-

أكره أمي كرهاً شديداً! كيف أتعامل مع كرهي لوالدتي

(اخر تعديل 2024-09-09 11:09:39 )

لا يختلف أحد أن مشاعر الأم وابنائها تجاه بعضهما البعض تعتبر من أسمى المشاعر التي لا يشوبها أي شائبة، فهي مشاعر خالية من المصالح والتوقعات وتمثل المحبة الخالصة، وعندما نسمع أن شخص ما يكن مشاعر الكره للأم التي تعد رمزاً للعطاء بلا مقابل ولا حد، فلا يخلو هذا الأمر من الغرابة، وهذا ما سوف نبحث فيه في مقالنا.

كره الأم ليس عقوقاً إذا لم يقترن بفعل أو قولٍ فيه عقوق، ولا يٌحاسب الإنسان على كره أمِّه أو والديه في قلبه وفكره كما لا يحاسب على كلِّ شعورٍ في القلب ما لم يترجمه بالفعل أو القول، وعلى من ابتلاه الله بكره أمه أو أبيه أن يكتم الكره عنهما وعن غيرهما كي لا يؤثم.

هل كرهي لأمي الظالمة حرام!
قال الرسول الكريم ﷺ: "إنّ اللهَ تجاوزَ عَنْ أمَّتي ما حدَّثتْ بِهِ أنفسها ما لَمْ تَعملَ أو تَتكلم"، أي أن المسلم المؤمن مغفورٌ له حديث النفس ما دام في نفسه ولا يكون محركاً لفعله ولا يصرّح به، فكره الأم في النفس والقلب لا إثم عليه وإن جهل الكاره السبب، إنما يؤثم إن فعل فعلاً فيه عقوقٌ أو امتنع عن البرّ الواجب، أو حدّث والديه بكرهه أو تحدث عنهما بالسوء، والله أجل وأعلم.
وقال الله تعالى "وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا" سورة الإسراء الآية (23)

أدعو على أمي بالموت لأنني أكرهها هل هذا عقوق؟
كره الأم نفسه ليس من العقوق إن لم يكن مصحوباً بالقول أو الفعل، أما الدعاء على الأم الظالمة فيعتبر من العقوق وهو غير جائزٍ، سواء الدعاء عليها بالموت أو غيره، ويجب على من كره أمّه لسببٍ أو لغير سبب أن يكظم نفسه عن الدعاء عليها وأن يدعو لها بالهداية وصلاح حالها.
وحتى من كره أمه لأسباب تتعلق بالدين والإيمان لا يجوز له الدعاء عليها بالشرّ، وذلك لقوله تعالى "إِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ". فعليه أن يصاحب أمه بالمعروف ولا يقصّر في برّها ولا يتبعها في معصية، وإلى الله الرجوع.

