تنمية مهارات الذكاء العاطفي عند الأطفال
انتشر الحديث حول مواضيع الذكاء العاطفي بشكل كبير جداً في الآونة الأخيرة؛ فأدرك الناس دور هذا النوع من الذكاء في حياتهم بشكل عام في كل جوانبها، وكيف ينجح الشخص الذكي عاطفياً في عمله وعلاقاته وحياته أكثر بكثير من الشخص الذي حصل على درجات مرتفعة في الذكاء المنطقي ودرجات متدنية في الذكاء العاطفي.
ولأن "العلم في الصغر كالنقش في الحجر" يجب تنمية مهارات الذكاء العاطفي في الشخص منذ صغره... ولكن كيف؟ ستجد الإجابة الوافية عن هذا السؤال من خلال مطالعتك لهذا المقال.
هو القدرة على فهم ذاتك ومشاعرك وإدارتها بشكل فعال واتخاذ القرارات وحل المشكلات والتصرف في أوقات الضغط، وكذلك فهم الآخرين ومشاعرهم والتواصل معهم بفعالية. ويحكّم الشخص الذكي عاطفياً قلبه وعقله معاً بشكل متوازن؛ فلا يطغى قلبه على عقله بالعواطف والمشاعر والأحاسيس، ولا عقله على قلبه بالتفكير المنطقي البعيد عن المشاعر والإحساس.
يتكون الذكاء العاطفي من خمسة أجزاء أساسية هي: [2]
إن الأمر شبيه بنظام الـ (GPS) الذي يمكن أن يساعدك في السير في طريقك للتغلب على العقبات والأزمات والاختناقات المرورية متجهاً نحو هدفك، وقد تضطر للتفكير والبحث عن طرق بديلة أحياناً لتخطي هذه العقبات. [2]
ينظر بعض الأهالي إلى عواطف أطفالهم على أنها غير مهمة ويحاولون التخلص منها بسرعة فيستخدمون الإلهاء في معظم الحالات. وهناك أهالٍ يرفضون تلك المشاعر أصلاً ويسحقونها من خلال معاقبة الطفل إن أظهر مشاعر غضب تجاه شيء يزعجه أو حمل مشاعر حب وإعجاب لزميلته في الصف مثلاً، وهناك من الأهالي من يتقبل جميع المشاعر من أطفالهم، ولكنهم للأسف قد يفشلون أحياناً في مساعدتهم في حل مشكلاتهم أو وضع قيود للسلوكيات السلبية؛ فيسمحون للطفل بالتعبير عن غضبه بالصراخ والتكسير والبكاء... بينما يتقبل الأهالي الواعون جميع المشاعر من أبنائهم ويوجهونهم للتعامل معها بشكل صحي وإيجابي. [1]
هذه بعض الطرق التي تدلك كيف تنمي ذكاء طفلك العاطفي:
اقرأ أيضاً على حِلّوها طرق تنمية الذكاء العاطفي من خلال النقر هنا
يتحلى الطفل الذكي عاطفياً بعدة مهارات تدل على ذكائه العاطفي، وتبشر بأنه سينعم بمستقبل حافل بالنجاحات على جميع الأصعدة... منها:
إليك ما الذي يمكن أن يحدث مع الطفل الذكي عاطفياً ومع طفل آخر لا يتحلى بذكاء عاطفي في نفس الموقف (وهو أن يواجه صعوبة في أداء واجب الرياضيات): [2]
- الطفل الذي لا يتحلى بذكاء عاطفي مرتفع: يدرك أنه محبط لأنه يواجه صعوبة في حل الواجب البيتي، فيبدأ بالصراخ أو رمي نفسه على الأرض، ويبدأ بإلقاء اللوم على معلمته بأنها لم تفهمه الدرس أو على والدته لأنها لم تدرسه، ويترك الواجب ويذهب للعب أو للنوم أو لعمل أي شيء آخر. وفي المدرسة يبدأ بالتذمر لمعلمته أو لزملائه من صعوبة الواجب.
- أما الطفل الذي يتحلى بذكاء عاطفي مرتفع: فإنه يدرك أنه محبط وحزين لمواجهته صعوبة في الحل، لكنه يعرف أنه لا جدوى من التذمر والصراخ، فيبدأ بالتفكير بحلول كأن يطلب مساعدة والدته، أو أن يغير طريقة دراسته وإعطائها المزيد من الوقت والجهد، وفي اليوم التالي قد يخبر المعلمة بالصعوبة التي واجهها ويطلب منها إعادة الدرس له.
كان مفهوم الذكاء العاطفي موجودًا منذ عقود، ولكنه وقد اشتهر من خلال كتاب صدر عام 1995 لعالم النفس دانييل جولمان وهو "الذكاء العاطفي: لماذا يمكن أن يكون أكثر أهمية من الذكاء المنطقي"، وذكر جولمان في كتابه أن الذكاء العاطفي مكتسب وليس فطري، وأن السنوات الخمس الأولى من عمر الطفل هي المرحلة الأهم لتعلم مهارات هذا النوع من الذكاء من الأهل والبيئة المحيطة.
لكن الإنسان لا يفقد فرصته في تطوير مهاراته في الذكاء العاطفي مدى حياته، فحتى لو لم يعمل الأهل والبيئة المحيطة بالطفل على تنمية مهارات ذكائه العاطفي، فإنه يستطيع أن يطورها بنفسه عندما يكبر ويصبح أكثر وعياً بأهمية هذا الأمر بنفسه، أو يستطيع الأهل تعويض أبنائهم بمهارات تساعدهم على تطوير هذا النوع من الذكاء مهما كانوا يبلغون من العمر.
أجرت دراسة مجموعة من الأطفال في سن المدرسة كانوا قادرين على إدارة مشاعرهم وكانت مهاراتهم في الذكاء العاطفي مرتفعة، وتابعت الدراسة هؤلاء الأطفال حتى أصبحوا في الثلاثينيات من عمرهم، فكانت النتائج أنهم أصبحوا أكثر نجاحاً؛ يتمتعون بدرجة عالية من ضبط النفس وكانوا أيضًا أكثر صحة ، وكسبوا المزيد من المال، وكانوا أقل عرضة لارتكاب الجرائم أو تعاطي الكحول أو المخدرات. [1]
هذه نصيحة للأهل والمربين أن يهتموا بموضوع الذكاء العاطفي لأطفالهم، وأن يكونوا قدوة لهم لننشئ جيلاً ناجحاً في الحياة، ومتعاطفاً ومحباً ومتفهماً وبعيداً كل البعد عن العنف والعنصرية والفشل والفوضى وضيق الأفق.