وتأثيره على النوم والذاكرة

(اخر تعديل 2025-06-19 01:06:30 )

أظهرت الأبحاث الحديثة أن التوتر ليس مجرد شعور يمر به الإنسان، بل إنه يؤثر بشكل ملحوظ على جوانب حيوية من حياتنا اليومية، مثل النوم والذاكرة. فقد كشفت دراسة جديدة أن هناك منطقة معينة في الدماغ تلعب دوراً حاسماً في هذه العلاقة، مما قد يؤدي إلى تطوير طرق جديدة لعلاج هذه المشكلة.
محمد الفاتح مترجم الحلقة 26

نشرت مجلة The Journal of Neuroscience دراسة هامة توضح كيف يؤثر التوتر على النوم والذاكرة من خلال مسار عصبي محدد في الدماغ. حيث قام الباحثون بتنشيط خلايا عصبية في منطقة تُعرف بالنواة المجاورة للبطين (PVN)، وهي منطقة معروفة بدورها في تنظيم الاستجابة للتوتر.

وقد أظهر التنشيط الذي تم على هذه المنطقة تأثيرات سلبية، حيث أدى إلى تقليل نوم الفئران وضعف أدائها في اختبارات الذاكرة. لكن ما أثار اهتمام الباحثين هو أنه عند تعريض الفئران لمواقف توتر، فإن تعطيل هذه الخلايا العصبية بشكل اصطناعي ساعد في تقليل مشاكل الذاكرة المرتبطة بالتوتر، مع تحسن طفيف في جودة النوم.

من خلال تعميق البحث، اكتشف الفريق أن التوتر وتنشيط خلايا PVN يؤثران أيضاً على منطقة أخرى في الدماغ تُعرف "الوطاء الجانبي" (LH) عبر مسارات عصبية مختلفة، مما يدل على أن هناك تفاعلاً معقداً بين هذه المناطق.

التوتر ومسارات الدماغ

قادت الباحثة شينغاي تشونغ من جامعة بنسلفانيا الأميركية دراسة استكشافية على ذكور الفئران، حيث ربطت مساراً عصبياً معيناً باضطرابات في النوم وضعف في الذاكرة. وأظهرت الدراسة أن التوتر له تأثير كبير على قدرة الدماغ في تثبيت المعلومات، مما يزيد من صعوبة تذكر الأشياء.

على الرغم من أن الطرق العصبية المسؤولة عن هذه التأثيرات ليست مفهومة تماماً، إلا أن الباحثين اكتشفوا أن تنشيط خلايا معينة في منطقة صغيرة بالدماغ تُعرف بـ"تحت المهاد" - التي تتحكم في إفراز هرمون التوتر - يؤدي إلى تقليل النوم وضعف الذاكرة. وعندما تم إيقاف نشاط هذه الخلايا خلال فترة التوتر، لوحظ تحسن في الذاكرة وزيادة طفيفة في مدة النوم.

تشير هذه النتائج إلى أن المسارات العصبية قد تكون المفتاح لفهم تأثير التوتر على الدماغ، وقد تفتح الباب أمام تطوير طرق جديدة لتحسين النوم والذاكرة، خاصة لدى الذكور. أيضاً، توضح الدراسة الدور المهم لخلايا CRHPVN والاتصالات التي تربطها بمنطقة "الوطاء الجانبي" في تنظيم الآثار السلبية للتوتر على الذاكرة وأنماط النوم واليقظة.

نُشرت هذه الدراسة لجمعية علوم الأعصاب التابعة لـ (Society for Neuroscience)، مما يعكس أهمية هذا البحث في المجتمع العلمي ويؤكد على ضرورة فهم تأثير التوتر على صحتنا النفسية والجسدية.