كيف أتخلص من الخيال الواسع وهل كثرة الخيال مرض؟
تعتبر أحلام اليقظة والشرود والخيال الواسع جزءاً معتاداً من الحياة اليومية لكثير من الناس، مع ذلك، قد يعاني البعض من أحلام يقظة متكررة ومفرطة تعطل مهامهم اليومية.
في هذه المقالة سنتعرف على أحلام اليقظة المفرطة وكثرة الشرود وأعراضه وتشخيصه والعلاج في حالات مرضية تتعلق بكثرة الشرود.
الخيال تجربة مميزة وممتعة تمثّل طوراً مهماً من أطوار نمو الفرد وممارسة مستمرة على مدار حياته، ويمكن النظر إلى الخيال الواسع في علم النفس على اعتباره عالماً خاصاً يقوم الفرد ببنائه للتعبير عمّا يرغب به سواء كان ممكناً أو مستحيلاً ويكون خارجاً عن سيطرته في معظم الأحوال، كما ينظر على النفس للخيال الواسع على اعتباره ميزة لا يمتلكها الجميع بنفس القدر، وقد يكون أصحاب الخيال الواسع أكثر قدرة على ابتكار الحلول وتوليد الأفكار الإبداعية.
لكن في نفس الوقت قد يشكّل العيش في الخيال عقبة كبيرة أمام البعض، ومشكلة مزعجة تجعلهم غير راضين عن هذه الممارسة وربما غير قادرين على إيقاف التخيل والشرود وأحلام اليقظة، حيث يقضي المصابون بالخيال الواسع بين 4 ساعات و5 ساعات يومياً منغمسين في أحلام اليقظة، وعادةً ما يذكرون تأثير ذلك على حياتهم وعلاقاتهم وعملهم.
وفقاً للدراسات قد تكون أحلام اليقظة مرتبطة بمجموعة من مناطق الدماغ المعروفة باسم شبكة الوضع الافتراضي، التي تقع في جزء من قشرة الدماغ وتعمل ضمن أنماط نشاط متسقة عندما يكون الدماغ في حالة الراحة، بعبارة أخرى، يكون نشاط الدماغ في هذه الشبكة في ذروته عندما لا ينشغل بالتفكير بشيء محدد، وتنخفض مستويات النشاط فيها إذا بدأ الدماغ بالانتباه إلى مهمة أو كائن خارجي أو انخرط في نشاط ما، وتعتبر هذه الشبكة الافتراضية ضرورية خلال التجارب الواعية، فهي تزداد نشاطاً عندما يكون شخص ما في حالة من الشرود والتخيل وأثناء أحلام اليقظة المفرطة.
لا يعتبر الخيال الواسع مرضاً أو اضطراباً نفسياً مميزاً، حيث لم يتم إدراج أحلام اليقظة المفرطة Maladaptive Daydreaming الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية في طبعته الخامسة. إلا أن الأبحاث تشير إلى وجود هذه المشكلة، وأنها تشترك في الكثير من الأعراض مع اضطرابات الإدمان والسيطرة على الانفعالات والوسواس القهري، ويعتقد الكثير من الخبراء أن أحلام اليقظة المفرطة يمكن أن تتطور نتيجة الصدمة أو سوء المعاملة وتكون بمثابة استراتيجية للتكيف ويستخدمها الشخص للهروب من الواقع. [2،1،3]
تبدأ معظم حلات الإصابة بأحلام اليقظة المفرطة في مرحلة الطفولة حيث يستخدمها أصحابها كوسيلة للهروب وتجنب الصدمات أو التجارب الصعبة، وتتضمن أحلامهم بهم نسخاً مثالية لأنفسهم وحياتهم، مما يوفر لهم مكاناً خاصاً، يمكّنهم من الهروب من التعاسة والملل والوحدة والعار في حياتهم الحقيقية.
