-

كيف أساعد شخص يفكر بالانتحار وماذا أقول له!

(اخر تعديل 2024-09-09 11:09:39 )

ليس من السهل التعامل مع شخص فقد شعوره بقيمة الحياة ولديه رغبة قهرية في إنهاء حياته والابتعاد عن عالمنا، لكن التدخل لمساعدة شخص يفكر بالانتحار قد يكون فعالاً بشكلٍ مذهل، خصوصاً إذا كان هذا التدخل في الوقت المناسب، وبالطريقة المناسبة، ومن الشخص المناسب.

معرفة العلامات المبكرة التي قد تدل على تفكير شخص بالانتحار تساعدك على تقديم المساعدة له في وقت مبكّر قبل أن تتحول الأفكار الانتحارية لدوافع قوية لا يمكن السيطرة عليها، غالباً ما تظهر هذه العلامات على الأشخاص الذين سيقدمون على الانتحار بفترة طويلة نسبياً قد تصل إلى عدة شهور أو حتى سنوات، وفي بعض الحالات قد يكون القرار سريعاً بالكاد يمكن ملاحظة مقدماته قبل أيام قليلة أو بضع ساعات، وفي كل الأحوال يجب عليك أن تتعرف إلى علامات الخطر والإنذار المتعلقة بالانتحار:

