-

تعريف التنشئة الاجتماعية وأهدافها

(اخر تعديل 2024-09-09 11:09:39 )

تعتبر التنشئة الاجتماعية من أهم العمليات التربوية الاجتماعية التي يحصل من خلالها الأفراد على المهارات الاجتماعية المناسبة للعيش بسلام في محيطهم الاجتماعي، وبعض جوانب التنشئة الاجتماعية يكون عفوياً وغير منظّم، فيما تكون التنشئة أو الضبط الاجتماعي عمليّة منظّمة وموجّهة في جوانب أخرى مثل القوانين والإجراءات التي تقوم بها الحكومات والمؤسسات الرسمية والاجتماعية بشكلٍ هادف.

التنشئة الاجتماعية أو الضبط الاجتماعي (بالإنجليزية: Socialization) يتم تعريفها أنها تطبيق القواعد الاجتماعية التي يستطيع من خلالها الإنسان أن يتحوّل فرد فعّال في المجتمع، كما يدل مصطلح التنشئة الاجتماعية على العملية التربوية والتعليمية التي يكتسب من خلالها الأطفال بعض العادات والتقاليد والتي تجعلهم ينخرطون في المجتمع ويتفاعلون مع المحيط بشكل طبيعي وفعّال.

وتعرُّف بعض النظريات القديمة الضبط الاجتماعي على أنه تلك العملية المستمرة التي تهدف لتطبيع الفرد منذ ولادته على أسس وقواعد المجتمع والبيئة المحيطة وتكوين شخصياته المستقلّة فيما بعد. [1-5]

يبدأ الإنسان بالتعرّف إلى محيطه منذ اللحظات الأولى لولادته، فالتنشئة الاجتماعية عملية متراكمة ومستمرة، إذ يبدأ الطفل بتعلّم اللغة الجماعية من محيطه أولاً ثم يقوم باكتساب السلوكيات الاجتماعيّة والتعرّف إلى القواعد الناظمة للحياة مع الجماعة، ووفقاً لذلك تم تقسيم مراحل التنشئة الاجتماعية إلى خمس مراحل أساسية تبدأ من الرضاعة وحتى سن النضج، ومرحلة لاحقة تشمل كل أفراد المجتمع.

