صفات الشخص المنافق وكيفية التعامل مع المنافقين
خليط غير متجانس من الناس يعيشون بطباع مختلفة وغايات وأهداف مختلفة، ما يؤدي لاختلاف طرائقهم في التعبير عن أنفسهم والدفاع عما يريدون، ومن ضمن الشخصيات الكثيرة الموجودة في الحياة هناك الشخصية المنافقة التي تقود من يتعامل معها احياناً إلى العجز والحيرة، بالإضافة للكثير من المشاعر السيئة غير المرغوبة التي يحس بها من يتعامل مع شخص منافق رغماً عنه. في هذا المقال سنعرفكم على الشخص المنافق وطريقة التعامل معه بشكل يضمن الحفاظ على الهدوء والشخصية الإيجابية.
معنى النفاق (Hypocrisy) بشكل عام أن يقول الشخص شيئاً ويفعل عكسه أمام الناس، وهو يسمى ايضاً المراءاة أي ان قيامه بأي عمل أو قوله لأي شيء يرتبط مع رؤية الناس له، فهو يقوم أمام الآخرين بتصرفات مخصصة للظهور أمامهم دون أخذ حقيقة الأمور على محمل الجد والاعتبار، وبذلك يكون المنافق هو الشخص المتظاهر المرائي الذي يفعل عكس ما يقول، ويمثّل الكمال لخلق صورة يريدها لدى الآخرين. [1]
هناك عدد من العلامات التي تميز المنافقين إن رأيتها لدى أحد فاعلم أنه منافق وتعامل معه على هذا الأساس: [2]
- السلوكيات المتناقضة وغير المتوقعة: قد تلاحظ تضارباً في التصرفات والسلوكيات لدى شخص ما وتناقض تلك السلوكيات مع كلامه عن مبادئ معينة يؤمن بها أو يدعي اتباعها، بالإضافة إلى ميل هذا الشخص لادعاء المثالية ولجوئه إلى تمثيل دور الضحية أحياناً كثيرة للحصول على ما يريد وخلق شعور لدى الآخرين أنه مظلوم.. إن لاحظت هذا الأمر عند أحدهم فهو منافق.
- التسلط والتظاهر بالتفوق على الآخرين: يمكن أن يعمد بعض المنافقين لإظهار أنهم بارعون بكل شيء ومميزون وأنه لا أحد يمكن له فعل ما يقومون به ولا أحد أفضل منهم، كما يخلقون وهماً لدى الآخرين أن أي قوانين أو ضوابط لا تعنيهم وهم خارج أي سلطة ولا تلزمهم أعراف المجتمع؛ لكن في المقابل يطلبون من الآخرين الالتزام بقوانينهم وقواعدهم. تجدر الإشارة إلى أن تصرف المنافق بهذا الشكل ينم عن عدم ثقة بالنفس وهذا بالفعل يدفعهم للتسلط على غيرهم.
- النميمة والكلام عن الآخرين: من أكثر العلامات التي تميز المنافقين حديثهم السلبي عن الآخرين وذكرهم بشكل سيء أي ما يعرف بالنميمة، ونقد الناس في غيابهم تبعاً لقواعدهم وآرائهم الخاصة، حيث يثرثرون أحاديثاً غير مجدية ومسيئة لتغذية وهم تفوقهم على سواهم وجر أولئك على رد سلبي قد لا يرغبون بإظهاره.
- المساعدة المرتبطة بمصلحة ومنفعة شخصية: قد لا تخلو تصرفات الشخص المنافق من مساعدة الآخرين ولكن فقط إن تمكن من تحصيل منفعة ما منهم، لذا فمساعدته غير صادقة وسيتبين لك أنه يريد منك مصلحة له مع اعتقاده أنه يستحق منك ذلك كمكافأة على مساعدته لك. ولن يوفر المنافق فرصة بعد ذلك ليظهر مدى تميزه وتفوقه على الآخرين بشكل مؤذٍ وجارح وتحيزه وتعصبه لبعض الآراء.. وهنا يتبلور الجانب الشرير لشخصية المنافق.
- البحث عن الاهتمام: المنافقون عطشى للاهتمام ولأن يكونوا مركز اهتمام الجميع على حد سواء، من يحبونهم ومن يكرهونهم، ولديهم اعتقاد راسخ بأنهم يستحقون الاهتمام من أي أحد متمسكين لأبعد حد بالتمركز حول ذواتهم وهذا ما يظهر بالنتيجة أنانيتهم؛ إذ إنهم يأخذون ولا يعطون، وليسوا مستعدين لتقديم شيء من الاهتمام الممنوح لهم تجاه الآخرين وإن كانوا يستحقون. وتصل المراءاة بهم إلى عدم الشعور بالذنب لتجاهل الناس الذين يعيرونهم انتباهاً ويقدرون أي عمل لهم، بل يتعاملون مع ذلك على أنه واجب الناس نحوهم.
