كيفية تربية الطفل في بيت العائلة
تضطر الكثير من العائلات للعيش في سكن مشترك يجمع بين الأسر الصغيرة "الأبناء وأبنائهم" والأسرة الكبيرة "الجد والجدة والأعمام..." وعلى الرغم من وجود إيجابيات كثير للعيش في بيت العائلة فيما يتعلق بتربية الأطفال، لكن أيضاً هناك الكثير من المشاكل والسلبيات التي لا بد من الوعي بها والتعامل معها بالطريقة المناسبة، للحفاظ على تربية الأطفال تربية سليمة.
يمثل بيت العائلة المنزل الذي يعيش فيه الأفراد المنتمون لعائلة واحدة من الجدة والجد إلى الأحفاد، ويتشاركون في العيش ضمن بيئة اجتماعية، إما أن تكون منسجمة ومتفاهمة أو مليئة بالمشاكل والتدخلات غير المرغوبة التي تؤثر على تنشئة وتربية الطفل وعلاقته بأسرته الصغيرة وأسرته الكبيرة.
تتأثر تربية الطفل في بيت العائلة بشكل كبير، فهو المكان الذي يتم فيه تربية الأطفال وتنمية قدراتهم وتطورهم في بيئة اجتماعية مغلقة نسبياً تنتمي إلى نفس العادات والتقاليد والقيم، ما يسهل على الأهل زرع القيم الأخلاقية والدينية والتقاليد الثقافية لدى الأطفال وتكوين العلاقات الاجتماعية، فيتعلم الأطفال ببيت العائلة التعاون والتحمل والاحترام، بالإضافة إلى الخبرات الحياتية التي يرثونها من الأجداد والحكمة التي يمتلكونها.
وبالمقابل يواجه الأهل العديد من التحديات وأهمها حصول الطفل على الدلال الزائد من قبل الجدين وعدم الحزم في التربية، أو عدم التناسق الفكري بين الأجيال واختلاف القيم من جيل إلى جيل وعدم إدراك جميع من في البيت لهذه الفكرة، ما يزيد من اختلاف الآراء ونشوب بعض المشكل في بيت العائلة.
من أهم إيجابيات تربية الطفل في بيت العائلة أنه كلما ازداد حجم العائلة أو عدد أفراد المنزل الذي يعيش فيه الطفل ازداد تطور ونمو الطفل الذهني والاجتماعي بنسبة كبيرة، وعندما تكون البيئة الأسرية في بيت العائلة مستقرة وبعيدة عن الصراعات سيكون لهات أثر إيجابي على الحالة النفسية والعاطفية للطفل، وهذا ما يجعل للتربية الطفل في منزل العائلة العديد من الإيجابيات، منها:
- تعزيز العلاقات العائلية: تعتبر تربية الطفل في البيت الذي يعيش به الجدين والوالدين والأعمام والعمات بيئة مناسبة لتقوية الروابط فيما بينهم، ما يجعل الطفل ينشأ بينهم وبين أطفالهم، وبالتالي العلاقات مع أفراد العائلة الكبيرة قوية، ويعتاد الطفل على أهمية وجود العائلة في حياته، لقضاء أغلب وقته معهم بدلاً من الأجهزة الإلكترونية والاقتراب من أشخاص آخرين.
- توفير الدعم العاطفي والنفسي: يشعر الطفل بالأمان العاطفي لوجود الجد والجدة الذين يمدون أحفادهم بالحنان والعاطفة طيلة فترة حياتهم معهم، وتقديم الدعم والتشجيع والثناء الذي يعزز من شخصيتهم.
- تنمية القيم الإيجابية: تعتبر تنمية القيم الأخلاقية جزء مهم من تربية الطفل، ولكون القيم مستمدة من المجتمع المحيط يعتبر بيت العائلة مصدر هام لغرس القيم الحميدة والإيجابية عند الطفل، كالتعاون واحترام الآخرين وتحمل المسؤولية، من خلال رؤية الأعمام والعمات والجدين وطريقة تعاملهم وتعاونهم على حل مشكلاتهم.