  • مرحلة الطفولة المبكرة: تمتد هذه المرحلة منذ الولادة حتى عمر السنتين، يتعلّم الطفل فيها التمييز بين الأشخاص المتحرّكين والأشياء الثابتة ويبدي اهتماماً للأشخاص المحيطين به، بالإضافة إلى اكتسابه أول كلماته وحروفه ويقوم أيضاً بتقليد الأطفال من سنّه واللعب معهم، وتظهر أولى تجارب التفاعل الاجتماعي والصراع بين الطفل والقائمين على التنشئة من خلال بداية ضبط السلوك ليتوافق مع معايير الأهل والمجتمع.
  • مرحلة الدارجين (ما قبل المدرسة): وتمتد هذه المرحلة من عمر سنتين حتى ست سنوات، حيث يبدأ الطفل بتكون تفاعلات اجتماعية مميزة مع المحيطين به ويبدأ بتمييز بعض المفاهيم الاجتماعية الأساسية مثل القبول والانتماء والعيب، وتتعزز هذه المفاهيم مع دخول الطفل في مرحلة الدراسة والتفاعل مع مجتمع منضبط فيه مجموعة من الأقران في نفس السن ومجموعة من المسؤولين عن الضبط الاجتماعي تتمثل بالمدرسين.
  • مرحلة التجمّع (سن المدرسة): تبدأ هذه المرحلة من التنشئة الاجتماعية منذ السنة السادسة إلى السنة الثانية عشرة من العمر، وهنا يقوم الطفل بتشكيل صداقات وإبراز شخصيّته والتي هي في طور النمو، ونلاحظ في هذه الفترة بروز الصفة الجنسية للطفل كنتيجة للعوامل الثقافية في المجتمع بصفة أساسية، حيث يميز الأطفال بشكل كامل بين الذكور والإناث والصفات الاجتماعية التي تمييز الجنسين.
  • مرحلة ما حول البلوغ أو المراهقة المبكرة: تبدأ هذه المرحلة من عمر 11 سنة للإناث ومن عمر 13 للذكور وحتى ما بعد البلوغ، وتعتبر هذه المرحلة حساسة نوعاً ما لأنها تجعل الأفراد أكثر عدوانية تجاه الضبط الاجتماعي والمسؤولين عن التنشئة الاجتماعية، إذ يتصرفون ضد الآباء والمدرسين والمربين بشكل عدواني، وتستمر آثار هذه المرحلة إلى نهاية المراهقة.
  • مرحلة النضج: تبدأ مرحلة النضج في التنشئة الاجتماعية فعلياً مع بداية المراهقة وتستمر إلى سن 20 سنة تقريباً، وهي فترة التحول من الطفولة إلى مرحلة النضج والاستقلالية، وفيها يتم إعادة بناء شخصية الطفل بما يتناسب مع الآخرين ويناسب سلوكهم، كما يتم بها تطور النمو العاطفي لديهم والوصول إلى شخصية مستقلة ومعايير اجتماعية ثابتة ومستقرة نسبياً وإلى حد بعيد.
  • مرحلة التنشئة الاجتماعية اللاحقة: وهي التي تستهدف إعادة تكوين أو تصحيح بعض المعايير الاجتماعية عند جميع الأفراد بما فيهم الأشخاص الذي وصلوا إلى سن الرشد أو حتى المسنين، وعادةً ما يتم اللجوء للتنشئة الاجتماعية اللاحقة لمواجهة الظواهر والآفات الاجتماعية أو الظروف الاستثنائية والتحولات الكبيرة في المجتمع. [1-3-5]
  • عملية تربوية عامة: التنشئة الاجتماعية عملية لا تخصّ مجتمع معين دون غيره من المجتمعات الأخرى وتهتم بالبيئات جميعها الأسرة والمدرسة وفي المؤسسات التعليمية وأماكن العمل أيضاً، ولا يمكن فصل أي مؤسسة اجتماعية عن عملية التنشئة الاجتماعية للأفراد.
  • التنشئة الاجتماعية عملية مستمرة: حيث تستمر التنشئة مدى الحياة وترافق الإنسان وتجعله في تهيئة مستمرة لتقبل المواقف الجديدة والحركة الاجتماعية بما يتناسب مع معرفته السابقة وتربيته الاجتماعية، كما تلعب الدور الأساسي في مكافحة الآفات الاجتماعية والظواهر غير المرغوبة.
  • عملية اجتماعية وإنسانيّة: تهتم التنشئة الاجتماعية بالإنسان فقط وتوليه اهتماماً بشكل فردي، وتقوم بإبراز الصفة الإنسانية الاجتماعية لديه والتي تكون غير واضحة مسبقاً إذ تنمو وتكبر مع مواجهة الحياة والتفاعل مع الآخرين بما فيه من صعوبات وعقبات.
  • عملية اجتماعية ونفسية: على الرغم من أن التنشئة الاجتماعية عملية تربوية وتعليمية هدفها دعم التفاعل مع المحيط، إلا أنها تهتم بالنمو النفسي للطفل والحفاظ على صحتّه النفسية والأخلاقية من الانحراف أو اتباع السلوكيات الخاطئة.
  • عملية تفاعلية: حيث تعتبر التنشئة الاجتماعية علاقة تفاعلية بين الإنسان والمحيط الاجتماعي وعلاقة تأثير وتأثُّر، لتكوين شخصية نهائية مستقلّة.
