أدعية أيام المغفرة في رمضان والأعمال المستحبة في أيام المغفرة
رمضان شهر المغفرة والرحمة يتقرب العبد من ربه في هذه الأيام الفضيلة راجياً منه العفو والمغفرة، فيترقب أيام المغفرة في هذا الشهر الفضيل، فما هي أيام المغفرة في شهر رمضان المبارك؟ وكيف يتحرى عنها المسلم للفوز برضوان الله ومغفرته؟ وما أفضل الأدعية في أيام المغفرة؟ هذا ما سنتحدث عنه في الفقرات التالية.
شهر رمضان شهر المغفرة بجميع أيامه، لكن خص بعض الناس العشر الثاني من رمضان بالمغفرة استناداً لحديث ضعيف عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: "شهر رمضان أوَّله رحمة، وأوسَطه مغفرة، وآخِره عتق من النار" ضعفه الألباني وقال عنه منكر، ويتفق أهل العلم أن أيام رمضان جميعها أيام مغفرة، وذلك لحديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "إنَّ للهِ تعالى عند كلِّ فطرٍ عُتَقاءَ من النارِ، وذلك في كلِّ ليلةٍ" رواه جابر بن عبد الله وأبو أمامة.
والأعمال المستحبة في أيام رمضان من عبادة ودعاء وذكر هي ذاتها المستحبة في أيام المغفرة، والأيام الأكثر بركة وفضلاً في شهر رمضان المبارك في العشر الأواخر، لأن فيها ليلة القدر والليالي الوترية.
ورد في القرآن الكريم الكثير من صيغ الاستغفار والأدعية المستحبة في أيام المغفرة من شهر رمضان والمؤكد أن صيغ الأدعية في القرآن الكريم من أفضل الصيغ المستحبة في هذا الشهر الفضيل:
- (رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) سورة آل عمران الآية 16، وهو من أكثر الأدعية التي كان يرددها رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
- (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) آل عمران الآية 147.
- (رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ) آل عمران الآية 193.
- (رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) سورة المؤمنين الآية 109.
- (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) سورة البقرة الآية 286.
- (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ) سورة الحشر الآية 10.
- (رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) سورة التحريم الآية 8.
- (رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) سورة نوح الآية 28.
- من أفضل الأدعية في أيام المغفرة من الشهر الفضيل هو دعاء سيد الاستغفار، فعن شداد بن أوس أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: "سَيِّدُ الِاسْتِغْفارِ أنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي؛ فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ" أخرجه البخاري.
- "ربِّ اغفر لي، وتُب عليَّ، إنَّكَ أنتَ التَّوّابُ الرَّحيمُ" أخرجه أبو داوود، وهو من أدعية الاستغفار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم رواه عبد الله بن عمر.
- "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي خَطِيئَتي وجَهْلِي، وإسْرافِي في أمْرِي، وما أنْتَ أعْلَمُ به مِنِّي. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي هَزْلِي وجِدِّي وخَطايايَ وعَمْدِي، وكُلُّ ذلكَ عِندِي" أخرجه البخاري، وهي من صيغ الاستغفار التي كان يرددها رسول الله صلى الله عليه وسلّم في شهر رمضان المبارك.
- "اللهم اغفِرْ لي ذُنوبي، وافتحْ لي أبْوابَ رحمتِكَ" كان يرددها رسول الله صلى الله عليه وسلّم عند الدخول للمسجد، وهذا الدعاء من أجمل أدعية طلب الرحمة والمغفرة ومن صيغ الاستغفار.
- "أستغفرُ اللهَ العظيمَ الذي لا إلهَ إلّا هو الحيَّ القيومَ وأتوبُ إليه غُفِرَ له" أخرجه الترمذي، وهي من صيغ الاستغفار التي كانت يرددها رسول الله صلى الله عليه وسلّم رواها زيد بن حارث مولى رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
- "اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيراً، ولا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلّا أنْتَ، فاغْفِرْ لي مَغْفِرَةً مِن عِندِكَ، وارْحَمْنِي إنَّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ" أخرجه البخاري ومسلم، وهو دعاء طلب المغفرة كان يعلّمه النبي صلى الله عليه وسلّم لأصحابه يدعونه في الصلاة.