  • البرّ أولاً: كره الأم مهما كان السبب لا يجب أن يتعارض مع البرّ، والبرّ هو الإحسان إليها وتجنّب الشجار معها الذي قد يجرّ لقولِ أو فعلِ ما لا يجوز، وواجبات الإنسان تجاه والدته لا ترتبط بمشاعره كرهاً أو حبّاً، بل هي واجبات إنسانيةٌ وشرعيةٌ يجب الالتزام بها بالحد الأدنى إن كان الكره والبغض غالباً على القلب.
  • التفكير بأسباب كره الأم: إعادة التفكير بأسباب كره الأم قد تجعل التعامل مع هذه المشاعر السلبية أسهل، فإعادة النظر في الأسباب ستساعدك على فهم دورك في تغذية هذه المشاعر، وعلى التمييز بين فعل الأم السيء وبين رد فعلها على فعلك السيء أو فعل غيرك، ويجب أن تكون -أو تكوني- بقمة الصراحة والشفافية عند التفكير بأسباب كره الأم، دون التحيّز للنفس.
  • البحث عن أعذارٍ لها: في كل قصة عن كره الأم جوانب مخفية وغير واضحة بالنسبة للأبناء، منها معاناة الأم في حياتها قبل الزواج أو بعده التي تجعلها قاسيةً وربما متجبرة، ومنها الظروف الخاصة التي قد تدفع الأم لتصرفاتٍ سيئة مع أبنائها، وغيرها من الطبائع والظروف التي قد تكون أعذاراً لبعض أفعال وتصرفات الأم الظالمة بحق أبنائها.
  • تقبُّل مشاعر كره الأم: إذا كنتِ تكهرين أمكِ كرهاً شديداً وتتمنين لها الموت أو المرض! جربي أن تتفهمي هذه المشاعر وتتقبليها وتخرجي من سلبيتها، لا تلومي نفسك كثيراً على كره الأم فبعض المشاعر لا يمكن التحكم بها أو السيطرة عليها، لكن في نفس الوقت توقفي عن تغذية هذه المشاعر بالشتائم أو الدعاء عليها أو الحديث عنها بالسوء.
  • البحث عن الذكريات الإيجابية: استحضار بعض الذكريات الإيجابية مهما كانت صغيرة يساعد في تلطيف المشاعر السلبية تجاه الأم، وإن لم تكن هذه الذكريات موجودةً بالأصل فيجب العمل على خلقها لتحل محل الذكريات السيئة.
  • تصنّع الحب: نعم إنّ تصنع الحبّ يخلق الحبَّ أو يطرد الكره والبغض على الأقل، جربي أو جرب تصنّع حب الأم والحديث معها بطريقة لطيفة، والحديث عن علاقتكما المميزة والجميلة أمام الناس، وبعد فترة إمّا أن تستشعر الأمّ الحرج من حسن التعامل فتغير من سلوكها السيء، أو تستشعر أنت الراحة بكتم هذا الكره عن الأم نفسها وعن الناس.
  • محاربة التفكير الزائد بكره الأم: إن الكره والحب ليسا من عدم، فالمحبة القليلة إذا كرّرت التفكير بها ودعمتها تزيد وتكبر، وكذلك بذرة الكره تنمو إذا أعدت على نفسك عبارات الكره ومشاعره، جرب أو جربي التوقف عن التفكير بكره الأم، وكلّما جاءت فكرة تتعلق بالكره والبغض للأم استبدلها سريعاً بفكرة إيجابية أخرى أو قم بفعل شيء ينسيك ما تفكر به.
  • الابتعاد عن الأم واعتزالها: إذا كان كره الأمّ معيقاً للحياة ويسبب ألماً نفسياً للابن والأم معاً، فالأجدى اعتزالها والابتعاد عنها دون التقصير في برّها ودون أن يكون اعتزالها جفاءً أو قطع رحم.
  • طلب الاستشارة من متخصص: إذا لم تستطع السيطرة على شعور كره الأم الشديد فعليك اللجوء لطلب استشارة من أخصائي نفسي أو مستشار أسري، المتخصصون يمتلكون العلم والمعرفة لمساعدتك، كما أن لديهم الخبرة اللازمة في التعامل مع مثل حالتك، ويمكن أن تتغير علاقتك بأمك جذرياً خلال فترة قياسية بفضل استشارة متخصصة.
  • كره الأم من الأزمات النفسية الخانقة والمزمنة التي تؤثر بشكل واضح على السلوك والشخصية، وإن كان كره الأمّ بحد ذاته ليس اضطراباً نفسياً أو مرضاً، لكنه قد يسبب العديد من المشاكل والاضطرابات النفسية، ويعتقد علماء النفس أن انكسار الرابط العاطفي بين الأم وابنها أو بنتها يشكّل ضغطاً كبيراً على الأبناء والأم معاً قد يقود للقلق والاكتئاب المزمنين، وتأثيرات سلبية كثير على العلاقات الأسرية في المستقبل مع الشريك والأبناء.
    بالإضافة إلى الأسباب الشائعة من القسوة والظلم وسوء المعاملة؛ يُرجع علم النفس كره الأم إلى التصور النمطي لدى الأبناء أن الأمّ ملاك معصوم، وتضخيم الأخطاء البشرية التي قد ترتكبها الأم في تربية أبنائها أو في حياتها الخاصة، والنظر إليها بمنظار مختلف يجعلها أكثر تأثيراً.