- تعزيز الصحة النفسية والجسدية: تلعب العلاقات الأسرية دوراً كبيراً بالصحة النفسية والعقلية للطفل، وتساعد تربية الطفل في بيت العائلة على تحسين العلاقات الأسرية وتقويتها ما ينعكس على سلوكيات الطفل وصحته العقلية والجسدية أيضاً.
- وجود الأقران في المنزل: يحتاج الطفل خلال تنشئته للتفاعل بأقرانه منذ مراحل مبكرة، وهذا ما يؤمنه بيت العائلة حيث أن الأسرة لا تقتصر على الوالدين والأبناء بل الأعمام والعمات وأبنائهم، ما يؤمن بيئة تتيح للطفل المزيد من التواصل مع أقرانه والتسلية وتعلم مهارات جديدة.
- تنمية مهارات الاتصال والتواصل: ينمي بيت العائلة مهارات التواصل عند الطفل، من خلال تعامله مع أجيال مختلفة في المنزل وبطرق مختلفة، ولاعتبار أن مهارات التواصل أساس تربية طفل واثق قادر على التفاعل مع الآخرين يكون لبيت العائلة الكبير دور إيجابي في عملية التربية.
- تعلم القدرة على الحياة المشتركة: من إيجابيات تربية الطفل في بيت العائلة تعويده على الحياة التشاركية وتقديم بعض التنازلات في بعض الأحيان للتمكن من العيش بسلام، وتنتقل معه هذه العادة للمستقبل خاصةً عند الزواج وإنشاء العلاقات.
- التعرض للعنف الأسري: قد يتعرض الطفل للعنف الأسري من بعض الأشخاص في المنزل، كتعرض الأعمام وزوجاتهم للطفل أو العراك والمشاكل مع أقرانه، ما يؤثر بشكل سلبي على تربية الطفل وشخصيته لما يتعرض له من أذى جسدي ونفسي.
- اختلاف أساليب التربية بين الآباء والأجداد: تختلف أساليب تربية الطفل من جيل إلى جيل فمن الصعب تربية الأبناء بنفس الطريقة التي تربى بها الآباء، بشكل خاص مع التطور التكنولوجي والعالم الرقمي وأسلوب التربية والمجتمع، ما يسبب صعوبات كبيرة وخلافات مستمرة بين الأجداد والآباء حول كيفية تربية الطفل، وأيضاً قد يكون الأجداد شديدي الدلال لأحفادهم بشكل يفسد تربيتهم.
- غياب خصوصية الأسرة: كل أسرة تتمنى أن يكون لها خصوصية في تربية الطفل وفي التعامل فيما بينهم بعيداً حتى عن الجدين، فمن سلبيات بيت العائلة أنه لا يوجد مجال كافي للحفاظ على الخصوصية مهما حاول الآباء، وأي مشكلة أو خلاف أو عائق قد يتعرض له الطفل في الغالب سيخرج لجميع الأفراد في بيت العائلة.
- التمييز بين الأحفاد وأثره على الطفل: غالباً يميل الجدين باهتمامهم للحفيد الأكبر، ما يجعلهم غير قادرين على العدل بين الأحفاد في الاهتمام والدعم وتقديم المشاعر والدعم العاطفي والنفسي، ما ينعكس على نفسية الأحفاد الآخرين ويصعب عملية تربية الطفل على الوالدين.
- صعوبات في التعليم: من السلبيات المحتملة لتربية الطفل في بيت العائلة هي تشتت ذهن الطفل وعدم قدرته على التركيز وتراجع تحصيله الدراسي، بسبب المشاكل المستمرة بين أفراد العائلة، أو وجود أحد من أفراد المنزل لا يهتم بالتعليم وأساليبه، كما تتأثر قدرة الأهل على اتباع أساليب لتعليم الطفل بشكل صحيح.
- الإهمال ونقص الاهتمام: قد ينشغل الأهل عن تقديم الاهتمام الكافي لطفلهم في منزل العائلة ويزداد اعتمادهم على الجدين في عملية التربية وتجاهل دور الأمومة والأبوة اتجاهه، وعدم الالتفات لحاجياته ضمن العائلة الكبيرة، ما يؤثر على العلاقة بين الطفل ووالديه خلال تنشئته.