يمكنك الإجابة عن الأسئلة التالية التي تمثل اختباراً للخيال الواسع وأحلام اليقظة المفرطة، لكن لا تنسَ أن أحلام اليقظة والخيال الواسع ليست مرضاً نفسياً أو عقلياً: [2،1]
- هل تختبر أحلام يقظة غامرة وشديدة الوضوح؟
- هل تدخل في حالات من التخيل وأحلام اليقظة الطويلة؟
- هل تعاني من كثرة الشرود بشكل غير طبيعي ويصعب الهروب منه؟
- هل تعتقد أن الخيال الواسع وأحلام اليقظة تعطيل حياتك أو تجعلك غير قادر على القيام بالمهام اليومية.
- هل تفضل حياتك الخيالية الداخلية على حياتك الحقيقية؟
- هل تشعر بالانزعاج عندما لا تستطيع الهروب إلى أحلام اليقظة أو عندما يقاطع أحدهم خيالك؟
- عندما تسمع أغنية أو تشاهد فيلماً أو تقرأ كتاباً؛ هل يكون ذلك محفزاً للخيال والدخول في الشرود وأحلام اليقظة؟
- هل تعاني من اضطرابات النوم والأرق وكثرة التخيل والتفكير قبل النوم؟
إذا كانت معظم إجاباتك (نعم) فأنت تعاني من الخيال الواسع وأحلام اليقظة المفرضة، وقد يكون أثر ذلك على حياتك سلبياً ما يقلل من فاعلية وفوائد الخيال ومتعة أحلام اليقظة، وبالحديث عن أعراض أحلام اليقظة لا بد من الإشارة إلى ارتباط أحلام اليقظة وكثرة الشرود بحركات متكررة وغير واعية كالتأرجح ذهاباً وإياباً أو الوخز، ومن الممكن أيضاً أن يظهر على الشخص بعض الأعراض الشائعة في اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
كيف أتخلص من الخيال الواسع وكثرة الشرود؟ هناك بعض التقنيات التي قد تساعد الشخص على إدارة أعراض الشرود وأحلام اليقظة المفرطة والخيال الواسع، وتشمل ما يلي: [1]
- تقليل التعب: يمكن لأي شخص القيام بذلك عن طريق زيادة عدد ساعات أو جودة النوم الذي يحصل عليه، قد يكون من المفيد أيضاً استخدام المنشطات مثل الكافيين لمكافحة التعب خلال النهار.
- الانخراط في مهام جسدية: كالكتابة، أو اللعب، وتعد طرقاً مهمة لكسر فرط أحلام اليقظة، لأنها تجبر المرء على التركيز على مهمة في متناول اليد.
- تخصيص وقت محدد من اليوم للسماح لنفسك بأحلام اليقظة: مثلاً 15 دقيقة لمرة واحدة، وعندها فإنك تلغي بذلك جميع الأوقات العشوائية الأخرى التي ترغب في أن تأخذك فيها أحلام اليقظة طوال اليوم.
- إدراك الأعراض: إن إبقاء الآخرين على اطلاع بأعراضك قد يمنحك فرصة أن يقوموا بملاحظة ومقاطعة أحلام اليقظة المفرطة لديك.
- تحديد المحفزات وتجنبها: الاحتفاظ بمذكرات عن وقت أحلام اليقظة المفرطة التي يمكن أن تساعدك على تحديد الأنشطة أو المحفزات التي تتسبب حدوثها.
- تجربة العلاج السلوكي المعرفي: وذلك لتحديد المحفزات والأسباب الكامنة وراء أحلام اليقظة المفرطة، حيث تساعد التقنيات العلاجية كالعلاج السلوكي المعرفي في الكشف عن أي مشكلات أساسية، وقد يقترح المعالج أيضاً بعض استراتيجيات التأقلم المفيدة.
- تناول الأدوية المناسبة: من غير المحتمل أن تكون أحلام اليقظة المفرطة شديدة بما يكفي لطلب العلاج. مع ذلك، يمكن أن يساعد عقار يسمى "فلوفوكسامين" في تخفيف الأعراض، وذلك حسب التجارب على المصابين فإن استخدامه كان مفيداً في السيطرة على الأعراض، ولكن لا يوجد سوى القليل من الأبحاث لدعم استخدام العلاجات الدوائية لأحلام اليقظة.