  • ظهور الحزن العميق والمستمر على الشخص: الشعور بالحزن لفترات طويلة والتقلبات المزاجية بشكل متكرر قد يكون دليلاً على الإصابة بالاكتئاب والذي يُعتبر من عوامل الخطر الأساسية للانتحار، وعادةً ما يمكن للاستدلال على الحزن العميق الذي قد يقود للانتحار من خلال ملاحظة طول فترات الحزن التي يمر بها التشخص ومدى تأثيرها على أدائه الاجتماعي والمهني والدراسي.
  • فقدان الاهتمام بالأمور الممتعة: من العلامات المبكرة على التفكير في الانتحار أن يفقد الشخص رغبته في ممارسة الأنشطة الممتعة التي اعتاد عليها، وأن يفقد شغفه في الأمور التي لطالما شكّلت حوافزاً كبيرة بالنسبة له.
  • الابتعاد عن الآخرين والعزلة: غالباً يبدأ الشخص الذي يفكر بالانتحار بالانعزال عن الآخرين وتجنب قضاء الوقت مع الأصدقاء والابتعاد عن الأنشطة الاجتماعية، قد تكون هذه العزلة كاملة حيث يبتعد عن الآخرين والتجمعات، وقد تكون حالة من العزلة الداخلية حيث يتواجد مع الآخرين بجسده لكن عقله وتفكيره في مكان آخر ولا يشاركهم الحديث أو الأنشطة التي يقومون بها.
  • التوقف عن الشكوى فجأة: من علامات التفكير بالانتحار التي قد يخطئ البعض قراءتها هي توقف الشخص عن الشكوى أو التذمر وكأنّه بدأ يتقبل ما يمر به، لكن الحقيقة أن هذه قد تكون علامة كبرى على اليأس واتخاذ القرار بإنهاء الحياة، وتترافق حالة الهدوء هذه مع الانعزال وعدم الرغبة في مناقشة مشاكله لأنه يعتقد أنه وجد الحل!
  • إظهار سلوكيات خطيرة ومؤذية للذات: قد يبدأ الشخص الذي يفكر بالانتحار باتباع بعض السلوكيات الخطيرة بما يتضمن القيادة المتهورة أو الإفراط في التدخين أو تعاطي الكحول والمخدرات، أو ممارسة نوع من التعذيب الجسدي مثل جرح الذات والإفراط في السهر أو الشراهة في الأكل.
  • ظهور حالة اليأس والإحباط: يعبّر الشخص الذي يفكر بالانتحار عن حالة اليأس التي يمر بها لفظياً أو سلوكياً، فقد يتحدث بنبرة يائسة ومحبطة أنه لا يجد ما يدفعه للاستمرار في الحياة أو أن الحياة لا تستحق أن تعاش، وقد تدل تصرفاته وقراراته على يأسه وإحباطه العميقين.
  • تغيرات في المظهر الخارجي: بعض التغيرات التي قد تظهر على الشخص الذي يفكر بالانتحار تتعلق بمظهره الخارجي، كإهمال أناقته ونظافته الشخصية أو عدم الاهتمام باللباس المناسب كالذهاب لمناسبة رسمية بثياب عادية، كما قد تظهر عليه بعض التغيرات الجسدية مثل فقدان الوزن والتعب على الوجه بسبب كثرة التوتر وقلة النوم.
  • اضطرابات في النوم: يمكن أن يتغير نمط النوم عند الشخص الذي يفكر بالانتحار، كأن تزيد ساعات نومه أو تنقص بشكل ملحوظ عن الطبيعي ويجد صعوبة في النوم بشكل كافٍ ومستمر.
  • القيام بسلوكيات تحضيرية للانتحار: في بعض الأحيان قد يبدأ الشخص ببعض الأنشطة تحضيراً لمغادرة عالمنا، وذلك قد يتضمن زيارة الأصدقاء وكأنه يودّعهم، والبدء بالتخلي عن الممتلكات الشخصية، وكتابة وصية، وقد يفتعل الشخص الذي يفكر بالانتحار بعض المشاكل غير المبررة مع المقربين له وكأنه يحاول أن يقلل من حزنهم عليه بعد موته أو تعاطفهم معه.
  • الحديث عن الانتحار: قد لا يتحدث كافة الذين يفكرون بالانتحار عن أفكارهم الانتحارية، لكن نسبة كبيرة منهم (بين 50% و70%) قد يتحدث عن الأمر أو يُعطي تلميحاً لصديق أو قريب، قد لا يكون الأمر تلميحاً صارخاً عن الانتحار فمن الممكن أن يظهر الأمر على شكل حديث عن الموت أو عن كونه لا يشعر بقيمة لحياته.
  • تصديق نداء الاستغاثة: غالباً ما يقوم الشخص الذي يفكر بالانتحار بطلب المساعدة بطريقة غير مباشرة من المحيطين به، وحتى إن لم يرد المساعدة فإن هناك الكثير من العلامات التي لا يجب الاستخفاف بها، لذلك أول ما يجب التفكير به عند التعامل مع شخص يفكر بالانتحار هو تصديق العلامات والتحذيرات التي تصدر عنه والتعامل معها بجديَّة.
  • السؤال بشكل مباشر عن الانتحار: أحياناً قد يكون من المفيد أن تسأل الشخص بشكلٍ مباشر إن كان يفكر بالانتحار، وخاصة إن شعرت أنّ حالته خطيرة وأنه يحتاج للمساعدة الفورية، اسأله إن كان يفكر بإيذاء نفسه وإن كان قد خطط فعلاً للموضوع أو للطريقة أو اشترى الأدوات التي يريد استخدامها، إذا أجابك أنه فعلاً يفكر بالموضوع فهو بحاجة لدعم فوري ومتخصص قبل فوات الأوان.