  • الأسرة: وهي أول وأهم مؤسسة من مؤسسات التنشئة الاجتماعية، إذ تعتبر البيئة الأولى التي يتفاعل معها الطفل ويستمدّ منها العادات والتقاليد والضوابط في المجتمع، ويؤكد علماء التربية وعلم النفس التربوي أن السنوات الخمسة الأولى هي أهم مرحلة في حياة الطفل والتي ستنعكس على كيفية تقبله للتنشئة الاجتماعية في المدرسة والحياة اليومية، ثم في العمل والعلاقات الشخصية.
  • المدرسة: تحتل المدرسة المرتبة الثانية من حيث الأهميّة في عملية التنشئة الاجتماعية، كونها تقدّم تطوراً ملحوظاً في سلم التنشئة الاجتماعية، وبسبب إخضاع الطفل إلى قواعد وأنظمة محددة في المدرسة فإن ذلك يساهم في تعليم الأفراد الانضباط في السلوك وتهيئتهم نفسياً وجسدياً لجعلهم أعضاء صالحين في المجتمع.
  • الأصدقاء والأقران: ينظر الخبراء إلى الأقران والأصدقاء كمنظومة تربوية بالغة الأهمية في عملية التنشئة الاجتماعية، إذ تسمح هذه المنظومة للفرد بإبداء الرأي واكتشاف الذات، وقد يرى البعض أن هذا العنصر لا يؤثر على عملية التنشئة الاجتماعية كثيراً، لكن الأصدقاء والأقران يقدمون فرصة لبعضهم للتعارف وتكوين الصداقات والانخراط والتفاعل وفهم معنى الانتماء والمكانة الاجتماعية، والمقارنة أيضاً بين أنماط مختلفة وفرعية من الضوابط الاجتماعية.
  • وسائل الإعلام والاتصالات: تساهم هذه الوسائل بما تقدمه من محتوى بالمجالات المختلفة بالتأثير من نواحي عديدة إيجابية أو سلبية في عملية التنشئة الاجتماعية، وفي تشكيل جزء من شخصية الطفل وإكسابه اتجاهات الخاصة، كم تلعب هذه الوسائل دوراً في زيادة ثقافة الطفل من خلال الوثائق والبرامج التعليمية والثقافية التي تقوم بطرحها للمشاهدين في مختلف المجالات، وهذا يساهم في تعميق الفكر الثقافي لدى الطفل.
  • المؤسسات الدينية: تعتبر المؤسسات الدينية من المؤثرين في التنشئة الاجتماعية في معظم المجتمعات وخصوصاً المجتمعات العربية، حيث تلعب المؤسسات الدينية دوراً هاماً في نقل القواعد الاجتماعية والضوابط السلوكية والمبادئ المستمدة جميعاً من العقيدة إلى الأطفال واليافعين، سواء من خلال التنشئة الدينية المباشرة أو التوعية الدينية العامة عبر وسائل الإعلام والمطبوعات وغير ذلك.
  • النوادي الاجتماعية: وتشمل النوادي الاجتماعية كل هيئة أو منظّمة يجتمع أفرادها على هدف أو مبدأ مشترك، مثل الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات الأهلية، وحتى جمعيات الهواة مثل جمعية هواة صيد السمك أو جمعية هواة جمع الطوابع والمعلات القديمة.
  • المؤسسات الرياضية: تتضمن هذه المؤسسات الكثير من الأفراد أو المجموعات التي تتشارك فيما بينها في ممارسة التمارين والأندية الرياضية، مما يخلق جواً وبيئة مناسبة لنمو العلاقات والحياة الاجتماعية المريحة، تجعل المؤسسات الرياضية الأفراد في حالة نشاط تام وعقل منفتح لتقبّل كل جديد، وهذا يدعم الفكر والانتماء إلى المجموعة وبالتالي يطوّر التنشئة الاجتماعية بالإضافة إلى تأثير الرياضة الإيجابي في حياة الأطفال.
  • المؤسسات التشريعية: يكون دور المؤسسات التشريعية في التنشئة الاجتماعية مرتبطاً بسن القوانين والتشريعات المناسبة للحفاظ على سلامة المجتمع وحقوق الأفراد فيه، وعلى رأس هذه المؤسسات البرلمان أو مجلس الشعب الذي يأخذ بعين الاعتبار عملية التنشئة الاجتماعية عند النظر في التشريعات والقوانين.
  • المؤسسات الإصلاحية: حيث تقوم المؤسسات الإصلاحية مثل القضاء والشرطة والسجون الإصلاحية بالعمل على تصحيح الانحرافات الاجتماعية عند بعض الأفراد، فالهدف الأساسي من السجون الإصلاحية للأحداث والجانحين مثلاً هو إصلاحهم وليس أسر حريتهم.
  • تحقيق التوازن الاجتماعي: الهدف الأسمى لعملية التنشئة الاجتماعية هو مساعدة الأفراد على التأقلم مع محيطهم الاجتماعي ليتمكنوا من العيش والتفاعل مع مجتمعهم بإيجابية، وذلك من خلال منحهم المهارات الاجتماعية وتعريفهم إلى الضوابط الاجتماعية التي تؤثِّر وتتأثّر بسلوكهم.
