تعريف البطالة المقنعة أسبابها وحلولها
عندما يتم ذكر كلمة البطالة أول ما يتراود إلى الذهن هو الأشخاص العاطلين عن العمل، والذين يبحثون بشكل مستمر دون جدوى، وغالباً ما تنتشر هذه الظاهرة في بلدان العالم الثالث بشكل كبير، ولكن لهذه البطالة نفسها عدة أنواع منها البطالة المقنعة والتي تختلف تماماً عن مفهوم البطالة العام وهو عدم إيجاد عمل، فما هي البطالة المقنعة وما هي أسبابها وآثارها على المجتمع وكيف يمكن حلها؟
البطالة المقنعة Disguised Unemployment هي مصطلح اقتصادي شائع في البلدان النامية، والتي تحوي عدد كبير من السكان بالتزامن مع ضعف الاقتصاد العام لدى هذه الدول وتعبر البطالة المقنعة عن وجود قوى بشرية أكثر من المطلوب في بعض الأعمال وخاصة الحكومية ولا يستفاد من طاقة هذه القوى في تطور العمل من جهة ولا يعتبر هذا العمل كافي لمعيشة أفرادها من جهة أخرى ما يزيد العبء الاقتصادي.
يمكن أن تسمى البطالة المقنعة أيضاً باسم فائض العمالة، ويستخدم هذا المصطلح للإشارة إلى جزء من القوى العاملة المتورطة في عمل زائد عن الحاجة مع إنتاج ضئيل أو معدوم.
ولتوضيح مفهوم البطالة المقنعة على سبيل المثال تعتبر البطالة مقنعة عند وجود عدد كبير من الموظفين ضمن شركة عامة أو خاصة والمهام، المطلوب تنفيذها قليلة نوعاً ما نسبة لعدد هؤلاء الموظفين، وبالتالي يصبح العديد منهم يتقاضى أجر دون أن يعمل، وهذا ينعكس سلبياً على الاقتصاد بشكل عام، خاصة مع ازدياد وجود هذه الظاهرة بالأعمال والدوائر الحكومية، حيث يوجد العديد من الموظفين في قسم يستوعب عمل موظف واحد فقط وهنا تُجبر الدولة على دفع أجور الموظفين جميعاً ولكن دون أن يكون الإنتاج كبير ليعوض هذه الأجور ومع الوقت يبدأ اقتصاد الدولة بالتراجع. [1،2]
هنالك عدة أسباب تساهم في انتشار ظاهرة البطالة المقنعة في بلدان العالم الثالث، نذكر منها: [2،3]
- اعتماد الشركات على التكنولوجيا: دخول التكنولوجيا إلى الأعمال الإدارية والشركات بشكل عام، أدى إلى اختصار الأيدي البشرية العاملة بشكل كبير، حيث أن الاعتماد على الكمبيوتر في هذا الوقت ضمن مكاتب الشركات الحكومية والخاصة يمكن أن يوفر عمل ثلاث أو أربعة موظفين، وفي هذه الحالة يصبح هنالك فائض من الموظفين نسبة للأعمال القليلة التي يقومون بها.
- الفساد الإداري: تنتشر ظاهرة البطالة المقنعة بسبب الفساد الإداري الذي يؤثر على درجات التوظيف في الشركات، فيمكن أن يتم التوظيف بشكل عشوائي دون النظر إلى شهادات أو مهارات أو قدرات الموظفين على تنفيذ المهام المطلوبة منهم، وقد ينتشر نتيجة للفساد الإداري توظيف أقرباء المدراء دون أن يكون هنالك حاجة لهم، مما يزيد من ظاهرة البطالة المقنعة.
- توظيف أشخاص غير مناسبين: إن نجاح المهام الإدارية يحتاج أن يكون الشخص المناسب في المكان المناسب بشهادته المناسبة وشخصيته المتكاملة، وفي بعض الأحيان قد يتم توظيف أشخاص غير كفؤ للمنصب الموكل إليهم، مع تجاهل تام للشهادات المطلوبة للعمل ومدى توافق الاختصاصات الجامعية للمقبولين مع حاجة مكان العمل من هذه الاختصاصات، وهذا بدوره يزيد أيضاً ظاهرة البطالة المقنعة.
- سياسة الاستيعاب: سياسة الاستيعاب تعني أن أي دولة مجبورة بشكل أو بآخر على توظيف خريجين الجامعات وتأمين عمل لهم، وهذا أدى إلى زيادة الموظفين في وظائف معينة ونقصها في وظائف أخرى، حسب الأماكن الشاغرة التي توظفهم الدولة فيها.
- ازدياد أعداد الشباب العاطلين عن العمل: إن ازدياد أعداد الشباب العاطلين عن العمل والذين يقع على عاتقهم مسؤولية تأمين عائلاتهم يفرض على الدولة تأمين وظائف لهؤلاء الأشخاص، وهذا بدوره يعزز من البطالة المقنعة، ويجعل الدولة تعطي أجور لهم بغض النظر عن حاجتها لموظفين.
- سوء تقدير لحاجة الشركات من الموظفين: من أهم الأسباب لظاهرة البطالة المقنعة هي سوء تقدير حاجة الشركات من الموظفين فعند البدء بتأسيس شركة قد يقوم المؤسسين بعدة أبحاث بشكل نظري حول حاجتهم من الموظفين لإتمام مهام الشركة، ولكن مع البدء في الحياة العملية يلاحظ المدراء أنهم على خطأ وأن حاجة الشركة لإتمام المهام أقل بكثير من عدد الموظفين الذين تم توظيفهم، مع عدم قدرتهم على التخلي عنهم بعد توقيع العقود، وهنا تقع الشركات في فخ البطالة المقنعة.