تعزيزاً للعلامات السابقة التي تبين لك أن من يقوم بها شخص منافق، هناك بعض التصرفات التي تصدر عن المنافق وتميزه، قد يقوم بأحدها أو أكثر من دون ان ينتبه، وبلا أي من دون ان ينتبه، وبلا أي شعور بالذنب أو الخجل: [3]
- الازدواجية بين القول والفعل: عادةَ يقول المنافقون شيئاً ويفعلون عكسه تماماً، فأقوال المنافقين غالباً ما تهدف إلى تلميع صورتهم أو تلميع صورة شخص آخر، فيما تفضح أفعالهم حقيقتهم في معظم الحالات، كما يميل المنافقون إلى تقييم الناس بمعيار مزدوج كأن ينتقدوا شخصاً لفعل معين بينما يمدحون سواه على نفس الفعل.
- الشخص المنافق متملق بامتياز: يكثر المنافقون التملق للمدراء وذوي السلطة ويعاملون الآخرين الأقل منصباً او سلطة بطريقة مخالفة تماماً، وفعلياً ، يقول المنافقون كلاماً أمام الآخرين في وجههم ولكنهم يقولون عنهم كلاماً آخر في غيابهم، ويبحثون عن الطريقة التي ترضي البعض للتصرف واتباعها لغايات معينة.
- التظاهر بالمعرفة: يكثر المنافقون من إعطاء النصائح ليظهروا بمظهر العارفين والناصحين وذوي الخبرة؛ لكنهم في المقابل لا يلتزمون باتباع نصائحهم أو تطبيقها على ذواتهم.
- إطلاق الأحكام: قد يدعو المنافقون إلى التسامح بشكل عام ويحثون الآخرين على تجاوز المشكلات والتنازل عن حقوقهم أو مواقفهم لغاية الصلح مثلاً، لكن في المقابل هم لا يسامحون الآخرين الذي لا يتوافقون معهم بالتفكير ويحكمون عليهم أحكاماً لا تمت للتسامح بصلة، حيث يسارع المنافق إلى إطلاق الأحكام على الناس والاعتراض على أي أحد ينتقدهم أو يحكم عليهم بأمر ما.
- التظاهر والادّعاء: عادة ما يعيش المنافقون وفق طريقة معينة أمام الناس بقصد التظاهر والمراءاة لكن ما يظهرونه ليس الحقيقة وحياتهم الحقيقية عكس ما يبينون، كما يمثّل المنافقون الالتزام بالمثاليات والأخلاق وفي المقابل يعيشون حياة خالية من المبادئ ويتصرفون بشكل سيء بعيد عن الأخلاق.
- يحرضون على فعل أمور لا يرضون فعلها: يطلب المنافقون من الآخرين القيام بأمور لا يرضون هم أنفسهم القيام بها، كما يدعو المنافقون الآخرين إلى المبادرة لكنهم في المقابل هم آخر من يفكر بالمبادرة لأي موضوع، كما يميلون على انتقاد تصرفات الآخرين التي يقومون بها بأنفسهم
- يكتمون آراءهم الحقيقية: قد يعمد المنافقون إلى عدم التصريح بآرائهم الحقيقية أمام أشخاص معينين وتعديل آرائهم لتتناسب مع الشخص الذي يريدون التقرب منه بغية تحقيق منفعة معينة، وقد يتظاهرون بالغضب من موقف معين حتى وإن لم يعنهم الموضوع، ولكن بقصد تحقيق شيء لمصلحتهم.
إن ثبت لك أن الشخص الذي تتعامل معه هو منافق فإليك بعض الخطوات والإجراءات التي تساعدك على التصرف بحكمة وهدوء أمامه: [4]
الحذر من المنافق واجب في كل حال، فالمنافقون يفسدون علاقة الإنسان بنفسه وبالآخرين، يغرونك بالكلام المعسول ويغتابونك في غيابك، ويستغلون ميل الإنسان الطبيعي للمديح للحصول على امتيازات لا يستحقونها، فالمنافسة مع المنافق غير عادلة، والشراكة مع المنافق خاسرة، وكل تعاملٍ مع المنافقين فيه خطرٌ والحذر فيه واجب.
وفي الحديث عن صفات المنافقين قال سيدنا محمد ﷺ "أربع من كنّ فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلةٌ منهنّ كانت فيه خصلةٌ من النِّفاق حتى يدعها: إذا حدّثَ كَذب، وإذا وعدَ أخلف، وإذا خاصَم فَجَر، وإذا عاهدَ غَدر." رواه الشيخان.
فكل خصال المنافقين خطيرة، وصاحب الإنسان يسحبه ويعديه في سلوكه، فإن كنت بين المنافقين اعتزلهم وتجنّبهم ما أمكن، وإن أجبرتك أيامك على عشرة المنافقين فكن منهم على حذر.