  • نبّه الآخرين إلى خطورة الموقف: من واجبك أن تنبه الآخرين المحيطين بالشخص الذي يفكر بالانتحار إلى خطورة الموقف، وأن عليهم التعامل معه بجديَّة وتقليل الضغوط عليه قدر الممكن وتقديم المساعدة له كلٌّ من موقعه وصفته.
  • لا تتعامل معه كمعالج نفسي: عند التعامل مع شخص يفكر بالانتحار لا يجب أن تأخذ دور المعالج النفسي المتخصص أو الطبيب النفسي، لا شكّ أنك كشخص مقرب لك دور كبير في مساعدته لكن هذا لا يعني أنك تمتلك الخبرة الكافية للتعامل مع الحالات الحرجة، بل أنّك قد تقول أشياء تسبب له المزيد من اليأس والإحباط، كأن تذكره بحالته الماضية التي كانت أفضل من حاله اليوم وذلك هو السبب الذي يدفعه أصلاً للتفكير بالانتحار!
  • الاستماع له وإظهار الاهتمام: إن اعتقدت أنّ حالة الشخص غير حرجة وفقاً لتقييم الأسئلة المباشرة شجعه على الحديث عما يفكر فيه ويشعر به، استماعك لشخص يائس وإظهارك للاهتمام بما يمر به وما يعاني منه قد يحمل أثراً إيجابياً ومهدئاً، ليس هناك مشكلة في عدم فهمك لكل ما يقوله لك فالمهم هو أن تتقبله وتحاول بصدق أن تتخيل مدى الصعوبات التي يمر بها.
  • محاولة توفير الطمأنينة له: من المهم أن تحاول جعل الشخص الذي يفكر بالانتحار يشعر بالطمأنينة وأنّ الأمور ستكون بخير، حاول أن تتعهد له بالمساعدة والمساندة، وأظهر له أن شكواه مرحب بها دائماً، وأن هناك من يهتم لأمره فعلاً ويريد له أن يخرج من الحالة التي هو فيها.
  • ساعده على تغيير روتين حياته: من الطرق المهمة للتعامل مع شخص يفكر بالانتحار أن تساعده على كسر دائرة الروتين التي يضع نفسه بها، حاول أن تفاجئه بالخروج في رحلة قصيرة، أو أن تقدم له هدية اشتراك في نادي رياضي أو بطاقة لحضور عرض مسرحي، هذه المبادرات البسيطة ستعني له الكثير.
  • ساهم في حل مشاكله بشكل مباشر: إذا كنت قادراً على المساهمة في حل المشاكل التي يعاني منها الشخص بشكل مباشر سيكون ذلك ممتازاً، مثل مساعدته لتخفيف الأعباء المادية التي يمر بها أو مساعدته على إصلاح علاقاته المتضررة.
  • شجّعه على طلب استشارة متخصصة: حاول أن تقنع الشخص الذي يفكر بالانتحار بالتواصل مع طبيب نفسي أو معالج نفسي واعرض بنفسك أن تقوم بالاتصال وتوفير الجلسات وذكره أنّ العلاج سيجعله أفضل ويحسن من حالته النفسية.
    • لقد لاحظت بأنك لم تكن على طبيعتك مؤخراً... أخبرني هل كل شيء على ما يرام؟ هل هناك مشكلة ما؟
    • لقد بدأت أشعر بالقلق عليك ... هل يمكنك إخباري عما يزعجك؟
    • من الواضح أنك تبدو (محبطاً/ حزيناً/ غاضباً..) في الآونة الأخيرة، هذا جعلني أقلق بأنك قد تفكر في إيذاء نفسك... هل يمكن أن نتحدث بهذا الخصوص؟
    • قل له أنا هنا من أجلك ومستعدٌ للحديث إن رغبت بذلك وتقديم المساعدة بأي شكلٍ.
    • في حال كان الشخص يُعاني بسبب مشكلة محددة حاول أن تعرض عليه بعض الحلول إن كنت قادراً على ذلك.
    • أخبره بأن المشاعر التي تنتابه قد تكون طبيعية وتصيب أياً كان وأن هناك بعض الحلول الممكنة للتغلب على هذه المشاكل حتى وإن لم تكن واضحة في هذه اللحظة.
    • أظهر احترامك وتفهمك للموقف واحترامك لحزنه، ولا تشعره بالخزي أو الاحتقار لأنه يفكر بهذه الطريقة.
    • تأكد من الاستماع له بشكل جيد وفهم ما يقوله وكيف يفكر.
    • اعرض عليه أملاً حقيقياً، أخبره مثلاً أنّ الأمور يمكن أن تتحول للأفضل في المستقبل وأن الحلول ستظهر.
  • كن موجوداً إلى جانبه: أول ما يجب عليك فعله لمساعدة شخص على التخلص من الأفكار الانتحارية أن تكون موجوداً إلى جانبه بشكل مستمر، حاول أن تخصص وقتاً له وأن تكون مستعداً للتواجد معه عندما يريد ذلك، وأن تشعره أنك مستعد للتخلي عن الكثير من الأنشطة الممتعة من أجل الوقوف إلى جانبه والتواجد معه، دون أن تقول ذلك بشكل مباشر.
  • أشعره أنه شخص مهم في حياتك: يرتبط الانتحار عادةً بشعور عميق بانعدام الفاعلية والأهمية والانفصال الاجتماعي، لذلك سيكون من المفيد لإقناع شخص بالتراجع عن فكرة الانتحار أن تعزز شعوره بالأهمية والقيمة الذاتية، على الأقل من خلال إشعاره أنه شخص مهم في حياتك أكثر مما يعتقد.
  • اطلب منه المساعدة: من الطرق المميزة لمساعدة شخص على التخلص من الأفكار الانتحارية أن تطلب منه المساعدة في بعض الأمور، سواء كانت المساعدة مباشرة أو غير مباشرة، أن تطلب منه الاستشارة لاتخاذ قرار أو أن تطلب منه المساعدة لحل مشكلة، هذا يحرضه على التفكير بمشاكله بطريقة مختلفة من جهة، ويشعره بالأهمية والقيمة من جهة أخرى.