  • ضبط السلوك والتواصل الاجتماعي: ويبدأ ذلك من الوحدة الاجتماعية الأولى وهي المنزل والأسرة، إذ أن للوالدين سيطرة وقدرة عالية على تطبيع أبنائهم مع عادات وتقاليد المجتمع من خلال سلوكياتهم ومواقفهم في الحياة، ومن هنا يتم ضبط السلوك الفردي والذي يتحول إلى ضبط اجتماعي لاحقاً.
  • اكتساب المسؤولية الاجتماعية: تكسب عملية التنشئة الاجتماعية الإنسان قدرة على مواجهة الاختلافات والمشاكل الاجتماعية بالإضافة إلى تعلمه المهارات الذاتية والنظم الأساسية لخدمة المجتمع، وهذا يساعده في القدرة على إدارة المشاريع وتنفيذ الخطط والإشراف على العمل لإنتاج انجازات مفيدة للمجتمع.
  • تربية أفراد صالحين: ويعتبر الهدف الأساسي من عملية التربية والتعليم والتنشئة الاجتماعية، إذ أن إعداد طفل سليم فكرياً وجسدياً وذو أخلاق حميدة وسلوك حسن من أسمى أهداف التنشئة الاجتماعية التي تسعى جاهدةً لتطبيقه على الأفراد جميعاً.
  • اكتساب القيم والمهارات الاجتماعية الإيجابية: حين الحديث عن مصطلح تنشئة فإننا نقصد به عملية تربوية إيجابية وفعّالة للفرد والمجتمع، وعلى الرغم من إعداد الطفل بشكل شبه كامل في الأسرة والمدرسة، إلا أن دوره لا يكتمل إلا عند اكتسابه للدور الإيجابي والقيم الأخلاقية والإنسانية مثل التعاون والاعتزاز بالنفس واحترام الآخرين.
  • الوصول إلى النضج النفسي: يعد الحصول على فرد صالح للحياة الاجتماعية لديه من النضج النفسي إلى جانب النضج العقلي ما يلزم لخوض تجربة الحياة بقوّة من الأمور الهامة جداً في أهداف التنشئة الاجتماعية.
    • تحقيق التكيّف والتأقلم: تضمن التنشئة الاجتماعية إرشاد الطفل أو الفرد لطريقة حياة وأسلوب عيش يستطيع به التكيّف والتأقلم مع المحيط، مثل المدرسة أو التعامل مع رفاقه وتكوين صداقات اجتماعية تمكّنه من العيش بسلام.
    • التطبّع بالسلوك الاجتماعي: بمعنى اتباع الفرد سلوك يناسب بيئته الاجتماعية، إذ أنّ لكل بيئة عادات وتقاليد وطقوس خاصّة بها، وعملية التنشئة الاجتماعية تساعد في اكساب الفرد الطباع المناسبة لهذه البيئة.
    • تلبية حاجات الشخص الاجتماعية: تكمن أهميّة التنشئة الاجتماعية في توفير كامل احتياجات الفرد ليصبح منسجماً مع نفسه أولاً ومن ثم مع المحيط، وتجنّب العادات السيئة أو اكتساب بعض السلوكيات الخاطئة مثل الانطوائية والعزلة عن الآخرين والتي تجلب الأمراض النفسية للإنسان.
    • تعميق القيمة الإنسانية: الإنسان بالمعنى الفلسفي هو بوتقة من المشاعر والأخلاق والأفكار والتي إما أن يغلب عليها الطابع السيء أو الحميد، وتقوم التنشئة الاجتماعية بتعميق الطابع الإنساني عند الفرد من خلال ترسيخ أنماط السلوك الصحيحة والمثل الحميدة، وهذا ينعكس إيجابياً على الشخصية وعلى الدور الاجتماعي الذي يلعبه الفرد.
    • تحمل المسؤولية: تساعد التنشئة الاجتماعية الفرد على العمل بوظيفته بأعلى جهد وكفاءة وعلى تنظيم الوقت، مما يجعل منه إنسان يتحمّل المسؤولية الكاملة ومن هنا نلاحظ مدى أهميّة التنشئة الاجتماعية للفرد والمجتمع.

    المصادر و المراجعaddremove

  • مقال Sam i Ksha "مقال التنشئة الاجتماعي" منشور فيyourarticlelibrary.com تمت مراجعته في 11/8/2022.
  • مقال Nancy E.Hell "دور الأسرة في التنشئة الاجتماعية" منشور في srcd.onlinelibrary.wiley.com تمت مراجعته في 11/8/2022.
  • مقال Elzbieta Wieslawa Napora "العوامل المؤثرة في التنشئة الاجتماعية" منشور في researchgate.net تمت مراجعته في 11/8/2022.
  • مقال Volstudy.ac.uk"كسب المهارات والتواصل الاجتماعي" منشور في skillsyouneed.com تمت مراجعته في 11/8/2022.
  • مقال Chelsea McCracken "التنشئة الا جتماعية" منشور في responsiblehomeschooling.org تمت مراجعته في 11/8/2022.
  • أحدث أسئلة قضايا اجتماعية