  • إهمال الأم لأبنائها: لا يحظى كل الابناء بأم رائعة تهتم بشؤونهم من دراسة وتربية وطعام وتنظيف منذ الطفولة والطفل بطبيعته يحتاج إلى الرعاية والاهتمام بملابسه وطعامه ونظامه اليومي لينشأ بشكل سليم، ويشعر الابن بالنقص عندما يجد أن جميع من حوله لديهم أمهات حنونة ومهتمة بينما هو لديه أم لا تهتم بشؤونه.
  • القسوة والكلام الجارح: القسوة الشديدة والظلم في التربية من أهم الأسباب التي تدفع الابن لكره الأم، خصوصاً عندما تكون القسوة دون سببٍ واضح أو تبرير، والقسوة بالكلام والإهانة أشد أثراً في نفس الأبناء من القسوة الجسدية، وكلاهما شرّ يحصده الأهم كرهاً وبغضاً من أبنائهم صرّحوا أم لم يصرّحوا.
  • الحرمان المفرط: قول "لا" على كل طلب للابن يولد شعور غضب واستياء وسخط، لأن الطفل يولد محباً للاستكشاف والتعلم فحرمانه من اللعب والتنزه وممارسة هواياته يؤثر سلباً على شخصيته وقد يولّد عقدة تكبر معه، وعندما يكبر يدرك أن طفولته كانت ناقصة فيلوم والدته على ذلك ويأخذ موقف سلبي تجاهها.
  • الإنكار والرفض: يحاول الابن جاهداً أن يلفت أنظار والدته ويجعلها فخورة بإنجازاته البسيطة، وبعض الأمهات يتجاهلن محاولات ابنائهم هذه أو يرفضن الاعتراف بمجهودهم وينتقدونهم، أو قد يخجلون من هذه التصرفات بين الناس فيشعر الابن بأنه مرفوض من والدته ما يجعله يكون تجاهها مشاعر سلبية.
  • انعدام التواصل: وهذا السبب يبرز أثناء مرور الابن بمرحلة المراهقة فاحتياجه لأمه يزداد لتوعيته وتصويب أغلاطه، وانقطاع التواصل بين الأم وابنها يجعله تائهاً وقد ينجرف للانحراف والفشل الدراسي، وذلك ما سيدفعه للومها وكرهها مستقبلاً، كما أن فشل الأم في التعامل مع ابنها في هذه المرحلة يعد سبباً آخر فاستخدام العنف والضرب والحجز ضمن المنزل لن ينفع لتخطي هذه الأوقات.
  • التمييز بين الابناء: تلاجظ هذه الظاهرة عند عدد لا بأس به من الأمهات حيث تميل الأم للاهتمام وتدليل أحد أبنائها أكثر من أخوته مع إهمال نسبي وغير مقصود لباقي أبنائها، وهذا ما يشعر الابن بالنقص والحرمان كما أنه يدفع الطفل لكره أخوته أو إيذائهم وبذلك تكون الأم فاشلة وسيئة في التربية.
  • اللوم المستمر للابن: أحياناً تهمل بعض الأمهات أنفسهن من أجل تربية أطفالهن وخاصة في حال كانت الأم عاملة، فتتجه الأم نحو أبنائها لتلومهم على هذا الإهمال بحجة أنها لا تجد وقتاً لنفسها بسبب تربيتهم، أو أن تذكّر أطفالها دوماً بما ضحت به من أجل تربيتهم وتعليمهم سواء كان ذلك عملها أو مظهرها أو حياتها فيشعر الطفل بالذنب والضيق وأنه غير مرغوب به بل هو ضائقة ومشكلة متعبة تعيق حياة والدته، ويكبر معه هذا الإحساس ليكون شعور سلبي تجاه أمه.
  • الانتقاد المستمر: لا تتطابق أفكار الأم مع أبنائها دوماً وبعض الأمهات يتفهمن ذلك والبعض الآخر ينتقدن أفكار أبنائهن وينتقصن من أعمالهم وأفكارهم، فتنكسر ثقتهم بأنفسهم وخاصة إذا انتقدت الأم أبنائها أمام الناس فيشعر الأبناء بالخجل بدلاً من أن تشعرهم أمهم بالفخر والقوة.
  • زواج الأم برجل آخر: غالبية الأبناء وخاصة الذكور لا يتقبلون فكرة الزواج الثاني لأمهم وخاصة في حالات التعلق الشديد بالأب، ويرفض الابن بشدة في حال انشغلت الأم عنه فلا يشعر بحنانها واهتمامها، فتبدأ مشاعر الغيرة عنده من زوج أمه لتتحول إلى مشاعر كره ونفور مع الوقت، وفي بعض الحالات يكون زوج الأم قاسياً ويضرب الطفل ويعنفه لفظياً وجسدياً أمام أمه وهذا ما يسبب له كراهية وحقد تجاههها عندما يكبر.
  • الأم المدمنة:الإدمان على الكحول والمخدرات لا يعود بالضرر على الشخص وحسب بل إنه يؤذي من حوله أيضاً، والأم المدمنة تخلت عن حياتها ومسؤولياتها أمام أسرتها كما أنها قد تؤذي أطفالها وتضربهم في حالة السكر وهم صغار وإهمالها لهم من النواحي التعليمية والتربوية وهذا ما يجعلها أماً سيئة لأنها دمرت حاضر أبنائها ومستقبلهم.
  • الأم المنحرفة أو الخائنة: وهي أكثر الصفات التي تجعل الام سيئة ومكروهة من قبل ابنائها، فالخيانة جرم عقابه كبير وذنوبه كثيرة عند الله عز وجل، ورؤية الأطفال لأمهم مع آخر غير أبيهم أو تحدث رجلاً ما يؤذي عقلهم وقلبهم ويدمر نفسيتهم لأن أمهم عاصية تسعى لخراب منزلها وعائلتها.
  • العلاقة بين الأم وابنائها علاقة سامية ولا يمكن إنكار ذلك، ومهما حدث من الواجب على الابن طاعة والدته، لذلك على كلا الطرفين اتباع بعض النصائح للحفاظ على هذه الرابطة ومن هذه النصائح: [4]

