-

بحث عن حقوق الوالدين

(اخر تعديل 2024-09-09 11:09:39 )

الإحسان إلى الوالدين والبر بهما من أعظم الوصايا التي أوصى بها الدين الإسلامي، فرزق الإنسان وتوفيقه في حياته مرتبط بشكل وثيق برضا والديه، فما معنى حقوق الوالدين، وما هي حقوقهم في الدين الإسلامي والمجتمع، ومتى يسقط حق الوالدين؟

حقوق الوالدين مفهوم اجتماعي وديني يعبّر عن واجبات الأبناء تجاه الآباء والأمهات والتي تفرضها عليهم القيم الأخلاقية والاجتماعية والأحكام الدينية، وتمثّل حقوق الوالدين حجر الأساس في الترابط الاجتماعي، لأنها تقوي الروابط الأسرية مع بعضها مما ينعكس بشكل إيجابي على المجتمع كاملاً.

تختلف نظرة المجتمعات لحقوق الوالدين حسب الثقافة والعادات والتقاليد وتعاليم الدين، حيث تمتد حقوق الوالدين في المجتمعات الشرقية وخصوصاً العربية والإسلامية على مدى حياة الوالدين، فيما تتقلص هذه الحقوق في مجتمعات أخرى بمجرد أن يبلغ الأبناء سن الرشد أو يستقلوا بحياتهم عن الوالدين، كما تتأثر حقوق الوالدين بالتغيرات في القيم الاجتماعية والأخلاقية.

  • الإحسان للوالدين:

    الإحسان للوالدين أهم حقوقهما في الإسلام وأشملها، وله صور عدة، فيكون الإحسان برعاية الوالدين وتلبية احتياجاتهما ومساعدتهما والإصغاء إليهما والتودد لهما وعدم الإساءة إليهما، واحترامهما في السرّ والعلن، وورد وجوب الإحسان للوالدين في عدة آيات قرآنية منها: (وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحساناً) سورة الإسراء الآية 23، وورد أيضاً (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً) سورة العنكبوت الآية 8.
  • رعاية الوالدين في المرض:

    من حقوق الوالدين رعايتهم في مرضهم دون إهمال، فعند ملاحظة أن أحدهم يحتاج إلى فحص طبي من المهم عدم التأجيل، ومرافقة الوالدين إلى الطبيب والقيام على رعايتهم حتى الشفاء من خلال إعطائهم أدويتهم وما إلى ذلك، فقد يكون من الصعب عليهم القيام برعاية أنفسهم وتناول دوائهم وقد يخطؤون بتناوله ويؤدي هذا إلى زيادة مرضهم.
  • القيام على خدمة الوالدين في الكبر:

    قد يحتاج الآباء عند تقدمهم في العمر إلى رعاية خاصة، فقد يصلون لمرحلة يكونوا فيها غير قادرين على القيام باحتياجاتهم الشخصية ومنها الطعام والملبس والنظافة الشخصية وغيره من الاحتياجات، وهنا من واجب الأبناء أن يقوموا على رعايتهم وخدمتهم دون أي إهمال أو إظهار عدم الرغبة في ذلك.
  • الإنفاق على الوالدين:

    من واجبات الأبناء عندما يصبحوا راشدين ولديهم أعمالهم الخاصة أن ينفقوا على آبائهم في حال كان لدى الأب عجز أو مرض أو تقدم في العمر يمنعه من ممارسة عمله، وذلك ليغنوهم عن سؤال الناس، فمن المهم ألا يجعل الأبناء والديهم يحتاجون لغيرهم في الأمور المالية، وهو من أبسط حقوقهم بعد أن أنفقوا على أبنائهم إلى أن اشتدت سواعدهم وأمنوا حياتهم، ومن جهة ثانية، في حال كان الأهل ميسوري الحال لا تعد النفقة واجبة وإنما من باب البر بالوالدين وإكرامهم يمكن تقديم الهدايا لهم وشراء احتياجاتهم.
  • أخذ رأيهما في الزواج:

    من حق الوالدين أن يكون لهما رأي في اختيار الزوج أو الزوجة للأبناء، وجاء في فتوى دار الإفتاء المصرية: في حال كان لدى الأهل الأسباب المنطقية الكافية لعدم قبول الزواج قبل أن يتم، يجب أن يتم الأخذ برأيهما وعدم الزواج دون رضاهما، مع مراعاة أنه في حال كان الزواج من فتاة يقبل الشاب دينها وخلقها يمكنه حينها الزواج منها ولكن دون عصيان الأهل أو مقاطعتهم، أما بعد الزواج فلا يجوز أن يطلّق الزوج زوجته لأن أهله يريدون ذلك، والفتاة لا يجب أن تطلب الطلاق لبرّ أهلها فقط من أهلها.
    ومن جهة أخرى ليس من حق الأهل إجبار الأبناء على الزواج بأحد ما، ويعتبر رفض الزوج/ة المختار من قبل الأهل حق للابن دون عقوق بالوالدين فالحقوق ليس فيها عقوق.
  • لهما حق من الميراث:

    من حقوق الوالدين التي فرضها الدين أيضاً هو حقهم في الميراث في حال توفى أحد الأبناء قبل وفاة الوالدين وكان يملك بيوتاً ومالاً وفيراً وهنا من حقوق الأهل ديناً وقانوناً أن يكون لهما حصة من الميراث يحدد مقدراها الشرع الإسلامي.
  • الزيارة والتواصل وعدم القطعية:

    بعض الأبناء قد تلهيه مشاغل الدنيا وخاصة بعد الزواج وبناء أسرة خاصة عن والديه، وهذا أمر مرفوض بالدين الإسلامي فللوالدين حق الزيارة بين الحين والآخر وفي جميع المناسبات، والاطلاع على شؤونهما وتلبية احتياجاتهما. [1-2]
  • بعد أن وضحنا الحقوق الدينية نأتي للواجبات الاجتماعية والإنسانية للوالدين فمثلاً:

  • التواصل الدائم:

    كما ذكر في الفقرة السابقة فإن من أهم حقوق الوالدين على الابن الزيارة بشكل متواصل وعدم قطيعة الوالدين والنظر دائماً فيما إذا كانا بحاجة أي شيء.
  • العناية الصحية بالأهل:

    من حقوق الأهل أيضاً اصطحابهم إلى الأطباء في حال مرضهم وتقديم الرعاية والاهتمام حتى الشفاء التام حتى ولو كان الأبناء متزوجين فمن حق الأهل أن تتم رعايتهم من قبل أبنائهم وأزواجهم إلى أن يتماثلون للشفاء، حيث يجب أن يتم الاعتناء بهم في المنزل طوال الوقت.
  • مساعدتهما على تأدية واجباتهم المجتمعية:

    يجب أن يتم مرافقة الأهل في تأدية واجباتهم الاجتماعية، وبشكل خاص عندما يتقدمون في العمر لأنهم يجدون صعوبة في الحركة، لذلك يجب اصطحابهم إلى أصدقائهم وإلى إخوتهم لتأدية الواجبات الاجتماعية من صلة رحم ومباركات أو تعزية وما إلى ذلك.
  • تقوية العلاقة العائلية:

    من حق الوالدين أن يتم تقوية العلاقة بينهم وبين عائلة الأبناء الصغيرة فمثلاً رؤية الأحفاد من الحقوق الطبيعية للوالدين، والزيارات الروتينية والزيارات خلال المناسبات كالأعياد، فمن واجب الأبناء أن يعملوا على خلق علاقة قوية بين أهلهم وعائلتهم الصغيرة وهنا لا يجب الرضوخ لرغبة الزوج أو الزوجة بالابتعاد عن الأهل مهما كان السبب وذلك لإرضاء الله والوالدين، فهذا يجعلهم يشعرون بالرضا عن أبنائهم وعائلاتهم.
  • عدم الإساءة لهما:

    من حقوق الوالدين احترامهما وعدم الإساءة لهما، فالإساءة يمكن أن تكون لفظية أو معنوية أو حتى الإساءة إلى اسمهم وسمعتهم، فبغض النظر عن أي سبب من المهم أن يحترم الأبناء والديهم كما هُم دون أي نقد أو تكبر. [1-2]
  • طاعة الوالدين بالمعروف:

    من أهم واجبات الأبناء تجاه آبائهم والتي لطالما دعا لها الإسلام هي طاعة الوالدين، وطاعتهم تتمثل بتنفيذ أوامرهم، وبِرهم وعدم الابتعاد عنهم، فمهما أخذت الحياة الشخص من أهله، من المهم أن يبقى لوالديه المساحة من وقته، كما يجب عدم مخالفة أوامرهم وعدم محاولة تغيير قناعاتهم أو رفض عاداتهم.
  • عدم مخالفة آرائهما والتحدث معهما بأدب:

    من حق الأهل على الأبناء أن يتم الإصغاء إليهم وعدم مخالفة رأيهم والأخذ بنصائحهم، حيث أن نظرة الأهل للمواقف اليومية في المجتمع تختلف عن نظرة الأبناء لها وهنا من صور بر الوالدين ألا يتم مخالفة رأيهم وأن يفعل الأبناء ما يريده الآباء بحدود طاعة الله، وضمن حدود الأخلاق أيضاً فلا يمكن الإقدام على أذية شخص لتلبية رغبة أحد الوالدين فقط، كما يجب عدم رفع الصوت في الحديث معهم حيث يعتبر من قلة الاحترام لذلك يجب خفض الصوت في الكلام معهم والتزام الأدب والاحترام في الحديث.
  • مصاحبتهما وتلبية رغباتهما:

    يفخر الآباء بأبنائهم فيرغبون بمصاحبتهم في معظم أمور حياتهم، وهنا من حقهم أن تلبى هذه الرغبة لهم في كل مكان، لأنه في الصغر لا يمكن للأطفال مصاحبة أحد إلا آباؤهم وهذا يفرض عليهم التقرب منهم في كبرهم ومصاحبتهم.
  • إظهار العاطفة تجاه الوالدين:

    علاقة الآباء بالأبناء علاقة فطرية تبنى على العاطفة والرحمة والحب المتبادل، فمن أهم حقوق الآباء هو مراعاة هذه الحاجة الفطرية لديهم في كبرهم، حيث يجب على الأبناء إظهار العاطفة تجاه والديهم ومعاملتهم برحمة ومسايرتهم ومشاركتهم في تفاصيل حياتهم لكي يشعروا بأنهم مهمين في حياة أبنائهم وأن رأيهم له معنى وقبول وأن العاطفة مازالت تجاه آبائهم قوية لم تتغير رغم انشغال كل ابن بحياته الشخصية.
  • زيارتهما بعد الزواج:

    من صور البر بالوالدين أيضاً هو زيارة الأهل وعدم الانقطاع عنهم بعد الزواج، فلطالما وضح رسول الله صلى الله عليه وسلّم من خلال أحاديثه أهمية صلة الرحم، ومن جهة أخرى الزيارات المتكررة ضرورية لمعرفة ما ينقص الأهل من احتياجات قد يخجلوا من قولها وشراء هذه الاحتياجات لهم.
  • التواضع لهما:

    من حقوق الوالدين أن يفتخر الأبناء بهم ولا يتكبرون عليهم، أو يخجلون بهم لكبر سنهم أو لبساطتهم، وهنا أمر الإسلام بالتواضع للوالدين والتذلل لهم، حيث قال الله تعالى (واخفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) سورة الإسراء الآية 24.
  • برهما بعد وفاتهما:

    من أهم صور البر بالوالدين هو برهم بعد وفاتهم، ويكون من خلال المحافظة على سمعتهم واسمهم وعدم الإساءة إليهم، والترحم عليهم ودفع الصدقة عن روحهم، وقضاء ديونهم، وصلة رحمهم، وتنفيذ وصاياهم بعد الممات، كما يمكن الحج عنهم ويصل الأجر والثواب لهم، حيث روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "أنَّ امْرَأَةً مِن جُهَيْنَةَ، جاءَتْ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم، فقالَتْ: إنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أنْ تَحُجَّ فَلَمْ تَحُجَّ حتّى ماتَتْ، أفَأَحُجُّ عَنْها؟ قالَ: نَعَمْ حُجِّي عَنْها" رواه عبد الله بن عباس وأخرجه بخاري في صحيحه.
  • الاستغفار والدعاء لهما:

    من صور بر الوالدين أن يتم الدعاء لهم والاستغفار، حيث ورد حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم " إنَّ اللهَ لَيرفَعُ الدَّرجةَ للعبدِ الصّالحِ في الجنَّةِ، فيقولُ: يا ربِّ، أنّى لي هذه؟ فيقولُ: باستغفارِ ولدِكَ لكَ" رواه أبي هريرة، إسناده صحيح، كما ورد في القرآن الكريم أهمية الدعاء بالرحمة للأهل (رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) سورة الإسراء الآية رقم 24. [1-2]
  • حق الوالدين على أبنائهم لا يسقط، فواجب الأبناء الطاعة والبرّ ما دام الوالدان على قيد الحياة، إلا في حالة واحدة وهي معصية الله، فلا يجب مسايرة الأهل وتلبية رغبتهم بالأشياء التي لا ترضى الله عز وجل كالشرك بالله وعدم تنفيذ فرائضه والظلم والاحتيال وغيره من المعاصي المحرّمة، وما عدا ذلك لا يسقط حق الأب والأم على الابن أبداً مهما كان هنالك إساءة أو ظلم.

    وقال تعالى: (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) سورة لقمان الآية 15، وحتى في هذه الحالة لا يجب إطلاقاً مطاوعتهما في العصيان ولكن لا تسقط الواجبات الأخرى من الكلام معهما وتلبية احتياجاتهما وزيارتهما وبرهما والإحسان إليهما. [3]

    المصادر و المراجعaddremove

  • مقال "بر الوالدين طريق إلى الجنة" منشور في islamweb.net تمت مراجعته في 15/7/2023.
  • مقال "بر الوالدين لا يسقط وإن أساءا" منشور في islamweb.net تمت مراجعته في 15/7/2023.
  • أحدث أسئلة قضايا اجتماعية