- شارك تجربتك: هناك العديد من المجتمعات عبر الإنترنت حيث يمكنك مشاركة تجربتك والبحث عن إرشادات حول أحلام اليقظة المفرطة وكثرة الشرود.
يصبح التخيل غير صحي عندما يبدأ في التسبب بضائقة أو ضعف في الحياة الحقيقية للشخص، أو عندما يمنعه من القدرة على العمل بشكل طبيعي، فيما يلي بعض الأمثلة عن أضرار الخيال الواسع والحالات التي تصبح فيها أحلام اليقظة معيقة للأداء الوظيفي والاجتماعي: [5،2]
- الشعور بالانزعاج أو الإحباط عندما يشتت الآخرون انتباهه أو يقاطعونه عن التخيل، ما قد يسبب مشاكل في التواصل والعلاقات الاجتماعية مع الآخرين.
- عدم القدرة على التركيز على المحادثات أو المهام والأنشطة بسبب الخيال وأحلام اليقظة.
- قلة الإنتاجية في العمل أو المدرسة بسبب أحلام اليقظة وكثرة التخيل.
- وقف الأنشطة الاجتماعية / الترفيهية الأخرى من أجل قضاء المزيد من الوقت في التخيل والاستغراق بأحلام اليقظة.
- البدء في تفضيل الخيال وأحلام اليقظة على عيش الحياة الحقيقية، وتحوّل الخيال الواسع إلى طريقة للهروب.
- عدم القدرة على التحكم في أحلام اليقظة والخيال الواسع من أجل التركيز على أشياء أخرى.
- الحاجة إلى أحلام اليقظة والتحيل من أجل الشعور بالهدوء أو الاستقرار العاطفي.
- الاستخدام المفرط للموسيقى أو الإنترنت أو الأفلام أو الألعاب أو الأفلام الإباحية لتعزيز الخيال وأحلام اليقظة.
هناك عدة اختلافات بين أحلام اليقظة الطبيعية والصحية وأحلام اليقظة غير القادرة على التكيف أو المفرطة، ويمكن العثور على بعض هذه الاختلافات في محتوى وحيوية أحلام اليقظة لديك، بينما توجد اختلافات أخرى في حياة الشخص الذي لديه هذه الأحلام وعلاقاته وأدائه، ومن هذه الاختلافات: [2،5]
أحلام اليقظة المفرطة
أحلام اليقظة الطبيعية
توفر هروباً عاطفياً
توفر "استراحة" ذهنية
يصعب التحكم فيها أو إيقافها أو إعادة توجيهها
يمكن استعادة / إعادة توجيه الانتباه
تساوي أو أكثر أهمية من الحياة الحقيقية
أقل أهمية من الحياة الواقعية
تؤدي إلى التمتع والسرور
ترتبط بالملل / الإلهاء
تؤدي إلى إعاقات / ضائقة / مشاكل
لا تؤدي إلى ضعف / مشاكل
يمكن أن تستمر أحلام اليقظة لساعات
أحلام يقظة قصيرة المدة
تقلل من الإبداع / الأهداف / الإنتاجية
غالباً ما تستخدم للمساعدة على الإبداع / تحديد الأهداف
إذا وجدت نفسك منغمساً في أحلام اليقظة معظم الوقت، فقد تكون حالة من أحلام اليقظة المفرطة غير القادرة على التكيف، وهي حالة نفسية (لم يتمّ البتّ بذلك حتى الآن) تتضمن أحلام يقظة مستمرة ومكثفة، فإذا سببت لك المشاكل ولم تستطع السيطرة عليها؛ عندها أنت تحتاج في الغالب لزيارة معالج نفسي للمساعدة في التحكم بالمشاكل الناتجة عن فرط الشرود وأحلام اليقظة.