- "اللَّهمَّ اغفِر لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ وما أسررتُ وما أعلنتُ وما أسرفتُ وما أنتَ أعلمُ بهِ منِّي أنتَ المقدِّمُ وأنتَ المؤخِّرُ لا إلهَ إلّا أنتَ" أخرجه مسلم، من أدعية الاستغفار الواردة عن سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
- الإكثار من الدعاء: يستحب الإكثار من الدعاء بقلب حاضر وموقن بالإجابة في أيام المغفرة من شهر رمضان المبارك اقتداءً بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلّم حيث كان يكثر من الدعاء والتقرب إلى الله في الشهر الكريم والأيام الفضيلة منه.
- الإكثار من الذكر: يحب الله العبد الذي يذكره بكل أوقاته وخص أيام محددة يستحب بها الذكر ومنها أيام المغفرة في شهر رمضان المبارك لقوله تعالى: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ) سورة البقرة الآية 203.
- الاعتكاف: الاعتكاف سنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلّم فكان يعتكف في العشر الأخير من شهر رمضان المبارك، فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأواخِرَ مِن رَمَضانَ حتّى تَوَفّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أزْواجُهُ مِن بَعْدِهِ" أخرجه البخاري.
- الإكثار من العمل الصالح: يستحب في أيام المغفرة من رمضان الإكثار من التذلل لله عز وجل وطاعته والإكثار من النوافل، فيجب أن يغتنم العبد الفرص للتقرب من الله بسنن رسوله صلى الله عليه وسلّم ومقاومة الشهوات والملذات ويكثر من عمل الخير مثل الصدقة وصلاح النفس للفوز برضا الرحمن بهذا الشهر الفضيل.
- حسن التعامل مع الآخرين: حسن الخلق والتعامل مع الآخرين من الأعمال المحببة لله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلّم ويجب أن يصم المسلم أيضاً عن الإساءة وتجنب الغضب والمسارعة للحسنى في أيام المغفرة من الشهر الفضيل، فقد حث الإسلام على مكارم الأخلاق وحسن التعامل مع الآخرين ومساعدتهم عند الحاجة.
- مغفرة الذنوب: خص رسول الله صلى الله عليه وسلّم أيام شهر رمضان بالمغفرة إذا قام العبد بقلب نقي على عبادة الله عز وجل، واستدلالاً على هذا ما ورد عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: "مَن قامَ رَمَضانَ إيماناً واحْتِساباً، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ" أخرجه البخاري.
- أيام استجابة الدعاء: ورد في القرآن الكريم عن فضل الدعاء والذكر في أيام معلومات التي يمكن للعبد الدعاء بها في شهر رمضان المبارك، وورد في قوله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) سورة البقرة الآية 186، والجدير بالذكر أن هذه الآية جاءت في القرآن الكريم بعد آيات فرض الصيام في سورة البقرة.
- اعتكاف رسول الله صلى الله عليه وسلّم: من أفضال أيام المغفرة في الشهر المبارك أن فيها اتباع لسنن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يعتكف في العشر الأوسط من شهر رمضان في أحد الأعوام وبعدها أصبح يعتكف في العشر الأخير في الشهر، يستدل على هذا من حديث رواه أبو سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "أنّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلّم كانَ يَعْتَكِفُ في العَشْرِ الأوْسَطِ مِن رَمَضانَ، فاعْتَكَفَ عاماً، حتّى إذا كانَ لَيْلَةَ إحْدى وعِشْرِينَ، وهي اللَّيْلَةُ الَّتي يَخْرُجُ مِن صَبِيحَتِها مِنَ اعْتِكافِهِ، قالَ: مَن كانَ اعْتَكَفَ مَعِي، فَلْيَعْتَكِفِ العَشْرَ الأواخِرَ، وقدْ أُرِيتُ هذِه اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُها، وقدْ رَأَيْتُنِي أسْجُدُ في ماءٍ وطِينٍ مِن صَبِيحَتِها، فالتَمِسُوها في العَشْرِ الأواخِرِ، والتَمِسُوها في كُلِّ وِتْرٍ" أخرجه البخاري.
- إحياء ذكرى يوم الفرقان: في أيام المغفرة من شهر رمضان نصر الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلّم في غزوة بدر في العشر الأوسط من رمضان في ليلة الجمعة من اليوم السابع عشر من رمضان وسماه بالفرقان حيث فرق الله فيه بين الحق والباطل.