    • الاستيعاب والتفاهم: الخطوة الأولى لجعل العلاقة أفضل هي أن يحاول كل طرف فهم الآخر، قد تكون الأم متعبة ومرهقة من ضغوط الحياة فيجب على الأبناء استيعابها وتفهمها، والعكس صحيح أيضاً فيجب على الأم أن تكون متفتحة الذهن وتفهم التغيرات التي تطرأ على أبنائها فهم في مرحلة النمو ولم تنضج أفكارهم بعد.
    • مشاركة الأوقات الجميلة: الخروج في رحلة أو نزهة يقرب الأم من أبنائها وخاصة وهم صغار ويمنحهم فرصة لقضاء وقت أطول مع بعضهم البعض وصنع ذكريات جميلة في أذهانهم، يمكن أيضاً مشاركة الابناء الهواية التي يفضلونها كالرياضة وكرة القدم والرسم والعزف.
    • تقديم المساعدة: تبذل الأم مجهود كبير يومياً فهي المسؤولة عن التنظيف والطبخ والأعمال المنزلية الأخرى وقد يأخذ ذلك كل وقتها ويجعلها متعبة وبمزاج سيء، من الجيد مساعدة أبنائها لها في هذه الأعمال الروتينية لتخفيف تعبها فتشعر بمحبتهم وبتقديرهم لها وينعكس ذلك تحسن في علاقتهم ومشاعرهم تجاه بعضهم.
    • الاهتمام والدعم العاطفي: لا أحد يستطيع أن يلغي التأثير العاطفي على حياة كل شخص، فالدعم العاطفي والنفسي هو ما يحتاجه الأبناء من امهاتهم باستمرار، لتتكون لديهم شخصية سليمة وسوية نفسيا لا تضمر أي مشاعر كراهية.
    • المسامحة وحسن الظن: يجب إهمال المشاعر السلبية والكره الذي قد يتولد بعد حصول مشكلة بين الأم وابنها، ضع دوماً أعذاراً لأمك وبرر لها سوء تصرفها، ومن المستحسن دائماً التحلي بالتسامح والعفو وعدم إطالة فترة الخصام.

    المصادر و المراجعaddremove

  • فتوى 162669 "هل يحاسب الإنسان على مشاعره" منشورة في موقع إسلام ويب،
  • مقال Bethany Babchik " أفضل وأسوء الصفات التي يمكن أن تمتلكها الأم" منشور في babygaga.com تمت مراجعته بتاريخ 832022
  • مقال Sanjana Gupta "أنا أكره أمي: ماذا تفعل عندما تشعر بهذه الطريقة" منشور في verywellmind.com تمت مراجعته بتاريخ 832022
  • مقال Timothy J.legg "الإهمال العاطفي للطفولة: كيف يمكن أن يؤثر عليك الآن ولاحقاً" منشور في healthline.com تمت مراجعته بتاريخ 832022
  • مقال Cathy Cassata "نصائح لتحسين العلاقة بين الأم وابنتها" منشور في psychcentral.com تمت مراجعته بتاريخ 832022
  • أحدث أسئلة قضايا اجتماعية