العمل بطريقة غير فعالة بشكل عام هو ما يسمى البطالة المقنعة، ولكن هذه الظاهرة نفسها تظهر على ثلاث أشكال رئيسية: [1،3]
- عندما يقبل الشخص العمل في مكان أقل من المهارات التي يتقنها ويكون المكان غير مناسب له.
- في حال كان يرغب في الحصول على دوام كامل وقدراته تتناسب مع العمل بدوام كامل ولكنه يعمل بدوام جزئي.
- إذا كان يعمل في مكان لا يناسب اختصاصه الجامعي.
ينتج عن البطالة المقنعة عدة آثار سلبية على الفرد والمجتمع فهي تشكل عبء كبير على اقتصاد الدول بشكل عام، ومن هذه الآثار نذكر: [2،1،3]
- عرقلة تطور في العمل: تقف البطالة المقنعة في وجه الشخص الذي يريد أن يطور عمله ويسعى لتأمين مستقبله على الصعيد الفردي، ويمكن أن تلغي طموحه وتجمد قدراته.
- تضرر الاقتصاد العام: إن انتشار ظاهرة البطالة المقنعة تؤدي إلى تردي بالاقتصاد العام للدول والذي ينعكس بشكل سلبي على المردود المادي لجميع الأشخاص في هذه البلدان.
- انخفاض أرباح الشركات: من الآثار السلبية أيضاً التي تنتج عن البطالة المقنعة هي انخفاض في أرباح الشركات التي توظف فائض من الموظفين بالتزامن مع نقص معدل الإنتاج لديهم، مما يجعلهم يدفعون أجور هؤلاء الموظفين من أرباح الشركة القليلة وفي بعض الأحيان من رأسمالها، وهذا يؤدي مع الوقت إلى خسارة الشركة وعدم تطورها.
- عدم القدرة على رفع أجور العمال: إن الأرباح القليلة التي تنتج عن البطالة المقنعة تؤثر بشكل سلبي على تطور الشركة، لأنه من الدوافع الرئيسية التي تعزز تفاني الموظفين في العمل لنجاح الشركة هي الحوافز والمكافآت ورفع الأجور، وفي حالة البطالة المقنعة تعجز الشركة عن تقديم المكافآت ورفع الأجور، مما يجعل أداء الموظفين يتراجع بشكل أو بآخر، ويساهم في نهاية المطاف بتراجع الشركة وعدم تطورها.
- هجرة العقول المميزة: من أكثر الآثار السلبية خطورة على المجتمع الناتجة عن البطالة المقنعة هي هجرة العقول المميزة وأصحاب الاختصاصات الصعبة والنادرة، وذلك بسبب عدم القدرة على تأمين احتياجاتهم المادية والنفسية والاجتماعية التي تليق بهم.
نظراً للآثار السلبية العديدة التي تم ذكرها لابد من ذكر بعض من الحلول المناسبة لظاهرة البطالة المقنعة، فيمكن أن يتم التخفيف من هذه الظاهرة عن طريق القيام بالخطوات التالية: [4]
- بحث ميداني شامل: كخطوة أولية يجب البدء ببحث ميداني شامل لجميع مؤسسات قطاعات العمل الخاصة والحكومية، للتعرف على معدلات البطالة المقنعة بهذه المؤسسات، ويتم التعرف من خلال البحث على أماكن البطالة المقنعة بداخل هذه القطاعات المختلفة.
- تقييم نتائج البطالة المقنعة: بعد البحث الشامل يجب تحديد مدى تأثير البطالة المقنعة على الأداء الخاص للمؤسسة، ثم يجب تقييم نتائج هذه الظاهرة أيضاً على الأداء العام للاقتصاد الوطني.
- تقييم الموظفين بشكل عام: بعد التعرف على حاجة المؤسسات من الموظفين ومدى الفائض لديهم، وتحديد الاختصاصات المطلوبة للعمل في هذه الشركة، يجب البدء بتقييم هؤلاء الموظفين من خلال تحديد الشهادات الخاصة بهم وتحديد مهاراتهم والتعرف على أعمارهم وجنسهم واختيار الأنسب للشركة.
- البدء بخطة العمل بعد التقييم العام: يبدأ العمل بإيجاد حلول للبطالة المقنعة من خلال الإبقاء على الموظفين حسب المؤهلات والكفاءات والاختصاصات الخاصة بهم، وبالتالي السيطرة على الفساد الإداري والتخلص من الاختصاصات غير المرغوبة والأشخاص غير المؤهلين للعمل بهذه الشركة.
- وضع الشخص المناسب في المكان المناسب: لتجنب الفساد الإداري وتفشي ظواهر توظيف الأشخاص نتيجة المعرفة الاجتماعية فقط دون الاعتماد على شهاداتهم الجامعية، يجب الحرص على اختيار كادر إداري للشركة بشكل صحيح ويكون قادر على اختيار الموظفين المناسبين فقط.
- تشجيع المشاريع المتوسطة والصغيرة: يجب تأمين طرق الدعم الاجتماعي والنفسي والمالي والإداري من قبل الحكومات للمشاريع الصغيرة والمتوسطة من أجل عدم الاضطرار لتوظيف عدد كبير من الشباب.