- التقييد الاجتماعي والثقافي: يقيد بيت العائلة الكبير العلاقات الاجتماعية الأخرى لدى الطفل، حيث يدور مجتمعه ضمن هذه العائلة، ويمنعه من الاطلاع على ثقافات أخرى والتعامل مع فئات اجتماعية مختلفة، ما يجعل تربية الطفل في بيت العائلة سبب في تنشئة طفل غير قادر على مواجهة الحياة.
- تعلم سلوكيات سلبية: يعد بيت العائلة بيئة اجتماعية متكاملة بالنسبة للطفل، وقد تتضمن هذه البيئة أفراد يتمتعون بصفات سلبية كعدم الاحترام والوقاحة وعدم الاستماع للأوامر، وقد يتعلم الطفل من هذه السلوكيات، لهذا تعتبر تربية الطفل في بيت العائلة تحدياً كبيراً بالنسبة للوالدين.
- الشعور بالغيرة وانعدام الأهمية: رغم أن بيت العائلة يبقى ملجأ الأمان والحنان بالنسبة للطفل، إلا أن تربيته ضمن هذا المنزل قد يشعره بالغيرة من أقرانه والتقليل من قيمته بالنسبة للآخرين، خاصةً مع ابتعاد الأهل عن واجباتهم وتمييز الجدين لأحد الأحفاد دوناً عن غيرهم، ما يسبب بعض الاضطرابات النفسية التي تؤثر على عملية التربية.
- الابتعاد عن الوالدين: غالباً ما يتقرب الطفل في بيت العائلة للجدين الذين يقدمون الدلال الزائد للأحفاد، ما يجعلهم يبتعدون عن الوالدين ولا ينصاعوا لأوامرهم بشكل كافي، وبالتالي حدوث فجوة بين الطفل ووالديه وصعوبة سير عملية التربية وانشاء علاقة قوية بين الوالدين والطفل.
- التشتت ومشاكل الانتباه: يعاني الأهل من صعوبة في الحفاظ على تركيز الطفل في بيت العائلة، بسبب عدد أفراد العائلة الذين يعيشون حياة واحدة لكن مختلفة في تفاصيلها وأساليب التربية التي يتبعها الوالدين مع أطفالهم، حيث يرغب في الذهاب للعب مع أبناء عمه وقضاء وقته معهم، ما يجعل الطفل قليل الانتباه لدراسته والتركيز على حياته ومهامه.
- الفوضى بسبب عدد السكان في بيت العائلة: تشكل الفوضى في بيت العائلة أكبر صعوبة يواجهها الأهل في تربية طفلهم، حيث لا يمكن التحكم بموعد النوم والطعام، فقد تكون عائلة العم ترغب في السهر لوقت متأخر والاستيقاظ يوقت متأخر، بينما يرغب الآخر في تربية طفله على النوم باكراً والاستيقاظ باكراً.
- دخول الأطفال في خلافات الكبار: لا بد من وجود العديد من المشاكل بين الأخوة أو بين زوجاتهم في بيت العائلة، لكن الخطورة في حدوث الخلافات أمام الأطفال ما يجعلهم يتعلمون قلة الاحترام وقد يتولد لديهم مشاعر كراهية اتجاههم.
- اختلاف الإمكانات المادية بين الأسر التي تعيش في نفس المنزل: غالباً في بيت العائلة هناك أسرتين على الأقل، وكل رب أسرة يعمل في مجال مختلف وله وضع مادي قد يختلف عن الآخر، ما يجعله قادراً على تقديم المزيد لأبنائه، بينما قد يكون غيره لا يقدر تأمين ما يقدمه لطفله سواءً بالرفاهية أو الحاجيات، ما يشعر الطفل بالتذمر والغيرة من أبناء عمه، وقد تتطور لديه سلوكيات سيئة مثل الإيذاء ومحاولة السرقة وغيرها.