  • اشغل وقته: إذا كان من الممكن أن تجعل الشخص اليائس الذي يفكر بالانتحار مشغولاً سيكون ذلك ممتازاً، فوقت الفراغ هو العدو الأول لشخصٍ يائس، حاول أن تجعله مشغولاً بأمور ممتعة وغير مرهقة، وبعيدة عن الأنشطة المعتادة بالنسبة له.
  • حرضه على التفكير بالمستقبل: لإقناع شخص يفكر بالانتحار بالتراجع عليك أن تجعله ينظر إلى مستقبل أفضل، ليس كافٍ أن تقول له "غداً أجمل" بل عليك أن تساعده على مشاركتك في التخطيط لأفكار طويلة المدى وتخيل مستقبل أفضل له أو لكما معاً.
  • ساعده في إيجاد الحلول: فكر بينك وبين نفسك بحلول عملية للمشاكل التي يعاني منها والتي جعلته يائساً ومحبطاً، ماذا كنت ستفعل لو كنت أنت مكانه، لا تعرض عليه الحلول بطريقة فجة، وإن كنت قادراً على تطبيق بعض هذه الحلول بمفردك افعل ذلك.
  • تدخل لإيقاف تدهور حالته: خصوصاً عندما تكون الأفكار الانتحارية مرتبطة بمشاكل العلاقات الاجتماعية والعاطفية، حاول أن تدخل مع الطرف الآخر (أهل الشخص مثلاً) لإيقاف تدهور حالته وتخفيف الضغوط عنه.
    • تجنب الردود السطحية: عند الحديث مع شخص يفكر بالانتحار يجب أن تتجنب الردود العادية أو السطحية التي تدل أنّك غير مهتم أو لا تنظر للموضوع بالجديَّة الكافية، يجب أن تظهر له اهتماماً كبيراً من خلال الردود وخصوصاً الأسئلة التي تطرحها عليه لتظهر اهتمامك بفهم ما يمر به.
    • لا تسخر منه ولا تحتقره: أحد الأخطاء التي يرتكبها الناس في التعامل مع شخص يفكر بالانتحار هي احتقار طريقة تفكيره ونعته بالجبان أو تخويفه من سمعته بعد موته وسمعة أهله إذا انتحر أو أنه سيموت كافراً، هذه الطريقة غالباً ما تزيد من الضغط النفسي والإحباط وتدني احترام الذات.
    • تجنب الحديث عمّا بعد الموت: عند التعامل مع شخص يفكر بالانتحار لا تتحدث معه عمّا بعد موته! لا تخبره افتراضات إذا انتحر ما الذي سيحصل، لأنك بذلك تساعده على رسم سيناريو عقلي للانتحار، بل حاول أن تقطع الفكرة بشكل كامل وتبتعد عن افتراضات المستقبل في حال نفذ قرار الانتحار.
    • لا تقل له "لن تضر إلّا نفسك": عند التعامل مع شخص يفكر بالانتحار لا يجب عليك إشعاره أن الأمر يتعلق به وحده، وأن الحياة ستستمر وهو الوحيد الذي سيخسر في هذا القرار، لأن ذلك يعتبر "طمأنة سلبية" قد تكون أكبر محفز له على تنفيذ ما يفكر به، أنت تخبره ببساطة أن عليه الانتحار لأن الأمر لا يعني أحد!
    • لا تفترض أنك الشخص المناسب: اسأل نفسك إذا كنت الشخص المناسب لتقديم المساعدة أو النصيحة، وهل أنت سبب من الأسباب التي تجعل هذا الشخص كئيباً أو يائساً! بغض النظر عن حبّك له أو العلاقة التي تجمعكما، يجب أن تتأكد أنك فعلاً الشخص الذي يحتاجه في هذه الظروف، أو أن تطلب المساعدة من الشخص المناسب.
    • تجنب إشعاره بالهيمنة والسيطرة: ما يجب أن يشعر به الشخص اليائس هو الدعم والمساندة والتفهّم والتقبّل، وليس السيطرة والهيمنة أو التعامل مع منقذ ذو قدرات خارقة، لذلك يجب أن تتجنب حالة الهيمنة والسيطرة وفرض الذات، وتحاول أن تكون لطيفاً وودواً.
    • تجنب إخباره بأن هناك من يعانون أكثر منه: تذكر أننا لسنا في منافسة حيث يسمح للبعض بالاكتئاب ويمنع الآخرون من ذلك، عندما يعاني أحدنا من اليأس والإحباط والأفكار الانتحارية فالمهم هو مساعدته وليس مقارنته بالآخرين.
    • لا تتحداه ولا تستفزه: يعتقد البعض أن تحدي الشخص الذي يفكر بالانتحار واستفزازه يجعله يبتعد عن الفكرة، لكن للأسف غالباً ما يحمل التحدي أثراً سلبياً، لأن الشخص الذي يفكر بالانتحار يفتقر لدوافع ومحفزات التحدي والمواجهة.

    المصادر و المراجعaddremove

  • مقال "التعرف على السلوك الانتحاري" منشور في my.clevelandclinic.org، تمت مراجعته في 25/10/2022.
  • مقال "السلوك الانتحاري" منشور في webmd.com، تمت مراجعته في 25/10/2022.
  • مقال "كيف تُساعد شخصاً يفكر بالانتحار" منشور في mentalhealthfirstaid.org، تمت مراجعته في 25/10/2022.
  • مقال "فتح حديث مع شخصٍ تقلق عليه" منشور في beyondblue.org.au، تمت مراجعته في 25/10/2022.
  • مقال "كيف أتحدث مع شخصٍ ما عن الانتحار" منشور فيsuicidecallbackservice.org.au ، تمت مراجعته في 25/10/2022.
  • مقال "أشياء لا يجب أن تقولها لشخصٍ يفكر بالانتحار" منشور في choicespsychotherapy.net، تمت مراجعته في 25/10/2022.
  • أحدث أسئلة قضايا نفسية